يسعى البنك المركزي المصري، بالتعاون مع الحكومة والقطاع المصرفي، إلى تعزيز الموارد الدولارية بالدولة من خلال زيادة حجم تحويلات المصريين العاملين بالخارج والتى تعتبر مصدر رئيسي من مصادر النقد الأجنبي.

وتمكن المركزي من تحقيق هذا الهدف من خلال توحيد سعر الصرف لترتفع تحويلات المصريين بنسبة 86.8% وذلك بفضل الإجراءات الفنية والتى شملت توسيع نطاق شبكة مكاتب الصرافة والبنوك الخارجية وتحسين إجراءات ربطها مع البنوك المصرية.

و لعبت أيضاً الإجراءات الإصلاحية التي اتخذها البنك المركزي منذ مارس الماضي، دورًا بارزًا في عودة تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى قنواتها الشرعية بعد شهور من تداولها خارج القنوات الرسمية، لتواصل صعودها للشهر الخامس على التوالي، بمعدل 86.8% خلال شهر يوليو 2024 لتسجل نحو 3 مليارات دولار مقابل نحو 1.6 مليار دولار خلال يوليو 2023.

كما ارتفعت التحويلات بمعدل 15.9% مقارنة بشهر يونيو 2024 والتي سجلت خلاله نحو 2.6 مليار دولار، وبذلك سجلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال الشهور السبعة الأولى من العام الحالي (يناير- يوليو 2024) زيادة بمعدل 32.4% لتصل إلى نحو 15.5 مليار دولار، مقابل نحو 11.7 مليار دولار خلال ذات الفترة من العام السابق.

ونمت تحويلات المصريين العاملين بالخارج، بمعدل 61.4% خلال الفترة من أبريل إلى يونيو 2024 مسجلة نحو 7.5 مليار دولار مقابل نحو 4.6 مليار دولار خلال الفترة المناظرة، وهو أعلى مستوى منذ الحرب الروسية الأوكرانية، كما ارتفعت التحويلات خلال شهر يونيو 2024 وذلك للشهر الرابع على التوالي بمعدل 65.9% لتسجل نحو 2.6 مليار دولار، مقابل نحو 1.5 مليار دولار خلال شهر يونيو 2023.

وكشف البنك المركزي، أن التحويلات ارتفعت بأكثر من الضعف عن ما حققته قبل الإجراءات الإصلاحية التي تم اتخاذها في 6 مارس 2024، حيث اقتصرت في فبراير 2024 على نحو 1.3 مليار دولار.

واتخذ البنك المركزي، في مارس الماضى عددًا من الإجراءات أبرزها السماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقاً لآليات السوق، حيث يعتبر توحيد سعر الصرف إجراءً بالغ الأهمية، لمساهمته فى القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي في أعقاب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمي والموازي.

وقررت لجنة السياسة النقدية حينها، رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.75%.

وأكد البنك المركزي، على التزامه بالحفاظ على استقرار الأسعار على المدى المتوسط، وتحقيقاً لذلك، يلتزم «المركزي» بمواصلة جهوده للتحول نحو إطار مرن لاستهداف التضخم، وذلك من خلال الاستمرار في استهداف التضخم كمرتكز اسمى للسياسة النقدية.

ووصلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى ذروتها خلال العام المالى 2021/2022 لتسجل 31.9 مليار دولار بنسبة ارتفاع قدرها 1.6%، قبل أن تتراجع إلى 22.1 مليار دولار خلال عام 2022 / 2023 بنسبة انخفاض قدرها 30.8%.

وحول السبب الرئيسى وراء تراجع تحويلات المصريين بالخارج بشكل ملحوظ خلال العام الماضي يرجع بالأساس إلى اتساع الفجوة بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف في السوق الموازية،هذا الفارق شجع الكثير من العاملين بالخارج على اللجوء إلى السوق الموازية لتحويل أموالهم والاستفادة من الفرق الكبير في الأسعار، مما أدى إلى تراجع ملحوظ في حجم التحويلات عبر القنوات الرسمية.

وبفضل حزمة الإصلاحات الاقتصادية التى اتخذها البنك المركزي، بدأت تحويلات المصريين العاملين بالخارج فى العودة مرة أخرى إلى مستوياتها القياسية، وهو ما تدلل عليه أرقام التحويلات والتى ارتفعت للشهر الرابع على التوالي خلال يونيو 2024.

ويصل عدد المصريين العاملين في الخارج إلى حوالي 14 مليون عامل، معظمهم يعمل في دول الخليج، وتعتبر السعودية أكبر سوق عمل للمصريين، حيث يعمل بها أكثر من 2.5 مليون مصري،وتليها الإمارات والكويت، حيث يعمل في كل منهما حوالي 600 ألف مصري، حسب وذلك بحسب تصريحات وزيرة الهجرة.”

جهود البنوك لتعزيز تحويلات العاملين بالخارج

و تلعب البنوك دورًا محوريًا في استقبال التحويلات المالية التي يرسلها المصريون العاملون في الخارج، حيث تعتبر هي الوجهة الرئيسية لهذه الأموال،وفي ظل هذا الدور الحيوي، تشهد البنوك منافسة قوية لتقديم حوافز مغرية لجذب أكبر قدر ممكن من هذه التحويلات، وذلك من خلال تيسير إجراءات التحويل وتخفيض الرسوم المستحقة وتوفير أسعار صرف ملائمة للحوالات بالجنيه المصري.

البنك الأهلي المصري

استمرارًا لريادة البنك  الأهلي وسعيه الدائم في تقديم أفضل وأسرع الخدمات المصرفية لكافة عملاء الجهاز المصرفي خارج وداخل مصر، ودعم الوعي المصرفي والتحول الرقمي وتوجيه المجتمع إلى مجتمع أقل اعتمادًا على النقد، تعزيزًا لإستراتيجية الشمول المالي، وإيمانًا بدوره الإستراتيجي في نمو الاقتصاد المصري، يقدم البنك تيسيرات عديدة وخدمة متطورة لاستقبال الحوالات الواردة من الخارج

فيتيح البنك استقبال الحوالات الإلكترونية الواردة من خارج مصر لصالح حسابات العملاء بالجهاز المصرفي داخل مصر لحظيًا على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع وخلال العطلات الرسمية من خلال شبكة الوكلاء والمراسلين لدى البنك.

ويمكن للعملاء من خلال تلك الخدمة إمكانية إضافة الحوالة الإلكترونية التي ترد من الخارج بالعملة المحلية لصالح أي حساب بنكي أو بطاقة بنكية أو محفظة إلكترونية لعملاء الجهاز المصرفي بجميع البنوك المحلية العاملة داخل جمهورية مصر العربية.

كما توفر الخدمة الاستفادة أيضًا من أفضل الأسعار المطبقة وخدمات متابعة التحويلات لحظياً من خلال زيارة موقع البنك، مضيفةً أن تلك الخدمة ستمنح نفس الميزة المقدمة لعملاء البنك الأهلي المصري من حيث إمكانية سحب تلك التحويلات من خلال ماكينات ATM لتلك البنوك المحلية في أي وقت على مدار 24 ساعة، إضافة إلى إتاحة نفس الميزة لجميع المحافظ الإلكترونية.

وأعلن البنك الأهلى المصرى مؤخراً عن مد مواعيد عمل بنحو 31 فرعًا، بهدف إتاحة استبدال العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصرى لجميع المقيمين بجمهورية مصر العربية بكل سهولة.

بنك مصر

واطلق بنك مصر مبادرة لتشجيع تحويلات المصريين بالخارج  حيث قام بإعفاء كافة تحويلات الأموال الواردة عن طريق مراسليه بدول الخليج من أى رسوم أو عمولات دون التحويلات الواردة بالسويفت حتى نهاية أغسطس الماضي.

ويتيح بنك مصر أيضاً  نظام لتحويل الأموال عبر الإنترنت بشكل آمن وسريع، مع الإخطار الفوري عبر إرسال رسائل قصيرة لهاتف المستفيد، حيث يتيح البنك استلام الحوالة بالجنيه المصري أو الدولار الأمريكي، إضافة إلى إصدار كارت «حوالتي» لتلقي الحوالات مع إتاحة صرف الحوالات أيام الجمعة والسبت والعطلات الرسمية من خلال فروع محددة، مع توفير مزيد من خيارات استقبال الأموال بما في ذلك حساب الإنترنت البنكي ومحافظ الهاتف المحمول والبطاقات مسبقة الدفع وأجهزة الصراف الآلي.

و يتيح بنك مصر استلام التحويلات من خلال شبكة أيباج ويسترن يونيون المتواجدة في فروع بنك مصر، أو من خلال “موني جرام” ، ويمتلك البنك شبكة مراسلين بدول الخليج والتي تضخ 6 مراسلين بالمملكة العربية السعودية، و8 مراسلين بالإماراتالعربية المتحدة، و6 مراسلين بالأدرن، و10 مراسلين بقطر، و10 مراسلين بدولة الكويت، و 2 بسلطنة عمان.

وأعلن بنك مصر مؤخراً أيضاً، عن إتاحة خدمة استبدال العملات الأجنبية بعد مواعيد العمل في 52 فرعا من شبكة فروعه، وذلك من الساعة الخامسة وحتى الساعة التاسعة مساءً.

بنك القاهرة

وفى إطار التيسير على المصريين فى الخارج لإرسال التحويلات الخاصة بهم إلى ذويهم داخل مصر عبر فروع بنك القاهرة بكل أنحاء الجمهورية ودعم النمو الاقتصادي من خلال زيادة التدفقات النقدية الأجنبية، أبرم بنك القاهرة وشركة «أيباج» لخدمات تحويل الأموال، الوكيل الرسمى لشركة ويسترن يونيون العالمية فى مصر، عقد شراكة  لإطلاق المرحلة الأولى من خدمات الشركة من خلال 20 فرعا من فروع بنك القاهرة وإتاحة استقبال صرف التحويلات الواردة بالدولار وبالجنيه المصرى.

وتستهدف الشراكة جذب واستقطاب شرائح جديدة من العملاء من كل فئات المجتمع لدعم مبادرة الشمول المالى وتنويع مصادر العملة الأجنبية داخل القطاع المصرفى.

ويأتي إطلاق خدمة صرف حوالات شركة ويسترن يونيون عن طريق فروع البنك فى إطار جهود البنك المتواصلة لزيادة حجم تحويلات المصريين العاملين بالخارج والتى تتماشى مع توجيهات البنك المركزى المصرى نحو دمج قطاع التحويلات غير الرسمية إلى القطاع المصرفى وتعزيز الشمول المالى.

بنك الإسكندرية

أعلن بنك الإسكندرية عن طرح باقة متكاملة من خدمات الحوالات السريعة المتطورة، والتي تتيح للمصريين المقيمين في الخارج إرسال الأموال إلى ذويهم في مصر واستلامها في غضون دقائق بطرق سهلة وآمنة ، من خلال شبكة واسعة من شركاء الحوالات السريعة للبنك، وذلك بالعملتين، الدولار الامريكي والجنيه المصري، مع توفير أسعار صرف تنافسية للحوالات بالجنيه المصري.

تحويلات المصريين الداعم الأكبر لإيرادات مصر من العملة الصعبة

وتستهدف الحكومة المصرية زيادة نمو تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنسبة 10% سنويا خلال 6 سنوات قادمة لتصل إلى 53 مليار جنيه في 2030، ولتحقيق هذا الهدف تخطط الحكومة لتأسيس شركات وصندوق استثمار لتعزيز فرص استثمار مدخرات المصريين العاملين بالخارج وجذب تدفقات من مستثمرين أجانب، بحسب ما جاء في وثيقة حديثة صادرة من مجلس الوزراء بعنوان: “أبرز التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصري للفترة الرئاسية الجديدة 2024-2030”.

وتأتي زيادة حصيلة تحويلات المصريين العاملين بالخارج ضمن موارد نقد أجنبي مستهدف جمعها تتجاوز 300 مليار دولار من السياحة والصادرات وقناة السويس والاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال فترة 2024-2023، بحسب الوثيقة الصادرة من مجلس الوزراء.

وكانت الحكومة أعلنت تفاصيل 4 مبادرات طموحة لتحقيق مستهدفات نمو تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال 6 سنوات، تتضمن، تبنى الحكومة سياسات تتيح فتح أسواق عمل خارجية جديدة لنحو مليون مصري في مجالات يتزايد الطلب عليها، من ضمنها الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الحيوية، وخدمات تكنولوجيا المعلومات، والتمريض، وذلك في ضوء تقديرات تفيد بوجود فجوة بنحو 100 مليون فرصة عمل في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية حتى 2040.

وتشمل المبادرات، طرح صندوق استثماري برأس مال مليار دولار بوحدات قابلة للاكتتاب من قبل المصريين العاملين بالخارج للاستثمار في محفظة من الأصول المملوكة للدولة عالية الجاذبية والعائد، في ضوء استراتيجية تعظيم مواردها من النقد الأجنبي.

كما تعكف الحكومة على تأسيس شركة لاستثمار مدخرات المصريين العاملين بالخارج برأسمال مليار دولار، للاستثمار في عدد من القطاعات الإنتاجية والخدمية ذات الأولوية وفق المستهدفات القومية.

كما تسعى لتأسيس شركة لتصدير العقار-تأجير وتملك الوحدات السكنية- بالنقد الأجنبي للمستثمرين الأجانب والمصريين العاملين بالخارج بعائدات متوقعة ما بين 2 إلى 3 مليارات دولار وسيحصل المستفيدين الأجانب في المقابل على إقامة لمدة 5 سنوات (Green card).

وفي هذا الصدد، قال محمد عبد العال، الخبير المصرفي، إن زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج يرجع بشكل رئيسي إلى قرارات البنك المركزي الأخيرة وعلى رأسها تحرير سعر الصرف في مارس الماضي واختفاء السوق الموازية، الأمر الذي أدى إلى تحول الحوالات إلى حسابات العملاء عبر شرايين الجهاز المصرفى.

لفت إلى أن السياسة النقدية المتشددة ورفع أسعار الفائدة أتاح للبنوك استحداث منتجات جاذبة للمصريين العاملين بالخارج من حيث التنوع وتميز الأسعار، فضلاً عن العامل النفسي الإيجابي الذي أضفته صفقة رأس الحكمة على كل مؤشرات الاقتصاد القومى بما فيها التحويلات.

أضاف «عبد العال» أن استمرار تدفق التحويلات يتطلب الالتزام بمرونة سعر الصرف وتركه لقوى العرض والطلب، والتوجه إلى استخدام نظم وتطبيقات تكنولوجية وخدمات إلكترونية لتسهيل وتسريع عمليات التحويل بتكاليف أقل، مع الاستمرار فى ابتكار حوافز ومبادرات من الحكومة والقطاع المصرفي لتقديم حزم متنوعة من المنتجات التي تهم العاملين في الخارج.

وأكد الخبير المصرفي على أن عودة تحويلات المصريين العاملين فى الخارج إلى القنوات الشرعية يشير إلى أنه تم القضاء على السوق الموازية عبر توحيد أسعار الصرف، وأن بشائر عودة التحويلات كأحد أهم مصادر النقد الأجنبى وثانی أکبر مصدر بعد الصادرات، مما يدفع الحكومة إلى الاهتمام بها لتعود إلى تسجيل الأرقام المتوقعة.

أشار إلى أن عودة التحويلات إلى أرقامها الطبيعية ستحفز البنوك المصرية للعمل على جذب حصص منها والتنافس على ذلك ويحسن الأمر لصالح البنوك التي ستتميز في التطبيقات الإلكترونية.

من جانبه، قال ماجد فهمي، رئيس بنك التنمية الصناعية الأسبق، إن زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج تعكس ثقة المؤسسات الدولية في استقرار الاقتصاد المصري، على الرغم من الأزمات، وتظهر ثقة المصريين المقيمين بالخارج في الاقتصاد المصري.

وأكد على أن زيادة قيمة تحويلات المصريين بالخارج تعد مؤشرًا إيجابيًا على صحة الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى أن جذب مزيد من التحويلات الدولارية من المصريين العاملين بالخارج للاستثمار في هذا القطاع هو هدف الفترة المقبلة.

وحول مقترحاته لزيادة تحويلات العاملين بالخارج، أشار «فهمي» إلى ضرورة حث المصريين فى الخارج على استثمار مدخراتهم فى مصر وليس فقط تحويلها، وذلك عبر آليات استثمارية واضحة على مستوى القوانين والحوافز، إضافة إلى التعريف بالفرص للمصريين بالخارج.

أضاف أنه يمكن للبنوك تقديم حوافز للمصريين العاملين فى الخارج عبر عدد من الآليات، تتمثل فى ضرورة توفير خدمات مصرفية متخصصة مثل إطلاق حسابات مصرفية خاصة تلبى احتياجاتهم وحسابات دولارية بعوائد، وحسابات التحويل الدولى بأسعار تنافسية، وإجراء التحويلات المالية بعمولات منخفضة وإجراءات بسيطة لتسهيل عمليات التحويل بين الخارج ومصر.