أعمده ومقالات زيارة خاصة إلى قرية «الدوير» بواسطة زياد بهاء الدين 17 أبريل 2018 | 2:32 م كتب زياد بهاء الدين 17 أبريل 2018 | 2:32 م زياد بهاء الدين النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 5 أحب التردد على قرية «الدوير» بجنوب محافظة أسيوط كلما سنحت لى الفرصة لذلك، ليس فقط لأنها قرية عائلة والدى وفيها الأهل والأصدقاء، وإنما أيضا لأن زيارتها كانت ولا تزال مصدرا مستمرا للوعى بطبيعة المعيشة وتحدياتها فى الريف المصرى وبخاصة فى محافظات الصعيد. ولكن الأسبوع الماضى كان لزيارتى سبب مختلف، وهو انتهاء تنفيذ عدد من المشروعات التنموية لجمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين فى القرية، وعلى رأسها تجديد المدارس الخمس الرئيسية، وتطوير مركز الشباب، وإنشاء مركز لرعاية ودمج الأطفال ذوى الإعاقة، وإنشاء ثلاث عيادات ومعمل تحاليل بالوحدة الصحية، وإضافة أجهزة جديدة للغسيل الكلوى ولرعاية الأطفال المبتسرين بمستشفى صدفا المركزى (الذى تتبعه قرية «الدوير»)، وأخيرا وليس آخرا صيانة مركز أحمد بهاء الدين الثقافى واستكمال ما كان ينقصه من معدات وتجهيزات لكى يستأنف نشاطه بشكل كامل فى خدمة أبناء وبنات محافظتى أسيوط وسوهاج. وقد تم تنفيذ هذه المشروعات خلال العامين الماضيين بمنحة من «المبادرة الكويتية لدعم مصر» والتى أطلقتها مجموعة من السيدات الكويتيات منذ خمسة أعوام وفاء لمصر وتقديرا لشعبها، برئاسة السيدة/ عادلة الساير، ومتابعة السيدة/ فريال فريح وزميلاتها، وتحت مظلة جمعية الهلال الأحمر الكويتية. وقد تم الاتفاق معها بموافقة وزارة التضامن الاجتماعى ومساندة الوزيرة/ غادة والى، أما التنفيذ العملى لكل مكونات المنحة فكان محل متابعة ودعم مستمر من السيد محافظ أسيوط المهندس/ ياسر الدسوقى الذى أسعد أهالى القرية بزيارته ولقائه بهم فى مركز أحمد بهاء الدين الثقافى فى نهاية الجولة، كما كان وزير الشباب والرياضة المهندس/ خالد عبدالعزيز داعما لمشروع تطوير مركز شباب قرية «الدوير»، ولهم جميعا كل الشكر والتقدير، ومعهم كل العاملين فى جمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين الذين بذلوا جهودا مضنية طوال العامين الماضيين ونجحوا فى تنفيذ المشروع وفى كسب ثقة وتقدير أهالى المنطقة. ولأن الهدف مما سبق لم يكن مجرد تحسين الخدمات العامة فى قرية واحدة بالصعيد، بل تقديم تجربة قابلة للتكرار فى مئات القرى المصرية، فاسمحوا لى أن أشارككم بعض ما استفدت به من هذه التجربة: أن الدولة وحدها لن تقدر على مواجهة تحديات التنمية الاقتصادية والاجتماعية دون مشاركة المجتمع المدنى، ليس فقط لما يمكن أن يضيفه من جهد وموارد وخبرات، وإنما أيضا لما له من قدرة على التواجد على الأرض والنفاذ فى المجتمع والتفاعل مع الناس من خلال قنوات وعلاقات مختلفة تماما عن علاقة السلطة بالمواطنين. وهذا يقتضى إعادة النظر فى قانون الجمعيات الأهلية وفِى ضوابط نشاطها وتمويلها وإدارتها لأن استمرار العمل بالقانون الحالى يحرم المجتمع من موارد وخبرات وجهود تطوعية بالغة الأهمية خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة. أن البناء على ما هو قائم وتحسين الخدمات والمرافق الموجودة أفضل وأكثر كفاءة من إنشاء مبان جديدة وكيانات موازية. الأسهل بالنسبة لجمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين كان بالتأكيد توجيه المنحة الكويتية نحو بناء مدرسة أو وحدة صحية جديدة، والأفضل إعلاميا هو الاحتفال بافتتاح مبنى جديد بدلا من الانشغال بتجديد وتطوير منشآت موجودة بالفعل ومتهالكة ولكل منها مشاكله وعماله والمصالح المتداخلة فيه. ولكن لا شك أن العائدين الاقتصادى والاجتماعى من استغلال الإمكانات المتاحة والبناء على ما هو قائم أكبر بكثير من ترك أصول الدولة وخدماتها تتهالك وتفقد قيمتها بالكامل. أن الجانب الذى قامت جمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين بتنفيذه والمتعلق بصيانة وتجهيز المبانى وإضافة أجهزة فى العيادات وتطوير الملاعب لا يمثل سوى الجانب الإنشائى من عملية التنمية، أما الأهم فهو الاستمرار فى تدريب وتطوير كفاءة مقدمى هذه الخدمات وضمان استدامة جهودهم، وهو ما تعمل الجمعية على تنفيذه هذا العام. ولكن الواقع أن قوانين الدولة والنظم المعمول بها تجعل التبرع بأدوات مدرسية أو بمعدات عيادة طبية أسهل من التبرع لتدريب الممرضين والمدرسين، ولهذا تكثر التبرعات بالأجهزة الطبية والمدرسية فى كل أنحاء البلد دون أن يصاحبها تحسن فى مستوى الخدمات. وعلى الدولة أن تضع الآليات والضوابط المناسبة التى تيسر على المجتمع المدنى المشاركة فى رفع كفاءة مقدمى الخدمات العامة دون أن يعتبر ذلك رشوة أو شراء للنفوذ. وأخيرا فإن العنصر الحاسم فى نجاح أى جهود تنموية، سواء كانت من جانب الدولة أم من جانب القطاع الخاص أو الأهلى، هو بناء جسور الثقة مع المستفيدين من تلك الجهود، ومشاركتهم فى تحديد ما يحتاجون إليه، ومراقبتهم لما يجرى تقديمه من خدمات لأنهم فى النهاية أصحاب المصلحة والأقدر على حمايتها. أما أن يتم اتخاذ القرار بعيدا عن الناس، وفرضه عليهم من منظور أن عليهم تقدير الهبات والعطايا التى تقدم لهم، فلا يمكن أن يأتى بنتائج إيجابية ولا بعائد مستدام. تحياتى وتقديرى لكل من ساهموا فى نجاح برنامج تطوير قرية «الدوير» وأرجو أن يكون بداية تطبيق مبادرات مماثلة فى قرى مصر جميعا. اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/nqpi