بنوك ومؤسسات مالية تحليل : “الدولار” يدفع الدولة للمنافسة على الهزيمة بواسطة فريق أموال الغد 26 نوفمبر 2015 | 1:15 م كتب فريق أموال الغد 26 نوفمبر 2015 | 1:15 م النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 0 كان على “الدولار” أن ينتصر، بعد أن تكاتفت واشتركت كل العوامل في إضعاف موقف الجنيه، فالاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية لم يعد يتحمل استمرار البنك المركزي في حماية “الجنيه” في سوق النقد، كما أن موارد الدولة الدولارية لم تعد قادرة على تغطية نفقات ميزان المدفوعات فأصبحت النتيجة معاناة الميزان من عجز دائم يؤثر بالسلب على حجم الاحتياطي. كل هذه الظروف اختزلت خيارات الدولة في بديل واحد وهو ضرورة التنازل نسبيا عن حماية الجنيه بما يدفع في المقابل أسعار العملات الأخرى للزيادة، ولم يكن “هشام رامز” محافظ البنك المركزي يملك رفاهية الاختيار عندما قاد السياسة النقدية للدولة في هذا الاتجاه، ولكن الوضع الاقتصادي العام كان يقتضي ذلك. اليوم وبعد سلسلة التراجعات في قيمة الجنيه؛ بات متوقعا أن يحدث مزيد من الصعود في معدلات التضخم التي تلتهم النصيب الأكبر من ذات يد الفقراء الذين أصبحوا هم الصف الأول الذي يتحمل كل خطأ تقع فيه الدولة أو يجبرنا عليه سوء الوضع الاقتصادي! وعلي الرغم من كل ذلك فالدولة مطالبة باستمرار سياسات التنمية التي نشدتها خلال الفترة الماضية وتلبية الاحتياجات التنموية من الاستثمارات التي يشكل العنصر الأجنبي جزءا هاما منها في ظل ارتفاع معدلات الفجوة الإدخارية في الاقتصاد والتي تخطت 7% من الناتج المحلي الإجمالي. ترصد “أموال الغد” في هذا الملف التحديات التي تواجه السياسة النقدية للدولة وأثرها على سير حركة التنمية والاستثمار في مصر خلال الفترة المقبلة . 4 أسباب رئيسية وراء تراجع“الجنيه” تراجع قيمة الاحتياطي النقدي الأجنبي أحد الأسباب الأساسية لتخفيض قيمة الجنيه هو تراجع الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية حيث فقد نحو 1.7 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي ليصل إلى مستوى 16.334 مليار دولار مقابل 18.096 مليار دولار، ويسجل مستوى منخفض رغم الدعم الخليجي الذي تلقته مصر خلال الشهور الماضية بقيمة نحو 5.5 مليار دولار . ومن المتوقع أن ينخفض الاحتياطي النقدي مجدداً خلال شهر نوفمبر مع استعداد البنك المركزى سداد آخر أقساط الودائع القطرية بقيمة مليار دولار، وهو ما يضع الدولة في مأزق في ظل تراجع موارد الدولة الدولارية وانخفاض احتمالية استمرار الدعم الخليجي مع الأزمات التي تُعاني منها دول الخليج بعد تراجع أسعار النفط . تراجع موارد الدولة من الدولار يتسبب في عدم قدرة البنوك على تلبية طلبات العملاء سواء الأفراد أو المستوردين أو المستثمرين، وبالتالي تكدس قوائم الانتظار، وارتفاع الطلبات مع ندرة المعروض وهو ما يضغط على العملة المحلية بشكل كبير ويؤدي إلى انخفاضها . والسبب الأساسي في تراجع حجم الموارد الدولارية هو انخفاض إيرادات السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة والصادرات، بجانب ارتفاع فاتورة الواردات، واستخدام جزء كبير من تحويلات المصريين خارج القطاع المصرفي. وبنهاية العام المالي الماضي حققت السياحة نحو 7.4 مليار دولار، بينما بلغ حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة نحو 6.4 مليارات دولار . تراكم الدين الخارجي وزيادة حجم الالتزامات الخارجية استمرار تراجع الموارد الدولارية ولجوء مصر للاقتراض من دول الخليج، واعتماد برنامج طرح السندات الدولارية، يضغط على الدين الخارجي الذي وصل لمستويات قياسية وسجل 48 مليار دولار بنهاية العام المالي الماضي، هذا في الوقت الذي ترتفع فيه التزامات سداد هذه الديون مما يضغط على الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية . وخلال هذا العام سددت مصر نحو 1.4 مليار دولار لدول نادي باريس، ومن المقرر أن تسدد للدوحة وديعة بقيمة مليار دولار خلال الفترة أكتوبر / نوفمبر . غياب التنسيق بين السياستين المالية والنقدية البنك المركزي يدير السياسة النقدية بناءًا على قرارات السياسة المالية وموارد الدولة، ويتسبب غياب التنسيق بين الجانبين في نتائج سلبية على الاقتصاد بشكل عام، وخلال الفترة الأخيرة ظهر التضارب بين السياستين في تدخل وزير الاستثمار في أمور السياسة النقدية، حينما أكد أن الحفاظ على قيمة الجنيه لا يمكن استمرارها في ظل الوضع الحالي، هذا بجانب توقعات الدولة المبالغ للموارد الدولارية. وفي العام المالي الماضي توقعت الدولة أن تحقق زيادة في إيرادات السياحة لتحقق نحو 10 مليارات دولار ومثلها للاستثمار الأجنبي المباشر، مما سيدعم دور السياسة النقدية في تلبية طلبات السوق الداخلي من السيولة وتدعيم العملة المحلية، وهو ما لم يتحقق ويحد من قدرة البنك المركزي على تلبية الطلبات الداخلية . تحديات أمام المركزي قال محمد عباس فايد، العضو المنتدب ونائب رئيس مجلس إدارة بنك عوده – مصر، إن البنك المركزي وحده لن يستطيع حل مشكلة سعر الصرف، فرغم الدور الفعال الذي يقوم به إلا أن التعامل عبر الأبواب الخلفية لازال موجودًا، ويقوم كثير من المصدرين بتهريب بضائعهم وإدارة حصيلتهم الدولارية في حسابات خارجية، وبالنظر إلى حجم الاستهلاك نكتشف أموالًا هائلة تُدار بعيدًا عن يد الدولة وبالتالي فجهود البنك المركزي تتركز على الأموال الرسمية من أموال وليست تلك التي تدار في الأسواق غير الرسمية وتدخل من خلالها البضائع المهربة . واستطرد قائلًا “لا نستطيع الاعتماد على قناة السويس فقط لتوفير الموارد الدولارية، خاصة في ظل توقعات انكماش التجارة العالمية، لكن التنمية التي ستتم على ظهير القناة ستساهم بشكل كبير في توفير الموارد الدولارية نتيجة الاستثمارات المتوقع جذبها في تلك المنطقة، بجانب القطاعات الاقتصادية الأخرى الحيوية كالسياحة على المدى البعيد . ووفقًا لفايد فإن قيام البنوك بتدبير قروض دولارية في السوق المصرفي وتلبية الطلب المحلي على الدولار للاستيراد، لا يعني استقرار الأمر بشكل تام خاصة وأن البنوك تسلك كافة السبل لتوفير التمويلات، مؤكدًا أنه في حالة ارتفاع الطلب على التمويلات الدولارية قد تواجه البنوك صعوبة في التوفير في ظل استمرار نقص المعروض من الدولار في الأسواق. وشدد على أن تراجع قيمة الجنيه طبيعي في ظل نقص السيولة الدولارية بالدولة، مطالبًا الدولة بضرورة وضع سياسة واضحة لتوفير الدولار . فوائد تخفيض قيمة الجنيه وقالت بسنت فهمي، الخبيرة المصرفية، إن هناك ثلاثة فوائد تعود على الدولة من تراجع قيمة الجنيه أهمها أن انخفاض قيمة العملة المحلية يجعل الدولة جاذبة لرؤوس الأموال الأجنبية على المدى البعيد، كما يجعل البضائع المصرية أكثر جاذبية وهو ما يزيد من حجم الصادرات، ويساهم أيضًا في تقليل حجم المضاربات بالسوق الموازية نتيجة انخفاض الفجوة بينها وبين السوق الرسمية . وأكدت أن تحرك البنك المركزي لخفض قيمة الجنيه المحلي أمام الدولار في ظل الأوضاع الحرجة التي يمر بها الاقتصاد المصري من تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي وارتفاع الدين الخارجي وتراجع الموارد الدولارية. أكدت أن ثبات الجنيه أمام الدولار في ظل التطورات الاقتصادية العالمية يعطي إشارة غير صحيحة على قوة الاقتصاد المصري، وبالتالي فانخفاض الجنيه أمر طبيعي، لأن الاقتصاد المصري ليس أقوى من اقتصاديات اليابان والاتحاد الأوروبي والتي تراجعت عملاتها الرئيسية أمام الدولار . أضافت أن تراجع قيمة العملة يفيد الاستثمارات على المدى البعيد ويساعد في جذب رؤوس الأموال الأجنبية للدخول للسوق المصرية، منوهةً إلى أن تراجع العملة يجعل البضائع المصرية أكثر جاذبية للمستوردين الأجانب بينما يساهم في زيادة فاتورة الواردات، خاصة وأن مصر تعتبر دولة مستهلكة ولديها عجز كبير في الميزان التجاري . وشددت على أن دول مثل اليابان والصين تساهم بشكل كبير في خفض متعمد لعملتها أمام العملات الأخرى في الوقت الذي تعمل فيه على زيادة الإنتاج وتشجيع المنتج المحلي، وهو ما يجعلها سوقًا جاذبة للمستثمرين والمستوردين نظرًا لانخفاض قيمة البضائع فيٍ تلك الدول . جذب الاستثمار الخارجي قال محمد الأبيض، رئيس شعبة للصرافة، أن قرار البنك المركزي برفع سعر الدولار يتلائم مع حركة السوق خصوصًا مع ارتفاع الطلبات وعدم قدرة البنوك على توفير السيولة المطلوبة . وأوضح أن القرار قد يكون له تأثيرًا إيجابيًا على الاستثمار، لكنه يحتاج إلى تحرك من الدولة لتشجيع المستثمرين، بجانب إجراءات لزيادة المعروض من العملة في الأسواق تخفيفًا لحدة الطلب وزيادة قوائم الانتظار لدى البنوك . اتساع الفجوة التمويلية .. شبح يواجه أحلام التنمية تعاني الدولة من اتساع الفجوة التمويلية التي تعرف بالفارق بين معدلات الادخار والاستثمار الطموحة المستهدفة بالدولة، وتُعاني الدولة من تراجع معدلات الإدخار المحلي والتي تصل إلى 7%، كنتيجة لارتفاع عجز الموازنة . وتستهدف الحكومة استثمارات أجنبية مباشرة بنحو 10 مليارات دولار خلال العام المالي 2015/ 2016، مقابل استثمارات بلغت 6 مليارات دولار و4 مليارات دولار في العامين الماضيين. وارتفعت الفجوة التمويلية خلال العام المالي الجاري 2016/2015، بواقع 2 مليار دولار، لتصل إلى 12 مليار دولار مقابل فجوة بلغت 13 مليار دولار بنهاية العام المالي السابق. ويُعد من الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع الفجوة التمويلية هو التوسع في المشروعات القومية، التي تحتاج إلى كميات هائلة من النقد الأجنبي؛ وأعلنت وزارة المالية أن حجم الفجوة التمويلية في الاقتصاد المصري ستصل إلى 40 مليار دولار، خلال فترة الـ3 أو 4 سنوات القادمة. وشهد سوق الصرف ارتفاع للدولار أمام الجنيه المصري حتى تجاوز الـ 8 جنيهات بالسوق الرسمية، مع توقعات باستمرار ارتفاعه ليترك الأمر مخأوف من مدى تأثير ارتفاع الدولارعلى زيادة الفجوة التمويلية للدولة. ومن جانبه يرى فخري الفقي، الخبير الاقتصادي والمسئول بصندوق النقد الدولي سابقًا، أن ارتفاع الدولار سيؤدي إلى زيادة الفجوة التمويلية في بعض الحالات، والتي تتمحور حول قلة مدخرات القطاع العائلي في ظل ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم كنتيجة لارتفاع الدولار أمام الجنيه مما يؤثر بالسلب على معدلات الإدخار. أوضح أن هناك بعض المصانع قد يتأثر إنتاجها نظرًا لصعوبة تدبير العملة الأجنبية التي تُستخدم في استيراد المواد الخام والأساسية في الإنتاج، وبالتالي يؤثر بالسلب أيضًا على معدلات إدخار المؤسسات والأفراد. أشار إلى أن مشكلة نقص الدولار تزداد في ظل سيطرة السوق السوداء على الدولارات المتواجدة في الدولة، وعدم قدرة البنك المركزي على كسب ثقة المتعاملين في النقد الأجنبي من شركات الصرافة ورجال الأعمال. أوضح أن السوق المصرية يمتلك سيولة دولارية تتراوح من 50 إلى 60 مليار دولار ولكنها تتركز أغلبها في السوق السوداء، مؤكدًا على أن المصدرين الذين يمتلكون سيولة وأصحاب التحويلات أصبحوا يفضلون التعامل مع شركات الصرافة التي تعطي الأفراد سعر أعلى من السعر الرسمي للدولة في ظل عدم قدرة الرقيب على إحكام السيطرة عليها. وشدد على ضرورة تدخل الدولة وطرح عدد من الحلول غير التقليدية لإنقاذ الجنيه المصري أمام الدولار، وتوفير سيولة دولارية من خلال طرح أراضي للمصريين بالخارج، على أن تكون هذه الأراضي مرفقة بالكامل مقابل حصول المواطن على سعر الأرض بالدولار بالسعر الرسمي المعلن. تابع “من الممكن أن تتفق الدولة مع المقيمين من العرب على فتح وديعة بمبلغ معين خلال فترة إقامته على أن يسترد المبلغ أثناء مغادرته للبلاد أو تحديد مبلغ معين من السائحين القادمين لمصر يتم تحويله للعملة المحلية مقابل شراء مستلزماتهم الرئيسية”. الاقتراض الخارجي ومعدلات الدين المتوقعة ويبدو أن الدولة لم يعد أمامها سوى اللجوء لمؤسسات التمويل الدولية بعد استنزاف كافة المساعدات العربية وصعوبة الحصول على دعم عربي جديد، في ظل المشاكل الاقتصادية المؤقتة التي طرقت أبواب دول الخليج من أجل الخروج من الأزمة التي تعانى منها في الوقت الحالي لحين تحسن المناخ الاستثماري وزيادة معدلات السياحة وإيرادات قناة السويس. وتسعى الحكومة للحصول على قروض بنحو 6 مليارات دولار من مؤسسات دولية منها 3 مليارات من البنك الدولي؛ لحل أزمة نقص الدولار محليًا وتمويل مشروعات تنموية تعمل الحكومة على تنفيذها، وتكثف من تفاوضها مع البنك الإفريقي للتنمية، وصندوق النقد العربي. وسجلت ديون مصر الخارجية ارتفاعًا كبير ومستوًى تاريخيًا خلال الربع الأخير من العام المالي 2014/2015 ، لتسجل 48.1 مليار دولار بنهاية يونيو 2015 مقابل 39.8 مليار دولار بنهاية مارس 2015. وقال علاء سماحه، مستشار وزير المالية ورئيس بنك الائتمان الزراعي سابقًا، إن الدولة في حاجة شديدة إلى الاقتراض من مؤسسات التمويل الدولية لضبط السوق بعد ندرة العملة الأجنبية وتراجع الاحتياطي النقدي. وأوضح أن الظروف الصعبة التي تمر بها الدول العربية تجعل الدول ليس أمامها خيارًا سوى الاقتراض الخارجي أو طرح سندات دولارية. أشار إلي أن الدين الخارجي ما زال في الحدود الآمنة ولم يصل إلي معدلات الاقتراض الضخمة مقارنة بالدول الأخرى، مضيفًا أن المشكلة الأكبر التي ستواجه الدولة هي ضرورة توافر عملة أجنبية لسداد التزاماتها الخارجية. وأضاف أن القروض الخارجية لابد أن توجه في مجالات يكون العائد منها دولاري بدلا من الاقتراض وتوجيهها في سداد عجز الموازنة، وبعض الأمور الداخلية التي من الممكن أن يؤدي زيادة سعر الصرف إلى مشاكل في سداد الدين. البورصة .. توقعات ايجابية على المتوسط بسبب تراجع الجنيه توقع خبراء سوق المال، أن تنعكس توجهات البنك المركزي والخاصة بخفض قيمة الجنيه المصري خلال الفترة الأخيرة بصورة إيجابية على البورصة المصرية من خلال تدعيم قدرتها على جذب شريحة مرتقبة من المستثمرين الأجانب خلال المدى المتوسط والبعيد . وأضاف الخبراء، أن نجاح البورصة في استقطاب تلك الشريحة الجديدة من المتعاملين مشروط بوضوح الملامح النهائية لتوجهات البنك المركزي بشأن قيمة الجنيه، سواء بخفض قيمته أو رفعها، مؤكدين أن تذبذب القرارات خلال الفترة الماضية تسببت في افتقاد ثقة المستثمر في الاقتصاد المصري . وأشار الخبراء إلى أن قطاع العقارات يعد من أبرز القطاعات المتوقع تأثرها بصورة إيجابية من تراجع قيمة العمله المحلية، وذلك في ظل جاذبيته لفئة كبيرة من المستثمرين وقدرة أصولها على الاحتفاظ بقيمتها الاستثمارية رغم كافة المتغيرات والظروف المحيطة . قال خالد سبع، الرئيس التنفيذي لشركة أجرو كورب للاستثمار المباشر، أن انخفاض قيمة العملة المحلية من المتوقع أن يؤثر بصورة إيجابية على البورصة المصرية خلال المدى المتوسط والطويل، وذلك من خلال جذب شريحة مرتقبة من المستثمرين الأجانب، الراغبين في زيادة عوائدهم الاستثمارية عبر استغلال الفجوة بين السعر المحلي وسعر الدولار، مما يساعد على إنعاش السيولة الأجنبية بالسوق، ودعم التعاملات اليومية للمستثمرين الأجانب . وتابع أن عدم وضوح التوجهات النقدية خلال المدى القصير وتوجهات البنك المركزي بخصوص تعويم الجنيه والقضاء على السوق السوداء، سيشكل هذا الأمر عنصر طارد للمستثمرين، وذلك في ظل حالة الترقب الحالية للوضع الأقتصادي، مؤكدًا أن عدم ثبات سعر العملة سواء بالتراجع أو الارتفاع سيقف عائق أمام تدفق أي سيولة أو استثمارات غير محلية . واستبعد سبع بعض التخوفات المثارة خلال الفترة الحالية حول اتجاه المستثمرين الأجانب لتسييل أسهمهم الدولارية في البورصة بهدف تحقيق عوائد مرتفعة في ظل ارتفاع قيمة الدولار، مؤكدًا أن معظم هذه الفئة من الأسهم مملوكة للمؤسسات والتي عادة ترتبط قرارتها الاستثمارية بوضوح الملامح على الصعيد السياسي والاقتصادي . وأشار الرئيس التنفيذي لشركة أجرو كوب للاستثمار المباشر إلى أن أبرز القطاعات المتوقع أن يساهم خفض العملة فى تنشيطها تتمثل في قطاع العقارات، في ظل قدرة أصوله على الاحتفاظ بقيمته الاستثمارية مقارنة بالقطاع الغذائي والمتوقع أن يجني الأثار السلبية لتراجع العملة المحلية، خاصة فيما يتعلق بانخفاض واردات شركات ذلك القطاع وبالتالي تراجع معدلات الإنتاج وانخفاض الربحية . وقال محمد فريد، رئيس مجلس إدارة شركة ديكوود للاستشارات المالية والأقتصادية، إن توجهات البنك المركزي لخفض العملة عن طريق زيادة تنافسية الاقتصاد المحلي وجذب شريحة كبيرة من المستثمرين الأجانب سيصب في صالح البورصة على المدى المتوسط و البعيد من خلال جذب المزيد من السيولة الأجنبية. وأضاف أن انخفاض العملة من شأنه أن يبُث حالة من الترقب والخوف لدى المستثمرين حول زيادة معدلات التضخم، ومن ثم اتجاه البنك المركزي لرفع سعر الفائدة، ذلك الأمر الذي يؤثر سلبًا وبصورة مباشرة على سوق المال، من خلال جذب شريحة كبيرة من مستثمري البورصة للإدخار في البنوك بهدف تحقيق أكبر عائد بأقل مخاطرة . تحديد توجهات المركزي من جانيه أكد هاني توفيق، رئيس الاتحاد العربي للاستثمار المباشر، على ضرورة كسر العلاقة المباشرة بين الجنيه المصري والدولار، مقابل ربطه بحزمة من عملات الدول الأخرى التي يجمعنا بهم مشاركات تجارية، وذلك للحفاظ على هوية العملة المحلية التي كادت أن تُفقد في ظل تذبذب توجهات البنك المركزي. وأضاف أن غياب الهوية النقدية يفقد قدرة الاقتصاد بكافة مجالاته على جذب المستثمرين، الذين تقف ضبابية الوضع الاقتصادي وعدم وضوح توجهاته حاجز أمام ضخ استثماراتهم. وأكد على ضرورة تحديد توجه واضح للوضع النقدي من قبل البنك المركزي خلال الفترة المقبلة يتأقلم مع طبيعة ووضع واحتياجات الاقتصاد، ليساهم في زيادة ضخ رؤوس الأموال الأجنبية في كافة القطاعات والاستثمارات. “أزمة الدولار” ترفع فاتورة استيراد الوقود من الخارج وتؤثر على عجز الموازنة مع ارتفاع سعر بيع الدولار أمام الجنيه خلال الفترة الماضية، تزايدت المخاوف من جديد من ارتفاع أسعار السلع الأساسية وخاصة المستوردة، حيث أن ارتفاع أسعار الدولار يتبعه ارتفاع في التكلفة الإنتاجية في القطاعات التي تعتمد بشكل أساسي على استيراد المنتجات والخامات اللازمة لها من الخارج. ومن بين القطاعات المتوقع أن تتأثر بشكل مباشر بهذا الارتفاع قطاع البترول، نتيجة استيراد كميات كبيرة من المنتجات البترولية والغاز الطبيعي، من الخارج لسد الفجوة الحالية بين الانتاج والاستهلاك ولتلبية احتياجات كافة قطاعات الدولة وبالتحديد محطات الكهرباء من الوقود والغاز اللازمان لإتمام العملية التشغيلية. وفي ظل هذا الارتفاع ستكون وزارة البترول أمام محورين؛ الأول يكمن في تحمل قطاع البترول والحكومة نتيجة الفرق الذي حدث بين سعر الدولار والجنيه من خزينة الدولة ومن مخصصات دعم الوقود، والآخر يتعلق بتحريك الأسعار لتعويض الزيادة التي ستطرأ في فاتورة استيراد الوقود من الخارج، وإن كان قطاع البترول يحقق حاليًا وفرًا كبيرة من تراجع أسعار النفط عالميًا. ويؤكد الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول بالجامعة الأمريكية والاستشاري لعدد من شركات النفط العالمية، أن الفارق الذي حدث في سعر بيع الدولار أمام الجنيه، سيؤثر سلبيًا على كامل المنتجات البترولية وشحنات الغاز المستوردة من الخارج، حيث يؤدي ذلك إلى زيادة القيمة الشرائية للوقود وبالتالي التأثير سلبيًا على الفاتورة الشرائية للقطاع. أضاف أن الاتجاه لزيادة الطاقة التكريرية للمنتجات البترولية محليًا، يجنب الحكومة الوقوع في تلك الأزمات؛ حيث أن استيراد الزيت الخام وتكريره محليًا يوفر على الدولة 40% من قيمة المنتجات البترولية التي يتم استيرادها من الخارج، لكن الحكومة مُمثلة في قطاع البترول لم تستغل حتى الآن قوة التكرير الموجودة في 9 معامل تكرير موزعة في محافظات الجمهورية، وتلجأ إلى الاستيراد بالعملة الصعبة بما يزيد من فاتورة المنتجات المستوردة، وارتفاعها في حالات ارتفاع سعر بيع الدولار أمام الجنيه. وأشار القليوبي إلى أن استمرار هذا الارتفاع سيزيد من عبء الموازنة العامة للدولة، وبالتالي ارتفاع قيمة الدعم الموجه لقطاع البترول خلال السنوات المقبلة، بما يؤثر على عمليات التعاقد على شحنات الوقود والغاز الجديدة اللازمة للاستهلاك المحلي . وفي ظل التأكيدات المستمرة حول وجود اتجاه لرفع أسعار المنتجات سواء البترولية أو غيرها، نتيجة ارتفاع سعر الدولار، إلا أن هذا الارتفاع سيرتبط بكون هذه السلع منتجة محليًا أم يتم استيرادها بالدولار من الخارج، وفيما يتعلق بقطاع البترول، فإن تراجع أسعار النفط عالميًا ساهم في تحقيق وفرًا ماليًا للقطاع خلال الفترة الماضية، ما يجعل تحريك أسعار الوقود نتيجة ارتفاع الدولار أمر ليس محتملًا. ويؤكد المهندس شريف سوسه، وكيل أول وزارة البترول، أن تراجع أسعار النفط عالميًا وهبوطه إلى مستويات أدنى من 60 دولار للبرميل، مثل عنصرًا إيجابيًا وساهم في تحقيق وفرًا ماليًا للقطاع، وخفض دعم الحكومة للمواد البترولية، بما يقلل نسبيًا من عجز الموازنة العامة للدولة، موضحًا أن الارتفاع الذي حدث في بيع الدولار سيتحمله قطاع البترول في استيراد كميات الوقود والغاز اللازمة للاستهلاك المحلي. وأضاف أن التراجع في أسعار النفط عالميًا، يحد حاليًا من تأثير ارتفاع الدولار أمام الجنيه، فهناك تعويض لذلك من خلال الوفر المالي الذي حدث نتيجة تراجع الأسعار، وهذا ما ظهر جليًا من خلال خفض الدعم الموجه للبترول خلال العام المالي الجاري بنسبة تصل إلى 40%، موضحًا أن القطاع استطاع استيراد كميات كبيرة من المواد البترولية في ظل تراجع أسعار النفط والتي سيتم استغلالها الفترة المقبلة لسد الاحتياجات المحلية. وأشار إلى أن الاكتشافات البترولية والغازية الجديدة ستساهم على المدى القريب في تقليل عمليات الاستيراد من الخارج، وبالتالي الحد من تأثير الارتفاعات المستمرة في سعر الدولار، بما يجنب قطاع البترول تحمل نفقات إضافية في فاتورة استيراد الوقود من الخارج. تراجع الجنيه ..إنتصار “الاستثمار الأجنبي” على حساب الصناعة المحلية حذر عدد كبير من الخبراء والمسئولين بمجتمع الأعمال، من الأثار السلبية المحتملة للسياسات الأخيرة للبنك المركزي المصري وتوجهه نحو تخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار، مشيرين إلى أن تلك السياسات ستزيد من الأعباء الملقاة على عاتق الصناعة المصرية وتتسبب في ارتفاع فاتورة استيراد الخامات اللازمة للقطاع، بما قد يزيد من أسعار المنتجات النهائية ليضعف من فرص منافسة المنتجات المصرية أمام الواردات السلعية بالسوق المحلية . وطالبوا بضرورة أن يتم تشكيل مجموعة عمل مشتركة بين القطاع المصرفي والمجتمع الصناعي للتباحث حول آليات تدبير التمويلات والسيولة الدولارية المطلوبة لاستكمال المشروعات الصناعية وكذلك لتحسين قدرات الصادرات المصرية . يرى آخرون أن السياسات الأخيرة قد تمثل حافزاً جديداً للمستثمرين على التواجد بفاعلية في المشروعات القومية التي تعكف الدولة على تنفيذها حالياً مثل محور قناة السويس ومشروع استصلاح مليون فدان، مرجعين أسباب ذلك إلى أن تخفيض قيمة الجنيه سيقلل من تكلفة الاستثمار في مصر بما يزيد من عدد المشروعات الاستثمارية الجديدة المرتقبة . قال د. محمد المنوفي، رئيس جمعية مستثمري السادس من أكتوبر الأسبق، إن عملية تخفيض سعر الجنيه مؤخرًا أدت إلى ارتفاع تكلفة المواد الخام اللازمة للصناعة حيث نعتمد على استيراد أكثر من 80% من مدخلات الإنتاج . وأوضح أن ارتفاع أسعار المواد الخام أدى إلي زيادة تكلفة الإنتاج بنسبة 30%، مما سيكون له نتائج سلبية على ارتفاع أسعار المنتجات النهائية بنفس النسبة، لافتًا إلى أن السوق المحلية يمكن ألا يتقبل تلك الزيادة مما يؤدي إلى تراجع المبيعات وركود الاسواق بالإضافة إلى تراجع تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق الخارجية بما يؤدي إلى انخفاض الصادرات وبالتالي العملة الصعبة . وأشار المنوفي إلى أن ذلك سوف يؤثر على الاقتصاد المصري، حث يعوق الاستثمار في الصناعة خاصة في ظل تحديد قيمة الإيداعات الشهرية بما يؤدي إلى إعاقة استيراد الماكينات والمواد الخام التي تحتاج إلى حصيلة دولارية تزيد كثيرا عن القيمة المحددة . وطالب بضرورة أن تقوم الدولة بعدد من الإجراءات التي تساهم في زيادة العملة الدولارية والاحتياطي النقدي، وذلك عن طريق تشجيع الزراعة والتي تعتمد على الخامات المحلية ولا تحتاج إلى العملة الصعبة ويتم تخصيصها للتصدير وإقامة مشروعات للتصنيع الزراعي المخصص للتصدير مما يؤدي إلى زيادة تدفق العملات الاجنبية. وطالب المنوفي أيضًا بوقف فتح الاعتمادات المستندية لاستيراد السلع الاستفزازية لتوفير الدولار، مقترحًا أن يتم توفير البدائل لانتاج المنتجات التي يتم استيرادها في مصر لتقليل فاتورة الاستيراد . أكد المهندس خالد أبو المكارم، رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة، أن انخفاض قيمة الجنيه وتراجع الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية سيعمل على زيادة قيمة التصدير الإجمالية بنهاية العام الجاري، وليس له تأثير على حجم الصادرات. وأوضح أن الانخفاضات الأخيرة ستؤدي إلى حدوث زيادة بفاتورة الاستيراد، خاصة من الخامات والسلع اللازمة لمعظم القطاعات الصناعية، متوقعًا أن تشهد تكلفة المنتجات الصناعية زيادة ملحوظة خلال الأيام المقبلة بما قد يزيد من مؤشرات التضخم للسلع والمنتجات . وأشار إلى ضرورة إجراء معادلة لإحداث التوازن بين زيادة الأسعار والدخول، حيث ارتفعت أسعار معظم السلع خلال الفترة الماضية، دون أن يقابلها زيادة في الدخول، مما يخلق العديد من المشاكل لدى المواطن البسيط والذي يكون الضحية في النهاية لارتفاع سعر الدولار لضعف القوة الشرائية لعدم امتلاكه ما يكفيه لقضاء وشراء احتياجاته . ولفت إلى أنه لتفادي ذلك من الضروري اتخاذ إجراءات حاسمة لضبط الأسعار بالأسواق وتوفير الدولار اللازم لاستيراد السلع الأساسية بالإضافة لاستيراد الخامات، حتى لا تتضرر الصناعة المصرية. وطالب أبو المكارم المحافظ الجديد للبنك المركزي باتخاذ قرار عاجل بإلغاء الحد الأقصى للإيداع الدولاري بالبنوك والمحدد بـ 50 ألف دولار شهريًا و10 آلاف دولار يوميًا، مشددًا على ضرورة السماح للشركات بوضع العملة داخل البنوك دون قيود حتى يتسنى لهم إجراء التحويلات لاستيراد الخامات والمعدات اللازمة لعمليات التصنيع. وأضاف أن البنوك حاليًا لا تستطيع تدبير أو فتح الاعتمادات المستندية للبضائع والمواد الخام لإتمام عملية التصنيع في الوقت المناسب، مما أدى إلى عدم قدرة تلك المصانع على توفير احتياجات الأسواق الخارجية المطلوبة مما يؤدي إلى خروج مصر من المنافسة خارجيًا . أكد د. شريف الجبلي، رئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات المصرية، أن تخفيض قيمة الجنيه سيؤثر بشكل سلبي على الصناعة المصرية بشكل عام، خاصة الصناعات التي تعتمد كليًا على الخامات المستوردة، لافتًا إلى أن تخفيض الجنيه سيعمل على زيادة أسعار الخامات المستوردة وارتفاع تكلفتها، بما قد يتسبب في ارتفاع أسعار المنتجات وزيادة الأعباء الملقاة على عاتق الصناعة المصرية . وأشار إلى ضرورة أن يقوم البنك المركزي بتدبير العملة لهذه الصناعات لاستيراد الخامات اللازمة للإنتاج حتى لا تنهار، موضحًا أنه رغم التداعيات السلبية المحتملة للصناعة المصرية، إلا أن ذلك الانخفاض قد يحسن من وضع الصادرات المصرية خلال الفترة المقبلة ويجعلها قادرة على المنافسة بالأسواق الخارجية . واقترح الجبلي أن يتم تشكيل مجموعة عمل مشتركة بين القطاع المصرفي والمجتمع الصناعي للتباحث حول آليات تدبير التمويلات والسيولة الدولارية المطلوبة لاستكمال المشروعات الصناعية وكذلك لتحسين قدرات الصادرات المصرية. “المشروعات القومية “ أكد د. جمال محرم، رئيس غرفة التجارة الأمريكية السابق، على أهمية الاجراءات التي يتخذها البنك المركزي حاليًا والمتمثلة في التخفيض التدريجي لسعر الجنيه لتنشيط حركة الاستثمار، مشيرًا إلى أن تلك الإجراءات ستزيد من درجة جاذبية الاقتصاد المصري أمام المستثمرين وخاصة في المشروعات العملاقة التي تعكف الدولة تنفيذها خلال الفترة المقبلة . وقال “تخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار، ستساهم في خفض تكلفة الاستثمار في مصر مما يؤدي إلى زيادة عدد المشروعات الاستثمارية ، ويعد القطاع السياحي أكثر القطاعات استفادة من تلك السياسات في ظل تكرار شكوى العاملين بالقطاع من ارتفاع تكلفة السياحة بمصر خلال الفترات الماضية” . وأضاف أن قطاع التصدير أيضًا سوف يستفيد من تخفيض العملة وذلك من خلال انخفاض التكلفة خاصة إذا اعتمد على المواد الخام المحلية مما يقلل من أسعار منتجاته وتزيد تنافسيته مع الدول الأخرى . ولفت محرم إلى أن نمو الاقتصاد لا يتعلق فقط بتعويم الجنيه، بل يحتاج إلي عدد من الخطوات الأخرى تتعلق بترشيد استهلاك المواد البترولية من غاز وسولار والسلع الاستفزازية لتوفير العملة في السوق المحلية . وشدد على ضرورة أن تتماشى تلك السياسات مع عمل زيادة بمؤشرات الإنتاج وتشجيع الصناعة وإزالة كافة المعوقات التي تقف في سبيل نموها، مع إيجاد بدائل للمنتجات التي يتم استيرادها . أوضح المهندس علاء السقطي، رئيس جمعية شباب أعمال المدن الصناعية للصناعات الصغيرة والمتوسطة، أن ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه يعد ركيزة إيجابية تؤهل مصر لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وذلك رغم آثاره السلبية على الاقتصاد بشكل عام. وأشار إلى أن انخفاض سعر صرف الجنيه أمام أسعار صرف العملات الأجنبية بشكل عام، وسعر صرف الدولار بشكل خاص، يمهد لبيئة جاذبة للاستثمار الأجنبى، لانخفاض تكلفة الاستثمار والإنتاج والأجور والمرتبات التى يتم دفعها بالعملة المحلية وليس بالدولار. وأضاف السقطي أن ارتفاع سعر الدولار يمثل ميزة نوعية للمصدرين إذ يمنحهم سعر العملة المحلية المنخفض ميزة تنافسية بالأسواق الخارجية. وأوضح أنه مع ارتفاع أسعار المنتجات التي سيدخل بها المكون الخارجي، ستتراجع أسعار المنتج المصري الخالص المعتمد بشكل كامل على العملة المحلية وبالتالي سيكون له جاذبية واسعة في الأسواق المختلفة، واستغلال ذلك من شأنه تشجيع الصادرات المصرية، وجلب العملة الأجنبية، واستقرار أسعار السلع المحلية بما يحافظ على استقرار الأسواق المصرية. يرى محمود حلاوة، المدير الإقليمي لشركة نيسان مصر وشمال إفريقيا، أن أزمة الدولار الراهنة تمثل عائقًا كبيرًا أمام الشركات العالمية المتواجدة بالسوق المحلية خاصة فيما يتعلق بشراء الخامات اللازمة لها، بما قد يصعب من تواجد تلك المشروعات العالمية بالمشروعات القومية التي تنفذها الدولة حاليًا . وأشار إلى أن تيسير حركة السيولة الدولارية للشركات ، يعد أحد أكبر الحوافز التي ينظر لها المستثمرين قبل اتخاذ قراراتهم الاستثمارية في أي دولة وهو الأمر غير المتوفر بالسوق المصرية حاليًا، منوهًا إلى أن هناك العديد من الشركات الكبيرة تتوجه حاليًا لإرجاء تنفيذ أية توسعات جديدة حتى يتم حل مشكلة الدولار الراهنة . ولفت إلى أن تلك السياسات ستنعكس سلبيًا على جمهور المستهلكين خلال الفترة المقبلة خاصة وأنها ستزيد من تكلفة عمليات التصنيع لاسيما بمجال صناعة السيارات والتي تعتمد بشكل كلي على صناعة التجميع والإستيراد، منوهًا إلى أن شركته قد ترجئ إجراء أية توسعات جديدة أو المشاركة في المشروعات القومية مثل محور قناة السويس لحين حل الأزمة الراهنة . المؤسسات الدولية تشيد بنتائج السياسة النقدية في مصر يأتي اتجاه البنك المركزي في الآونة الأخيرة لتخفيض قيمة الجنيه في مواجهة الدولار متماشيًا مع نصائح المؤسستين الماليتين الأبرز دوليًا، صندوق النقد الدولي والبنك الدولي فيما يخص بتبني سياسات مرنة لسعر الصرف، في ضوء ظروف اقتصادية محلية ودولية تدعو لذلك من وجهة نظريهما. خلال الزيارة الأخيرة لوفد صندوق النقد الدولي للقاهرة في منتصف الشهر الماضي، جددت المؤسسة الدولية دعوتها لتبني الإدارة المصرية سياسات مرنة لسعر الصرف؛ حيث قال كريس جارفيس، رئيس بعثة صندوق النقد الدولى لمصر، إن اتجاه البنك المركزي المصري لخفض سعر صرف الجنيه تدريجيًا أمام الدولار، يهدف إلى الحفاظ على الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية. وأوضح جارفيس أن سياسة سعر صرف أكثر مرونة تعزز القدرة التنافسية للاقتصاد، وتدعم الصادرات والسياحة، وتكون عامل جذب للاستثمار الأجنبى المباشر. ووفقًا إلى دراسة صادرة عن صندوق النقد الدولي، ذكر دانييل لي، نائب رئيس قسم إدارة البحوث في صندوق النقد الدولي، أن تخفيض سعر الصرف الحقيقي لعملة أي دولة بنسبة 10% يرفع صافي الصادرات الحقيقية بمتوسط 1.5% من إجمالي الناتج المحلي . وأشار ” الدراسة أكدت أن العلاقة لا تزال قوية بين تغيرات أسعار الصرف والتجارة، معتمدة في ذلك على متابعة نتائج العديد من الاقتصاديات المتقدمة والصاعدة في العالم خلال الثلاثة عقود الأخيرة، لافتة إلى أنه رغم استغراق ظهور تأثير تخفيض قيمة العملة على حجم الصادرات وقتًا طويلًا إلا أن قدرًا كبيرًا من هذا التأثير يظهر في العام الأول للتخفيض . وأوردت الدراسة تحركات أسعار الصرف خلال الفترة الأخيرة حيث ارتفع سعر صرف الدولار بأكثر من 10% منذ منتصف 2014، بينما انخفض سعر اليورو بأكثر من 10% منذ بداية 2014 والين الياباني تراجع بأكثر من 30% منذ منتصف 2012، كما تشهد أسعار الصرف في عدد من الاقتصاديات الصاعدة والنامية تغيرات حادة . وأظهرت أن ارتفاع أسعار الدولار منذ نحو عامين مقابل تراجع أسعار الين الياباني واليورو ساهمت في إعادة توزيع للصادرات من الولايات المتحدة الأمريكية والاقتصاديات التي تتأثر عملتها بالدولار لصالح اليابان ومنطقة الاتحاد الأوروبي والاقتصاديات التي تتأثر عملتها بالين واليورو . ومن ناحية أخرى، قالت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، في مقال بعنوان “لماذا يتأكل الجنيه المصري” أن هشام رامز محافظ البنك المركزي استقال من منصبه بعدما أقدم البنك على خفض سعر العملة مرتين في أقل من اسبوع. وأشارت الصحيفة أن رامز واجه ضغوطًا متنامية جراء التدهور الأخير في احتياطي النقد الأجنبي والذي هبط من 36 مليار دولار في 2011 إلى 16.3 مليار دولار في سبتمبر الماضي. وتابعت “كما وقعت العملات في الأسواق الناشئة تحت وطأة ضغوط متنامية هذا العام حيث يتباطأ النمو العالمي ، ويتجه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى رفع أسعار الفائدة للمرة الأولى خلال عقد تقريبًا ومع ذلك فإن الظروف المحيطة بالجنيه لها خصوصيتها الشديدة”. وأكدت الصحيفة أن رامز واجه انتقادات من مجتمع الأعمال على خلفية التدابير التي اتخذها لمكافحة السوق السوداء، من بينها تحديد سقف العائدات الدولارية الشهرية، مما وضع حدًا لشراء المُورّدين العملة الصعبة من السوق السوداء وإيداع كميات كبيرة من النقود في البنك لتمويل أنشطتهم التجارية. وأشار محللون بالفايننشال تايمز ، إلى أن الوصول المقيد إلى العملة الاجنبية عرقل النمو وأن التراجع السريع نوعًا ما في العملة سيلعب دورًا إيجابيًا، موضحين أنّ خفض سعر العملة خطوة مُبَشّرة في ظل الوضع الراهن نظرًا لأنه يعزز السيولة ويساعد مصر على جذب مزيد من رؤوس الأموال. ونقلت الصحيفة عن فوميليل مبيو من مصرف “ستاندارد بنك” قوله إن الحكومة المصرية تحاول الموازنة بين تحقيق نمو اقتصادي سريع والمحافظة في الوقت ذاته على الاستقرار في الاقتصاد الكلي والظروف الاقتصادية والاجتماعية في البلاد عبر خفض سعر الجنيه ولكن بوتيرة بطيئة جدا”. وتابع مبيو إن التراجع المستمر في احتياطي النقدي الأجنبي لمصر خلال العام الجاري يشير إلى الهشاشة الواضحة لميزان المدفوعات، ولعل المشكلة التي قد تنجم عن الخفض السريع في قيمة الجنيه هو أنه قد يرفع مستويات التضخم وبوتيرة سريعة، مما يعرقل أي تأثير إيجابي ناتج عن تقليل كلفة الصادرات اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/c30p