اقتصاديان عالميان يطالبان بإعادة تشكيل النظام المالي العالمي لصالح أفريقيا

أكد الخبيران الاقتصاديان العالميان البروفيسور جيفري ساكس والدكتور كيشور محبوباني أن أفريقيا لن تحقق تحولًا اقتصاديًا شاملًا دون تجاوز النموذج المالي العالمي الحالي، مشيرين إلى أن القارة تحتاج إلى زيادة الديون الموجهة للتنمية، وليس تقليصها، وتبني سياسات صناعية جريئة، وثورة نفسية تعيد الثقة لشعوبها في قدراتها الذاتية.

كما شددا على أن القيود المفروضة من وكالات التصنيف الائتماني تُقيد النمو، وأن النظام المالي العالمي يضخ تريليونات في الأسواق المتقدمة، بينما تصل إلى أفريقيا “قطرات”، مؤكدين ضرورة التوجه نحو شراكات بديلة تشمل الصين والخليج والهند، وتأسيس مؤسسات تمويل أفريقية تمتلك أدواتها الخاصة.

جاء ذلك خلال جلسة نقاشية ضمن فعاليات اليوم الثالث من الاجتماعات السنوية الـ32 لأفريكسيم بنك في العاصمة النيجيرية أبوجا، والتي اتخذت طابعًا نقديًا غير تقليدي للنظام المالي الدولي، وطرحت رؤية بديلة لمسار النمو في القارة.

ساكس: دور أفريقيا في النمو العالمي يبدأ الآن

قال ساكس، أستاذ الاقتصاد بجامعة كولومبيا، إن أفريقيا، التي تضم 1.5 مليار نسمة، وصلت إلى لحظة التحول التاريخي، كما حدث من قبل في الصين والهند، مشيرًا إلى أن الاقتصاد الصيني تضاعف 32 مرة بين 1980 و2020، وخرجت 70% من سكانه من الفقر عبر نمو سنوي قدره 10%.

واقترح ساكس استراتيجية صناعية “صُنع في أفريقيا 2035″، تركز على التعليم (برفع معدلات الإتمام من 30% إلى 100%)، واستثمار ما يقارب 40% من الناتج المحلي في البنية التحتية، لتحقيق هدف الوصول إلى دخل مرتفع بحلول عام 2063.

محبوباني: التنمية تبدأ من الداخل

استعرض محبوباني، الدبلوماسي والمفكر السنغافوري، تجربة بلاده التي قفز فيها دخل الفرد من 500 دولار إلى 88 ألف دولار منذ عام 1965، مؤكدًا أن التحول الاقتصادي يبدأ من بناء الثقة بالنفس، لا من الخارج. كما أشار إلى تجارب آسيوية مثل فيتنام التي عانت في بداياتها من سوء إدارة علاقتها مع المستثمرين، داعيًا الدول الأفريقية إلى الحفاظ على التزاماتها التعاقدية والانفتاح المدروس على الاستثمار.

انتقاد صريح للنظام المالي العالمي

وجّه ساكس انتقادات لاذعة لوكالات التصنيف الائتماني، معتبرًا أنها تستخدم “نماذج بدائية” لتقييم ديون الدول، وتفرض مبدأ “السقف السيادي” الذي يمنع القطاع الخاص المحلي من النمو، ودعا إلى تجاوز الهيمنة الغربية على التمويل الدولي. كما أكد أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي “لم يكن صديقًا لأفريقيا”، مشيرًا إلى أهمية مؤسسات مثل مبادرة الحزام والطريق وصناديق الثروة الخليجية كبدائل حقيقية.