الاقتصاد الصيني يسجل أبطأ وتيرة نمو في عام مع تصاعد تداعيات الحرب التجارية

نما الاقتصاد الصيني بأبطأ وتيرة له خلال عام في الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر، ما يسلّط الضوء على التحديات التي تواجهها بكين في محاولتها الدفاع عن موقفها في الحرب التجارية العالمية، بالتزامن مع مساعيها لدعم الاقتصاد المحلي.

وجاءت هذه الأرقام المثيرة للقلق بالتزامن مع انعقاد كبار صانعي السياسات في بكين لوضع الأجندة الوطنية للسنوات الخمس المقبلة، ومع استعداد الرئيس الصيني شي جين بينغ للقاء نظيره الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع المقبل، في أول اجتماع مباشر بينهما منذ عودة الأخير إلى البيت الأبيض في يناير.

وسجّل الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 4.8% في الربع الثالث مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، متباطئاً عن معدل 5.2% المسجل في الربع السابق، وفقاً للبيانات الرسمية الصادرة يوم الإثنين.

ورجّح جوليان إيفانز-بريتشارد، رئيس قسم أبحاث الصين في مؤسسة «كابيتال إيكونوميكس» الاستشارية، أن معدل النمو الحقيقي قد يكون أضعف مما تعلنه الأرقام الرسمية.
وقال في مذكرة بحثية: «الصورة العامة تشير إلى أن النمو بالكاد يصمد، لكنه على الأرجح أقل مما توحي به بيانات الناتج المحلي الإجمالي. والأهم أن نمو الصين بات يعتمد بشكل متزايد على الصادرات لتعويض ضعف الطلب المحلي، وهو نمط تنموي غير مستدام».

وظلت الصادرات نقطة الضوء في الاقتصاد الصيني — حتى وسط تصاعد التوترات التجارية — إذ عوّضت الزيادة في المبيعات إلى مناطق أخرى في العالم التراجع الكبير في الصادرات إلى الولايات المتحدة، لكن الطلب المحلي ظل ضعيفاً.

وقالت بكين، التي حددت هدف النمو السنوي عند «نحو 5%»، إن الاقتصاد لا يزال على المسار الصحيح، لكنها لمّحت إلى أن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية الإخلال بالنظام التجاري العالمي.
وجاء في بيان صادر عن المكتب الوطني للإحصاء أن «إساءة استخدام بعض الدول للإجراءات الجمركية أضرّت بنظام التجارة والاقتصاد العالمي منذ بداية الربع الثالث»، مضيفاً أن «تصاعد النزعة الأحادية والحمائية يزيد من حالة عدم الاستقرار وعدم اليقين، ما يثقل كاهل نمو التجارة الدولية ويعقّد البيئة الخارجية أكثر».

وأظهرت البيانات أن الإنتاج الصناعي ارتفع بنسبة 6.5% في سبتمبر على أساس سنوي، مقارنة بـ 5.2% في أغسطس، بينما تراجعت الاستثمارات في قطاع العقارات بنحو 14% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، مما يؤكد استمرار سوق الإسكان في الضغط على النمو وثقة المستهلكين في الصين.

وتسلّط بيانات الإثنين الضوء على التحديات الاقتصادية والجيوسياسية التي تواجهها بكين أثناء صياغتها للخطة الخمسية المقبلة خلال اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي المعروف بـ «الدورة العامة الرابعة».
ويُتوقع أن تستمر هذه الجلسات المغلقة حتى الخميس، وأن تحدد أولويات البلاد الوطنية للفترة من 2026 إلى 2030، مع التركيز على الأمن الاقتصادي والتنمية التكنولوجية المتقدمة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات.

ومن المنتظر أن يلتقي شي جين بينج بالرئيس ترامب على هامش منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في كوريا الجنوبية الأسبوع المقبل.
وقال ترامب للصحفيين على متن طائرته «إير فورس وان» مساء الأحد إنه قد يخفض الرسوم الجمركية على الصين، «لكن على بكين أن تقدم تنازلات لنا أيضاً».

وكانت الصين قد شددت بشكل كبير القيود على صادرات العناصر النادرة والمنتجات التي تدخل في صناعتها في وقت سابق من الشهر الجاري، ورد ترامب بالتهديد بفرض رسوم إضافية بنسبة 100% على السلع الصينية في 1 نوفمبر أو قبل ذلك «اعتماداً على أي إجراءات أو تغييرات جديدة من جانب الصين».

ومن المقرر أن يلتقي وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت نظيره الصيني نائب رئيس الوزراء هي ليفنغ هذا الأسبوع في ماليزيا.