غزة… هولوكوست المسح الشامل من إبادة الأفران إلى الدفن أحياء بالصواريخ بواسطة دينا عبد الفتاح 27 أغسطس 2025 | 10:57 ص كتب دينا عبد الفتاح 27 أغسطس 2025 | 10:57 ص الإعلامية دينا عبدالفتاح النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 27 ما يجري في غزة ليس حربًا عادية، بل هولوكوست القرن الحادي والعشرين: إبادة جماعية تُدار بالصواريخ بدل الأفران، ومجاعة تُصنع بالحصار بدل التجويع التقليدي. إنها صفحة سوداء ستُسجَّل فيها أسماء: قادة، حكومات، ومؤسسات، ستدخل مزبلة التاريخ لأنها وقفت متفرجة أو متواطئة. غزة لم تُهزم بعد، لكنها تُختبر كرمز للصمود. وما يُختبر حقًا هو ضمير العالم: هل يقف ضد الإبادة، أم يترك القرن الجديد يفتتح تاريخه بـ جريمة مكتملة الأركان؟ إقرأ أيضاً مباحثات مصرية-أردنية لتعزيز جهود تثبيت السلام ودعم مسار إعادة إعمار غزة منتدى الخمسين يُطلق أكبر تحالف بين المؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص لتمكين المرأة في مجالات STEM والذكاء الاصطناعي ترامب لـ«نتنياهو» و«لابيد»: خطاباتكم كانت طويلة وأنا لديَّ موعد مع القادة العرب في مصر الأرقام لا تكذب منذ السابع من أكتوبر 2023، تخطّت حصيلة الضحايا في غزة 62 ألف قتيل وأكثر من 156 ألف مصاب، نصفهم من النساء والأطفال. تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو 70% من مباني القطاع دُمّرت أو تضررت، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والمخابز وشبكات الكهرباء والمياه. المشهد الإنساني أكثر قتامة: أكثر من 514 ألف شخص يعيشون بالفعل في مرحلة المجاعة وفق تصنيف الأمن الغذائي العالمي (IPC)، مع توقعات بارتفاع العدد إلى 641 ألفًا بحلول سبتمبر 2025. عشرات الأطفال ماتوا جوعًا، والدواء شبه منعدم، والمستشفيات تعمل بأقل من ثلث طاقتها. غزة تحولت من مدينة مأهولة إلى أرض غير صالحة للحياة. التهجير… نكبة ثانية التهجير الجماعي ليس عَرَضًا جانبيًا، بل جزء من الخطة. نحو 1.4 مليون فلسطيني نزحوا داخليًا، كثير منهم أكثر من مرة. وحدها خان يونس شهدت تهجير نصف مليون شخص. رفح تحولت إلى مدينة مخيمات مكتظة، بلا بنية أساسية ولا مأوى. التاريخ يعيد نفسه: كما جرى عام 1948 حين أُجبر مئات الآلاف على النزوح، يجري اليوم تفريغ غزة من سكانها بالقصف والجوع والخوف. إنها نكبة ثانية تُصنع أمام أعين العالم. محو الشهادة قبل محو المكان في مستشفى ناصر بخان يونس، قُتل خمسة صحفيين في قصف واحد، بينهم مراسلون لرويترز ووكالة أسوشييتد برس والجزيرة. لم يكن الاستهداف عشوائيًا؛ بل رسالة واضحة: إسكات الكاميرا قبل إسكات الصوت. الصحافة كانت آخر جدار يحمي الحقيقة من الاندثار. ومع مقتل الصحفيين، اتضح أن الحرب ليست فقط على الأحياء، بل على الذاكرة نفسها. الإبادة لا تُدار بالقنابل وحدها، بل أيضًا بمحو الرواية. الموقف العربي: رفض للتهجير وخطوط حمراء مصر: منذ بداية الحرب، حذرت القاهرة مرارًا من خطط التهجير القسري واعتبرت تفريغ غزة تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري والعربي. تحركت على خطين متوازيين: فتح المعابر الإنسانية لإدخال المساعدات، وبدء تدريب آلاف العناصر الفلسطينية التابعة للسلطة لتهيئة إدارة «ما بعد الحرب» داخل القطاع. السعودية: رفعت الرياض سقف خطابها بالدعوة إلى اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية كحل جذري للأزمة، وأكدت أن استمرار الحرب يهدد استقرار المنطقة برمتها. التنسيق السعودي–الفرنسي أعاد مسألة الدولة الفلسطينية إلى قلب النقاش الدولي. قطر: واصلت دور الوسيط النشط في ملفات الهدنة والإفراج عن الأسرى، واستثمرت ثقلها السياسي والمالي لتخفيف المعاناة الإنسانية. الأردن: شدد مرارًا على أن استمرار الحرب يدفع نحو انفجار إقليمي يصعب احتواؤه، وطالب بتوفير حماية دولية للفلسطينيين. رغم تفاوت الأدوات، يبقى الموقف العربي واضحًا: تفريغ غزة خط أحمر، والصراع الجاري معركة على مستقبل المنطقة لا مجرد نزاع محلي. التوجهات العالمية: بين النقد والصمت الغرب يعيش انقسامًا عميقًا: فرنسا وصفت الحرب بأنها «قاتلة وغير أخلاقية». الاتحاد الأوروبي أدان الاحتلال الكامل وطرح عقوبات جزئية، فيما أوقفت ألمانيا بعض صادرات الأسلحة لإسرائيل. الأمم المتحدة أعلنت رسميًا دخول غزة في المجاعة، ووصفت الوضع بـ«الكارثة الإنسانية الشاملة». أما الولايات المتحدة، صاحبة التأثير الأكبر، فتمارس سياسة مزدوجة: دعم معلن لإسرائيل في «حقها بالدفاع»، يقابله قلق لفظي بشأن المدنيين. في الداخل الأمريكي، تتصاعد ضغوط الجامعات ومنظمات المجتمع المدني، لكن لم تترجم بعد إلى تغيير جذري في الموقف الرسمي. نتنياهو وحكومته: التطرف كسياسة يقود بنيامين نتنياهو اليوم أكثر الحكومات تطرفًا في تاريخ إسرائيل، مدعومًا بائتلاف يميني متشدد. أصرّ على السيطرة الكاملة على غزة رغم تحذيرات الأمم المتحدة بأنها ستكون «مقبرة بشرية». وصف قصف مستشفى ناصر بأنه «حادث مأساوي»، دون تقديم أي دليل أو اعتذار. داخليًا، يواجه احتجاجات حاشدة من عائلات الرهائن في تل أبيب، لكنه يواصل الرهان على التطرف كوقود سياسي. بهذا، يسجّل نتنياهو وحكومته أسماءهم في قائمة سوداء للتاريخ، كرموز لسياسة الإبادة الجماعية. من هولوكوست الأمس إلى هولوكوست اليوم في القرن العشرين، ارتكب النازيون الهولوكوست ضد اليهود، حيث لقي ملايين حتفهم في معسكرات الإبادة بالتجويع والغاز. تلك المأساة منحت اليهود شرعية دولية ودعمًا سياسيًا واقتصاديًا غير مسبوق، انتهى بقيام دولة إسرائيل وتدفق التعويضات الألمانية والغربية. لكن المأساة اليوم تتكرر بوجه معكوس: الهولوكوست النازي أُدير بالأفران وغرف الغاز. هولوكوست غزة يُدار بالصواريخ والحصار والمجاعة. بعد الهولوكوست، مُنح اليهود وطنًا وحماية دولية. بعد غزة، يُراد للفلسطينيين أن يُمحَوا من أرضهم ويُترَكوا مشرّدين بلا حماية. المفارقة الأخطر أن الضحية السابقة تحولت إلى جلاد، وأن شعار «لن يتكرر ذلك أبدًا» يُترجم اليوم عمليًا: «لن يتكرر ذلك… إلا في فلسطين». السيناريوهات المحتملة تصعيد بلا سقف: اجتياح غزة سيتي، نزوح عشرات الآلاف، مجاعة أشمل، وانهيار كامل للنظام الصحي. هدنة مؤقتة: دخول مساعدات محدودة، لكنها لا توقف الاستراتيجية الكبرى لمحو غزة. إعادة تشكيل غزة: نشر قوة أمنية فلسطينية مدعومة عربيًا، مع إعمار مشروط برقابة إسرائيلية. كل هذه السيناريوهات تؤكد أن غزة لن تعود كما كانت، لكن شكلها المستقبلي سيتحدد بمدى قدرة العرب والمجتمع الدولي على فرض حد أدنى من العدالة. وصمة في جبين القرن ما يجري في غزة ليس صراعًا عسكريًا عابرًا، بل جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان. غزة تُمحى بالحصار والجوع، وتُقتل ذاكرتها بقتل الصحفيين، ويُفرغ سكانها بالتهجير القسري. إنها هولوكوست القرن الحادي والعشرين. الذين يقودون هذه المأساة، والذين يتواطأون بالصمت، سيدخلون مزبلة التاريخ كما دخل النازيون قبلهم. الفارق أن النازيين سقطوا، أما هؤلاء فما زالوا يمارسون جريمتهم تحت سمع وبصر العالم. غزة لم تُهزم، لكنها تُختبر. وما يُختبر الآن ليس فقط صمودها، بل ضمير البشرية: هل يقف ضد الإبادة، أم يترك القرن الجديد يبدأ صفحاته بعارٍ سيلاحقه إلى الأبد اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/coib الحرب في غزةالمجاعة في غزةدينا عبد الفتاحغزة