من جبل علي إلى لواندا: الإمارات تعيد رسم خريطة الهيمنة البحرية بواسطة دينا عبد الفتاح 25 أغسطس 2025 | 9:59 ص كتب دينا عبد الفتاح 25 أغسطس 2025 | 9:59 ص الإعلامية دينا عبدالفتاح النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 148 رؤية تحليلية تكتبها: دينا عبدالفتاح الزيارة الرسمية التي يقوم بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى أنغولا هذا الأسبوع تتجاوز الطابع البروتوكولي المعتاد. إنها ليست لقاءً ثنائيًا تقليديًا بين دولتين، بل خطوة مدروسة تضع أبوظبي على شاطئ الأطلسي وتفتح ممرًا جديدًا يربط الخليج بالعالم الغربي. في مشهد عالمي يتسارع فيه التنافس على الممرات البحرية وسلاسل الإمداد، تتحرك الإمارات بثقة لتكتب معادلة جديدة للنفوذ الدولي. إقرأ أيضاً دينا عبدالفتاح تكتب: الرأسمالية الذكورية تسيطر على عقود المشتريات دينا عبدالفتاح تكتب: الناجون من العدم- الجزء الثاني: الزمن أول درس مهم تعلمه الإنسان وأكبر خصم له مصر تكتب الهدوء من جديد: كيف نجحت القاهرة في صناعة وقف إطلاق النار في غزة؟ من يملك الموانئ يملك مفاتيح العالم أن تحط طائرة رئاسية إماراتية في لواندا بعد رحلة قاربت 11 ساعة لمسافة تزيد عن 6,000 كيلومتر، فهذا ليس مجرد تفصيل لوجستي. إنه إعلان مقصود بأن أبوظبي لا ترى حدودًا لنفوذها الجغرافي. فمن جبل علي، عقدة التجارة في الخليج، إلى لواندا على ساحل الأطلسي، ترسم الإمارات قوسًا استراتيجيًا يعيد تشكيل خرائط القوة البحرية. في عالم تُقاس فيه الهيمنة بقدرة الدول على التحكم في عقد النقل والتوزيع، تضع الإمارات يدها على المفاتيح. رؤية قنّاص ذكي يسبق منافسيه بخطوات خلف لغة البيانات الرسمية التي صدرت عقب لقاء الشيخ محمد بن زايد بالرئيس الأنغولي جواو لورينسو، تكمن أجندة أوسع بكثير. فالإمارات لا تدخل أنغولا كمستثمر يبحث عن أرباح سريعة، بل كلاعب استراتيجي ينسج علاقة طويلة الأمد. النموذج الذي تحمله أبوظبي يقوم على الدمج بين البنية الصلبة — الموانئ، المناطق الاقتصادية، الطاقة — والبنية الناعمة — التعليم، الصحة، والخدمات المجتمعية. بهذا النهج، لا تكتفي الإمارات بشراء النفوذ، بل تبنيه في نسيج المجتمع المضيف. استثمارات تكتب قواعد جديدة للعبة الصفقة الأبرز في الزيارة تمثلت في استثمار 379 مليون دولار لتطوير ميناء لواندا عبر “موانئ أبوظبي” و”دي بي وورلد”، بما يحوله إلى عقدة رئيسية في شبكة موانئ تمتد من جبل علي مرورًا بالبحر الأحمر وشرق أفريقيا وصولًا إلى الأطلسي. إلى جانب ذلك، أعلنت “مصدر” عن مشروع طموح للطاقة الشمسية بقدرة 2 غيغاواط، بينما تقود “دبي إنفستمنتس” تطوير منطقة اقتصادية على مساحة 2000 هكتار. هذه الاستثمارات لا تعكس فقط شهية تجارية، بل تصميمًا على إعادة كتابة قواعد التدفق التجاري في القارة. من الخليج إلى الأطلسي: خريطة جديدة للتجارة العالمية أنغولا، بثرواتها الهيدروكربونية والمعدنية الهائلة وبموقعها على الأطلسي، تمثل جائزة استراتيجية. فهي ثاني أكبر مصدر للنفط في أفريقيا بعد نيجيريا، وتملك احتياطيات ضخمة من الغاز والماس والنحاس والكوبالت. موقعها يجعلها بوابة طبيعية للتجارة مع أوروبا وأميركا اللاتينية. وبربط هذه البوابة بممرات قائمة شرقًا، تخلق الإمارات شبكة متوازنة تمتد عبر القارات، تعيد رسم خريطة التدفقات التجارية وتمنحها وزناً جيوسياسيًا متصاعدًا. الدخول حيث يتردد الآخرون بالنسبة لمعظم المستثمرين الدوليين، تمثل أنغولا تحديًا: اعتماد مفرط على النفط، فجوات في البنية التحتية، وفوارق اجتماعية حادة. لكن الإمارات تنظر إلى هذه التحديات كفرص. فلسفتها الاستثمارية باتت واضحة: الدخول المبكر حيث يتردد الآخرون يمنحها أفضلية السبق، ويتيح لها صياغة القواعد ووضع المعايير. ما فعلته أبوظبي في شرق أفريقيا وآسيا الوسطى يتكرر اليوم على ساحل الأطلسي، حيث يتحول التردد الدولي إلى مساحة فارغة تملؤها الاستراتيجية الإماراتية. شبكة عابرة للقارات خطوة أنغولا ليست استثمارًا معزولًا، بل عقدة جديدة في شبكة موانئ وممرات تتوسع بوتيرة ثابتة. من جبل علي إلى البحر الأحمر، ومن القرن الأفريقي إلى المحيط الهندي، والآن إلى الأطلسي. كل عقدة تضيف طبقة جديدة من النفوذ، وكل ممر يجعل الإمارات أكثر حضورًا في معادلة التجارة العالمية. الهدف أبعد من السيطرة على ميناء واحد: بناء شبكة تجعل المرور عبر “الممر الإماراتي” أمرًا لا يمكن تجاوزه. الإمارات لا تنتظر الفرص بل تصنعها الرسالة التي تحملها زيارة أنغولا واضحة: الإمارات لا تتحرك كرد فعل على التغيرات العالمية، بل تبادر بصناعتها. ومن خلال بناء شبكة موانئ وممرات تمتد من الخليج إلى الأطلسي، فإنها تضع نفسها حيث تُصنع القرارات الكبرى للتجارة والاقتصاد. في عالم تتحدد فيه القوة بمن يملك طرق العبور، تتحرك أبوظبي لتكون الممسك بالمفاتيح في المستقبل اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/0a27 الإعلامية دينا عبدالفتاحالإمارات العربية المتحدةالرئيس الأنغولي جواو لورينسوالممرات البحرية