مصر تحقق اكتفاءً ذاتيًا من الأرز وتتجه لتقليل فاتورة استيراد البسمتي

يواصل محصول الأرز ترسيخ مكانته كأحد المحاصيل الاستراتيجية الأكثر أهمية في مصر، ليس فقط لدوره في تحقيق الأمن الغذائي، وإنما أيضًا لكونه سلعة رئيسية تسهم في موازنة فاتورة الاستيراد ودعم استقرار السوق المحلية.

أكد الدكتور حمدي الموافي، رئيس المشروع القومي لتطوير إنتاج الأرز الهجين والسوبر والبسمتي ووكيل معهد المحاصيل الحقلية سابقًا، أن إجمالي المساحات المزروعة بالأرز خلال الموسم الحالي بلغت نحو 1.6 مليون فدان، متجاوزة المساحات المصرح بها رسميًا والتي تقدر بـ 1.04 مليون فدان فقط.

أوضح الموافي في تصريحات خاصة لـ”أموال الغد”،أن هذه المساحات مرشحة لتحقيق إنتاجية تصل إلى 6.5 مليون طن أرز شعير، تعادل 4.4 مليون طن أرز أبيض بعد التبييض، وهو ما يكفي لتغطية الاستهلاك المحلي البالغ 3.3 – 3.5 مليون طن، بل وتحقيق فائض يتراوح بين 900 ألف ومليون و100 ألف طن.

وأضاف أن مصر تحقق اكتفاءً ذاتيًا كاملًا من الأرز المحلي، باستثناء الأرز البسمتي الذي يتم استيراده سنويًا بما يتراوح بين 200 و300 مليون دولار، لتلبية الطلب المرتفع عليه في الفنادق والمطاعم والمناسبات الاجتماعية.

الأرز البسمتي

وأشار الموافي إلى أن مصر بدأت بالفعل خطوات جادة لإنتاج أصناف من الأرز البسمتي داخل الأراضي المصرية، ومن المستهدف أن تصل المساحات المزروعة به إلى 100 – 150 ألف فدان بحلول 2027، وهو ما يفتح الباب أمام خفض كبير في فاتورة الاستيراد مستقبلاً.

وشدد على أن مصر تحتل المرتبة الأولى عالميًا في إنتاجية وحدة المساحة من الأرز، متفوقة على دول كبرى مثل الهند والصين، رغم محدودية المساحات المزروعة مقارنة بهما، ما يعكس نجاح السياسات البحثية والبرامج الوطنية لتطوير الأصناف عالية الإنتاجية.

حركة التجارة الخارجية

ورغم استمرار قرار وزارة التجارة والصناعة بحظر تصدير الأرز رسميًا، فإن بعض الكميات يتم السماح بتصديرها في أطر محدودة غير معلنة.

وكشفت بيانات التجارة الخارجية عن ارتفاع صادرات مصر من الأرز المبيض والمقشور بنسبة 46.7% خلال النصف الأول من 2025، لتسجل 32.634 مليون دولار مقابل 22.248 مليون دولار في نفس الفترة من 2024.

إلا أن الصادرات شهدت تراجعًا ملحوظًا خلال يونيو الماضي بنسبة 66.1% لتبلغ 2.388 مليون دولار مقابل 7.053 مليون دولار.

واردات البسمتي والأرز المضروب

على الجانب الآخر، نمت واردات مصر من الأرز المضروب كليًا أو جزئيًا بنسبة 74% خلال أول 6 أشهر من 2025، لتسجل 35.297 مليون دولار مقابل 26.127 مليون دولار في الفترة المماثلة من العام الماضي.

كما ارتفعت واردات يونيو بنسبة 15.7% لتصل إلى 8.673 مليون دولار مقابل 10.284 مليون دولار خلال يونيو 2024.

تأثيرات على الأسعار المحلية

رغم الزيادة الكبيرة في المساحات المزروعة والإنتاج المتوقع، لا تزال أسعار الأرز في السوق المحلية خاضعة لعدة اعتبارات:

الوفرة والإنتاجية المرتفعة: الفائض المتوقع يدعم استقرار الأسعار ويخفف أي ضغوط تضخمية على المستهلك.

الحظر على التصدير: يضمن بقاء الكميات داخل السوق المحلية، ما يحافظ على الأسعار، لكنه يحرم المزارعين من فرص أعلى في الأسواق الخارجية.

فاتورة استيراد البسمتي: الطلب المستمر على الأرز البسمتي المستورد يظل عنصر ضغط، خاصة مع تقلبات أسعار الصرف.

التوقعات المستقبلية: التوسع في زراعة البسمتي محليًا بحلول 2027 سيقلل من الاعتماد على الاستيراد، ويخفف التكاليف على المستهلكية

دلالات مستقبلية

يعكس المشهد الراهن أن مصر لا تواجه أي تحديات في تلبية احتياجات السوق المحلية من الأرز، بل تمتلك فائضًا يمكن أن يمثل ركيزة لفرص تصديرية مستقبلية حال تعديل السياسات التجارية. وفي المقابل، فإن التوسع في زراعة الأرز البسمتي محليًا يعد خطوة استراتيجية لتقليص الاستيراد وتوفير العملة الصعبة، بما يرسخ مكانة الأرز كأحد أعمدة منظومة الأمن الغذائي المصري.