بالتشريعات المرنة والتكنولوجيا.. مصر تعزز مشاركة القطاع الخاص في «السياحة» وتجذب رؤوس المال الأجنبية بواسطة جهاد عبد الغني & حاتم عسكر 3 نوفمبر 2025 | 11:22 ص كتب جهاد عبد الغني & حاتم عسكر 3 نوفمبر 2025 | 11:22 ص النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 62 مرحلة فارقة يعيشها حاليًا القطاع السياحي المصري تعزز من جاذبيته الاستثمارية على الصعيدين الإقليمي والعالمي، مدفوعًا باهتمام حكومي غير مسبوق بتطوير البنية التحتية وتعظيم الاستفادة من المقومات السياحية الفريدة التي تزخر بها البلاد، بالتزامن مع مزيج من الإصلاحات التشريعية والمشروعات القومية الكبرى التي أعادت رسم خريطة الاستثمار في هذا القطاع الحيوي. ويمثل افتتاح المتحف المصري الكبير كأحد أهم المشاريع الثقافية عالمياً، نقطة تحول كبرى في خريطة السياحة الدولية، بما يفتح آفاقًا واسعة أمام تدفقات جديدة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة المرتبطة بالأنشطة الفندقية والترفيهية والخدمية. إقرأ أيضاً تشريعات جديدة تمهد للتحول الرقمي في سوق صناديق الملكية الخاصة ورأس المال المخاطر مصر وألمانيا تبحثان إعادة إعمار غزة وتعزيز الشراكة في التحول نحو الطاقة الخضراء خطة شاملة لربط المتحف المصري الكبير بشبكات النقل الذكي في القاهرة الكبرى عدد من خبراء الاستثمار أكدوا ضرورة مواصلة الدولة تنفيذ إصلاحات تشريعية وتنظيمية تستهدف تحسين بيئة الاستثمار مع تقديم حوافز نوعية تتيح للقطاع الخاص-المحلي والأجنبي- دورًا أكبر في تنمية القطاع السياحي وتعزيز قدرته التنافسية، مع التوسع في تطبيق آليات التحول الرقمي وتيسير إجراءات تأسيس وإدارة المشروعات. كما أكدوا أن السوق المصرية تتمتع بمقومات تعزز جاذبيتها لجذب رؤوس الأموال الساعية إلى فرص استثمارية مستدامة وعوائد قوية في واحدة من أكثر الوجهات السياحية تنوعًا في المنطقة، وذلك بالتزامن مع تضافر جهود الدولة والقطاع الخاص وصندوق مصر السيادي لجذب مزيد من الاستثمارات في مجالات الإيواء الفندقي، والسياحة الثقافية، والسياحة المستدامة، في إطار رؤية شاملة تستهدف تحويل مصر إلى مركز سياحي إقليمي قادر على المنافسة عالميًا. ووفق تقارير المجلس العالمي للسفر والسياحة (WTTC)، بلغت مساهمة قطاع السفر والسياحة نحو 1.4 تريليون جنيه في الناتج المحلي الإجمالي لمصر خلال عام 2024، بما يمثل ما بين 8 إلى 8.5% من إجمالي الناتج المحلي، وهو ما يؤكد الدور الحيوي للقطاع كرافعة أساسية للاقتصاد الوطني، كما دعم القطاع ما يقرب من 2.7 مليون فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، ليظل أحد أبرز المجالات المولدة للوظائف في السوق المصرية، سواء في مجالات الإيواء والنقل أو الخدمات السياحية والثقافية. كذلك، أظهر تقرير رسمي ارتفاع عدد العاملين في القطاع السياحي بنسبة 10.3% خلال العام الماضي ليصل إلى نحو 1.08 مليون موظف، أي ما يمثل حوالي 3.5% من إجمالي قوة العمل في مصر، وهو ما يعكس الأثر الإيجابي للنشاط السياحي في دعم سوق العمل وتوفير فرص التشغيل. وأشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء إلى أن القطاع السياحي يحقق طفرات متتالية بفضل المشروعات القومية الكبرى وعلى رأسها المتحف المصري الكبير، الذي يعد أحد أبرز المشروعات المنتظرة لزيادة القدرة الاستيعابية للقطاع وفتح آفاق جديدة أمام السياحة الثقافية. وذكر تقرير AGBI أن الحكومة المصرية لديها 156 فرصة استثمارية في قطاع السياحة وهو ما يدل على الفرص الواعدة بهذا القطاع. الاستثمارات المباشرة إن آي كابيتال: طفرة سياحية متوقعة في حجم الاستثمارات خلال السنوات الخمس المقبلة في البداية قال محمد الشربيني، الرئيس التنفيذي لقطاع إدارة الأصول ببنك الاستثمار أي كابيتال، إن افتتاح المتحف المصري الكبير يمثل نقطة تحول محورية في مستقبل قطاع السياحة المصري، مشيرًا إلى أن المشروع يشكل «نقطة جذب عالمية جديدة» تعيد وضع القاهرة على خريطة السياحة الدولية بعد سنوات من التحديات. وأضاف أن المتحف الكبير لا يُعد مجرد مشروع أثري أو ثقافي، بل رافعة اقتصادية واستثمارية كبرى تمتد آثارها إلى قطاعات متعددة مثل الإنشاءات، والفنادق، والنقل، والتجزئة، والخدمات، مشيرًا إلى أن كل استثمار جديد في السياحة يُحرك خلفه سلسلة طويلة من الأنشطة الاقتصادية التي تخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة. وأوضح الشربيني أن منطقة غرب القاهرة والجيزة تشهد حاليًا حالة انتعاش استثماري أجنبي ومحلي غير مسبوقة، مع دخول سلاسل فندقية عالمية كبرى للسوق المصرية، استعدادًا لاستقبال الزيادة المتوقعة في أعداد السياح بالتزامن مع افتتاح المتحف الكبير، إذ أصبحت المنطقة المحيطة بالمتحف المصري الكبير محطة استقطاب للفنادق العالمية، والتى تستهدف إنشاء ما يقرب من 4 آلاف غرفة فندقية جديدة. وأشار إلى أن هناك عددًا من الفنادق الجديدة تم افتتاحها بالفعل، من بينها فندق جيزة بلس الذي افتُتح منتصف العام الجاري، إلى جانب عدد من المشروعات الفندقية تحت التطوير، مضيفًا أن هذه التوسعات تأتي استجابة مباشرة للطلب المتنامي على الإقامة الفندقية قرب أهم معلم سياحي جديد في المنطقة. وأكد الشربيني أن الدولة أولت اهتمامًا بملف البنية التحتية التي تخدم على القطاع السياحي، مشيرًا إلى أن السنوات الأخيرة شهدت تطويرًا كبيرًا في شبكة الطرق والمطارات وأسطول النقل الداخلي، ما أسهم في رفع كفاءة التجربة السياحية ككل، لاسيما افتتاح مطار سفنكس الدولي، القريب من المتحف الكبير والذي يمثل نقطة تحول لوجيستية مهمة، خاصة في دعم رحلات اليوم الواحد والسياحة الداخلية والإقليمية. وأوضح أن وجود المطار بالقرب من المتحف سيسهل كثيرًا حركة السياح، سواء الوافدون من الخارج أو القادمون من المقاصد الداخلية مثل شرم الشيخ والغردقة، ما يوجِد نمطًا جديدًا من السياحة المتكاملة التي تجمع بين الترفيه والثقافة في تجربة واحدة. ولفت إلى خطة الدولة لتوسيع أسطول النقل البري والجوي سواء عبر شراء طائرات جديدة أو السماح بدخول رحلات الطيران العارض (الشارتر) والتي من الطبيعي أن تسهم في زيادة الطاقة الاستيعابية لحركة السفر، وترفع من تنافسية المقصد السياحي المصري مقارنة بلأسواق الإقليمية. وذكر “الشربيني” أن من أبرز التحديات التي تواجه القطاع السياحي المصري في السنوات الماضية، محدودية عدد الغرف الفندقية مقارنة بحجم الطلب العالمي، ففي الوقت الذي بلغ فيه عدد الغرف الفندقية في مصر نحو 220 ألف غرفة فقط منذ السنوات الأربع الماضية، كانت تركيا تمتلك أكثر من 400 ألف غرفة في الفترة المناظرة، وهو ما أوجد فجوة كبيرة بين الطاقة الاستيعابية والطلب. وأشار إلى أن الدولة أدركت هذا التحدي، وبدأت منذ 2022 في خطة توسعية بالشراكة مع القطاع الخاص لزيادة عدد الغرف ورفع كفاءة المنشآت القائمة، عبر منح تسهيلات استثمارية وتمويلية للشركات المحلية والدولية الراغبة في التوسع، إذ فتحت الحكومة الباب أمام القطاع الخاص لإدارة وتطوير المنشآت السياحية، وضخت استثمارات ضخمة لتوسيع السعة الفندقية. كما أشار إلى أن ضعف شبكة الطيران وعدد الرحلات كان من أبرز المعوقات في السابق، وهو ما تم تجاوزه حاليًا بفضل تحديث أسطول مصر للطيران، وزيادة عدد الرحلات الدولية والإقليمية، ما يسهل على السياح الوصول إلى الوجهات المصرية بسهولة أكبر. كما عزز دور صندوق مصر السيادي في دفع عجلة الاستثمار السياحي في مصر، عبر استراتيجية واضحة تستهدف الاستفادة من الأصول التابعة للدولة وتحويلها إلى مشروعات جذب واستثمار طويل الأجل، وأيضًا إعادة تأهيل منطقة باب العزّب في قلعة القاهرة بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار، إذ سيوفّر تطويراً سياحياً وثقافياً لمكان غير مستغلّ سابقاً، ضمن خطة الدولة من الأصول التراثية. كما أعلن الصندوق عن مشروع إعادة تأهيل مبنى وزارة الداخلية السابق في وسط القاهرة، ليُحوّل إلى وجهة مختلطة تضم فندقاً ومساكن خدمية ومجمعاً تجارياً ومركزاً للتكنولوجيا، بالتعاون مع شركة “A Developments”، ما يدل على التحركات الإيجابية للحكومة في مشاركة القطاع الخاص في دعم وتطوير قطاع السياحة. ولفت “الشربيني” إلى أن النشاط السياحي لا ينعكس فقط على الإيرادات المباشرة من السائحين، بل يمتد أثره إلى قطاعات الصناعة والبناء، فكل توسع في بناء فندق أو منتجع جديد يعني زيادة في الطلب على الأسمنت والحديد ومواد البناء والكهرباء، ما يدعم نمو شركات المقاولات والمصانع المحلية. وأشار إلى أن القطاع السياحي يعمل كمحرك للطلب المحلي، ويُسهم في تحفيز الاستثمارات في قطاعات الطاقة والتشييد والخدمات، مؤكدًا أن كل مليار جنيه يُستثمر في السياحة يتيح فرصًا لعشرات الشركات والمصانع والموردين، حيث ترفع توسعات الفنادق والمنشآت السياحية الطلب على المواد الخام والبناء، وتولِّد دورة إنتاجية كاملة تفيد الاقتصاد كما أنها توفر آلاف من الوظائف. وأوضح الشربيني أن هناك رغبة متزايدة من المستثمرين الأجانب لضخ استثمارات مباشرة في السوق المصرية، خاصة في القطاعات ذات العائد المرتفع مثل السياحة والعقارات والصناعة، مُشيرًا إلى أن مصر باتت من أكثر الأسواق الجاذبة للاستثمار في الشرق الأوسط وأفريقيا، بفضل حجم السوق الكبير، وتحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي، والاستقرار الأمني والسياسي. وأضاف أن الدولة اتجهت مؤخرًا إلى توسيع الشراكات مع القطاع الخاص في تطوير المناطق السياحية القديمة، مستشهدًا بمشروعات تطوير منطقة وسط البلد، وتكليف مجموعة طلعت مصطفى بالمشاركة في إدارة وتطوير عدد من الفنادق التاريخية، كما تعمل الدولة على تطوير قطعة أرض بمساحة 430 فدانًا على كورنيش القاهرة بهدف تحويلها إلى منطقة سياحية وترفيهية متكاملة. وتوقع أن يشهد قطاع السياحة المصري طفرة في حجم الاستثمارات خلال السنوات الخمس المقبلة، بدعم من المشاريع القومية الجديدة والإصلاحات التي شملت قوانين الاستثمار والشراكة بين القطاعين العام والخاص، لافتًا إلى أن حصة السياحة من الناتج المحلي الإجمالي مرشحة للارتفاع من نحو 12% حاليًا إلى أكثر من 15% خلال السنوات المقبلة، مع ارتفاع عدد السائحين المتوقع إلى 15 مليون سائح سنويًا بحلول عام 2026 وفقًا لتقديرات وزارة السياحة والآثار. التحول لمفهوم السياحة الذكية صفا سوفت: التحول الرقمي يرفع تنافسية القطاع ويفتح أفاقًا واسعة للخدمات الذكية من جانبه أكد المهندس حسام العسلي، المدير التنفيذي لشركة صفا سوفت، تسارع الإقبال على الأنظمة الرقمية المتكاملة في قطاع السياحة المصرية، خاصة لدى الفنادق المتوسطة والكبيرة وشركات السياحة الأكثر اتصالًا بالأسواق الخارجية، مدفوعًا بذروة طلب تاريخية (15.7 مليون زائر في 2024)، ما يجعل الرقمنة ضرورة تشغيلية لاخيارًا تجميليًا، قائلًا: “حين يتجاوز الطلب قدرة الدفاتر، تتحوّل الرقمنة إلى شرط لجودة التجربة وهوامش الربح”. ورصد العسلي أبرز التحديات أمام شركات برمجيات السياحة المصرية، مؤكدًا أن التحدّي الحقيقي ليس في بناء الحل بل في الربط والمعايير: تفاوت جاهزية الأنظمة لدى الشركاء، غياب واجهات قياسية موحّدة، وفجوة مهارات لدى فرق التشغيل. ولفت إلى تحسُّن ترتيب مصر إلى المرتبة 61 على مؤشر TTDI 2024 وهو ما يؤكد السير على خطى ثابتة نحو النهوض بقطاع السياحية المصرية باعتباره شريك رئيسي في رؤية مصر 2030 وضلع أساسي في تحقيق مستهدفات الدولة التنموية. وفي السياق نفسه أشار إلى ضرورة توحيد برمجة التطبيقات APIs مع تدريب ممنهج للكوادر، وهو ما يسهم في دعم التحول الرقمي للقطاع السياحي ويعزز التسويق السياحي، من خلال ضمان الوصول الفوري لبيانات السفر، وتحسين تجربة السائح، والتكامل مع وسائل الدفع، وإدارة الحجوزات من مصدر واحد، قائلًا: “نبني بسرعة عندما تتوحّد نقاط الربط.” وأكد أن الفترة الراهنة تتطلب العمل على إطلاق حزمة معايير وواجهات قومية موحّدة Tourism APIs تربط الفنادق والمزارات والمدفوعات والنقل مع إطار حماية بيانات وهوية رقمية للزائر، بما يخدم هدف 30 مليون سائح بحلول 2028 ويضاعف أثر الاستثمارات القائمة، قائلًا :”حين تتوحّد البيانات، تتوحّد التجربة“. تابع موضحًا: “إطلاق منصة قومية موحّدة للسياحة المصرية لا بد من أن يكون في صورة بنية تشغيل وبيانات لا كتطبيق واحد: تُظهر المخزون الحقيقي (غرف/ تذاكر/ نقل) وتفتح APIs لمزوّدي التقنية، فتقلّل التسريب السعري وتزيد الشفافية، خاصة مع قاعدة طلب قياسية في 2024 وتعافي قوي للإنفاق“. وبالإشارة إلى جاهزية السوق للتحول إلى مفهوم “السياحة الذكية” بمعناها الكامل، قال الرئيس التنفيذي لشركة صفا سوفت، إن القاعدة جاهزة جزئيًا وتتحسّن بشكل تدريجي وهو ما تترجمه مؤشرات الطلب القياسية، وعمق المحتوى الثقافي، والتقدّم الراهن في تنافسية السفر، في حين ينقصنا العمل على محاور عدة مرتبطة بتعميق المدفوعات الرقمية، الهوية الموحدة للزائر، والبيانات المفتوحة لتصبح الرحلة قابلة للقياس من الإلهام حتى التقييم، قائلًا: “نقترب من لحظة تُدار فيها الرحلة كلها من لوحة قيادة واحدة“. وفي السياق نفسه، لفت إلى أبرز القطاعات الفرعية التي تمثل أكبر فرصة للنمو الرقمي في السياحة، بداية من الحجز والتوزيع الفندقي (التسعير الآلي/إدارة القنوات)، تذاكر المزارات، والنقل الداخلي المتكامل، مشيرا إلى اندفاع الطلب العالمي نفسه إلى 1.4 مليار رحلة دولية في 2024؛ تابع قائلًا: “حيثما توجد طوابير يوجد منتج رقمي ينتظر الإطلاق، فعندما نحذف الانتظار ننشئ قيمة فورية للضيف والمُشغّل معًا.” وبالإشارة إلى الإقبال الاستثماري المُخاطر على شركات Travel Tech المصرية، قال العسلي إن الاهتمام انتقائي لكنه موجود: “بلغ تمويل MENA في 2024 نحو 1.9 مليار دولار، فيما جمعت الشركات المصرية نحو 329 مليونا عبر 78 صفقة رغم تشدّد السيولة؛ النصف الأول 2024 وحده سجّل 86 مليون دولار مع تباطؤ الصفقات الكبيرة، وهذا يؤكد أن النماذج الربحية الواضحة تنال التمويل حتى في أضيق الدورات“. وأكد امتلاك مصر المقومات التي تعزز تنافسيتها في المنطقة، مشددا على دور التحول الرقمي والرقمنة في تعزيز تلك المنافسة، قائلًا: “مصر تتقدّم عندما تحوّل تاريخها إلى منتجات رقمية قابلة للحجز بداية من مسارات ذكية وتسعير ديناميكي ومحتوى ثقافي مُعزَّز”، مستندة إلى مكانتها كالأعلى في شمال أفريقيا ضمن TTDI 2024 وعمقها الثقافي (7 مواقع يونسكو)، تفوقنا يبدأ عندما يصبح التاريخ تجربة رقمية بلمسة واحدة“. تعظيم الشراكات مع القطاع الخاص إيليت: صندوق مصر السيادي يلعب دورًا محوريًا في تنمية وتطوير الأصل السياحي فيما أكد تامر حسين، نائب رئيس مجلس إدارة شركة “إيليت للاستشارات المالية”، أن قطاع السياحة في مصر يعيش حاليًا واحدة من أكثر فترات النمو المستدام خلال العقد الأخير، مدعومًا بانتعاش الطلب العالمي على المقاصد السياحية المصرية، وتنامي ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في البيئة الاستثمارية للدولة. وقال حسين إن المؤشرات الأخيرة الصادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تعكس بوضوح قوة الأداء في هذا القطاع الحيوي، موضحًا أن عدد السائحين الوافدين إلى مصر ارتفع إلى نحو 15.7 مليون سائح في عام 2024، وسط توقعات ببلوغ 18 مليون سائح بنهاية عام 2025، وهو ما يعكس ثقة الأسواق العالمية واستمرار الزخم الإيجابي للسياحة المصرية. وأضاف أن هذه الطفرة في حركة السياحة انعكست مباشرة على الإيرادات، إذ سجلت عائدات السياحة نحو 14.4 مليار دولار خلال عام 2024، في حين بلغت 8 مليارات دولار خلال النصف الأول من 2025، بزيادة قدرها 22% عن الفترة نفسها من العام الماضي، وهو ما يؤكد أن مصر في طريقها لتحقيق رقم قياسي جديد في إيرادات القطاع بنهاية العام الجاري. وأشار حسين إلى أن السياحة أصبحت تمثل ما يقرب من 8.5% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر، بما يعادل أكثر من 1.4 تريليون جنيه مصري من القيمة المضافة المباشرة وغير المباشرة، مؤكدًا أن هذه النسبة تجعل من القطاع أحد أعمدة الاقتصاد الوطني ومصدرًا رئيسيًا للنقد الأجنبي. وفيما يتعلق بسوق العمل، أوضح أن ارتفاع عدد العاملين في القطاع بنسبة 10.3% خلال العام الماضي ليصل إلى نحو 1.08 مليون موظف، يمثل مؤشرًا قويًا على قدرة السياحة على إيجاد فرص تشغيل مستدامة، مشيرًا إلى أن إجمالي الوظائف المباشرة وغير المباشرة التي يدعمها القطاع بلغت نحو 2.7 مليون فرصة عمل، مع توقعات بارتفاعها بنحو 8.6% خلال الفترة المقبلة. وأكد نائب رئيس “إيليت” أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاع السياحة المصري تشهد تحسنًا تدريجيًا، مدفوعة بوضوح الرؤية الاقتصادية، وبدء تنفيذ مشروعات كبرى مثل تطوير منطقة المتحف المصري الكبير، مشيرًا إلى أن المجلس العالمي للسفر والسياحة يتوقع أن يحقق القطاع معدل نمو سنوي يبلغ نحو 4.9% خلال السنوات المقبلة، وهو ما يعزز جاذبية مصر كوجهة استثمارية عالمية. وأكد أن صندوق مصر السيادي يلعب دورًا محوريًا في تنمية وتطوير الأصول السياحية، من خلال إعادة استثمار الأصول غير المستغلة وتحويلها إلى وجهات فندقية وثقافية حديثه، فضلًا عن تأسيس شراكات استراتيجية مع صناديق استثمار عربية ودولية تستهدف ضخ رؤوس أموال جديدة في مشاريع الضيافة والسياحة الترفيهية، لافتًا أن الصندوق يسهم بشكل مباشر في رفع كفاءة استغلال المناطق ذات القيمة التاريخية والسياحية العالية مثل القاهرة الفاطمية، وساحل البحر الأحمر، ومنطقة الأهرامات، عبر نموذج استثماري يوازن بين العائد الاقتصادي والحفاظ على الطابع التراثي. وأضاف أن افتتاح المتحف المصري الكبير سيكون بمثابة نقطة تحول محورية للقطاع، متوقعًا أن يرفع النشاط السياحي بنسبة تتراوح بين 30% و40% بنهاية عام 2025، مع توسع الدولة في تطوير البنية التحتية والخدمات المساندة. وأكد حسين أن المرحلة المقبلة تتطلب مزيدًا من الشراكات بين الحكومة والقطاع الخاص لتطوير التجربة السياحية بشكل متكامل، سواء من خلال تعزيز النقل الجوي والبحري، أو توسيع قاعدة الاستثمار في الفنادق المتوسطة والراقية، مشيراً أن الاستدامة والحوكمة والابتكار ستكون هي الركائز الأساسية لاستمرار نجاح السياحة المصرية خلال السنوات القادمة. الإصلاحات والمحفزات التشريعية زهران: الإصلاحات التشريعية تعظم مساهمة القطاع في الناتج المحلي من جانبه أكد هاني زهران، الشريك المؤسس لمكتب زهران للاستشارات القانونية، أن التشريعات والإصلاحات الأخيرة أسهمت بشكل مباشر في رفع جاذبية الاستثمار في القطاع السياحي، مشيرًا إلى أن المكتب يتولى حاليًا إدارة صفقة تمويل بقيمة 300 مليون يورو لصالح تحالف استراتيجي عالمي يخطط لإنشاء مجموعة فنادق كبرى في المنطقة المحيطة بالمتحف المصري الكبير. وأوضح زهران أن هذا المشروع يُعد خطوة نوعية نحو استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مجال السياحة، ويعكس ثقة المؤسسات الدولية في الفرص الواعدة التي يوفرها السوق المصري، خاصة في ظل المشروعات القومية الكبرى التي تمثل نقاط جذب عالمية مثل المتحف المصري الكبير، الذي يراه “أحد أهم المشروعات الحضارية في العالم، ومركزًا محوريًا للاستثمارات السياحية والثقافية المستقبلية”. وأضاف أن الإصلاحات التشريعية الأخيرة، وعلى رأسها قانون الفنادق والمنشآت السياحية رقم 8 لسنة 2022، مثّلت نقلة نوعية في هيكلة الإطار القانوني للقطاع، إذ سهّلت إجراءات التراخيص والتشغيل، ووفرت ضمانات قانونية أكثر استقرارًا للمستثمرين المحليين والأجانب. كما أشار إلى أن قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 وتعديلاته بموجب القانون رقم 160 لسنة 2023 قد عزز من الحوافز الممنوحة للاستثمارات السياحية، خاصة بعد تمديد فترة الاستفادة من الحوافز الاستثمارية لثلاث سنوات إضافية اعتبارًا من أكتوبر 2023، مما أسهم في تحسين بيئة الأعمال وتسهيل دخول رؤوس الأموال الأجنبية إلى القطاع. وأكد زهران أن الحكومة المصرية تعمل بوضوح على صياغة خطة ترويجية متكاملة لفرص الاستثمار السياحي، خاصة في ظل الزخم المصاحب لافتتاح المتحف المصري الكبير، وهو ما يمثل “رسالة ثقة قوية” للمستثمرين الأجانب بأن الدولة تتعامل مع قطاع السياحة كإحدى ركائز الاقتصاد الوطني. وفي تحليله لفرص الاستثمار في المرحلة المقبلة، يرى زهران أن السوق المصرية تزخر بفرص ملموسة أمام المستثمرين المحليين والأجانب، تتنوع ما بين إنشاء أجنحة فندقية فاخرة أو فنادق بوتيك في محيط المتحف الكبير والمناطق السياحية الجديدة، وتطوير خدمات النقل السياحي الذكي مثل الطيران الداخلي الفاخر والسيارات الكهربائية المخصصة لنقل الزوار بين المواقع الأثرية، إلى جانب إطلاق مشروعات سياحة بيئية مستدامة في الوجه البحري وصعيد مصر، مستفيدين من الحوافز الحكومية الخاصة بالسياحة الخضراء. وأشار إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد أيضًا توسعًا في الشراكات بين القطاعين العام والخاص، سواء من خلال التعاون مع الصندوق السيادي المصري أو عبر تحالفات خليجية ودولية لتنفيذ مشروعات تطوير سياحي متكاملة، مؤكدًا أن القطاع السياحي المصري “لم يعد يعتمد فقط على المقومات الطبيعية الفريدة، بل أصبح يعتمد على إدارة استثمارية حديثة تشجع على الشراكات وتمزج بين التمويل الأجنبي والخبرة المحلية”. ورغم هذا التقدم الملحوظ، يرى زهران أن القطاع لا يزال بحاجة إلى مزيد من التطوير التشريعي والإجرائي لتعزيز جاذبيته للمستثمرين الدوليين، مشددًا على ضرورة التعامل مع عدد من الملفات ذات الأولوية. ويقول في هذا السياق إن “واحدة من أهم الخطوات المطلوبة هي تسهيل أكبر لملكية الأجانب في الفنادق الكبرى والمشروعات السياحية، من خلال تبسيط إجراءات الملكية والموافقات وتقليص زمن الترخيص”، لافتًا إلى أن تسريع عملية توصيل المرافق والبنية التحتية للمشروعات الجديدة يعد عاملاً حاسمًا في دعم قرارات المستثمرين، خاصة مع بعض التأخيرات التي تواجه مشروعات الربط بالخدمات الأساسية. كما شدد على أهمية توطين التدريب وبناء القدرات البشرية في مجال الضيافة والسياحة الفاخرة، موضحًا أن نجاح أي مشروع سياحي يتطلب كوادر محلية مدرّبة وفقًا للمعايير العالمية، وهو ما يستدعي تحفيز مؤسسات التعليم الفندقي والسياحي لعقد شراكات مع المستثمرين لتخريج جيل جديد من العاملين المؤهلين. وأشار زهران كذلك إلى ضرورة تعزيز الربط بين الوجهات السياحية المختلفة من خلال منظومة نقل موحدة تربط بين المدن والمناطق السياحية الكبرى، إلى جانب وضع حوافز للمسافرين بين المناطق المتعددة بما يعزز من جاذبية “المنتج السياحي المتنقل” الذي يعتمد على التنوع والتكامل بين الوجهات. أما فيما يتعلق بالاستدامة، فقد أكد الحاجة إلى إطار تنظيمي واضح للسياحة الخضراء، يضمن ثقة المستثمرين في المشروعات البيئية، ويضع قواعد ثابتة بشأن تقييم الأثر البيئي واستخدام الموارد الطبيعية، وتابع قائلًا: رغم وجود توجه حكومي مشجع للسياحة المستدامة، فإن المستثمر الأجنبي يحتاج إلى مزيد من الوضوح القانوني والضمانات طويلة الأمد حتى يتمكن من توجيه استثماراته بثقة”. واختتم زهران بالتأكيد على أن الاستقرار التشريعي والوضوح في آليات التحكيم وحماية العقود هما مفتاح ثقة المستثمر الأجنبي في السوق المصرية، مشددًا على أن المرحلة الحالية تمثل”فرصة تاريخية” لمصر لتصبح مركزًا إقليميًا لجذب الاستثمارات السياحية الكبرى، مستفيدة من موقعها الجغرافي المتميز، وتاريخها الحضاري، ورؤية الدولة في دعم القطاع كأحد محركات النمو الاقتصادي المستدام. اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/facy إن أي كابيتالإيليت للاستشارات الماليةالاستثمار المباشرالتحول الرقميالمتحف المصري الكبيرزهران للاستشارات القانونيةسوق المال المصريصفا سوفتقطاع السياحة