دينا عبدالفتاح تكتب: إسرائيل 14 مايو 2048.. بين معجزة البقاء وهاجس الانقسام بواسطة دينا عبد الفتاح 24 سبتمبر 2025 | 10:34 ص كتب دينا عبد الفتاح 24 سبتمبر 2025 | 10:34 ص دينا عبد الفتاح النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 52 في هذا اليوم المزدحم بالرموز، تكتسي تل أبيب باللونين الأزرق والأبيض، والطرقات الرئيسية مغلقة من أجل مواكب عسكرية ضخمة. الطائرات ترسم نجمة داوود في السماء، والجماهير تلوّح بالأعلام وتغني أغانٍ وطنية. الإعلام الغربي ينقل الحدث بوصفه “احتفالًا بإنجاز تاريخي”، بينما في العواصم العربية والشارع الفلسطيني، تُقرأ المئوية كذكرى مئة عام على النكبة، لا كعيد ميلاد لدولة. الحلم التوراتي والبرجماتية الاستعمارية والكونفيدرالية الشرق أوسطية داخل إسرائيل نفسها، الانقسامات واضحة. التيار الديني اليميني يرى اليوم إعلان انتصار التوراة: “ها نحن بعد مئة عام من الصراع نملك الأرض كلها من البحر إلى النهر”. المستوطنات التي كانت تُعتبر “غير قانونية” صارت مدنًا مأهولة، والقدس الموحدة عاصمة لا تقبل الشريك. هذا التيار يحتفل وكأن المئوية هي التتويج النهائي للحلم الديني القومي. لكن على المنصة ذاتها، يظهر الخطاب البراغماتي الذي يذكّر الناس بالحقيقة: إسرائيل لم تكن لتبقى مئة عام لولا الدعم الغربي. واشنطن، أوروبا، وحتى بعض القوى الآسيوية، كلها ساهمت في بقاء الكيان وتحصينه. هنا تُقدَّم إسرائيل للعالم كـ”ديمقراطية في قلب الشرق الأوسط”، لكن خلف هذه الصورة المثالية، يعرف الجميع أن الدولة بُنيت واستمرت كقاعدة متقدمة للمصالح الغربية. هي ليست إمبراطورية مستقلة، بل كيان محمي، وظيفي، يعيش بفضل من يدعمه. قرن من الحروب الدامية ..وميلاد دولتين هشتين في أماكن أخرى من العالم، يتحدث المحللون عن “الإنجاز الدبلوماسي الأكبر”: قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. صحيح أن هذه الدولة هشة، تعاني من تبعية اقتصادية للمساعدات، وأن حدودها غير واضحة دائمًا، لكن وجودها بحد ذاته يعتبره المجتمع الدولي “حلًا واقعيًا” أنهى الحروب الكبرى. في القدس، ترفرف أعلام الأمم المتحدة فوق مقرات دولية تدير المدينة، لتذكّر العالم أن الصراع لم يُحل بل جُمِّد تحت إشراف القانون الدولي. وفي غزة ورام الله والمخيمات، يتظاهر الفلسطينيون ضد الاحتفالات. “مئة عام على النكبة” هي الجملة التي تملأ اللافتات. يرون أن الدولة الفلسطينية التي اعترف بها العالم لم تمنحهم السيادة الكاملة ولا عودة اللاجئين، وأن الاحتلال مستمر بأشكال أخرى. بالنسبة لهم، الاحتفال الإسرائيلي مجرد طمس آخر لقضيتهم. أما في العواصم العربية، فالمشهد أكثر تعقيدًا. في القاهرة والرياض وعمان، تقام مؤتمرات عن “التكامل الإقليمي” و”الطاقة المشتركة”، وتُعرض خرائط لخطوط غاز وكهرباء تربط إسرائيل بجيرانها. هذه الدول اختارت التعامل مع إسرائيل كأمر واقع، وراهنت على أن الاقتصاد قادر على تهدئة السياسة. في الشارع العربي، الغضب حاضر، لكن الحكومات تقدّم الواقعية على العاطفة. في الجانب الشمالي، الحدود مع لبنان ما زالت متوترة. حزب الله لم يختفِ، وإيران ما زالت لاعبًا يلوّح بالصواريخ. صافرات الإنذار لم تتوقف في بعض المدن الإسرائيلية منذ أسابيع. لذا فبين الاحتفالات العسكرية، تظل الأنفاق تحت الأرض والملاجئ فوق الأرض جزءًا من حياة الناس. المئوية هنا يوم استعراض قوة، لكنه أيضًا يوم خوف متجدد. تل أبيب مركز ذكاء اصطناعي ..وشريك اقتصادي في المشروعات الكبرى في الشرق الاوسط أما داخل إسرائيل نفسها، فالتناقض أوضح. هناك من يرى أن الدولة نجت وصارت “معجزة صهيونية”، وهناك من يخشى أن الانقسام بين المتدينين والعلمانيين قد يهدد استقرارها أكثر من أعدائها الخارجيين. البرلمان منقسم، والمجتمع منقسم، والفجوة الديموغرافية بين اليهود والفلسطينيين في الداخل تجعل سؤال الهوية أكثر إلحاحًا: هل نحن دولة يهودية ديمقراطية، أم نظام فصل عنصري مقنّع؟ اقتصاديًا، إسرائيل في المئوية قوة تكنولوجية رائدة، مركز عالمي للذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، وشريك أساسي في مشاريع إقليمية. لكن هذا الازدهار مشروط بالاستقرار النسبي، وكل جولة صراع تهدد بإفقاده. المستثمرون يدخلون بحذر، ويعرفون أن أي حرب جديدة مع لبنان أو غزة يمكن أن تجمّد كل شيء. وفي النهاية، إذا جمعنا كل هذه الأصوات معًا، نجد أن السيناريو الأقرب للواقع لو استمرت الأوضاع كما هي: دولتان قائمتان بالاسم، إسرائيل قوية عسكريًا واقتصاديًا لكنها منقسمة داخليًا وتعيش في هاجس الأمن، وفلسطين موجودة ككيان معترف به دوليًا لكنه هشّ، يعتمد على الخارج ولا يملك سيادة حقيقية. العلاقة بينهما هدنة طويلة، لا سلام كامل ولا حرب شاملة. هكذا، في 14 مايو 2048، تحتفل إسرائيل بمئويتها، لكنها لا تحتفل بانتصار مطلق. المشهد خليط: أعلام واحتفالات، احتجاجات وغضب، صفقات اقتصادية ومخاوف أمنية، قوى كبرى تدعم وقوى أخرى تراقب. هي مئة عام من البقاء، لكن البقاء شيء، والاستقرار شيء آخر اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/41lx الحلم التوراتي والبرجماتية الاستعمارية والكونفيدراليةالمشروعات الكبرى في الشرق الاوسطتل أبيب مركز ذكاء اصطناعيتل ابيب