الصناعة المصرية تعلن جاهزيتها لتطبيق المواصفات الدولية للدهانات الخالية من الرصاص

أكد خبراء وممثلون عن القطاع الصناعي أن الشركات المصرية جاهزة تماماً للالتزام بتطبيق المواصفات الدولية الخاصة بنسب الرصاص في الدهانات، مشددين على أن الالتزام بهذه المواصفات يمثل مصلحة شاملة لكل المستهلكين، ويفتح في الوقت نفسه آفاقاً واسعة لزيادة الحصة السوقية للشركات المصرية في الداخل والخارج.

جاء ذلك في ورشة عمل  بعنوان “صناعة الدهانات الخالية من الرصاص لدعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر”، وذلك على هامش فعاليات معرض الصناعة للشرق الأوسط وأفريقيا،

وأضحوا، أن تطبيق هذه المواصفات يضمن أن تكون المنتجات خالية من الرصاص، مؤكدين أن الصناعة المحلية أصبحت على درجة عالية من الجاهزية للالتزام بالنسب العالمية المسموح بها.

وشددت الآراء على أن التوافق مع المواصفات العالمية ليس مطلباً صحياً فحسب، بل هو ضرورة اقتصادية تفتح أسواقاً جديدة أمام المنتج المصري وتزيد من تنافسيته.

وأشاروا إلى أن الأضرار الناتجة عن الرصاص تمثل خطورة بالغة على صحة الإنسان، خاصة الأطفال، مما يجعل تنفيذ التوصيات الصادرة بشأن خفض نسب الرصاص ضرورة قصوى.

وأكد المتحدثون أن الصناعة ليست “رافضة للتطبيق” بل مستعدة بشكل كامل، مع ضرورة التعاون بين الجهات المعنية لتوعية المستهلكين بفوائد هذا التحول.

كما نوه المشاركون بأن أبرز التحديات تكمن في استيراد الملونات أو سخان الرصاص، لافتين إلى أهمية التكاتف بين القطاع الصناعي والجهات التنظيمية لتجاوز هذه التحديات وضمان التحول الكامل نحو المنتجات الآمنة بيئياً.

غرفة الصناعات الكيماوية: التوافق مع المعايير الدولية مفتاح نجاح الصادرات

من جانبه، أكد ضياء حمزة، المدير التنفيذي لغرفة الصناعات الكيماوية، أن الغرفة تلعب دوراً محورياً كـ”داعم قوي” للصناعة المصرية لتواكب متطلبات الأسواق العالمية، موضحاً أن التوافق التام مع المواصفات الدولية هو مفتاح نجاح الصادرات المصرية واختراق الأسواق العالمية.

وأضاف  أن الغرفة، بالتعاون مع مصلحة الجودة والمصنعين، تعمل على دراسة المواصفات الفنية بهدف جعل المواصفة المصرية متوافقة بنسبة 100% مع المواصفات الدولية، مؤكداً: “إذا كانت المواصفة المحلية مختلفة عن المواصفة العالمية، فلن يكون المنتج المصري مؤهلاً للتصدير للأسواق الخارجية”.

وأشار حمزة إلى أن الغرفة تتعامل بجدية مع تحدي الحد من استخدام الرصاص في الدهانات، موضحاً أن المصانع المصرية ذات “الصفة العالية” تدرك جيداً المتطلبات البيئية العالمية، وأنه “لا يوجد مصنع مصري يستخدم الرصاص” لعلمه بأن منتجه لن يتمكن من اختراق الأسواق الدولية.

وأوضح أن الغرفة تعمل على محورين أساسيين: تبني المواصفات الدولية في حال عدم وجود نظير محلي، أو العمل على تحديث المواصفات المصرية القائمة لتسهيل التوافق الكامل مع المتطلبات العالمية.

تحول تكنولوجي وبدائل آمنة للرصاص

وشدد حمزة على أهمية التحول التكنولوجي داخل مصانع الدهانات للحد من استخدام الرصاص، موضحاً أن هذا التحول يعد ضرورة لتعزيز التنافسية وفتح فرص تصدير جديدة.

وأكد أن التحدي الأكبر يكمن في إيجاد بدائل للألوان “الحرجة” مثل الأصفر والبرتقالي، والتي تعتمد على الكروم، مشيراً إلى أن التحول نحو مواد عضوية (Organics) سيرفع تكلفة المنتج النهائي بنسبة طفيفة.

وطالب الجهات الرقابية بضمان عدالة المنافسة بين المصانع الكبرى الملتزمة بالتحول ومصانع أخرى قد تبيع منتجاتها بأسعار أقل دون الالتزام بالمواصفات، موضحا أن هدف الغرفة والوزارة ليس إغلاق المصانع، وإنما الالتزام بالمواصفة القياسية وحماية المستهلك.

وذكر حمزة أن عملية التحول يحكمها عاملان رئيسيان: المحفز المتمثل في فرص التصدير للأسواق التي تشترط منتجات خالية من الرصاص، والالتزام الذي سيفرض على المصانع الالتزام بالمواصفات الجديدة بشكل تدريجي وإلزامي.

ودعا حمزة إلى إصدار تشريعات محلية تنظم عملية التحول، مشيراً إلى أن بطاقة الأداء البيئي ستصبح قريباً إلزامية لكل المصانع.

«باكين»: 50 منتجًا متوافقًا مع مواصفة الأداء البيئي

من جانبه، أوضح المهندس خالد صلاح، المدير التنفيذي للبحوث والتطوير بشركة باكين، أن الشركة نجحت في تعديل تركيبات منتجاتها ومنع استخدام الرصاص كمجفف أو صبغة، امتثالاً لقرار وزير الصناعة رقم 381 لسنة 2022، مؤكدا أن الشركة امتصت فروق التكلفة لضمان عدم تحميل المستهلك أي أعباء إضافية، رغم تراجع الربحية في بعض المنتجات.

وأضاف في تصريح لـ”أموال الغد” أن الشركة تمكنت من تطبيق أكثر من 50 منتجاً ضمن مواصفة الأداء البيئي الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة، مع تقديم تقارير دورية للهيئة على مدى ثلاث سنوات.

وأشار إلى أن باكين استثمرت خبرتها الممتدة لأكثر من 50 عاماً لتطوير منتجاتها بما يتوافق مع المواصفات البيئية الجديدة، وحصلت على شهادات مطابقة تُمكّنها من وضع علامة الأداء البيئي على منتجاتها، مما فتح لها الباب للدخول في مجال الدهانات الخضراء.

وأوضح أن من بين هذه المنتجات بويا بلاستيك مائي داخلي للحوائط، الذي يتميز بخلوه التام من الرصاص والمذيبات العضوية المتطايرة والفورمالدهايد، وهي مواد ذات أضرار صحية كبيرة.

«كابسي»: أول شركة خارج الاتحاد الأوروبي تصدر للأسواق الأوروبية

وأكد محمد يوسف، مدير إدارة تأكيد الجودة والبيئة بشركة كابسي، أن الصناعة المصرية قادرة تماماً على المنافسة العالمية، مشيراً إلى أن كابسي هي الشركة الوحيدة في العالم من خارج الاتحاد الأوروبي التي تصدر منتجاتها للأسواق الأوروبية.

وأوضح  أن هذا النجاح تحقق بفضل التزام الشركة الكامل بالقوانين البيئية الصارمة للاتحاد الأوروبي، خاصة فيما يتعلق بالرصاص. وأكد أن كابسي طورت تركيبات خالية من الرصاص تماماً، وهو ما أتاح لها الدخول إلى 75 دولة حول العالم.

وأضاف أن الشركة شاركت في صياغة مواصفة الأداء البيئي بالتعاون مع هيئة المواصفات والجودة، ولعبت دوراً فعالاً في نشر الوعي بعلامة الأداء البيئي والدهانات الخضراء.

واقترح يوسف طريقتين للتعامل مع الألوان “الحرجة”، منع استخدام الألوان الصريحة مثل الأصفر والأورنج، كما هو متبع في أوروبا، و تطوير صبغات جديدة بديلة، وهو الحل الأصعب لكنه الأكثر استدامة على المدى الطويل.

المجلس التصديري: التوافق مع المواصفات يفتح فرصاً تصديرية بعشرات الملايين

من جانبه، أكد يحيى المنشاوي، مدير تطوير الأعمال والتعاون الدولي بالمجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة، أن الأرقام هي المؤشر الحقيقي الذي يجب أن يعيه المصنعون لمعرفة حجم الفرص التي يمكن اقتناصها من خلال التوافق مع المواصفات العالمية.

وأشار إلى أن تقريراً كويتياً كشف أن صادرات الدهانات التركية بلغت 10 ملايين دولار خلال تسعة أشهر فقط، وهي فرصة يمكن أن تقتنصها الشركات المصرية حال توافقها مع المواصفات الدولية. كما أكد أن أسواق السعودية والاتحاد الأوروبي تمثل فرصاً واعدة للشركات الملتزمة.

وأوضح المنشاوي أن المجلس يعمل على محاور متعددة لمساعدة المصنعين تشمل عقد جلسات توعية، وتدريب الشركات، وإجراء الدراسات التسويقية، وتسهيل إصدار الشهادات اللازمة للتصدير.

وشدد على أن أي فارق في سعر المنتج الخالي من الرصاص يعوَّض بعشرات المرات من خلال تجنب التكاليف الصحية الباهظة الناتجة عن التعرض للرصاص، موضحاً أن تكلفة الدهان الآمن أغلى قليلاً ولكنها “أوفر 1000 مرة من العلاج”.

وأشار إلى أن الزيادة السعرية في بعض المنتجات قد تتراوح بين 10% و40%، خصوصاً في الألوان “الحرجة” كاللون الأصفر والأحمر المائل إلى البرتقالي.

«جي إل سي»: 60  منتجاً حاصلاً على بطاقة الأداء البيئي واستثمارات ضخمة في التكنولوجيا الخضراء

وفي السياق ذاته، أكد عادل فتح الله، استشاري العلاقات العامة بالشركة الألمانية اللبنانية للصناعة (GLC)، التزام الشركة الراسخ تجاه القضايا البيئية العالمية، مشيداً بجهود الهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة في دعم الصناعة المصرية لمواكبة التحولات البيئية العالمية.

وأوضح  أن شركة GLC حصلت على بطاقة الأداء البيئي لأكثر من 60 منتجاً، وضخت استثمارات ضخمة في مجال البحث والتطوير لتصنيع منتجات صديقة للبيئة بنسبة 100%.

وأشار فتح الله إلى أن الشركة طورت مجموعة متكاملة من الدهانات تشمل السيلر والمعجون ودهانات الديكور، وجميعها خالية من الرصاص، وقد حصلت على شهادات مطابقة من مختبرات “إنترتيك” الأمريكية المرموقة.

وأضاف أن الشركة تسعى للتخلص التام من أي آثار للرصاص في جميع منتجاتها خلال الفترة المقبلة، مؤكداً أن صحة الإنسان والالتزام البيئي يأتيان على رأس أولويات الشركة.