تكنولوجيا واتصالات قيادات «جوريلا تكنولوجي»: مصر على أعتاب نهضة رقمية مشابهة للهند ونعتزم استثمار 100 مليون دولار خلال 3 سنوات نستهدف تأسيس صندوق رأسمال مخاطر خلال 2025 لدعم رواد الأعمال المصريين بعد نجاح تجربتنا في 7 دول بواسطة دينا عبد الفتاح 30 مايو 2024 | 5:10 م كتب دينا عبد الفتاح 30 مايو 2024 | 5:10 م قيادات «جوريلا تكنولوجي» النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 141 في ظل العصر الرقمي الذي نعيشه اليوم مع تسارع وتيرة التطور التكنولوجي، تواجه كافة الدول والمؤسسات بمختلف المجالات عدداً لا يحصى من التحديات رغم تنامي الفرص، على رأسها تهديدات الأمن السيبراني، و بالتزامن مع التوجه العالمي نحو التحول الرقمي أصبح الأمن السيبراني والتقني وحماية البيانات والمعلومات أولية قصوى خلال الفترة الأخيرة، وهو ما دفع الدول للبحث عن تدابير قوية للأمن السيبراني لحماية أصولها وبيانات عملائها والسلامة العامة لاقتصادها. جوريلا تكنولوجي Gorilla Technology المتخصصة في بيانات الفيديو والتحليلات التقنية والأمن السيبراني، أحد الشركات البارزة في تخصصها ، والتي اتخذت من مصر مركز إقليميًا، استنادًا على 3 مقومات رئيسية تتمثل في جودة الموارد البشرية خاصةً في مجال التكنولوجيا، وثانيها التحول الرقمي الذي تركز عليه الحكومة المصرية بشكل كبير وجهودها نحو تحديث بنيتها التحتية وتطوير الخدمات الإلكترونية، أما العامل الثالث فهو موقع مصر الإستراتيجي، الذي يجعل الدولة مركزًا إقليميًا للتواصل والتجارة، وبفضله يمكن لمصر أن تلعب دورًا رئيسيًا في ربط أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع بقية العالم. إقرأ أيضاً بي بي: الذكاء الاصطناعي يسهل تحديد أماكن العمل البترولي واسترجاع الغاز الضرائب: نعمل على إعداد المزيد من الحزم التحفيزية لدعم الاستثمار لدعم وتحسين الخدمات المصرفية.. الذكاء الاصطناعي يشعل المنافسة بين البنوك «أموال الغد» التقت مع قيادات «جوريلا تكنولوجي»، لاستعراض استراتيجيتهم بالسوق المصرية وملامح خطتهم لضخ استثمارات بقيمة 100 مليون دولار على مدار السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، مؤكدين أن قرارهم جعل مصر مركزًا إقليميًا للشركة لم يعتمد فقط على تجربتهم مع الحكومة المصرية، بل على تقييم شامل للعديد من العوامل التي تجعل مصر وجهة استثمارية واعدة، لافتين إلى أن الشركة لديها نشاط قوي في دعم الابتكار بالبلاد، و تخطط لتدشين مركز للابتكار بالتعاون مع تيمز فريبورت البريطانية. جاي تشاندان، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لـ«جوريلا تكنولوجي»، والدكتور راجيش ناتاراجان، كبير مسؤولي قطاع الابتكار، تحدثا في حوار خاص عن إستراتيجية الشركة في السوق المصرية وأبرز القطاعات التي ستركز عليها خلال المرحلة المقبلة، إضافة إلى تعاون الشركة الطموح مع الحكومة المصرية بهدف دعم الاقتصاد القومي وتحقيق التنمية المستدامة. وكشف تشاندان عن إطلاق صندوق رأس مال مخاطر العام المقبل تموله «جوريلا» من ميزانيتها لدعم ريادة الأعمال والشركات الناشئة المصرية، متطرقًا إلى تجربته الإيجابية في التعاون مع الحكومة المصرية. فيما أشار الدكتور راجيش ناتاراجان، إلى أن «جوريلا» تتعاون حاليًا مع الحكومة المصرية لإنشاء بنية تحتية تُتيح لمؤسسات الدولة تبادل البيانات والمعلومات بشكل آمن عبر تنفيذ أول شبكة فجوة هوائية في مصر بقيمة 270 مليون دولار. وأكد أن إستراتيجية الشركة للتوظيف في مصر قائمة على مزيج من المواهب المحلية والعالمية، مضيفًا أنه كجزء من مركز الابتكار ستعمل الشركة على تطوير برامج تدريب داخلي فعالة لجذب الطلاب وتزويدهم بخبرة عملية حقيقية ضمن خطة أكبر تستهدف تدريب 100 ألف طالب بحلول عام 2030. في البداية، متى كانت انطلاقتكم في السوق المصرية، وما العوامل الرئيسية التي دفعتكم إلى اختيار القاهرة وجهة استثمارية؟ جاي تشاندان: كانت زيارتنا الأولى لمصر في أغسطس 2022، وأُبهرنا حينها كرم الضيافة وحرارة مشاعر شعبها، وزيارتي الحالية هي الرابعة منذ ذلك الحين، وبدأت رحلتنا العملية في السوق المصرية من خلال مشروع مع الحكومة، بعد أن نال مشروعنا موافقتهم، وشكّل حجر الأساس لتعاوننا المثمر، إذ حرصنا على التوسع بعد ذلك، فشاركنا في العديد من المبادرات المهمة في مختلف أنحاء البلاد، تاركين بصمة إيجابية تتخطى حدود المشروع الأول. ورغم سماعنا عن صعوبات ممارسة الأعمال قبل مجيئنا، فإن تجربتنا الخاصة كانت مغايرة تمامًا، إذ كان لدينا تجارب عديدة فيما يتعلق بالأعمال التجارية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك بعض الدول التي تواجه صعوبات كبيرة، لكن مصر- رغم أنها تواجه بعض التحديات- ليست من بين تلك الدول. لقد وجدنا في مصر بيئة داعمة ومحفزة للأعمال التجارية، وفي ظل الإمكانيات الهائلة التي تتمتع بها البلاد وجدنا أن لدينا الكثير من الفرص لتصبح مركزًا إقليميًا مهمًا لأعمالنا في المنطقة. التعاون مع الحكومة كانت خطوتكم الأولى في السوق المصرية.. كيف ساهمت هذه التجربة في تعزيز خططكم للتوسع في مجالات البنية التحتية التكنولوجية بمصر؟ جاي تشاندان: كان التعاون مع الحكومة المصرية بوابتنا الأولى لدخول السوق، في البداية واجهنا بعض التحديات، لكن سرعان ما أثبتت الحكومة أنها شريك منفتح على الحوار والتعاون، وأنا اعتبر تجربتنا مع الحكومة المصرية فريدة في نوعها مقارنة بتجاربي مع حكومات أخرى حول العالم، فقد تعلمتُ الكثير من المسؤولين المصريين، واكتشفتُ عمق فهمهم وخبرتهم في مجال عملهم. وحرصنا على العمل مع الحكومة في مصر في رحلتها نحو التحول الرقمي من خلال تقديم حلول متكاملة ساهمت في تحقيق أهدافها الإستراتيجية، وهذا التعاون كان مثمرًا للغاية بالنسبة لنا، ولم يقتصر تعاوننا مع الحكومة على مشروع واحد، بل امتد ليشمل العديد من المبادرات الأخرى، ومع تقدمنا في العمل معهم، تأكدنا من ذكائهم وفهمهم العميق لاحتياجاتهم، ورغبتهم الحقيقية في التعاون البنّاء. ما العوامل التي ساهمت في قراركم جعل مصر مركزًا إقليميًا لشركتكم، وهل تجربتكم مع الحكومة المصرية من بينها؟ جاي تشاندان: تجربتنا الإيجابية مع الحكومة المصرية كانت أحد الأسباب بالتأكيد، لكن هناك ثلاثة عوامل رئيسية وراء قرارنا بجعل مصر مركزًا إقليميًا لشركتنا، أولها جودة الموارد البشرية، فقد فوجئنا بمستوى الخريجين المتميزين في الجامعات المصرية، خاصةً في مجال التكنولوجيا، وعندما اخترنا بعض هؤلاء الطلاب بعناية، أدركنا مدى تفوقهم، إذ تخرج مصر ما بين 75 إلى 80 ألف شخص متخصص في مجال التكنولوجيا كل عام، و750 ألف خريج في جميع المجالات يتمتعون بمهارات عالية ومؤهلات ممتازة، ما يجعلهم قوة عاملة قوية وفعّالة. والعامل الثاني يتمثل في التحول الرقمي، وهو السبب الأكثر أهمية، إذ تركز الحكومة المصرية بشكل كبير على التحول الرقمي، وتبذل جهودًا كبيرة لتحديث بنيتها التحتية وتطوير الخدمات الإلكترونية، إذ يُعد هذا التوجه الحكومي عاملًا مهمًا لجذب الاستثمارات الأجنبية، ويشكل فرصة كبيرة للشركات مثل شركتنا للمشاركة في هذا التطور. أما العامل الثالث، فهو موقع مصر الإستراتيجي، إذ تتمتع مصر بموقع جغرافي متميز يجعلها مركزًا إقليميًا للتواصل والتجارة، وبفضل موقعها، يمكن لمصر أن تلعب دورًا رئيسيًا في ربط أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع بقية العالم، لذلك، فإن قرارنا جعل مصر مركزًا إقليميًا لشركتنا لم يعتمد فقط على تجربتنا مع الحكومة المصرية، بل على تقييمنا الشامل للعديد من العوامل التي تجعل مصر وجهة استثمارية واعدة. أعلنتم عن تخصيص 100 مليون دولار للاستثمار في مصر.. ما الإطار الزمني لهذه الاستثمارات، وما أولوياتكم للاستثمار في السوق المصرية؟ جاي تشاندان: من المقرر تنفيذ استثماراتنا البالغة 100 مليون دولار في مصر على مدار السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، مع ترجيح إتمامها خلال ثلاث سنوات، إذ تهدف خططنا إلى إنشاء مركزين رئيسيين الأول للخدمات والثاني للتصنيع. فيما يتعلق بمركز الخدمات، نخطط لتوظيف المواهب المحلية وتدريبها، ونهدف لتوزيعهم لاحقًا للعمل في مشاريع داخلية وخارجية لمصر، أما مركز التصنيع، فنحن نولي اهتمامًا كبيرًا لهذا المجال، وأصبحنا ندرك الإمكانيات الهائلة التي تتمتع بها البلاد في هذا السياق، لكن السوق تركز على الأسعار بشكل كبير، لذا فإننا لا نستهدف بيع المعدات بأسعار مرتفعة لمجرد تحقيق الأرباح، بل نريد ابتكار حلول مخصصة للسوق المصرية قابلة للتصدير إلى الدول الأفريقية الأخرى، وهو ما يتمشى مع المستهدفات التي تحدث عنها الرئيس السيسي. على سبيل المثال تُتيح اتفاقية الكوميسا التي تضم 21 أو 22 دولة، مع توقعات بانضمام أكثر من 50 دولة أخرى خلال العام المقبل، لمصر إمكانية الوصول إلى سوق أفريقية ضخمة، وهذا ما جعلنا نطمح لأن نكون روادًا في دخول السوق الأفريقية الداخلية من خلال جعل مصر مركز تصدير لمكونات الأجهزة إلى أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمملكة المتحدة وأوروبا. وقعتم عقدًا هو الأكبر في تاريخ الشركة مع الحكومة المصرية بقيمة 270 مليون دولار.. ما المشروعات المستهدف تنفيذها بموجب هذا العقد؟ الدكتور راجيش ناتاراجان: هذا العقد يعد بمثابة إنجاز هائل لشركتنا وخطوة مهمة نحو تعزيز الأمن الرقمي في مصر، إذ إنه بموجب هذا الاتفاق سنبني أول شبكة فجوة هوائية في مصر «Air Gap Network»، التي من المقرر أن تربط جميع المرافق الحكومية بشبكة مركزية واحدة، تُتيح هذه الشبكة تبادل المعلومات بشكل آمن وفعّال بين مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية. ويأتي هذا المشروع في إطار الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية التي تجريها البلاد حاليًا، والتي يُعتبر التحول الرقمي جزءًا طبيعيًا منها، وهذا يفسر أيضًا سبب وجود العديد من الخريجين في مصر بخلفية في الأمن السيبراني أو الذكاء الاصطناعي، لذا تستهدف الحكومة المصرية إنشاء بنية تحتية آمنة تُتيح للمؤسسات تبادل البيانات والمعلومات بشكل آمن، لذا نعمل على بناء هذه الشبكة. كيف تُسهم مشاريعكم بشكل مباشر في تحقيق أهداف رؤية مصر 2030 للتحول الرقمي الشامل؟ الدكتور راجيش ناتاراجان: مشاريعنا تتوافق بشكل وثيق مع رؤية مصر 2030 للتحول الرقمي الشامل، والتي تتمثل إحدى أهم ركائزها في تبني الحكومة هذا التحول الرقمي، لذلك تستثمر الحكومة المصرية بالفعل بشكل كبير في هذا المجال. ونحن نرى أن عملنا مع الحكومة في بناء بنية تحتية آمنة لتبادل البيانات والمعلومات يُعد مساهمة أساسية في تحقيق هذه الرؤية، فمن خلال شبكة الفجوة الهوائية التي نقوم ببنائها، ستتمكن الحكومة من ربط جميع مرافقها بشكل آمن وفعال، ما يُتيح تبادل المعلومات بشكل سلس وتحسين كفاءة العمل بشكل كبير. نُدرك أنّنا لسنا أول مركز بيانات يتم إنشاؤه في مصر، فقد استثمرت الحكومة بالفعل في العديد من مراكز البيانات في إطار جهودها لتحسين الاتصالات العامة، ومع ذلك، تختلف مشاريعنا عن هذه المراكز من خلال تركيزها على الاتصالات الآمنة. شركة جوريلا تقدم مجموعة واسعة من الخدمات التكنولوجية.. فما أبرز القطاعات الاقتصادية التي تستفيد بشكل خاص من هذه الخدمات؟ جاي تشاندان: يشمل نطاق تأثيرنا جميع القطاعات الاقتصادية دون استثناء، إذ أصبحت التكنولوجيا والخدمات المبتكرة ضرورية لنمو وازدهار أي قطاع من الطاقة والصناعة إلى الزراعة والخدمات المالية والرعاية الصحية، ونحن نقدم حلولًا تقنية مخصصة تلبي احتياجات كل قطاع على حدة لتحسين كفاءتها وزيادة إنتاجيتها. كيف تقيّمون جهود الحكومة المصرية في مجال التحول الرقمي، على مستوى السياسات والتشريعات وأيضًا على مستوى المشروعات الرقمية الكبرى وإفساح المجال للقطاع الخاص؟ الدكتور راجيش ناتاراجان: نُثمن جهود الحكومة المصرية في مجال التحول الرقمي ونراها خطوات إيجابية في الاتجاه الصحيح، ونُؤكّد أن تشجيع الحكومة الخصخصة من خلال تسهيل مشاركة القطاع الخاص في مشاريع التحول الرقمي أحد أهم العوامل الداعمة لهذا التوجه، إذ إن مشاركة القطاع الخاص تُسهم بشكل فعال في تسريع وتيرة تبني التحول الرقمي، وتعزز من كفاءة وفعالية المشاريع المنفذة. ونحن نلاحظ أيضًا ازدهارًا قويًا في ثقافة الشركات الناشئة في مصر، ما يسهم في ظهور حلول مبتكرة تُعزز مسيرة التحول الرقمي، فلقد احتضنت حاضنات الأعمال في مصر أكثر من 200 مشروع، وأصبح حوالي 15 إلى 20 منها شركات رائدة في الوقت الحالي، وتلك الحاضنات تُتيح بيئة داعمة لنمو هذه الشركات وازدهارها. كما تسهم القوانين الجديدة التي تم طرحها، والتي تهدف إلى تعزيز سيادة البيانات والخصوصية وحماية البيانات، في خلق بيئة رقمية آمنة وموثوقة، ومن جانبنا نثق في أن الحكومة المصرية تعمل على معالجة جميع التحديات التي تواجه عملية التحول الرقمي، ونؤمن بأهمية استمرار التعاون بين جميع الجهات المعنية لضمان نجاح هذا المشروع الوطني. الحكومة المصرية تُظهر سرعة ملحوظة في تطوير البنية التحتية الرقمية والتشريعات الداعمة للتحول الرقمي.. ما التطورات الملموسة التي لاحظتها في هذا المجال خلال الفترة الماضية؟ جاي تشاندان: الحكومة سريعة ومتجاوبة بشكل كبير، وتواجه التحديات بشكل مباشر وتعمل على حلها بسرعة وكفاءة، وهذا النهج يُمكّن مصر من تحقيق رؤيتها الطموح في مجال التنمية. السرعة التي يتم بها تطوير البنية التحتية في مصر باهرة، فالعاصمة الإدارية الجديدة مثالٌ بارزٌ على قدرة مصر على إنجاز مشاريع ضخمة بسرعة فائقة، إذ ظهرت هذه المدينة في غضون أربع سنوات فقط، وهو إنجاز استثنائي يُقدّم نموذجًا فريدًا لقدرة مصر على تنفيذ مشاريع ضخمة بهذه السرعة، ولا يمكن لأي دولة أخرى فعل ذلك اليوم. ومع ذلك يجب الأخذ في الاعتبار أن السرعة وحدها ليست كافية لضمان النمو المستدام على المدى الطويل، فمن دون سياسات وتشريعات داعمة تُحفز النمو بالوتيرة نفسها، قد تُصبح هذه الطفرة العمرانية وصفة لكارثة. يسعدني أن أرى وعي المصريين بأهمية التوازن بين البنية التحتية والسياسات، وسعيهم جاهدين لترسيخ هذا التوازن، كما أُثني على دور صانعي القرار في دفع عجلة التغيير وتعزيز التنمية المستدامة في مصر. تمثل المدن الذكية واحدا من أهم مجالات الاستثمار وتحظى بتركيز كبير من أكبر المستثمرين في مصر، فما آفاق التعاون مع المطورين المحليين في هذا المجال؟ جاي تشاندان: في الوقت الحالي لدينا العديد من المناقشات النشطة مع عدد من الشركاء المحليين في هذا الإطار، وفي الواقع، مبادرات المدن الذكية عادةً ما تكون حكومية، فعندما تضع الحكومة حجر الأساس، نجد القطاع الخاص يتبع خطواتها دون تردد. ونشهد في مصر على وجه الخصوص نجاحًا باهرا في هذا المجال، ويعود ذلك بشكل كبير إلى رؤية الرئيس السيسي ورغبته الجادة في تحقيق هذا الهدف من خلال تعاون مثمر بين القطاعين العام والخاص. وعند الحديث عن المدن الذكية، لا بد من التأكيد على أن هذا المفهوم لا يقتصر فقط على تشييد بنية تحتية متطورة، بل إن جوهر المدن الذكية يكمن في التحول الرقمي الشامل الذي يطال مختلف جوانب الحياة، بدءًا من الاتصالات وصولًا إلى الخدمات العامة، فهذا التحول هو المحرك الأساسي لإيجاد بيئة حاضنة للنمو الاقتصادي والاجتماعي. فمثلًا مصر تمتلك 7 موانئ رئيسية، لا ينحصر تركيزنا فقط على بناء المزيد من الموانئ، بل نسعى جاهدين لإنشاء شبكة متكاملة تربط بين هذه الموانئ، إذ تعمل الحكومة المصرية بالفعل على ربط تلك الموانئ ببعضها البعض، ودمجها مع شبكات النقل العالمية، ولن تقتصر فوائد هذا المشروع على تسهيل حركة التجارة، بل ستنعكس إيجابًا على تنمية الصناعات المحلية إيجاد فرص عمل جديدة ووفيرة. وحاليًا الأمر تجاوز مفهوم المدن الذكية وتوسع ليصبح الهدف التحول إلى «دولة ذكية»، ويتمثل ذلك في ربط المدن الذكية ببعضها البعض، وتكامل أنظمتها الرقمية، ما يتيح بيئة وطنية مثالية للابتكار والنمو. والدولة الذكية لا تكتمل إلا بوجود مواطن ذكي، فمن خلال الاستثمار في التعليم والتدريب، يَسْهُل تمكين المواطنين من المهارات والمعارف اللازمة للمشاركة بفعالية في الاقتصاد الرقمي، وهذا يُسهم في خلق اقتصاد ذكي يُعزز التنمية المستدامة ويُحسّن جودة حياة المواطنين. ويعد هذا تغييرا جذريا، ونحن نشهد هذا النوع من التغيير في مصر الآن، وأعتقد أن الشعب المصري مؤهل للغاية لهذا التحول، وهو ما يجعل نموذج النمو الذي شهدته الهند ليصبح مركزًا رئيسيًا لتكنولوجيا المعلومات، لديه فرصة قوية لتطبيقه في مصر. فيما يتعلق بخطط التوظيف في مصر.. كيف تخطط “جوريلا” لتكوين فريقها هنا، هل ستعتمدون بشكل أساسي على توظيف المصريين فقط، أو ستفتحون المجال أمام خبراء من مختلف أنحاء العالم؟ جاي تشاندان: الاستعانة بخبراء أجانب أمر ضروري لنقل المعرفة ورفع مستوى مهارات الكوادر المصرية، فهذا يُعد ركيزة أساسية في رحلتنا لبناء مركز متميز للبحث والتطوير في مصر، وإننا نثق بقدرات الشباب المصري الواعدة، ونرى فيهم طاقات هائلة قابلة للتطوير، لكننا نؤمن أيضًا بأهمية التنوع، ونحتاج إلى خبرات من مختلف أنحاء العالم للمساعدة في بناء تقنيات حديثة ومتطورة، لذا، ستكون إستراتيجيتنا للتوظيف قائمة على مزيج من المواهب المصرية والعالمية. الدكتور راجيش ناتاراجان: مصر تشهد نموًا هائلًا مشابهًا لما حدث في الهند، والمستقبل يعتمد بشكل كبير على الاستثمار في تنمية مهارات المواطنين وتزويدهم بالتعليم والتدريب اللازمين، ومن هنا تأتي أهمية التعاون مع المصريين، فنحن في “جوريلا” نركز على توظيف المصريين وتطوير مهاراتهم، بدلاً من الاعتماد على المواهب الخارجية فقط، لأن ذلك لا يفيد النمو الاقتصادي للبلاد بأي شيء. لذا، كان من المهم جدًا لنا منذ البداية أن ننشئ قاعدة ثابتة جدًا هنا ونبني شركتنا بالتعاون مع المصريين، فهدفنا هو أن نترك بصمة إيجابية على المجتمعات المحلية التي نعمل بها، وأن نسهم في تنمية مصر بشكل عام، ونحن نستهدف تطبيق مبدأ «صنع في مصر، استخدم في مصر». ونؤكد التزامنا بهذا المبدأ ليس فقط من خلال تصنيع منتجاتنا في مصر، بل أيضاً من خلال توظيف وتدريب المواهب المصرية، ليكون الشعار الأساسي هنا «صنع في مصر بأياد مصرية». كيف تسهم “جوريلا” في تنمية بيئة الابتكار في مصر، وما المبادرات التي تشاركون فيها حاليًا في هذا السياق؟ جاي تشاندان: نحن نعمل في مصر منذ 18 إلى 19 شهرًا، ونشطون للغاية في دعم الابتكار، إذ إن أحد أهم جوانب عملنا هو نقل المعرفة من الخارج إلى مصر، من خلال تدريب وتطوير المواهب المحلية. ونركز أيضًا على دعم التصنيع، وجلب خبراء أجانب لتدريب المصريين ورفع مهاراتهم، فنحن نستهدف إيجاد بيئة عمل متوازنة، إذ يشعر الجميع بالأهمية، بغض النظر عن جنسيتهم أو خبرتهم. وقد عقدنا مؤخرًا لقاءً مثمرًا مع شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، ناقشنا فيه إنشاء مركز ابتكار، والعمل جارٍ حاليًا على وضع خطط هذا المركز على الورق خلال الأسابيع القليلة المقبلة، إذ إن بناء مركز للابتكار سيتم بالتعاون مع تيمز فريبورت «Thames Freeport» في المملكة المتحدة، وسيضم هذا المركز نخبة من خبراء «تيمز فريبورت» الذين سيُسهمون بشكل فاعل في نقل أحدث التقنيات إلى الاقتصاد المصري. المناهج الدراسية الجامعية تُعدّ عنصرًا مهمًا للغاية في إعداد خريجي الجامعات لسوق العمل، كيف ترون دور الجامعات في مصر فيما يتعلق بتلبية احتياجات سوق العمل المتغيرة؟ الدكتور راجيش ناتاراجان: عندما بدأنا عملنا في مصر، كان نهجنا يرتكز على استكشاف المبادرات القائمة بالفعل، وسرعان ما لفت انتباهنا جهود معهد تكنولوجيا المعلومات (ITI) الباهرة، فأنا أُقدّر بشدة جهودهم في تحليل احتياجات سوق العمل وتطوير مناهج دراسية متخصصة بالتعاون مع الشركات الموجودة في البلاد، ونأمل في المستقبل أن نتعاون معهم لإنشاء منهج دراسي مخصص لشركة جوريلا. وأعتقد أن آليات التعاون موجودة بالفعل، لذلك بدلاً من إنشاء آلية جديدة، نركز على العمل معهم بشكل وثيق لسببين، أولاً استقطاب المواهب المتميزة من خريجي برامجهم الدراسية، وثانيًا المساهمة في تطوير تلك المناهج الدراسية، هذه هي إستراتيجيتنا لتعزيز مهارات خريجي الجامعات. وكجزء من مركز الابتكار الذي ذكرناه سابقًا، نعمل على تطوير برامج تدريب داخلي فعالة لجذب الطلاب وتزويدهم بخبرة عملية حقيقية، ونستهدف أيضًا تدريب 100 ألف طالب بحلول عام 2030. للتعرف بشكل أوضح على آليات تمويل الأبحاث في جوريلا.. ما حجم المخصصات المالية للبحث والتطوير، وهل يتم تمويل الأبحاث من خلال قروض أو منح؟ جاي تشاندان: نعتمد في جوريلا على نموذج حضانات الأعمال، إذ نُساعد الشركات في مرحلة البحث، وتذليل العقبات التي قد تواجههم في مختلف مراحل تطوير مشاريعهم، بما في ذلك التمويل، والقانون، والموارد البشرية، والإدارة. فنحن نعمل مع الشركات في مرحلة البحث بشكل وثيق لتقديم الدعم والتوجيه لها، بدءًا من مساعدتها على النموذج الأولي للمنتج (MVP) مرورًا بتقديم تمويل أولي «Seed Funding» بعد الخروج من مرحلة الحضانة، وصولًا إلى جذب مستثمرين آخرين. وقد أثبت هذا النموذج نجاحًا هائلًا في الدول التي عملنا فيها، مثل ألمانيا، والمملكة المتحدة، والهند، وأستراليا، واليابان، وتايلاند، وسنغافورة، ونحن نخطط لإنشاء صندوق رأسمال مخاطر خاص بنا في مصر خلال العام المقبل، سيتم تمويله مباشرة من ميزانيتنا، ما سيُتيح لنا الاستثمار بشكل مباشر في المشاريع الناشئة وجذب مستثمرين آخرين للمشاركة في دعم رواد الأعمال المصريين، وذلك لعمل منظومة متكاملة تدعم رواد الأعمال، تُساعدهم على تخطي التحديات التي تواجههم وتُسهم في بناء أعمال تجارية ناجحة. مصر تمتلك موقعًا متميزًا في مجال الطاقة.. إلى أي مدى يمكن لموقعنا أن يسهم في تسريع عملية انتشار خدماتكم في المنطقة؟ جاي تشاندان: بالتأكيد مصر تتمتع بموقع إستراتيجي مهم في مجال الطاقة، وهذا يمنحها ميزة كبيرة في تبني الحلول التكنولوجية المتطورة، ويجعلها بوابة مثالية لنشر هذه الحلول في المنطقة. لقد شهدنا خلال الفترة الماضية نموًا هائلًا في مشاريع البنية التحتية في مصر، عندما أتينا إلى هنا في أغسطس 2022 كنا نرى شيئًا جديدًا كل شهر، وذلك بفضل التخطيط الإستراتيجي المحكم والكفاءة العالية في التنفيذ، ونرى في ذلك دليلًا واضحًا على قدرة مصر على لعب دور ريادي في مجال التكنولوجيا والابتكار على مستوى المنطقة، إذ تمتلك البلاد جميع المقومات اللازمة لتصبح مركزًا إقليميًا رائدًا في مجال التكنولوجيا والخدمات الذكية. اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/gzim الاستثمارات الرقميةالتحول الرقميالذكاء الاصطناعيجوريلا تكنولوجيريادة الأعمالشركة جوريلا تكنولوجي قد يعجبك أيضا بي بي: الذكاء الاصطناعي يسهل تحديد أماكن العمل البترولي واسترجاع الغاز 24 نوفمبر 2024 | 4:16 م الضرائب: نعمل على إعداد المزيد من الحزم التحفيزية لدعم الاستثمار 24 نوفمبر 2024 | 1:31 م لدعم وتحسين الخدمات المصرفية.. الذكاء الاصطناعي يشعل المنافسة بين البنوك 24 نوفمبر 2024 | 12:00 م إي فاينانس ودل تكنولوجيز تطلقان منصة سحابية جاهزة للذكاء الاصطناعي في مصر 21 نوفمبر 2024 | 3:48 م مصرف أبوظبي الإسلامي – مصر يستثمر مليار جنيه في البنية التحتية التكنولوجية والتحول الرقمي 19 نوفمبر 2024 | 9:45 ص فريد: رقمنة المعاملات المالية غير المصرفية يعزز القدرات التنافسية لتحقيق الشمول التأميني والاستثماري والتمويلي 18 نوفمبر 2024 | 1:28 م