دينا عبدالفتاح تكتب.. نيويورك تختبر «اليسار» بواسطة دينا عبد الفتاح 6 نوفمبر 2025 | 1:08 م كتب دينا عبد الفتاح 6 نوفمبر 2025 | 1:08 م دينا عبدالفتاح رئيس تحرير أموال الغد النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 34 فوز زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك (5 نوفمبر 2025) ليس مجرد تبديل أسماء في قمة مدينة عملاقة؛ بل انعطافة تُعيد تشكيل توازنات السياسة في أمريكا، وتختبر مدى قدرة برنامجٍ تقدّميٍ جريء على الترجمة إلى سياسات تنفيذية قابلة للحياة في أكبر مدينة أمريكية. ممداني—الناشط الاشتراكي الديمقراطي وعضو مجلس ولاية نيويورك سابقًا، هزم أندرو كومو مرتين ليصبح أول عمدة مسلم للمدينة، ببرنامج محوره خفض تكلفة المعيشة عبر تجميد الإيجارات، نقل عام بلا أجرة، حضانة شاملة، وبقالة بلدية، مع ضرائب أعلى على الأثرياء والشركات. إقرأ أيضاً يتصدرهم زهران ممداني.. الديمقراطيون يكتسحون أول انتخابات رئيسية في ولاية ترامب الثانية دينا عبدالفتاح تكتب: الرأسمالية الذكورية تسيطر على عقود المشتريات دينا عبدالفتاح تكتب: بعد حسم قضية دير سانت كاترين .. من يعيد إلى مصر تراثها المسروق؟! قلب هذا الفوز معادلة التحالفات داخل الحزب الديمقراطي في مدينة زرقاء أصلاً من خلال التفويض الشعبي لخطاب يساري-اجتماعي على حساب شخصيات “مؤسسية” يوضح تحوّل شريحة معتبرة من الناخبين—خاصة الشباب والطبقات العاملة والمهاجرين—نحو حلول جذرية لأزمات السكن والنقل والدخل، وقد ظهر ذلك أولاً في التمهيدي حين تقدّم على كومو بهوامش فوز تاريخية لمرشح ديمقراطي جاء الفوز كإعادة تعريف لـ “الملف الخارجي” في انتخابات محلية؛ فمواقف ممداني من غزة والهند وإسرائيل لم تضرّه انتخابيًا رغم الهجوم الضاري؛ بل أسهمت في حشد تحالف متعدد الهويات يرى تلازمًا بين العدالة الداخلية والخارجية. لكنه بالمقابل يواجه اختبارًا دبلوماسيًا محليًا مع جاليات متباينة الرؤى، ما يتطلب خطاب تهدئة عمليًا حين ينتقل من منبر الناشط إلى مقعد التنفيذي. يعد نجاح ممداني نموذجا للتعبئة القاعدية؛ فالحملة اعتمدت التنظيم الميداني وتحالفات التزكية المتبادلة والانتشار على المنصات الرقمية، ما عزّز المشاركة بين الناخبين الجدد والجيل Z ، وفي هذا درسٌ لحملات المدن الكبرى حيث التكلفة المعيشية هي الرسالة الأقوى. كما يشكل نجاح هذا المرشح اليساري خطوة غير مسبوقة في نقل عبء الهموم من “جيب الفرد” إلى “ميزانية المدينة”. فان جعل النقل العام مجاني وتجميد الإيجارات، وتوسيع رعاية الأطفال، ومتاجر بلدية وعود كبيرة قدمها المرشح لسكان نيويورك ولكن ماهي تكلفة تحقيق هذه الوعود ؟ وماهي التحديات التي ستواجهه حاليا بعد هذا الفوز الكبير. إن نجاح التجربة يتوقف على مجموعة إجراءات ليست بالهينة علي الإطلاق فلابد من البدء الفوري في تحصيلات ضريبية من الشرائح الأعلى دخلاً والشركات دون تسريع الهجرة الضريبية؛ كما يتطلب الأمر مراجعه إنتاجية جهاز المدينة وقدرته على ضبط التكاليف؛ هذا بالاضافه الي ضروره بناء شراكات مع ولاية نيويورك لتأمين تمويل متطابق أو صلاحيات تنظيمية. برنامج ممداني يقرن الوعود بزيادات ضريبية على دخول تفوق مليون دولار وعلى الشركات الكبرى. والتطبيق حتما سيحتاج حزمة تشريعات بلدية وتفاوضًا مع نقابات وهيئات مستقلة أما تجربة “السلع العامة البلدية” مثل البقالة البلدية ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 30 دولارًا بحلول 2030، فقد تخفف من الضغوط المعيشية في الأحياء الفقيرة، لكنها تحتاج إلى تصميم دقيق حتى لا تدفع بمتاجر القطاع الخاص إلى الانسحاب من تلك المناطق. ومن ناحيه الدلالات الاجتماعية لهذا الفوز فإنه يشكل تمثيل رمزي وتحويلي معًا، فهو أول عمدة مسلم، مهاجر من أصول أوغندية-هندية، الأمر الذي يبعث رسالة شمول قوية في مدينة تمثل فسيفساء العالم. كما أن التأثير المباشر يظهر في سياسات مكافحة التمييز، وتوسيع خدمات اللغة، وبرامج الإدماج الاقتصادي للمهاجرين. لكن الرمز لا يغني عن النتائج، فمعيار الحكم سيكون جودة الخدمات الأساسية (نظافة، أمن مجتمعي، مدارس، إسكان). وفي ما يتعلق بالأمن العام، يعتمد ممداني رؤية تركز على السلامة المجتمعية والوقاية بدل الزيادات التقليدية في الإنفاق الشرطي. غير أن أي ارتفاع ملموس في معدلات الجريمة سيخلق ضغطًا سياسيًا سريعًا، ما يجعل التوازن بين الإصلاح وطمأنة السكان تحديًا أساسيًا. إن هذا التحرك الجريء في اختيار مرشح اشتراكي سيكون بمثابة اختبار عملي أو بمعني آخر “مختبر سياسات” عالمي.. إذا نجحت نيويورك في تمويل خدمات نقل مجانية جزئيًا، وكبح الإيجارات دون كبح البناء، وتوسيع الرعاية، فستتحول التجربة المتمردة إلى مرجع لمدن كبرى (لندن/تورنتو/باريس) ليس هذا وحسب بل سترفع تكلفة الفرصة السياسية على أحزاب الوسط التي تتجنب الوعود الجريئة. وفي المقابل، إذا فشلت سيستخدمها خصوم التيار التقدمي عالميًا كدليل على عدم قابلية “الديمقراطية الاجتماعية الحضرية” علي تنفيذ الوعود الانتخابية وبالتاكيد، وعود زهران ممداني الكبيرة تواجهها العديد من تحديات التنفيذ (خاصة خلال 12–24 شهرًا الأولى) ومن وجهه نظري يمكن أن نوجزها في النقاط التالية: ميزانية 2026–2027: مواءمة الوعود مع الواقع النقدي وديون المدينة. السكن: تجميد الإيجارات دون خنق المعروض يتطلب إصلاحات تشجع البناء الميسّر وتسرّع التصاريح. النقل: مجانية الحافلات مرهونة بتفاهمات مع الولاية وهيئة MTA وخطة مكافحة التزاحم. التحالفات: إدارة خلافات داخل الطيف التقدّمي نفسه، والتعامل مع مجلس المدينة والولاية والاتحادية. الشرعية الإنجازية: إنجازات سريعة مرئية (خفض زمن الانتظار، تنظيف الأحياء، فتح حضانات) لتثبيت الزخم الشعبي. فوز ممداني هو استفتاء متطور على اقتصاد التكلفة المعيشية أكثر منه استفتاءً أيديولوجياً خالصاً. إن نجح في تحويل رؤيته إلى مخرجات قابلة للقياس—من دون اهتزازات مالية أو أمنية—فسيفتح نافذة عالمية لسياسات تقدّمية قابلة للتصدير. وإن تعثّر، فسيُعاد تدوير حجة عدم القابلية للتطبيق اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/7pmr الإعلامية دينا عبد الفتاحدينا عبدالفتاح تكتبزهران ممدانيفوز زهران ممداني