دينا عبدالفتاح تكتب: المطارات تُموَّل من جيوب المواطنين.. فهل تُعطيهم حقهم؟ بواسطة دينا عبد الفتاح 23 سبتمبر 2025 | 12:08 ص كتب دينا عبد الفتاح 23 سبتمبر 2025 | 12:08 ص دينا عبدالفتاح رئيس تحرير أموال الغد النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 167 من البديهي أن المطارات في كل أنحاء العالم ليست مؤسسات قائمة بذاتها، وج ووزير وليست كيانات مستقلة تموّل نفسها من العدم. المطارات تُبنى وتُدار وتُشغَّل بأموال المواطنين بشكل مباشر أو غير مباشر. فالمسافر عندما يشتري تذكرة سفر يدفع ضمنها رسومًا خاصة بالمطار، وهذه الرسوم تدخل مباشرة في حسابات التشغيل والصيانة والتطوير. والمواطن الذي لا يسافر يساهم بدوره في تمويل المطارات من خلال الضرائب التي تدخل في ميزانيات الدولة وتُخصَّص لدعم البنية التحتية، ومنها المطارات. وحتى الاستثمارات الأجنبية أو السيادية التي تدخل في بناء أو توسعة المطارات ليست سوى أموال عامة أو ثروات وطنية أعيد توجيهها. بمعنى أوضح: المطارات مملوكة للشعوب وممولة من جيوبهم، وليست هبة من الحكومات. إذا كان الأمر كذلك، فمن حق كل مواطن ومسافر أن يتلقى خدمة تتناسب مع حجم الأموال التي دُفعت. لكن الواقع في كثير من الدول، خصوصًا في المنطقة العربية وأفريقيا، أن هذه الأموال تُهدر على مبانٍ ضخمة، وديكورات فخمة، وافتتاحات دعائية، بينما يظل المسافر يواجه في النهاية نفس التجربة البدائية: طوابير لا تنتهي، تفتيش يدوي مهين، غياب للسرعة والانسيابية، وشعور دائم بأن الكرامة مؤجلة إلى أجل غير مسمى. إقرأ أيضاً جامعة النيل ومنتدى الخمسين يطلقان أول شراكة استراتيجية بين الجامعات والمجتمع المدني والقطاع الخاص لتمكين الشباب في وظائف المستقبل الإرهاق الخفي وحقيقة اللا وجود.. الإنسان الذي نسي أن يعيش! دينا عبدالفتاح تكتب: المتحف الكبير من لحظة الإبهار إلى قرار الحجز.. أين تقف معادلة التسويق؟ المفارقة الصارخة أن العالم من حولنا يتحرك بسرعة فائقة نحو الأنظمة اللاتلامسية. ففي مطار هيثرو بلندن، ساعدت أنظمة الفحص ثلاثية الأبعاد على تقليل زمن التفتيش لكل مسافر من دقائق إلى ثوانٍ. في مطار سنغافورة شانغي أصبح المرور عبر بوابات بيومترية يعتمد على بصمة الوجه أو القزحية دون الحاجة لإبراز الجواز الورقي. في مطار دبي الدولي تُنهى إجراءات الهجرة في ثوانٍ بفضل الممرات الذكية. هذه ليست كماليات أو رفاهية، بل استثمارات منطقية في راحة وأمان المسافرين، وهي حق طبيعي لهم لأنهم هم الممولون الحقيقيون لهذه المنشآت. لكن في المقابل، ما زال كثير من المطارات الأخرى متمسكة بالتفتيش اليدوي وكأن التكنولوجيا لم توجد بعد. النتيجة أن المسافر الذي دفع ثمن تذكرته ورسوم المطار، ودفع أيضًا من جيبه ضرائب تُموّل البنية التحتية، يجد نفسه واقفًا في طابور طويل، منتظرًا أن يُفتش جسديًا بطريقة مهينة، رغم أن البدائل الآمنة موجودة ومتاحة عالميًا. هذه ليست فقط مسألة إدارية، بل مسألة حقوقية. لأن ما يحدث هو ببساطة: المواطن يدفع، ثم لا يحصل على مقابل يليق بما دفعه. المطارات هي الواجهة الأولى للدول، وهي صورة معبرة عن مدى احترام الدولة لمواطنيها وزوارها. فإذا كانت تُدار وتُموَّل من أموال الناس، فمن أبسط الحقوق أن تعكس تلك الأموال في شكل خدمة راقية تليق بالإنسان. أن يستثمروا في أنظمة بلا تلامس، في ذكاء اصطناعي، في بوابات بيومترية، في تقنيات تقلل الطوابير وتحفظ الخصوصية، لا أن يظل الاستثمار محصورًا في الحجر والزجاج والرخام بينما تُترك كرامة المسافر عُرضة للإهانة. منظمة الطيران المدني الدولي مطالبة بتجريم التلامس اليدوي في تفتيش المسافرين المطلوب اليوم ليس مجرد دعوة لتحسين الخدمة، بل تحرك حقيقي على مستوى القوانين الدولية. يجب أن تتحمل منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) مسؤوليتها بوضع معايير صارمة تُلزم المطارات بتوفير أنظمة تفتيش بلا تلامس، وتجريم الممارسات اليدوية المهينة إلا في حالات استثنائية واضحة ومحددة قانونيًا. لأن استمرار الوضع الحالي يعني أن ملايين الناس يُجبرون يوميًا على الخضوع لإجراء غير إنساني، في حين أن أموالهم نفسها هي التي مولت المطارات والأجهزة الأمنية. في النهاية، النقطة الجوهرية بسيطة: المطارات تُموَّل من جيوب المواطنين. هذا التمويل يجب أن يعود إليهم في صورة راحة وكرامة وأمان، لا في صورة طوابير وتفتيش مهين. العالم كله يسعى لتطوير أسلوب الحياة ليمنح الإنسان المزيد من الراحة، ومن حق المواطن أن يحصل على نصيبه من هذا التطور. الأمن الحقيقي لا يعني إذلال المسافرين، بل حمايتهم واحترامهم في آن واحد. اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/8n05 الإعلامية دينا عبدالفتاحالمطاراتشركات الطيرانمقالات دينا عبد الفتاحمنظمة الطيران العالمية