أعمده ومقالات الميّه تروى العطشان بواسطة مفيد فوزى 27 أكتوبر 2019 | 10:08 ص كتب مفيد فوزى 27 أكتوبر 2019 | 10:08 ص النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 12 من ينسى محمد عبدالوهاب وهو «يبلبط» فى البانيو ويغنى «الميه تروى العطشان وتطفى نار الحرّان.. يا جمالها والحوض مليان وأنا عايم على وش الميه»؟! من ينسى هذه الدندنة حينما كانت الدنيا براح والخير كتير، ولم يدخل قاموس حياتنا بعد شىء اسمه الندرة المائية، ولم نعرف «سدودا» تسد وجه الشمس لدول أخرى جارة ومجاورة، وهل لو عاش موسيقارنا وامتد به العمر إلى الآن هل تجحظ عيناه دهشة مما يجرى على مياه نيل مصر؟ وهذا الصخب حول سد «النهضة» الإثيوبى وما سوف يقتطعه من حصة مصر باعتبارها إحدى دول المصب للنيل العظيم الذى غنى له عبدالوهاب «مسافر زاده الخيال.. والسحر والعطر والظلال». وغنت له أم كلثوم من كلمات أحمد شوقى «من أى عهد فى القرى تتدفق، وبأى كف فى المدائن تغدق؟»، تلك أدبيات فى حب النهر العظيم، أدبيات ساكنة فى وجدانه، قل إنها من ثوابته وتراثياته، وما «وفاء النيل» إلا حفل من طقوسه. جاء الزمن الذى يحاولون فيه تعطيش الإنسان والنبات والحيوان، جاء الزمن الذى صاروا أوصياء على النهر الخالد الذى يمنح مصر النماء على ضفتيه، جاء الزمن الذى انعقدت اجتماعات واجتماعات ومؤتمرات ومؤتمرات وقَسَم بالعيش والملح ولكن هذا كله لا يخفى حقيقة أن هناك فى حصة مصر مشكلة ما، ولأننا لسنا مدربين على التفكير المستقبلى أجلنا النظر فيه، فنحن آفتنا التفكير تحت أقدامنا، نحن أسرى اللحظة وهم أسرى الغد، آفتنا أننا نتحرك فقط حين تدق الكارثة على أبواب بيوتنا.. .. ولأول مرة يكتشف المصريون أن شح المياه قادم، وأن دولًا تمول سد النهضة الإثيوبى لتقفل حنفية الميّه فى بيتى وبيتك، وبدأت مصر تتحرك سياسياً وتخاطب ضمير العالم- إن كان له وجود- للوصول لاتفاق يرضى الأطراف الثلاثة، مصر وإثيوبيا والسودان! وبدأ المصريون يتفهمون الموقف، وإن تخاذل الإعلام المرئى حتى بات أنه من الأفضل أن يحكى نجم الكرة العالمى محمد صلاح كشخصية مؤثرة للمصريين عن الشح المائى القادم!! هناك مشكلة فى حصة مصر من نهر النيل يجب أن نواجهها من الآن، وحبذا لو كان من الأمس. 1- على المؤسسات الدينية فى مصر أن «تدعو لترشيد المياه». 2- أن المواطنة الحقة تناصر هذا الترشيد عن قناعة عقلية. 3- ربما لا يشعر هذا الجيل بشح المياه ولكن أحفادنا يقع عليهم. 4- دور الإعلام لا يُستهان به فهو مؤثر بصورة كبيرة. 5- العقول التى تملك الفكر المائى مطالبة بأفكار خارج الصندوق. 6- هذه حرب المياه التى كان الكاتب الراحل أنيس منصور قد تنبأ بها منذ سنوات ولم يأخذ أحد كلامه فى الحسبان. 7- لم نعلم بعد مدى تأثير «تغير المناخ» فى جفاف بحيرات وعطش شمل الأرض والإنسان! 8- اهتمامنا الإفريقى الذى قاده السيسى فى القارة السوداء نبهنا إلى المؤامرات وألعاب الغرف السوداء وجعلنا نفهم أصابع الشر المغروسة- بأجر- فى قلب إثيوبيا! 9- حتى الكنيسة المصرية الأرثوذكسية التى ترأسها مصر فى إثيوبيا، يحاولون فصلها عن الكنيسة الأم! 10- مصر تواجه أزمة مع دولة المنبع وسوف تتأثر حصتها حتمًا بحصتها المائية، ولهذا كان فى مصر- على مدى أيام- مؤتمر ضم شخصيات عالمية وإفريقية ذات وزن لإيصال صوتنا للعالم تحت مسمى عام «أسبوع المياه»، وهو مؤتمر يستفز الضمير العالمى لعدالة الحصة المقررة لمصر. 11- حين غنى محمد عبدالوهاب من داخل البانيو «الميه تروى العطشان» كنا بضعة ملايين، والآن بلغنا مائة مليون إنسان قابلة للزيادة دون أى محاولات مجتمعية للحد من هذه الكثافة!. ■ ■ ■ هذا الأسبوع حضرت الجلسة الافتتاحية لأسبوع المياه فى مركز المنارة، تعودت الاشتباك مع قضايا بلدى لأنى لا أكتب بالشوكة والسكينة! ولتخرج الهمهمة إلى المصارحة وأصغيت بكل جوارحى لوزير الرى والموارد المائية المصرى د. محمد عبدالعاطى، وهو رجل جاد ليس فى كلمته لغو وإنشاء أو سجع ومحسنات بديعية، بل حقائق وأرقام صادمة، قال الرجل كلاماً مهماً لا بد من التركيز عليه وإلا فاتنا القطار ووقفنا على رصيف العالم نستجدى العالم!. ■ الحديث عن قضية المياه فى مصر معناه قضية وجود تمثل أهم ركائز الأمن القومى المصرى، والحفاظ على استدامتها لاستفادة الأجيال المتعاقبة. ■ نواجه فى هذا الصدد الوصول إلى اتفاق عادل بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبى، ففى الوقت الذى ندعم فيه حق إثيوبيا فى التنمية والاحتياج للطاقة، فإننا نطالب بأن يكون هناك تفهم إثيوبى للاحتياجات المصرية من المياه، فقد سعت مصر منذ توقيع إعلان المبادئ فى مارس 2015 إلى اتفاق متكامل حول ملء وتشغيل السد. لكن المواقف الإثيوبية المتشددة حالت دون ذلك، وأظهر اجتماع الخرطوم فى 30 سبتمبر مدى اتساع الفجوة فى مواقف الدول بشأن ملء وتشغيل السدود. ■ دعت مصر إلى المطالبة بتدخل طرف رابع فى المفاوضات لتسهيل الوصول لاتفاق عادل يراعى مصالح الجميع، ولا يحقق ضررا جسيما بالمصالح المصرية. ■ إن مصر بلد صحراوى، وأكثر بلاد العالم جفافاً ويعبرها نهر النيل الذى يتركز حوله 95٪ من سكان مصر، البالغين مائة مليون. ■ نحن نعانى من فجوة مائية كبيرة، وقد تناقص نصيب الفرد من المياه عُشر نصيبه فى بدايات القرن العشرين، وتمثل التغيرات المناخية تحدياً آخر. ■ نحن نتبنى سياسات فاعلة وإدارة رشيدة لمواردنا المائية من مفهوم شمولى وتكاملى وبرامج توعوية لكل فئات المجتمع من أجل ترشيد استخدامها والحفاظ عليها. إن دولة مثل جنوب إفريقيا نضبت بحيرتها ووصلت إلى «اليوم صفر»، وتعرضت بحيرة تشاد سادس أكبر بحيرة على مستوى العالم إلى التدهور بسبب موجات الجفاف التى اجتاحت إقليم الساحل الإفريقى مما ساهم فى ظهور الجماعة الإرهابية بوكو حرام. ■ ■ ■ من الأمانة أن أقرر أن الدعوة لترشيد المياه لم تصل لكل الناس؛ فما زال «الهدر» مستمراً!. من الأمانة أن أقرر أن الدولة على أعلى مستوى، الرئاسة ووزاراتها، متشابكة مع هذا الحدث الذى يمس حياة المصريين فى مستقبل الأيام. من الأمانة أن أطالب بتحرك دبلوماسى يطوف العالم يشرح القضية بعدالة لنحصد دولاً تؤازرنا بعدالة. من الأمانة التوقف عند أصابع إسرائيل فى إفريقيا، وفى إثيوبيا على وجه التحديد. من الأمانة الدعوة إلى حملة توعوية تعامل المياه كسلعة هامة فى حياتنا وتغيير عادات وسلوكيات خاطئة فى أمور المياه، فهى قضية حياة. ملحوظة فلكلورية: هل تتحول أغانى عبدالوهاب وأم كلثوم عن النيل إلى «حفريات غنائية» تجلس على رف التراث ما دامت إسرائيل لها وجه إثيوبى؟!. اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/9a4v