هل سيكون نظام تسوية المدفوعات الأفريقي البديل الأمثل للعملة الموحدة في المرحلة الراهنة؟

عملة أفريقية موحدة.. حلما بدأه الاتحاد الأفريقي منذ 1991 على غرار اليورو الأوروبي والتي كان من المقرر أن يطلق عليها اسم “أفرو”، بينما مرت بكثير من التعديلات والنماذج المختلفة ليطلق على النسخة المعدلة “الإيكو”، وكان من المقرر أن يشهد عام 2020 ميلاد العملة الأفريقية الموحدة، بينما تداعيات جائحة كورونا كان لها رأيا آخر وقررت تعليق إصدار العملة إلى عام 2027، والتي من المفرض أن يدير تلك العملة الموحدة المصرف الأفريقي المركزي والذي مازال في مرحلة وضع السياسات المنظمة له.

لم تقف الدول الأفريقية مكتوفة الأيدي أمام تحقيق حلمها في التكامل الاقتصادي الأفريقي بل قررت اعتماد مسارا آخر سمى بنظام تسوية المدفوعات والذي يعد إحدى الأدوات التشغيلية الخمس الخاصة باتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال ترأس مصر للاتحاد الإفريقي عام 2019، أثناء القمة الاستثنائية الثانية عشر للاتحاد الافريقي التي عقدت بمدينة نيامي عاصمة دولة النيجر، ومن المقرر أن يشهد العام الجاري تعميم نظام تسوية المدفوعات على الدول الأفريقية والتي ستلعب دورا فعالا في تعزيز التبادل التجاري والتكامل الاقتصادي بين القارة السمراء.

بنديكت أوراما: نظام تسوية المدفوعات بين دول أفريقيا سيوفر أكثر من 5 مليارات دولار سنويا تهدر في رسوم التحويل

وذلك ما أكده بنديكت أوراما، رئيس البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد (أفريكسيم بنك)، بأن نظام تسوية المدفوعات الخاص بمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، سيعمم على دول الاتفاقية، ويسمح بتداول عملات الدول الأفريقية الأعضاء في الاتفاقية، والاستغناء عن عملة وسيطة للتعامل التجاري، مشيراً إلى أن إصدار عملة أفريقية موحدة يتطلب كثير من الوقت فعملية إصدار العملة الموحدة الاتحاد الأوروبي (اليورو) استغرقت أكثر من 65 عاما، وحاليا تطبيق نظام تسوية المدفوعات سيكون مكسبا حقيقياً لدول القارة.

وتابع رئيس البنك، أن الدول التي تتبادل السلع الغذائية والخدمات في القارة الأفريقية ستصبح في غنى عن العملات الوسطية، ما سيوفر العلمة الصعبة ويعزز الاستغلال الأمثل للموارد.

كما أشار إلى أن الجنيه المصري يمكن أن يستخدم في التجارة به بين مصر ودولة أخرى في القارة، ويمكن للقاهرة أن تشتري المواد الخام والسلع بالجنيه المصري، ولدولة أخرى مثل كينيا أن تتعامل مع مصر بالشيلينج الكيني عندما تريد شراء القطن على سبيل المثال.

وأوضح “أوراما”، أن نظام تسوية المدفوعات سيوفر لدول القارة نحو 5 مليارات دولار سنويا تهدر من رسوم التحويل النقدي بين دول القارة، خاصةً بعد تحويل جزء كبير من التجارة بعيدًا عن القارة بسبب مشكلات العملة.

وأضاف أن أعمال البنية التحتية في دول القارة الأفريقية التي تعتمد في التمويلات على العملات الأجنبية، يمكن أن تعتمد على العملات المحلية للدول في المرحلة المقبلة، ضمن اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية.

رأي القطاع الخاص اللاعب الرئيسي

أحمد الزغبي: نظام تسوية المدفوعات سيعزز حركة التجارة البينية ومشروعات البنية التحتية

ويرى دكتور أحمد الزغبي، مدير تطوير الأعمال بأفريقيا لمجموعة رائدة فى قطاعات البنية التحتية بالقطاع الخاص، وضمن فريق الخبراء الدوليين للتخطيط الاستراتيجى بمركز دعم واتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري، مما لاشك فيه أن وجود عملة موحدة للدول أعضاء الاتحاد الأفريقي سيساهم بشكل كبير في تسهيل التجاره البينة والتبادل التجاري في القارة، إلا أن التحديات الحقيقية التي تواجه الاتحادات النقدية الأفريقية على الأغلب ستتعلق بالسيادة السياسية والتكتلات الاقتصادية.

وأوضح أن نظام تسوية المدفوعات يعد الحل الأمثل في الفترة المقبلة، خاصة أنه سيوفر لدول القارة مليارات الدولارات سنويا والتي تهدر من رسوم التحويل النقدي بين دول القارة، مضيفا أن حركة التجارة البينية ومشروعات تطوير البنية التحتية ستشهد ازدهاراً كبيراً فى الفترة المقبلة بعد تعزيز العمل بهذا النظام، وأن أعمال البنية التحتية في دول أفريقيا التي تعتمد في التمويلات على العملات الأجنبية بصورة أساسية، يمكن أن تعتمد على العملات المحلية للدول في المرحلة المقبلة، ضمن اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية.

وأشار إلى أنه يجب العمل سريعاً على تطوير الإطار التنظيمي لنظام المدفوعات، وتوفير خدمة الدفع والتسوية ومن هنا يأتي دور البنوك التجارية ومقدمي خدمات الدفع والشركات المالية في جميع أنحاء المنطقة توفير خدمات تسوية المدفوعات من خلال عمل محفظة لكل دولة أو عملة يتم تحديد القيمة العادلة للعملات للخروج من مشكلة اختلاف قيم عملات الدول الأفريقية، وذلك لتفعيل العمل القاري المشترك لتحقيق الاستفادة القصوى من اتفاقية التجارة الحرة وتلبية احتياجات القارة والاستغلال الأمثل لمواردها ومقوماتها.

دور البنوك التجارية

محمد الإتربي: البنوك التجارية ستلعب دورا محورياً في نظام المدفوعات.. و«جيبوتي» و«الصومال» يتصدران الخطط التوسعية للبنك بأفريقيا

وممثلاً عن البنوك التجارية قال محمد الاتربي، رئيس مجلس إدارة بنك مصر، ورئيس اتحاد بنك مصر، إن البنوك التجارية وخاصة المصرية تلعب دوراً محورياً في حلم التكامل الأفريقي، وسيكون لها دورا رئيسيا في نظام تسوية المدفوعات بين الدول الأفريقية، لأنها ستحدد القيمة العادلة لكل عملة وقيمة المنتج أو الخدمة المقدمة لتتم عملية التسوية ويتم التعامل بالعملات المحلية في دول أخرى بصورة عادلة.

وذكر أن البنوك التجارية تعزز تواجدها في السوق الأفريقية وعلى رأسهم بنك مصر الذي بصدد افتتاح فرع له في دولة جيبوتي فور الحصول على موافقة البنك المركزي الجيبوتي، مضيفاً أن بنك مصر يخطط تعزيز تواجده في الصومال وكينيا وكوت ديفوار على شكل فروع أو مكاتب تمثيلية، من أجل تعزيز العلاقات التجارية بين مصر وباقي الدول الإفريقية، وتوفير خدمات نظام تسوية المدفوعات.