أعمده ومقالات في اختلافهم رحمة بواسطة أحمد جلال 20 مايو 2019 | 1:33 م كتب أحمد جلال 20 مايو 2019 | 1:33 م النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 3 حفلت الصحف القومية والمستقلة على مدار الأسابيع الماضية بأخبار متتابعة عن شكوى وزيرى التعليم والصحة من عدم توفر الموارد الكافية لتطبيق برنامج إصلاح التعليم الأساسى الجرىء، الذى يقوده طارق شوقى، وقانون التأمين الصحى الشامل، الذى تقع مسؤولية تطبيقه على عاتق وزيرة الصحة هالة زايد. وتباينت ردود الأفعال، بين منتقد للطريقة التى عبر بها الوزيران عن شكواهما، والمكان الذى تم فيه ذلك (البرلمان)، وبين من تحيز صراحة لأحدهما أو كلاهما، بناء على قناعات مسبقة بأحقية هذين القطاعين فى التربع على قمة أولويات الإنفاق العام. خفتت حدة التعليقات فى الآونة الأخيرة ولا علم لى بما تم التوافق عليه مع وزير المالية، لكن بقى فى داخلى، على نحو ما، إحساس بالراحة لما جرى على الملأ. لماذا يمكن اعتبار هذا الخلاف ظاهرة حميدة؟ وهل كان من الممكن تجنبه؟ وبشكل أكثر عمومية، كيف تقرر الدول أولويات الإنفاق العام؟. بعيدا عن مدى توفيق الوزيرين فى التعبير عن أنفسهما، أرى جانبا حميدا للاختلاف، وهو حرص كل وزير على أداء مهمته بشكل جيد. وزير التعليم يقدم برنامجا جادا لإصلاح التعليم الأساسى، ويتعرض لانتقادات شديدة عند حدوث أى خلل فى التطبيق، لذا من حقه أن يطالب بالحصول على الموارد التى تمكنه من الوفاء بوعوده. بنفس المنطق، من حق وزيرة الصحة أن تطالب بالموارد التى تمكنها من تطبيق قانون التأمين الصحى الشامل، وله من الأهمية لجموع المصريين ما له. على الجانب الآخر، يسعى وزير المالية، عن حق، إلى الحد من تفاقم عجز الموازنة، وارتفاع الدين العام، ويعمل جاهدا على التوفيق بين أولويات يدعى الجميع أنها تستحق تخصيص الموارد اللازمة. الإشكالية إذن لم تكن فى اختلاف وجهات النظر، بل فى الطريقة التى حدثت بها، وأهم من ذلك فى كيفية تحديد أولويات الإنفاق العام. هل كان من الممكن تجنب هذه الاختلافات قبل وصول الموازنة إلى البرلمان؟ أظن ذلك، وأكاد أجزم أن الكثير من الخلافات التى لم نسمع عنها تم حسمها بتوافق الوزراء أنفسهم، أو بتدخل من رئيس الوزراء، على الأقل بناء على تجربتى فى وزارة المالية. ومع ذلك، يبدو أن التوافق لم يكن كاملا هذه المرة، وكان ذلك واجبا بحكم أن المسؤولية تضامنية بين أعضاء الحكومة. وكان من الضرورى أيضا الالتزام بنسب الإنفاق التى حددها الدستور لقطاعى التعليم والصحة، حتى ولو كان ذلك على حساب أوجه إنفاق أخرى. وأخيرا، قد يكون من المفيد مستقبلا أن تتبنى وزارة المالية ما يسمى «موازنات الأداء» حتى لا يغالى الوزراء فى مطالبهم. طبقا لهذه الآلية، تلتزم الوزارات ببرامج عمل محددة، وتلتزم وزارة المالية بتوفير الموارد المتفق عليها بناء على الإنجاز الفعلى على الأرض. هذه ليست فكرة جديدة، وقد حاول مدحت حسنين، وزير المالية الأسبق، أن يطبقها منذ عدة سنوات لكن التجربة لم تكتمل. بالنسبة لأسلوب تحديد أولويات الإنفاق العام بشكل عام، ما نعرفه أن المرشحين للوظائف العامة والمجالس النيابية فى الدول الناضجة سياسيا يعرضون على الناخبين تصوراتهم حول أولويات الإنفاق، التى عادة ما تعكس توجهاتهم الحزبية، محافظة أو تقدمية. بعد ذلك يأتى تصويت المواطنين ليعطى إشارة لما ترتضيه الأغلبية، ويقع عبء التخصيص الدقيق للموارد على عاتق ممثليهم فى البرلمان سنويا. فى المجتمعات التى لم تصل لهذه الدرجة من النضج السياسى، يغيب الإعلان عن برامج مدققة قبل الانتخابات، ويغيب التمثيل الحزبى المتنوع فى البرلمان، وتقع المسؤولية على أكتاف حكومات تكنوقراطية. كما فى مصر. الحل المرحلى فى هذه الحالة أن تناقش أولويات الإنفاق الحكومى فى منتديات عامة، وفى الإعلام، وبالطبع فى البرلمان، عل ذلك يجلب توافقا مجتمعيا مقبولا. عودة للخلاف بين الوزراء حول أولويات الإنفاق العام، وقد حظى بتغطية إعلامية واسعة، ليس لدى ما ألومهم عليه موضوعيًا. كما أرجو ألا يكون الخطأ فى طريقة التعبير وموقعه سببا فى التخلى عمن لديهم رؤية إصلاحية جادة. هذا لا يعنى ألا نعمل مرحليا على زيادة التشاور المسبق حول أولويات الإنفاق العام، ولا يعنى التخلى عن حاجتنا لحياة سياسية أكثر نضجا، فهذا هو السبيل الوحيد لحل خلافاتنا المجتمعية بشكل يحقق الصالح العام سلميًا. اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/5zhj