أعمده ومقالات فلنحفَظ على الأُمَّةِ المِصرية عقلَها.. بواسطة مصطفى حجازى 31 يناير 2018 | 11:20 ص كتب مصطفى حجازى 31 يناير 2018 | 11:20 ص النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 2 حتى لا يُهان التاريخ قبل أن يُزَوَّر.. وحتى لا يُستَباح الحاضرُ.. وحتى نكون أهلاً لمستقبل يَستَحقه هذا الوطن.. فلنحفظ على «الأمَّة» عقلَها..! ففى وسط كل هذا اللغو والصخب وصراعات المماليك.. ووسط ما يبدو وكأنه جرائم صمت على مقدراتِ وطن تُهدَر.. وشعور بالعجز يراد أن يتملك كل مصرى حالمٍ بغد أفضل.. وقصف لا ينقطع من رسائل احتقار الوعى وكسر الحلم.. «أول الإيمان» وليس «أضعَفُه» أن نحفظ على «الأمة المصرية» عقلها..! طوفانُ من الكذِبات الكبرى- عالمية ومحلية- تُنكِرُ على المواطن حواسَّه.. وتدفع بالحياة كلها إلى حالة أشبه بالحقيقة الدفترية والتى هى أكثر كذباً من الحقيقة الممسرحة..! فالحقيقة حرباً وسلماً.. وطنية وخيانة.. إنجازاً وإخفاقاً ليست ما تراه عيناه ويلمسه بيده.. هكذا يُراد له.. ولكن ما يأتى من دفتر جوقة ترى أنها ورثت الأرض بما عليها ومن عليها.. فما تقوله دفاترُهم يُقحِمونه قَسرَاً على كونه الحقيقة.. دونما اعتبار لعقل ولا عُرفٍ ولا منطق..! «أمَّةُ» عليها أن تحمِل نفسُها على الرضا والسعادة أو الغَمِّ والحَسرة وفقاً لما يُملىَ عليها.. وليس وفقاً لما تُدرِكُه حَواسُّها.. فإن رُبِّيت على أن الأرض قُدسُ لا يُمَسّ.. ورأت عيناها تضييعاً.. فلتُخاصِم عقلها..! وإذا خشيت على المستقبل- من حاضر مُرتَهَنُ فى ديون- فلتَلعَن خوفها.. قبل أن تَخنَع للوهم الدفترى سكينةً ورضا..! «أمَّةُ» عليها أن تَحمَد من ضَيَّعوا وتُباهى بِمَن بَدَدُوا وتُدبِّج لهم موقعاً فى تاريخها زُوراً.. لا أن يَنفَطرَ قلبُها أو ترجُف مشاعرها من هولِ الواقع كما تشاهده.. وإن رأى مواطن تلك الأمة منافقاً أكَلَ على كل الموائد يَعِظ الوطنية ليل نهار.. فليُكذِب عينية وأذنه.. ولينحنى أمام غِلظة الدفاتر التى تقول إن هذا المنافق هو معيار الوطنية وأيقونتها..! وإن رأى بائساً يهذى بغير علم فى كل شىء.. فعليه أن يَلعَق دهشتَه واشمئزازَه.. ويلهَج باللغو الدفترى الذى يَسُد الأفق بآيات الحمد والانبهار والاستزادة من كل هذيان..! وإن ترنو نفسُه إلى الحرية وإلى العدل وإلى الكرامة.. بعد أن ضَجَّت بكل قمع وقهر وظلم وضياع قدر.. فيخرُج حالمِاً ثائراً من أجل غدٍ أعدل وأرفق لوطنه قبل أن يكون لنفسه.. فعليه أن يَخِرَّ صاغراً أمام قوائم الإنجازات والإعجازات فى كل عهد.. فيتوب عن حلمه وليُقِر بأن الحرية هى الفوضى وأن التَوق إلى العدل كُفر بقدر الله..! ولهذا ومن أجل التاريخ الذى يُرادُ له أن يُهان قبل أن يُزَوَّر بالاحتكار والتعميم والشخصنة.. ولكى لا يُقضَى علينا بالتردى والجنون وفقدان المعيار والبوصلة بغير رجعة.. تَوَجَّب أن نقرأ تاريخنا الأقرب- وحَدثَه الأهم وهو ثورة المصريين فى ٢٥ يناير ٢٠١١ وموجتها التالية فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣- قراءة إنسانية موضوعية.. قراءة تبغى الحقائق التى حواها وجداننا ولمستها حواسُّنا.. والتى تتهافت أمامها كل كذبات دفترية باهته مهما دُبِّجَت باسم الاستقرار والحفاظ على أنظمة متهالكة. وأولى تلك الحقائق.. «نعم» قامت ثورة فى ٢٥ يناير ٢٠١١ وامتدت حتى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وممتدة حتى تعتدل موازين ما ثار المصريون عليه.. ولا قيمة لأى لغو دفترى يُريد أن يربطها قسراً بسياقات فوضى خلاقة كانت وستظل موجودة.. ولا بمؤامرات ذوى قربى أو أعداء..! الفوضى الخلاقة واقع لا علاقة له بحقيقة كُفر المصريين بالقهر والحط من القدر وضياع القيمة بين الأمم والحرمان من حلم حياة إنسانية فيها الكفاية أو حتى الرفاه.. والمؤامرات باقية فى كل زمن.. وإن أصرُّوا على إقحامها على نقاء حقيقة فعل الثورة.. كانت المؤامرة هى فعل أصحاب حديث المؤامرة ذاتهم.. فَهُم من يخافون نقاء حلم الحياة الكريمة أكثر منهم يبغضونه. وثانية تلك الحقائق أنه لم يخرج أبُ مصرى ولا أمُ مصرية ولا ابن مصرى ولا ابنة مصرية ممن خرجوا إلى الشوارع فى ٢٥ يناير ٢٠١١ وفى قلبه ضغينة ضِدَّ مُجَنَد الشرطة البائس و لا ضِدَّ ضابط الشرطة المُستَهلك فى عمله وهو أب أو ابن مثله.. أو ضد مؤسسات دولته- وسبب وجودها أمناً وحماية وحكماً- ومن يُجسِدُّون كدحها اليومى من موظفين هم آباء وأبناء مثلهم.. ولكنهم خرجوا ضد «احتقار واحتكار» طال من نَفرٍ من مماليك هذه المؤسسة أو تلك..! خرجوا ضد من أرادوا – فى حقيقتهم الدفترية – أن تكون السلطة هى مناط السيادة وليست المواطنة.. وأن يكون كل ذى سلطة هو السيد وليس سواه.. بل إله فوق النقد والمحاسبة.. ومن أرادوا المواطنة قبولُ بالعبودية والاستباحة وبإلغاء العقل قبلهما..! مُزَوِّرِو التاريخ ومماليك كل العصور يُريدونها احتراباً بين شعب هو أصل كل مؤسساته وبين مؤسسات هى مِنُه.. لكى ينفدوا من شقوق الشك والخوف والكراهية التى يريدون زرعها..! مُزَوِّرِو التاريخ ومماليك كل العصور يُروِّجونها مفاضلات مستحيلة بين الكفر بالعدل والكفر بالدولة.. فكأن العدل والدولة ضدّان لا يجتمعان.. لكى يُلجِمُوا الحوار العام ويُكممِونَه.. وليبقوا هم أوصياء الوطنية والدين..! مُزَوِّرِو التاريخ يريدونها أمةَ ذاهلة.. فاقدة للوجهة والأهلية وقبلهم كل معيار لعقل ومنطق يُقاس عليه.. يظنون أن أمة غائبة العقل هى أمة رخوة مأمونة الجانب يسهل قيادها وحكم الفرد لها.. أمةُ كالقطيع لا فوضى فيها..! ولكن ليعلم مُزَوِّرِو التاريخ أن حكم الفرد هو الفوضى الكامنة والتى تنخر فى عظام الأمة كالسوس.. وأن حكم الفرد هو الوجه الآخر للأناركية وتزكية لها حين يَكفُر بكل معنى للقانون وكل وازع من منطق.. هو نار الانفلات والهدم تحت رماد سلطة زائفة.. هو تأصيل للفوضى فى أعتى صورها..! إذا فَقدَت أمةُ صوابها فلا تُعَوِّلوا على انكفائها ولكن انتظروا فوضاها وانتحارها.. ولهذا وليس لغيره.. أول الإيمان وليس أضعَفُه وجوهرُ كل فعل وطنى يرجو خيراً الآن.. هو أن «نحفظ على الأمَّة المصرية عقلها».. فأمة مُبَددُة العقل لن تحفظ حاضراً ولن تبنى مستقبلاً ولن تبقى بين الأمم.. فَكِّرُوا تَصِحُّوا.. اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/6vri