دائما ما يتم النظر إلى العلاقات المصرية الإماراتية، بالاستراتيجية ذات العمق المتأصل بتاريخ البلدين الكبيرين ، إذ تتطلع القيادة السياسية بالبلدين لمواصلة دفع التعاون المشترك على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية بما يعود بالنفع لكلا البلدين في ضوء المتغيرات الإقليمية والعالمية الأخيرة .

وكانت مصر من أوائل الدول التي دعمت قيام اتحاد دولة  الإمارات العربية المتحدة عام 1971، وسارعت إلى الاعتراف بها فور إعلانها، ودعمتها دوليًا وإقليمًيا باعتبارها ركيزة للأمن والاستقرار وإضافة جديدة لقوة العرب، لتمتد مسيرة التعاون المشترك بين البلدين لأكثر من 50 عاما اتسمت بالعمق ووحدة الهدف .

وشهدت العلاقات بين القاهرة وأبوظبي طفرة كبيرة منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي رئاسة البلاد عام 2014 ، الأمر الذي انعكست تداعياته على مؤشرات التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين ، إذ تعد الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري لمصر على المستوى العربي، كما تعد أكبر مستثمر عربي داخل البلاد والثالثة عالمياً برصيد استثمارات تراكمي يزيد على 28 مليار دولار.

ويقود التعاون الاقتصادي الذي يشمل العديد من القطاعات والمجالات الحيوية قاطرة العلاقات بين البلدين، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال عام 2022 نحو 4.9 مليار دولار مقابل 4.8 مليار دولار في 2021.

وتستحوذ الصادرات الإماراتية إلى مصر على النصيب الأكبر من هذا التبادل التجاري، وتتنوع بين وقود وزيوت معدنية ولؤلؤ ونحاس وأسماك.

بينما تصدر القاهرة إلى الإمارات أحجاراً كريمة وآلات وأجهزة كهربائية وملابس وفواكه وخضراوات ونباتات، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء المصري.

الاستثمارات الإماراتية

وعلى صعيد حركة الاستثمار،  تقدر قيمة الاستثمارات الإماراتية التراكمية في مصر ما يزيد على 28 مليار دولار، وسط تعهدات إماراتية بالوصول بقيمة الاستثمارات الإجمالية في مصر لنحو 35 مليار دولار بحلول عام 2027 ، عبر الدخول في مجموعة من المشروعات الجديدة، لاسيما بقطاعات العقارات والصناعات الغذائية، و قطاعات الجملة والتجزئة والنقل والتخزين والخدمات اللوجستية والقطاع المالي وأنشطة التأمين وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات .

وفي المقابل، تستثمر الشركات المصرية أكثر من 4 مليارات درهم في الإمارات (ما يعادل نحو 1.1 مليار دولار)، وتشمل مشاريعها كذلك القطاع العقاري والمالي والإنشاءات وتجارة الجملة والتجزئة.

ويتصدر قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الاستثمارات الإماراتية في مصر بنحو 55 شركة واستثمارات تبلغ 2 مليار دولار، والقطاع التمويلي الذي تبلغ استثماراته 1.700 مليار دولار و49 شركة مؤسسة.

ويأتي القطاع الإنشائي فى المرتبة الثالثة باستثمارات 814 مليون دولار بعدد شركات مؤسسة 118 شركة، ثم الاستثمارات الصناعية بعدد شركات مؤسسة 131 شركة واستثمارات 544 مليون دولار.

وتأتي الاستثمارات في القطاع الخدمي المرتبة الخامسة بإجمالي 343 مليون دولار و275 شركة، تليها الاستثمارات السياحية بعدد شركات مؤسسة 48 شركة باستثمارات 260 مليون دولار، وتحتل المرتبة السابعة والأخير الاستثمارات الزراعية بقيمة 129 مليون دولار.

تحويلات المصريين بالإمارات

وعلى صعيد حركة تحويلات المصريين المغتربين بالإمارات ، فقد ارتفعت قيمة التحويلات إلى نحو 3.5 مليار دولار خلال العام 2021-2022، مقارنة بنحو 3.4 مليار دولار خلال العام المالي 2020-2021، بنسبة زيادة بلغت نحو 3% وفق البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.

وفي المقابل، فقد بلغت قيمة تحويلات الإماراتيين العاملين في مصر نحو 35.8 مليون دولار خلال العام المالي 2021-2022، مقابل 39.1 مليون دولار خلال العام المالي 2020-2021 بنسبة تراجع بلغت نحو 8.4%.

كما وقعت البلدان اتفاقية هامة في سبتمبر الماضي لمبادلة العملة، الأمر الذي يتيح للطرفين مقايضة الجنيه المصري والدرهم الإماراتي بقيمة اسمية تصل إلى 42 مليار جنيه مصري و5 مليارات درهم إماراتي، بما قد يسهم إيجابا في تحقيق تطلعات وأهداف البلدين لمواصلة رحلة الشراكة الاستراتيجية والإنتقال بها نحو المزيد من النمو خلال الفترة المقبلة .