أعمده ومقالات سانت كاترين: متخافوش على مصر بواسطة فاطمة ناعوت 14 أكتوبر 2019 | 12:02 م كتب فاطمة ناعوت 14 أكتوبر 2019 | 12:02 م النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 2 أتصوّرُ مصرَ «عسراءَ». بيُسراها قلمٌ تكتبُ تاريخَها العريقَ فى دفترٍ غزير الأوراق، ويُمناها مشغولةٌ بتشييد آثارِها الخالدة التى صنعت مجدَها، حيّرتِ العالمين. ونقفُ اليومَ على شرف بقعة ثرية، شرَّفها اللهُ بقداسةٍٍ فريدة، فتجلّى للنبىّ «موسى» عند جبل الطور، وطوَّبها عديدُ الأنبياء والرُّسل بالزيارة والمُقام والحلول، عليهم جميعًا السلامُ، حتى غدت نقطةَ نورٍ يتشوّفُ لزيارته المؤمنون من جميع العقائد فى جميع أرجاء العالم. خلّدها القرآنُ قائلًا: «إذْ ناداه ربُّه بالوادى المقدَّس طُوًى»، و«إِنِّى أنا ربُّك فاخلع نعليكَ إنك بالوادى المقدّس طُوًى»، و«والتين والزيتون وطور سينين»، و«فلمّا قضى موسى الأجل وسار بأهله آنسَ من جانب الطُّور نارًا قال لأهله امكثوا إنى آنستُ نارًا لعلّى آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلّكم تصطلون». وخلّدها الكتابُ المقدس فى «سِفر الخروج» بالحديث عن شجرة العُلّيقة، التى اشتعلت بالنار ولم تحترق، لكى تستقطبَ موسى النبىَّ لحديث الله: «وظهر له ملاكُ الربّ بلهيب نار من وسط عُلّيقة. فنظرَ وإذا العُلّيقةُ تتوقد بالنار، والعُلّيقةُ لم تكن تحترق، فقال موسى: أميل الآن لأنظر هذا المنظر العظيم. لماذا لا تحترق العُلّيقة، فلما رأى الربُّ أنه مال لينظر، ناداه الله من وسط العُلِّيقة وقال: موسى، موسى. فقال: هأنذا. فقال: لا تقترب إلى ههنا. اخلعْ حذاءك من رجليك، لأن الموضع الذى أنت واقفٌ عليه أرضٌ مقدسة». نحن اليوم على شرف تلك البقعة الثرية التى التقت فى باحتها الرسالاتُ الثلاث، نشهدُ بفخرٍ فعاليات «مُلتقى سانت كاترين للتسامح الدينى»، الذّى دشّنه منذ سنوات محافظُ جنوب سيناء، اللواء أركان حرب خالد فودة، تحت رعاية السيد الرئيس، داعيًا سفراء من مختلف دول العالم مُمثّلين دولَهم ليشهدوا كيف تنشرُ مصرُ الجديدةُ رسالةَ السلام والسماحة وتُحاربُ التطرّف فى جميع صوره وتداعياته: التى تبدأُ بالنفور والإقصاء والتشرنق، وتنتهى بالبغضاء والعنف وإزهاق الروح. (متخافوش على مصر)، عبارةٌ عميقة قالها المحافظُ، فوقعت فى قلوب جميع الحاضرين وعقولهم، فالبلدُ الذى خصّه اللهُ بكل تلك الثراءات والأمجاد والفرائد والقداسات، مستحيلٌ أن يسقط، فهو محمىٌّ بأمر ربّ العرش العظيم. (هنا نُصلّى معًا)، شعارُ الملتقى الذى أتَمّ اليومَ عامَه الخامس. نخلعُ نِعالَنا، لنُصلّى معًا، فى الوادى المقدّس الذى باركته السماءُ. نخلعُ نِعالَ الطائفية والبغضاء. ونقفُ فى حضرة الرحمن نعتذرُ له عن كلّ نقطة دمٍ أهدرها الإرهابُ على أرضنا الطيبة. نقفُ فى باحة دير سانت كاترين، الذى ترعاه قبائلُ مسلمةٌ من شرفاء المصريين، ويحتضن بين جدرانه الجامعَ الفاطمىّ. لنُصلّى معًا على اختلاف عقائدنا وأعراقنا، مع وفود أجنبية جاءت لتشهد أثرًا مصريًّا من أقدم خوالد الدنيا، ويشهدوا الحفل الجميل الذى أهدته وزارات الثقافة، والشباب والرياضة، والهجرة، للملتقى. فى الندوة الصباحية، أنصتنا إلى كلمات الوزراء المثقفين: د. محمد مختار بالأصالة عن «الأوقاف»، ونائبًا عن رئيس الوزراء، د. أشرف صبحى/ «الشباب والرياضة»، د. نبيلة مكرم/ «الهجرة»، اللواء محمود شعراوى/ «التنمية المحلية»، د. إيناس عبدالدايم/ «الثقافة»، د. خالد العنانى/ «الآثار»، والأب ديمترى دميانوس مطران الدير اليونانى المصرى، على شرف مؤتمر أشرق من مذبح الدير على وجه الأرض. تلك فرادةُ مصرَ التى خَصَّها اللهُ بما يليقُ بها من خصوصية واستثناء. مصر التى كتبت السَّطرَ الأولَ فى كتاب التاريخ، تحملُ مِسطرةَ مهندس، وإزميلَ نحّاتٍ، وريشةَ رسّامٍ، وقيثارةَ موسيقىٍّ، وقلبَ شاعرٍ لا يعرفُ إلا الحبَّ والخيرَ والجمال. وعلى ظهرها مِخلاةٌ من الكتّان المصرى داخلها ورقةُ بردى مُدوّنٌ عليها معادلاتِ تركيب إكسير الخلود وحجر الفلاسفة. وكان كتابُ «الخروج إلى النهار»، وكان على مصرَ نهارٌ، فكان على الدنيا نهار. أسجِّل على التاريخ أننى شهدتُ فى هذا المكان لحظة إطلاق «ميثاق سانت كاترين للسلام العالمى»، الذى يؤكد على أن «السلام» رسالةُ الأديان كافّة ووصيةُ الله للإنسان. وأن لا بناء ولا حضارة إلا حيث يعمُّ السلامُ الذى يقضى باحترام آدمية الإنسان كونه إنسانًا، أيًّا كان دينُه أو عِرقه. نباركُ السلامَ الذى ينصُّ على احترام مبدأ المواطنة المتكافئة وإعلاء شأن الدولة المدنية، التى لا تعرف العصبيات العرقية أو الدينية أو المذهبية، التى تدمّر الشعوب وتطوى الحضارات. السلامُ خصيمُ فيروس الإرهاب الذى يجوب الجغرافيات يهدد البشرية ويطعن خِصر المنجز الحضارى. وليس من سبيل للتخلص من الفيروس القاتل إلا باتحاد جميع بنى الإنسان يدًا واحدة قوية تقفُ فى وجه داعميه ومموليه وحاضنيه. شكرًا للقوات المسلحة العظيمة وللشرطة المصرية اللتين منحتانا التأمين الكامل فى هذه البقعة الجبلية المقدسة من أرض مصر، طوال أيام الملتقى وعلى مدار الأيام والأعوام. ودائمًا «الدينُ لله، والوطنُ لمَن يحبُّ الوطن». اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/sovu