أعمده ومقالات الحداثة والسياسة بواسطة احمد المسلمانى 3 يناير 2017 | 11:58 ص كتب احمد المسلمانى 3 يناير 2017 | 11:58 ص النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 9 أصدرتُ قبل سنوات- عن دار قباء للنشر- كتابى «الحداثة والسياسة».. ولايزال تقديرى أن معضلة الدولة المصرية فى المائتى عام الأخيرة هى معضلة «الحداثة والسياسة». ( 1 ) ثمّة كتب ومقالات لا نهاية لها حول مفهوم الحداثة وأطروحاتها. وقد حظيْت نظريات الحداثة فى الآداب والفنون باهتمام واسع.. ثم جاءت أطروحات «ما بعد الحداثة» لتضيف إلى أطروحات الحداثة.. أرففاً جديدة فى المكتبات.. ورسائل متجددة فى الجامعات. وفى العالم العربى.. كان المشهد مثيراً للغاية.. حيث جرى الانشغال بـ«الحداثة»، ثم الانشغال بـ«ما بعد الحداثة».. وبدأ البعض يتحدث عن «ما بعد بعد الحداثة».. على الرغم من أن معظم العالم العربى يقع فى إطار «ما قبل الحداثة». ( 2 ) لقد انشغل الفكر الإسلامى بنقد الحداثة، وبينما حاول البعض التوفيق بين الإسلام والحداثة.. قال البعض الآخر بكُفْر الحداثة.. وشيْطنة الحداثيين. وتركّز الصراع حول مقولات الحداثة.. بإلغاء الماضى، ونسْف الموروث، ونقد الدين.. والتحرُّر من كل شئ. لم تكن هذه هى بالضبط أُسُس الحداثة.. ولكنّ المعركة مع مِثل هذه مبادئ.. هى معركةٌ ضروريةٌ وصحيحةٌ.. ذلك أن الدفاع عن الدين وقيم الإيمان هو أمرٌ واجبٌ على معسكر المؤمنين جميعاً. القضية هى أن الإسلاميين اختاروا الحداثيين المتطرفين.. لإطلاق المعركة مع الحداثة.. وكان دور الحداثيين المتطرفين من غلاة العلمانية ومعاداة الدين داعماً للطرف الآخر ومعزِّزاً لوجوده ومؤكدّاً لرسالتِه. ( 3 ) فى تقديرى.. أن جانباً كبيراً من هذه المعركة كان مفتعلاً، وأن تلك المعركة كانت أشبه بقنابل غبار جرى تفجيرها لإضعاف الرؤية.. وإرباك الطريق. إن الحداثة ليست كلمة «مقدسة» لها نصها وسياقها الثابت.. بل هى كلمة فلسفية فكرية يمكن تعريفها على النحو المناسب.. ولا يوجد تعريف يمكنه أن يعلن امتلاكه وحده الصواب المطلق.. ونفى كافة التعريفات الأخرى.. ومن يبحث جيداً سيجد أن الكثير من مفاهيم علم الاجتماع لها عشرات وربما مئات التعريفات.. وحين كنا ندرس فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية قال لنا أستاذنا الدكتور كمال المنوفى، وهو يشرح لنا أول دروس «السياسة المقارنة»، إن هناك (300) تعريف للثقافة.. والكثير جداً من تعريفات الثقافة السياسية. وعلى ذلك يمكن القول إن الحداثة هى سيادة العقل.. وإن عصر الحداثة هو تحكيم المنطق فى إدارة شؤون الحياة. وما يخصّ زيادات المتزيّدين عن إلغاء التراث ونقد الدين.. فيمكن إلغاؤه تماماً.. والاكتفاء فى مشروع الحداثة.. بالعلم والبحث والعقل والمنطق.. إلى غير ذلك من أسس الحضارة الحديثة. ( 4 ) وإذا كان الأمر كذلك.. فإن الحداثة هى سياق إسلامى.. وليست سياقاً معادياً للإسلام.. ولا معنى لأن يلهث الإنسان وراء تطوير المادة مع إلغاء الروح.. أو تطوير المبنى مع تدمير المعنى.. أو تحديث الاقتصاد وإلغاء الرسالة. لتكن «الحداثة الإسلامية» أو «الحداثة القيميّة» أو «الحداثة الأخلاقية».. التى تجمع الأصالة والمعاصرة.. الدين والدنيا. ( 5 ) إن «الحداثة الإسلامية» لم تتمكن.. وعصر العقل لم يسيطر.. ونداء العلم لم يصل. ولاتزال معظم مجتمعاتنا تعيش فى حقبة ما قبل العلم.. أو ما قبل المنطق.. وفى قولةٍ واحدةٍ: ما قبل الحداثة. ولقد جاءت تنظيمات الإسلام السياسى المتطرفة.. لتدفع العالم الإسلامى أبعد وأبعد نحو الخروج من حقائق العصر.. والانجراف خارج حركة التاريخ إن الحداثة.. أى: التحديث أو العلم أو العقل.. يجب أن يسود.. يجب أن يسبق السياسة، ذلك أن البناء السياسى فى مجتمع ما قبل حداثى.. هو بناء فى الفراغ.. أو تشييد قلاع من رمال.. هو كتابة موسوعة كبرى على قمم الأمواج. الحداثة قبل السياسة. حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/xjmq