أعمده ومقالات البروفسير محمد يونس وبنك الفقراء بواسطة عزت بطران 17 ديسمبر 2020 | 12:56 م كتب عزت بطران 17 ديسمبر 2020 | 12:56 م النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 244 لا سلام دائم من دون أن يجد الناس سبيلا لكسر طوق الفقر، والقروض المتناهية الصغر هي أحد تلك السبل، كما ان التنمية من أسفل تخدم في تحقيق التقدم على طريق الديموقراطية وحقوق الانسان “هكذا عبرت اللجنة المشرفة على جائزة نوبل للسلام عندما منحت كلا من بنك جرامين ومؤسسة البروفسير محمد يونس جائزة نوبل للسلام في الثالث عشر من أكتوبر عام 2006 نظير جهودهما في خلق تنمية اقتصادية واجتماعية من أسفل. من هو محمد يونس؟ ولد “محمد يونس” في عام 1940 في مدينة شيتاغونغ، وهي مدينة تجارية تضم نحو ثلاثة ملايين نسمة في جنوب شرق ولاية البنغال الشرقية الهندية، والتي أصبحت جزءًا من باكستان في عام 1955 ثم من بنجلاديش في عام 1971 عاش “يونس” مع عائلته في منزل صغير مكون من طابقين. والده “دولا ميا” كان مسلماً متديناً يمتلك ويدير محل مجوهرات ناجح في الطابق الأرضي لمنزلهم، وكان حريصاً على تعليم أولاده بعد تخرجه من جامعة دكا في عام 1961، بدأ “يونس” في تدريس علم الاقتصاد، قبل أن يحصل على منحة فولبرايت للدراسة في الولايات المتحدة في عام 1965 بعد تمكن بنجلاديش من تحقيق استقلالها عام 1971، غادر “يونس” الولايات المتحدة عائداً إلى بلده للمساعدة في بنائها، بينما لم يتجاوز عمره في ذلك الحين 31 عاماً. بعد عودته، شارك “يونس” في لجنة التخطيط الحكومية الجديدة، قبل أن يستقيل منها بسبب عدم وضوح دوره، ليعود إلى قسم الاقتصاد بجامعة شيتاغونغ نشأة فكرة بنك الفقراء في عام 1974، كانت بنجلاديش تعاني من المجاعة. وخلال تنقلاته اليومية من منزله إلى الجامعة لاحظ “يونس” شيئاً غريباً، وهو وجود مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة وسط السكان الذين يعانون من الجوع، واعتقد أنه بإمكانه حل تلك المشكلة مع طلابه، بدأ “يونس” في استطلاع حال القرى المجاورة لمعرفة لماذا لا يتم استغلال هذه الحقول، وما هي المهارات التي يتمتع بها هؤلاء القرويون وكيف يكسبون عيشهم في هذه المرحلة، فضّل “يونس” التجربة الشخصية والاتصال مع الناس عن التعلم من الكتب والفصول الدراسية. وفي محاولة لدمج العالمين الأكاديمي والعلمي، أسس “يونس” مشروع التنمية الريفية بجامعة شيتاغونغ، الذي مكّن الطلاب من الحصول على شهادة أكاديمية أثناء مساعدتهم الفقراء المحليين ركزوا على تكنولوجيا الري ومساعدة القرويين على زراعة الأرز عالي الغلة. كما قام “يونس” بتجريب التعاونيات الزراعية التي مولها بنفسه رغم نجاح هذه المشاريع، شعر “يونس” بأنه لم يفعل ما يكفي لمساعدة الفقراء، الذين لا يملكون أرضاً زراعية، مثل “صوفيا بياجوم”، وهي أم لثلاثة أطفال تبلغ من العمر 21 عاماً، تقوم بتصنيع منتجات من الخيزران في قرية جوبرا كانت “صوفيا” بحاجة إلى 22 سنتاً لشراء المواد الخام، ولم يكن أمامها طريق سوى الاقتراض من وسطاء محليين بسعر فائدة يبلغ 10% يومياً أو أسبوعياً، لتقوم بسداد القرض بعد تمكنها من بيع المنتج النهائي، وكان دخلها يصل بالكاد إلى سنتين لاحظ “يونس” وجود نفس المشكلة لدى آخرين غير صوفيا، وبالتعاون مع أحد طلابه، تمكن “يونس” من حصر جميع الذين يقترضون المال في القرية، وكان هؤلاء عبارة عن 42 شخصاً كانوا جميعاً في حاجة إلى 27 دولاراً فقط لشراء موادهم الخام. قرر “يونس” إقراض القرويين من ماله الخاص دون فوائد هذا الحل لم يمكنه العمل على نطاق واسع، لذلك ذهب “يونس” في عام 1976 إلى الفرع المحلي لبنك “جاناتا” أحد أكبر البنوك الحكومية في بنجلاديش – وعرض عليهم فكرة القروض الصغيرة للفقراء، والتي بدت له كحل لمشكلة معقدة رفض مديرو البنك فكرة “يونس” وقالوا إن الفقراء أميون ولن يتمكنوا من ملء الاستمارات اللازمة للحصول على تلك القروض، وليس لديهم كذلك أي ضمانات بعد مفاوضات، عرض “يونس” على إدارة البنك أن يضمن هو شخصياً قروض هؤلاء الفقراء التي بلغ إجمالي قيمتها 300 دولار، واستغرق الأمر 6 أشهر قبل أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق. ولكن تم تقديم القروض إلى “يونس”، حيث طلب منه البنك أن يعمل كوسيط، وأن يقوم هو بتقديم الأوراق اللازمة لكل قرض لأنهم لا يريدون التعامل مع الفقراء مباشرة لكن، لماذ اعتقد “يونس” أن هؤلاء الفقراء سوف يسددون هذه القروض غير المضمنة؟ يقول يونس “الفقراء يعرفون جيداً أن هذا الائتمان هو فرصتهم الوحيدة للخروج من الفقر، وأن تخلفهم عن سداد قرض واحد قد يعني فقدانهم فرصة النجاة من هذا المستنقع ” بنك “جرامين “ استطاع «يونس» أن يحول هذه الفكرة البسيطة مع الأيام والسنين إلى واقع عملاق يقرض أكثر من 8 ملايين ونصف المليون شخص غالبيتهم من النساء، حيث تعتمد فكرة البنك على تقديم قروض صغيرة لتمويل مشروعات منزلية تقوم عليها غالباً نساء، ليقدم البنك منذ تأسيسه أوائل الثمانينات نحو 11 مليون قرض، وصلت نسبة السداد بها إلى 99%، وتراجعت معدلات الفقر في بنجلاديش من 90% إلى 25 % . سمات بنك ” جرامين “ يتميز مصرف جرامين بعدد من السمات التي تميزه عن غيره من البنوك وهي السمة الأولى: مشروع اقتصادي ذو أهداف اجتماعية مائة بالمائة. وكونه مشروعًا اقتصاديًّا هذه حقيقة لا تحتاج إلى برهان، فهو مصرف ذو رأسمال يقارب 500 مليون تكا؛ أي حوالي 12,5 مليون دولار، يقوم باستثمارها في إقراض العملاء لتمويل مشروعاتهم الاستثمارية الفردية، ولتمويل مستويات مختلفة ومتصاعدة من الاستثمارات المشتركة، بداية بمستوى المجموعة وانتهاء باستثمار المصرف في عدد من المؤسسات على المستوى القومي السمة الثانية: التركيز الشديد على قضية الفقر السمة الثالثة: التركيز على النساء كقوة للعمل حيث يمثل النساء من عملاء المصرف نسبة 94 % وبالتالي فهم يمثلون نفس النسبة من مالكي أسهم المصرف، كما أنهم يمثلون كما قلنا 69 % من عضوية مجلس الإدارة السمة الرابعة: تجربة إبداعية تدعم الإبداع: الإبداع والتجديد هما قاطرة النهضة في أي أمة، ومن ثم كانت أهمية هذه السمة في تجربة مصرف جرامين. إبداع منذ النشأة وعلاقة المصرف بالإبداع قائمة منذ النشأة، فالمصرف فريد في عملائه وفي تعامله معهم كما قلنا، وهو أيضًا فريد في أسلوب معالجته لقضية الفقر، وهو فوق ذلك فريد في نظامه القائم على ضمان المجموعة والمركز. الإبداع كروح وآلية: والإبداع أيضًا هو روح تسري في المؤسسة، وآلية ذات خطوات واوجه متعددة من مجرد بنك الى مؤسسة تعمل في مجال الصحة والتعليم والصناعة لم يتوقف يونس عند حد مساعدة الفقراء على البدء في مشروعاتهم الخاصة فسحب، وإنما أعلن حربا ضروسا على الفقر بمفهومه الشامل، ليس فقر الدخل وحسب، وإنما فقر التعليم والصحة أيضا فقد ساهم جرامين في النهوض بالتعليم في بنجلاديش من خلال تأكيده على ضرورة التحاق أبناء جميع الأعضاء بالمدرسة، على أن يتعهد البنك بتقديم قروض تعليم للطلاب، ويلتزم الطالب بسداد تلك القروض كنسبة شهرية من دخله الوظيفي بعد التخرج أما في مجال الصحة فقد دخل يونس في شراكة مع شركة دانون العالمية لإنشاء شركة جرامين دانون، بهدف صناعة زبادي للأطفال يحتوي على جميع العناصر الغذائية التي يعانون من نقص حاد فيها، على أن يتم بيع المنتج بسعر التكلفة فقط ليكون في متناول الجميع كما عمل يونس على تحسين جودة مياه الشرب، فعندما أثبتت الدراسات أن 50% من المياه السطحية في بنجلاديش مسممة، دخل جرامين في شراكة مع شركة فيوليا الفرنسية من أجل تحلية المياه السطحية في بنجلاديش وتوزيعها على المواطنين كما تم تدشين برنامج للتأمين الصحي، يحصل من خلاله الأعضاء على الرعاية الصحية الشاملة في مقابل 3 دولارات في العام. كل هذه الجهود وأكثر في قطاع الصحة أدت إلى انخفاض عدد الأطفال الذين يموتون قبل الخامسة بنسبة الثلثين في الفترة من 1990 إلى 2013 أما في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فقد تم تأسيس شركة جرامين فون، لإدخال خدمة الهاتف المحمول إلى بنجلاديش، تقدر أعداد المشتركين في الشبكة بحوالي 85 مليون شخص. كما تم تأسيس شركة جرامين للكهرباء، وهي شركة تعمل على إمداد المنازل بالكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية نظرة عامة لأوضاع الفقر والتمويل متناهى الصغر في مصر تعد مصر واحدة من الدول التي ترتفع فيها معدلات الفقر وأوضح الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء ان نسبة الفقر في مصر 32.50 % من عدد السكان ، وحدد الجهاز خط مستوى الفقر في مصر عند 8827 جنيها في السنة، وهو ما يعادل حوالي 735.5 جنيه شهريا، وفقا لنتائج بحث الدخل والإنفاق لعام 2017-2018، وذلك مقابل 5787.9 جنيه سنويا، أو نحو 482 جنيها شهريا، في البحث السابق لعام 2015 ما يعنى ان اكثر من 32 مليون مصري تحت خط الفقر والغالبية العظمى في محافظات الوجه القبلى يليها محافظات الدلتا . ومن ثم فان مصر بحاجة ملحة وضرورية لتبنى مبادرات مماثلة لبنك الفقراء رغم وجود جمعيات أهلية ووزارة مخصصة للتضامن الاجتماعى وبنك ناصر وجمعيات خيرية وارتفاع قيم التمويل متناهي الصغر الى ارقام بالمليارات كما كشف تقرير هيئة الرقابة المالية الصادر عن التمويل متناهي الصغر في 2019 موضح بان قيمة التمويل متناهى الصغر وصل الى 16.5 مليار جنيه كما وصل عدد المستفيدين الى 3.1 مليون مستفيد كما ان قيم التبرعات وصلت الى ارقام بالمليارات أيضا الا انه ما زال امامنا الكثير في هذا المجال حتى يشعر الجميع بتاثير التمويل متناهى الصغر في تقليل نسب الفقر في مصر وزيادة عوائد الطبقات المستفيدة من هذا التمويل . اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/y749