أزمة الطاقة فى أوروبا تهدد الانتعاش الاقتصادي فى ظل ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية

تهدد أزمة الطاقة هذا العام بعرقلة الانتعاش الاقتصادي فى القارة العجوز، حيث ارتفعت تكاليف الغاز والكهرباء إلى مستويات قياسية جديدة، وفقًا لوكالة بلومبرج.
ارتفعت الأسعار اليوم الثلاثاء بعد أن حدت روسيا من تدفق الغاز إلى أوروبا ، واضطرت فرنسا ، التي عادة ما تكون من البلدان المصدرة للطاقة ، إلى زيادة واردات الكهرباء وحرق النفط للإبقاء على الأضواء، وأجبرت التكاليف المرتفعة بعض الشركات على إغلاق أو كبح الإنتاج ، بينما ارتفع التضخم في منطقة اليورو الشهر الماضي إلى أعلى مستوى له على الإطلاق.

تتعمق أزمة الطاقة تمامًا مع انتشار متحور أوميكرون في جميع أنحاء أوروبا، مما يؤدي إلى تعتيم التوقعات الاقتصادية للمنطقة. كما تضيف التكاليف إلى أزمات سلسلة التوريد التي قلبت الصناعات من صانعي السيارات إلى مصنعي توربينات الرياح. يشعر منتجو الأغذية أيضًا بالضيق، مع ارتفاع تكلفة الأسمدة كثيفة الاستهلاك للطاقة.

قالت آن صوفي كوربو، الباحثة البحثية فى مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا: “ليست تكلفة الطاقة فقط هي المشكلة في الوقت الحالي، فنحن نواجه كل هذه المشكلات المتعلقة بسلسلة التوريد.

وأضافت أن “الأكل والتدفئة أمران مهمان للغاية فى الوقت الحالي، وقد يواجه الكثير من الأشخاص مشاكل فى التدفئة، ولكن قد تواجه مشكلات فى تناول الطعام لأن الفاكهة والخضروات باهظة الثمن مضيفًة أن كل شيء أصبح مكلفًا للغاية “.

وارتفعت العقود الآجلة بنسبة 19٪ مع انخفاض تدفق الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر طريق رئيسي إلى الصفر ، وبدلاً من ذلك كانت تتجه شرقاً إلى بولندا، وفقاً لمشغل الشبكة (Gascade).

وصعدت أسعار الكهرباء الألمانية والفرنسية بأكثر من 10% بسبب الانقطاعات النووية، مما أجبر ست وحدات تعمل بالنفط على التشغيل في فرنسا صباح الثلاثاء.

وصرحت شركة إلكتريكت دو فرانس إس إيه الأسبوع الماضي إنها ستوقف أربعة مفاعلات تمثل 10٪ من الطاقة النووية للبلاد ، مما يجهد شبكات الكهرباء التى تتكيف بالفعل مع الطقس المتجمد حوالي 30٪ من الطاقة النووية الفرنسية ستكون غير متصلة بالإنترنت في بداية شهر يناير ، ومما زاد الطين بلة ، أن ألمانيا تغلق 50٪ من مفاعلاتها قبل نهاية العام.

إن نقص الطاقة يعني أن أوروبا تحتاج إلى حرق المزيد من الغاز، فى حين أشارت روسيا إلى أن إمداداتها سوف تظل محدودة فى الشهر القادم، وسيؤدي انخفاض الإمدادات إلى ألمانيا إلى إجبار أوروبا على الاستمرار فى سحب الغاز بمعدلات عالية من مستودعاتها المستنفدة بالفعل، مما يخاطر بإطالة عجز الوقود في الشتاء المقبل

قال هانز فان كليف ، كبير اقتصاديي الطاقة فى (ABN Amro): “ستستمر هذه الأوقات المثيرة لفترة أطول قليلاً ، وربما لن تنتهي قبل نهاية الشتاء”.

وأضاف “اعتمادًا على كمية المخزونات المتبقية بحلول ذلك الوقت ، يمكن أن تستمر تأثيرات الأسعار للنقص الحالي لفترة أطول بكثير.”

يُذكر أن أزمة الطاقة شديدة لدرجة أن Nyrstar من Trafigura ستوقف الإنتاج مؤقتًا في مصهر الزنك فى فرنسا بحلول الأسبوع الأول من يناير، بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء.

وقالت شركة (Yara International) المنتجة للأسمدة النرويجية، التي قلصت الإنتاج فى وقت سابق من هذا العام، إنها ستواصل مراقبة الوضع عن كثب وتقليص الإنتاج عند الضرورة.

وأضافت كوربو: “أنا قلقة بشأن شيء واحدوهو  تكلفة منتجات الأسمدة، مضيفة أن هذا سيؤثر علينا فى النهاية فيما يتعلق بتكلفة الطعام ولن يكون لهذا تأثير على أوروبا فقط ، بل سيكون لهذا تأثير فى كثير من البلدان.”

يُذكر أن الحكومة الفرنسية طلبت من شركة كهرباء فرنسا إعادة تشغيل بعض المفاعلات النووية قبل الموعد المقرر،  وقالت وزيرة البيئة باربرا بومبيلي فى نهاية هذا الأسبوع إنه بالإضافة إلى إعادة تشغيل المفاعل المبكر، فقد أبرمت البلاد عقودًا مع بعض الشركات التي وافقت فيها على خفض الإنتاج خلال ساعات ذروة الطلب مقابل مدفوعات من الحكومة.

كما أن درجات الحرارة المتجمدة المنتشرة فى جميع أنحاء القارة العجوز  هذا الأسبوع لم تساعد أيضًا ، ولا يمكن للشبكة الواسعة من المصادر المتجددة فى أوروبا مواكبة ذلك.

يجدر الإشارة غلى أن إنتاج الرياح الألمانية انخفض إلى 2277 ميجاوات يوم الثلاثاء، وهو أدنى مستوى مُنذ 16 نوفمبر.

وقفزت أسعار الغاز الأوروبية المتداولة فى هولندا إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 175.06 يورو للساعة.

وارتفعت العقود الآجلة بنسبة 15٪ إلى 169.40 يورو بحلول الساعة 1:51 بعد الظهر. في أمستردام، وارتفعت الطاقة الألمانية للعام المقبل بنسبة 11٪ إلى 280.25 يورو للميجاوات / ساعة، بالقرب من مستوى قياسي سابق بلغ 281.75 يورو.