تلعب سوق المال دورا حيويا في دعم أي ممارسات مسؤولية مجتمعية في مصر من شأنها أن تبني حلولا صديقة للبيئة وفعالة في استخدام الطاقة، وذلك لضمان الرخاء للأجيال القادمة.

وتعد البورصة المصرية واحدة من 4 أسواق رائدة انضمت إلى مبادرة البورصات ذات التنمية المستدامة المسؤولية المجتمعية (SSE) في عام 2009، وتهدف هذه المبادرة، التي أسسها الأمين العام للأمم المتحدة، إلى زيادة شفافية والتزام الشركات المدرجة بالبورصة بقضايا الإدارة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، وفي مارس 2010 أطلقت بورصة مصر مؤشر S&P EGX E، الذي يعد الأول والوحيد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المصمم لتتبع أداء الشركات وفقاً للجوانب البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات.

إقرأ أيضاً

وترتكز الإستراتيجية الراهنة لقيادات سوق المال على السير بخطى متوازية مع توجهات الدولة وفقًا لرؤية التنمية المستدامة 2030، وذلك من خلال استحداث أدوات ومنتجات تمويلية جديدة تتوافق مع متطلبات السوق واحتياجات المستثمرين، إضافة لتهيئة بيئة تشريعية أكثر مرونة دون الخلل بالإطار الرقابي والتنظيمي.

وبدأت البورصة المصرية بالفعل إجراءات تدشين منصة لتداول الكربون وهي عبارة عن آلية تضع ثمنا للأنشطة الملوثة يسمح للشركات بشراء وبيع أرصدة الكربون المرتبطة بحجم انبعاثاتها، ما يوفر حافًزا ماليا للحد من التلوث، كما يسمح للشركة بإصدار كم محدد من الانبعاثات، يجري تمثيلها في أرصدة يساوي كل منها طنا واحدا من ثاني أكسيد الكربون.

ووقعت شركة البورصة القابضة لتطوير وتنمية الاسواق المالية اتفاق إطاري مع البنك الزراعي المصري وشركة ليبرا كابيتال لتأسيس شركة معنية بتطوير وإدارة وإصدار شهادات الكربون والشهادات والمنتجات البيئية على اختلاف أنواعها، وكان الاتفاق بمثابة نواة لتدشين اول منصة افريقية طوعية لتداول شهادات الكربون.

وأطلقت الحكومة المصرية الأسبوع الماضي أول سوق أفريقي طوعي لإصدار وتداول شهادات الكربون، وذلك على هامش فعاليات قمة المناخ COP27 والمنعقد حاليا في مدينة شرم الشيخ بحضور زعماء وقادة العالم.

يعتبر السوق الافريقي لشهادات الكربون، منصة لمساعدة الكيانات الاقتصادية العاملة في مختلف الانشطة الانتاجية في مصر وافريقيا على الانخراط في أنشطة خفض الانبعاثات الكربونية والاستفادة من استصدار وبيع شهادات بموجب الخفض لصالح شركات أخرى ترغب في معاوضة انبعاثاتها الكربونية التي يصعب تخفيضها.

تساعد أسواق الكربون الطوعية للشركات في استعادة جزء من انفاقها الاستثماري الموجه لخفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن ممارسة أنشطتها واعادة استثمار هذه الموارد في تحقيق الهدف الاكبر وهو الحياد الكربوني الذي تسعى لتحقيقه كل دول العالم.

وستعمل كافة الجهات ذات الصلة كالبورصة المصرية والهيئة العامة للرقابة المالية على تطوير أطر ونماذج العمل والهياكل التنظيمية اللازمة لتفعيل السوق الجديد، عبر تبنى سلسلة القيمة والتي تتضمن رفع مستويات وعي ومعرفة الشركات بالسوق الجديد والخدمات المقدمة من خلاله وكيفية الوصول اليها والاستفادة منها في خفض الانبعاثات الكربونية وكذلك وضع المعايير والضوابط اللازمة لإصدار وتسجيل هذه الشهادات مع ضمان تحقيق اعلى مستويات النزاهة والشفافية وفق المعايير الدولية في هذا الصدد.

وفي ذات السياق تنتظر الجهات ذات الصلة بالسوق اصدار الاطار العام المنظم للسوق الجديد وذلك من خلال السيد رئيس مجلس الوزراء، خاصة بعد قرار اعتبار شهادات الكربون ورقة مالية قابلة للقيد والتداول لتتواكب مع مستهدفات اتفاقية باريس للمناخ.

خبراء سوق المال رصدوا أبرز المتطلبات اللازمة لجني ثمار هذه الخطوات التي تصب بشكل رئيسي في خدمة الاقتصاد المحلي عبر جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة التي تولي اهتمامًا ملحوظًا بالاستثمار المستدام والمشروعات الصديقة للبيئة، ممثلة في ضرورة الترويج الفعال للإصلاحات التي تشهدها سوق المال والتنوع الراهن في البدائل التمويلية المتوافقة مع جميع شرائح المستثمرين، إضافة لضرورة تطبيق المزيد من المرونة والتيسير في تطبيق القوانين والتشريعات المنظمة لعملية الاستثمار.

إن آي كابيتال: تنويع الأدوات التمويلية المتوازنة بين الأهداف المالية والقيم البيئية يدعم رؤية 2030