دينا عبدالفتاح تكتب: إيبولا في الكونغو.. عودة الفيروس القاتل بنسبة وفيات تتجاوز 50% ومخاوف من امتداده عالميا بواسطة دينا عبد الفتاح 15 سبتمبر 2025 | 9:28 ص كتب دينا عبد الفتاح 15 سبتمبر 2025 | 9:28 ص دينا عبد الفتاح النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramThreadsBlueskyEmail 57 الإيبولا لا يشبه كورونا.. لكنه قد يكون أكثر فتكًا بالمصابين المخاطر تتصاعد على دول الجوار: أنغولا وأوغندا ورواندا في قلب دائرة الخطر احتواء الإيبولا في أفريقيا هو حماية للعالم كله في الرابع من سبتمبر عام 2025 أعلنت جمهورية الكونغو الديمقراطية رسميًا عن تفشٍ جديد لفيروس الإيبولا في إقليم كاساي، وتحديدًا في منطقتي بولابي ومويكا. جاء الإعلان بعد تسجيل أكثر من اثنين وثلاثين حالة مشتبه بها وعشرين حالة مؤكدة، من بينها ستة عشر وفاة، وهو ما يعني معدل وفيات يقارب خمسين إلى خمسة وخمسين في المائة في هذه الموجة، هذا الرقم يعكس مرة أخرى الطبيعة القاتلة للمرض الذي يظل واحدًا من أخطر الفيروسات النزفية التي عرفتها البشرية. ما حدث في هذا الظهور الجديد كان صادمًا للمجتمع المحلي والعالمي، فقد ارتفعت الحالات بسرعة خلال الأسبوع الأول من الإعلان، وظهرت حالة جديدة على بعد سبعين كيلومترًا من بؤرة المرض الأولى، وهو ما زاد المخاوف من تمدد جغرافي أكبر. الأبحاث الجينية أكدت أن الفيروس ينتمي إلى سلالة Zaire ebolavirus، وهي السلالة الأكثر فتكًا عادة، كما أوضحت التحاليل أن هذا التفشي ليس استمرارًا لانتشار قديم، بل نتيجة انتقال جديد من الحيوان إلى الإنسان، فيما يعرف بظاهرة الانسكاب الحيواني أو spillover. إقرأ أيضاً دينا عبدالفتاح تكتب: القاهرة تحت الضغط.. لا وساطة نووية بلا مكاسب.. والاقتصاد ينتظر الثمار السريعة دينا عبد الفتاح تكتب: ما بين الماكرو – والمايكرو… الاقتصاد يتجمل والمواطن يتألم دينا عبدالفتاح تكتب: القاهرة وصندوق النقد.. أيهما ينتصر الفرضية السياسية أم المصالح الاقتصادية؟ إزاء هذا الوضع، تحركت السلطات الوطنية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ومركز السيطرة على الأمراض الأفريقي لاتخاذ عدة إجراءات عاجلة. فقد بدأ تطبيق استراتيجية التطعيم الحلقي، حيث جرى تطعيم العاملين الصحيين والمخالطين المباشرين للمصابين أولًا، وصلت في البداية أربعمائة جرعة من لقاح “إرفيبو” Ervebo، مع وعد بتوفير خمسة وأربعين ألف جرعة إضافية لتعزيز الاستجابة. إلى جانب ذلك، فرضت السلطات قيودًا على الحركة وأقامت نقاط تفتيش حول بعض البلدات المتأثرة، بل ووضعت بعض المدن تحت الحجر للحد من انتقال العدوى. كما جرى إرسال فرق طبية متنقلة ومختبرات ميدانية لتعزيز القدرة على التشخيص السريع وتتبع المخالطين. لكن رغم هذه الجهود، بقيت التحديات كبيرة: ضعف البنية التحتية في المناطق النائية، صعوبة الوصول إلى بعض القرى، ونقص التمويل اللازم لدعم الاستجابة بشكل مستدام. على مستوى المخاطر الإقليمية، فإن الدول الأكثر عرضة للخطر هي الدول المجاورة للكونغو، مثل أنغولا، والكونغو-برازافيل، وأوغندا، ورواندا، وجنوب السودان. هذه الدول ترتبط بحدود طويلة يسهل عبورها، وأسواق محلية نشطة وحركة سكانية كثيفة، وهو ما يزيد احتمالية انتقال الحالات عبر المعابر البرية. وقد عبّرت تقارير عدة عن قلق خاص بشأن أنغولا، خصوصًا بعد رصد حالة جديدة تبعد مسافة ليست بعيدة عن الحدود. أما بقية دول وسط وشرق أفريقيا، مثل كينيا وتنزانيا، فهي أقل عرضة ولكنها تبقى تحت تهديد محتمل عبر الطيران والتنقل الإقليمي. في حين يبقى الخطر ضعيفًا على دول شمال أفريقيا وغربها وبقية القارة، لكنه غير منعدم. أما على المستوى العالمي، فإن المخاطر تبدو محدودة لكنها حقيقية. فالإيبولا لا ينتقل عبر الهواء مثل الإنفلونزا أو فيروس كورونا، بل يحتاج إلى ملامسة مباشرة لسوائل جسم المريض. كما أن الشخص المصاب لا يكون معديًا قبل ظهور الأعراض، ما يسهل عزل الحالات عند الاشتباه. هذه الخصائص تقلل كثيرًا من احتمالية تحوله إلى جائحة عالمية. ومع ذلك، فإن بعض العوامل يمكن أن ترفع احتمالية انتقاله خارج أفريقيا، مثل سفر مصاب عبر رحلة جوية دولية قبل اكتشافه، أو تأخر الإبلاغ عن الحالات، أو نقص التمويل الذي يعطل سرعة الاستجابة والاحتواء. وعند المقارنة مع فيروس كورونا الذي اجتاح العالم عام 2020، نجد أن الفارق الجوهري بينهما هو في طريقة الانتقال. فالإيبولا يحتاج إلى ملامسة مباشرة لسوائل الجسم الملوثة، بينما كورونا ينتقل عبر الرذاذ والهواء حتى قبل ظهور الأعراض. كذلك فإن معدل الوفيات في الإيبولا مرتفع جدًا، يصل إلى خمسين أو ستين في المائة كما نشهد في تفشي كاساي الحالي، في حين أن معدل الوفيات في كورونا كان أقل بكثير. لكن بالمقابل، سرعة انتشار كورونا عالمياً كانت أكبر بمراحل، وهو ما يفسر تحوله إلى جائحة واسعة، بينما يبقى الإيبولا غالبًا محدود النطاق جغرافيًا. وعند العودة إلى الخلفية التاريخية، فإن ظهور الإيبولا الأول كان عام 1976 في قرية يامبوكو شمال الكونغو (زائير آنذاك)، بالتزامن مع ظهور آخر في السودان (جنوب السودان حاليًا). ومنذ ذلك الحين، شهدت القارة أكثر من ثلاثين تفشيًا، معظمها في الكونغو وأوغندا، وكان أكبرها تفشي غرب أفريقيا بين عامي 2014 و2016 الذي أصاب نحو ثمانية وعشرين ألف شخص وأدى إلى وفاة أكثر من أحد عشر ألفًا في غينيا وليبيريا وسيراليون. الفيروس ينتقل أساسًا من الحيوانات البرية، خصوصًا الخفافيش آكلة الفاكهة، التي تُعتبر المستودع الطبيعي للفيروس. يحدث الانتقال الأولي عندما يلامس الإنسان حيوانًا مصابًا أو يتناول لحومه، ثم ينتشر بين البشر عبر ملامسة سوائل الجسم أو الأدوات الملوثة، أو من خلال طقوس الدفن التقليدية التي تتضمن ملامسة الجثمان. فترة الحضانة تمتد بين يومين إلى واحد وعشرين يومًا، وبعدها تظهر الأعراض فجأة في شكل حمى شديدة، صداع، آلام عضلية، ثم يتطور الأمر إلى قيء وإسهال، طفح جلدي، نزيف داخلي وخارجي، وفشل أعضاء قد يقود إلى الوفاة. الإجراءات الوقائية للمسافرين إلى الكونغو والدول القريبة منها في ظل هذه التحديات، تبرز أهمية الإجراءات الوقائية للمسافرين الذين ينوون زيارة الكونغو أو الدول المجاورة لها. فمن الضروري استشارة طبيب السفر قبل الرحلة للتأكد من الحصول على اللقاحات الضرورية مثل الحمى الصفراء، والتأكد من عدم وجود موانع صحية، مع الاستفسار عن إمكانية تلقي لقاح الإيبولا إذا كانت الوجهة ضمن بؤر التفشي. كما يجب تجهيز حقيبة وقاية شخصية تحتوي على معقمات كحولية وقفازات وكمامات وأدوات نظافة شخصية لا تتم مشاركتها. وخلال الإقامة، ينبغي تجنب ملامسة أي أشخاص يعانون من أعراض الحمى أو القيء أو النزيف، والابتعاد عن المستشفيات إلا للضرورة القصوى، وتجنب تناول لحوم الأدغال، والاعتماد على المياه المعبأة والطعام المطهو جيدًا، مع غسل اليدين باستمرار. وينبغي أيضًا الابتعاد عن الجنائز التقليدية أو التجمعات الكبرى، والالتزام بوسائل نقل آمنة ومنظمة. أما بالنسبة للأطفال، فمن الأفضل عدم اصطحابهم إلى مناطق التفشي النشط نظرًا لضعف مناعتهم وصعوبة التزامهم بالتعليمات، وفي حال الضرورة القصوى يجب تجهيز أدوات خاصة بهم، وتوعيتهم بشكل مبسط بضرورة غسل اليدين وعدم لمس الحيوانات البرية أو أشخاص غرباء. وبعد العودة، إذا ظهرت أي أعراض خلال ثلاثة أسابيع، يجب العزل الفوري وإبلاغ السلطات الصحية قبل التوجه لأي مستشفى، وهو ما يسهم في حماية الأسرة والمجتمع من انتقال العدوي ما حدث اليوم في الكونغو ليس جديدًا على هذه الدولة التي عانت مرارًا من هذا الفيروس منذ منتصف السبعينيات، لكنه يذكر العالم بأن الإيبولا لا يزال حاضرًا كتهديد صحي حقيقي. نسب الوفيات المرتفعة تؤكد خطورته، وظهوره المتكرر يثبت أن السيطرة عليه تتطلب أكثر من استجابات عاجلة. الأمر يحتاج إلى استثمار طويل الأمد في أنظمة الصحة الأفريقية، وبالأخص الكونغو، وإلى تعاون دولي جاد يوفر التمويل واللقاحات والتدريب والوعي المجتمعي. فاحتواء الإيبولا عند منبعه في أفريقيا هو خط الدفاع الأول والأهم لحماية القارة والعالم اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/puva إيبولا في الكونغودينا عبدالفتاحدينا عبدالفتاح تكتبفيروس إيبولامقالات دينا عبدالفتاح