تعزيزًا لمواردها الدولارية تعمل الدولة المصرية جاهدةً على طرق كل أبواب تدفقات النقد الأجنبي لا سيما نشاطها التصديري، معتمدةً بشكل رئيسي على واحدة من أهم مؤسساتها الاقتصادية بالخارج “جهاز التمثيل التجاري” الذي يُعد بمثابة ذراع الدبلوماسية التجارية لمصر في مختلف أنحاء العالم لما يمتلكه الجهاز من مكاتب منتشرة في 43 دولة .
من هذا المنطلق أجرت «أموال الغد» حوارا مع الوزير المفوض تجاري يحيي الواثق بالله، رئيس جهاز التمثيل التجاري، ليُسلط الضوء على أبرز خطط الجهاز لدفع مؤشرات الصادرات المصرية ودعم جهود الدولة لاستقطاب المزيد من رؤوس الأموال الجديدة خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى استهداف الجهاز توفير فرص استثمارية حقيقية تتراوح ما بين 3 و5 مليارات دولار خلال 2025.
الواثق بالله شدد على أن مصر أصبحت وجهة جاذبة للاستثمارات الأجنبية عبر العديد من الدول، لا سيما في أسواق الصين والهند وتركيا وبعض الدول الأوروبية في ظل التغيرات الجيوسياسية العالمية والإقليمية، قائلا: “مصر لديها فرص جبارة لمضاعفة حجم الاستثمارات الأجنبية التي تجتذبها سنويا إلى 20 مليار دولار وذلك في القطاعات الإنتاجية والخدمية خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.
أشار إلى أن الفترة المقبلة ستشهد تنظيم حملات ترويجية عالمية في عدد من الأسواق المستهدفة، بحيث يتم الترويج لعدد من الفرص الاستثمارية والقطاعات المستهدفة، لافتا إلى وصول الجهاز لمراحل متقدمه في مناقشاته حول إقامة منطقة صناعية تركية داخل البلاد، إذ يجرى حاليا تحديد موقع تلك المنطقة على أن يتم الوصول لاتفاق نهائي حولها خلال النصف الأول من العام الجاري، وإلى نص الحوار..
في البداية.. كيف ترى فرص مصر لاجتذاب المزيد من الاستثمارات الجديدة؟
مصر لديها فرص جبارة وتاريخية من أجل مضاعفة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تجتذبها من 10 مليارات دولار حاليا إلى 20 مليارا سنويا وذلك في القطاعات الإنتاجية والصناعية، وهو الأمر الذي نتطلع لتحقيقه خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، وذلك نتيجة العديد من المتغيرات التي تشهدها الخريطة العالمية والأوضاع الجيوسياسية، وأيضا في ظل الإجراءات التي تتخذها الحكومة لتحسين مناخ الاستثمار في مصر، ولكن يتطلب ذلك مزيدا من التيسيرات لاجتذاب الشركات العالمية للسوق المحلية كملاذ أكثر أمانا وصمودا أمام المتغيرات العالمية والإقليمية.
ومن المتوقع أن تشهد مصر ارتفاعًا في حجم الاستثمارات الأجنبية خلال العام الجاري في القطاعات الإنتاجية والخدمية بما يتراوح بين 30 و50% أي ما نصل إلى 15 مليار دولار في مقابل 10-11 مليارا خلال 2024، ونستهدف أن يستحوذ القطاع الصناعي على 40% من هذه الاستثمارات، في ظل رغبة الدولة في تعميق وتوطين الصناعات وتقليل فاتورة الاستيراد.
مكاتب التمثيل التجاري وفرت 960 فرصة تصديرية بقيمة إجمالية2.3 مليار دولار في 2024
ما أبرز الدول التي تزداد فرص مصر لجذب الاستثمارات منها، وأهم محفزات الاستثمار في السوق المحلية؟
بالفعل هناك العديد من الدول التي ترغب في زيادة استثماراتها بمصر نتيجة امتلاك السوق المحلية العديد من المحفزات الإضافية والتي نتجت بشكل كبير من نجاح السوق في الصمود أمام الأزمات والتوترات الجيوسياسية والتجارية العالمية، والتي تأتي في مقدمتها الاستثمارات الصينية والتي تبحث حاليًا فرص الحد من التأثر بالقرارات والرسوم الجمركية التي فرضتها عليها الإدارة الأمريكية، وهو الأمر نفسه أمام الشركات الأوروبية والتركية والهندية والتي تدرك جيدا امتلاك السوق المصرية معدلات عالية من الربحية، فضلاً عن انخفاض قيمة العمالة والطاقة مقارنة بالأسواق المماثلة.
لذا يتم الترويج للاستثمار في مصر بناء على كثير من الأسس ومنها البنية التحتية والموقع الإستراتيجي، وكذلك أسعار الطاقة التي تعد الأرخص مقارنة بالعديد من الدول الأوروبية حاليا، وكذلك الأجور التي تعد أيضًا الأرخص مقارنة بتركيا وأوروبا والصين وفيتنام والهند، الأمر الذي ينعكس على تكلفة الإنتاج مقارنة بتلك الأسواق، وكذلك تنوع مصادر الطاقة، فمصر بها العديد من المزايا مقارنة بالدول المجاورة رغم بعض المشكلات الاخرى المتعلقة بالأراضي المرفقة والرسوم العديدة، وهو ما تعمل المجموعة الوزارية للتنمية الصناعية على حله حاليًا، عبر طرح وزارة الصناعة الأراضي الصناعية وتبسيط عملية الحصول على التراخيص اللازمة، كما يتم من خلال وزارة الاستثمار العمل على حصر جميع الرسوم التي يدفعها المستثمر والجهات التي يتعامل معها من أجل تقليص تلك الرسوم أو إلغاء بعضها وكذلك اقتصار التعامل مع جهات قليلة، فضلا عن العمل على تقليص مدة الإفراج الجمركي إلى يومين فقط بنهاية 2025، كما أن خير مروج للاستثمار في مصر المستثمرون المحليون والأجانب الموجدون بها، والعمل على حل المشكلات التي تواجههم.
وتقوم المكاتب التجارية بشكل مستمر بالترتيب والإعداد لمشاركة الوفود وبعثات الأعمال المصرية إلى الدول المختلفة وعقد مؤتمرات لعرض مناخ وفرص الاستثمار فى مصر، بالإضافة الى قيامها بالاتصال المباشر والمتابعة مع كبرى الشركات الموجودة فى الدول الأجنبية والعاملة فى المجالات المرتبطة بالمشروعات القومية فى مصر بهدف تعريف تلك الشركات بهذه المشروعات ومتابعة مذكرات التفاهم والارتباطات التعاقدية التي تم الاتفاق عليها.
كما تعتمد المكاتب التجارية فى تحركها على توثيق نجاح مصر فى التغلب على التحديات المالية التي واجهتها حتى الربع الأول من العام الحالي، والتي كانت أحد الأسباب التي دفعت بعض الشركات لإرجاء اتخاذ قرار ضخ استثمارات في مصر وفقاً لما أفادت به مكاتب التمثيل التجاري، فضلاً عن إظهار التزام الحكومة بالتصدى للمعوقات الإجرائية والفنية التي تواجه بعض الشركات المستثمرة بالفعل في مصر، ما يحول دون توسعها الاستثماري على النحو المطلوب في السوق المصرية.
كما تتطلع المكاتب أيضا لتكثيف جهودها خلال الفترة المقبلة، مستندة إلى الاستقرار المالي الذي شهدته مصر مؤخراً مشفوعاً بتحسن مختلف المؤشرات الاقتصادية، فضلاً عن حزمة الحوافز الضريبية والاستثمارية التي تم إصدارها مؤخراً لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى السوق المصرية واعتماد برنامج رد الأعباء التصديرية الذى أعلن عنه مؤخراً المهندس وزير الاستثمار والتجارة.
وتقوم المكاتب التجارية بالترويج لأهم الإجراءات الإصلاحية والجاري اتخاذها لتحسين بيئة الأعمال في مصر، وفى مقدمتها منح الرخصة الذهبية لدى تجمعات الأعمال في الدول المعتمدين لديها، وما توفره من إمكانات ومميزات للاستثمار، وكذا التعريف بالفرص الواعدة للاستثمار في مصر وتقوم بالعمل على استكمال جهود جذب الاستثمارات مع الشركات التي تم فتح قنوات اتصال سابقة معها خاصة الشركات التركية والهندية والصينية والألمانية وبعض الشركات الخليجية.
الواثق بالله: نستهدف توفير المكاتب التجارية 3- 5 مليارات دولار فرصًا استثمارية خلال العام الجاري

رئيس جهاز التمثيل التجاري مع محرري أموال الغد
إذًا ما أبرز مستهدفات المكاتب على صعيد جذب الاستثمارات خلال 2025؟
هناك خطة عمل تعمل المكاتب التجارية على تحقيقها ولديها مستهدفات محددة لجذب استثمارات بما لا يقل عن 3-5 مليارات دولار خلال 2025 فى عدد من القطاعات، وبالفعل هناك توجه كبير نحو زيادة الاستثمارات التركية في مصر خلال الفترة المقبلة على سبيل المثال، بالإضافة الى استثمارات لشركات هندية في عدد من القطاعات تتضمن الطاقة والأدوات الطبية والنقل إلى جانب استثمارات لشركات إسبانية وألمانية وإيطالية وبولندية في قطاعات صناعية وخدمية مختلفة.
وخلال الفترة الماضية، تم استقبال عدد كبير من الشركات أو الوفود الاستثمارية من مختلف الدول للتعرف بشكل واضح على فرص الاستثمار وتضمنت توقيع العديد من الشركات الأجنبية على مذكرات تفاهم أو خطابات نوايا للبدء في استثماراتها في قطاعات مختلفة، في ظل جاذبية السوق المصرية، وارتفاع معدل ربحية المشروعات وباعتبارها سوقًا ضخمة وترتبط باتفاقات تجارة حرة من أهم الدول والتكتلات الاقتصادية في العالم، وهو ما يجعل مصر سوقا محورية لحركة التجارة والاستثمار والتصنيع من أجل التصدير.
وبلغت القيمة التقديرية لأهم المشروعات الاستثمارية التي نجحت المكاتب التجارية في جذبها نحو 11.6 مليار دولار وهي قيمة يتم ضخها على عدد من السنوات حسب عمر كل مشروع، وذلك فى قطاعات متعددة على رأسها الطاقة وتشمل كذلك الصناعات الغذائية، والهندسية والمستلزمات الطبية وتكنولوجيا المعلومات والقطاع المصرفي والعقاري والاتصالات، والملابس الجاهزة، والمنسوجات، وغيرها.
نخطط لإنشاء منطقة صناعية ضخمة للشركات التركية.. ومفاوضات لإقامة أخرى تستغلها كيانات بولندية
هل يقتصر الترويج على جذب الاستثمارات لـ152 فرصة استثمارية التي حددتها وزارة الصناعة؟
لا تقتصر عملية الترويج للاستثمار في مصر على تلك الفرص، بل يتم الترويج لجميع القطاعات في مصر سواء الصناعية أو السياحة العلاجية أو الزراعة والتصنيع الزراعي وكذلك المقاولات، إذ تعمل المكاتب على توفير الفرص الموجودة في الأسواق المتعلقة بالمناقصات عن مشروعات البنية التحتية من مشروعات السدود والمياه والطاقة والكباري والطرق والمستشفيات والمدارس وغيرها وطرحها أمام شركات المقاولات المصرية للدخول بها، ما أسفر عن العشرات من المشروعات أمام كثير من الشركات ومنها المقاولون العرب وحسن علام والسويدي.
كما يتم الترويج أيضًا للاستثمار في المشروعات الإنتاجية سواء الصناعية أو التصنيع الزراعي في الكثير من الدول مثل أوروبا والصين وتركيا والهند، وكذلك الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي والصحي والطاقة الجديدة والمتجددة، وعلى المدى الطويل نستهدف جذب منتجي الآلات والمعدات للاستثمار وإنتاجها في مصر.
خلال العام الجاري سيتم تنظيم حملات ترويجية دولية تتم بناء على طبيعة البلد المستهدفة وتحديد الفرص المناسبة مع كل بلد، وستكون البداية بأمريكا، ثم الصين والهند وتركيا، وبعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا، وبولندا.
تعمل مصر على جذب الاستثمارات الأجنبية في مجال الهيدروجين الأخضر.. ما دور الجهاز في ذلك؟
هناك إقبال كبير من الشركات الأجنبية على الاستثمار في مصر بهذا المجال، ويوجد تفاوض بالفعل مع العديد من الشركات وتم بالفعل توقيع عدد من مذكرات التفاهم بهذا الشأن، وتقوم المكاتب في الخارج بالترويج للاستثمار في هذا المجال، خاصة في ظل الحاجة إلى 40 جيجا إضافية منها 25 جيجا من الطاقة الجديدة والمتجددة حتى 2030، من أجل تغطية احتياجات السوق المحلية والتصدير للاتحاد الأوروبي مرورًا باليونان وقبرص.
ما آخر تطورات إقامة مناطق صناعية للدول على غرار منطقة تيدا الصينية؟
شهدت الفترة الماضية بالفعل الترويج لإقامة مناطق صناعية مختصة لبعض الدول للاستفادة من مزايا السوق المصرية، خاصة في ظل النجاح الذي حققته منطقة تيدا الصينية وجذبها العديد من المستثمرين الصينيين وضخ استثمارات كبيرة، وهو ما دفعهم للعمل على منطقة تيدا 2، وهناك حاليا مفاوضات متقدمة مع تركيا لإقامة منطقة صناعية تركية، ويتتم دراسة موقع تلك المنطقة سواء في الإسكندرية أو بورسعيد أو السويس، ومن المتوقع التوصل لاتفاق حولها خلال النصف الأول من 2025، كما تتم دراسة هذا الأمر أيضا مع بولندا.
ما حجم الفرص التصديرية التي أتاحها الجهاز ومكاتبه في الخارج خلال عام 2024؟
حقق الجهاز ومكاتبه في الخارج نجاحاً ملحوظاً في تنمية الصادرات المصرية (غير البترولية) خلال عام 2023، والتي بلغت قيمتها حوالي 35.6 مليار دولار، وأتاح الجهاز أكثر من 1000 فرصة تصديرية، بقيمة تقديرية لأهمها تبلغ حوالي 1.5 مليار دولار.
وشهد العام الماضي 2024 ارتفاعاً كبيراً في مؤشرات أنشطة مكاتب التمثيل التجاري، إذ تم توفير 960 فرصة تصديرية بقيمة تقديرية 2.3 مليار دولار، تحقق منها أكثر من 700 و800 مليون دولار بالفعل، وهو ما يتم العمل عليه بأن يتم حساب الفرص المحققة التي يستغلها المصدر بالفعل.
كما تم الترويج لما يزيد على 8800 شركة مصرية فى الأسواق الخارجية كما تم إعداد ما يزيد على 700 دراسة تسويقية وتقارير نوعية، بالإضافة إلى المساندة والدعم للمشاركة المصرية فى 45 معرضًا دوليًا ونحو 250 بعثة أعمال، فضلاً عن المشاركة فى تنظيم نحو 1400 فعالية ترويجية مختلفة من اجتماعات وندوات وغيرها، كما ساهمت المكاتب التجارية فى حل 250 شكوى ونزاعا تجاريا كما وفرت نحو 44 مشروعًا استثماريًا.
على صعيد دفع التصدير.. ما أبرز ملامح إستراتيجية عمل الجهاز لتسهيل انتشار المنتجات المصرية بالخارج؟
هناك خطة عمل تعمل المكاتب التجارية على تحقيقها ولديها مستهدفات محددة لتنفيذ برنامج لتنمية الصادرات وتحقيق معدلات لتنمية الصادرات بنسبة تتراوح بين 15 و20% سنوياً بالاستناد إلى عدد من المحاور، إذ يعتمد نجاح فرص الاستفادة من الأزمات الحالية وتحقيق زيادات مستدامة للصادرات المصرية في الأسواق العالمية، على تبنى سياسات تجارية أكثر مرونة، وغير نمطية تكون قادرة على الاستجابة للتغييرات المستمرة في الأسواق الدولية، وتعظم قيمة الصادرات المصرية سواء في الأسواق الواعدة أو التقليدية بالاستفادة من مصفوفة المنتجات ذات القيمة المضافة المرتفعة والأسواق الواعدة.
وهناك عدد من القطاعات التصديرية المصرية تتمتع بمميزات تنافسية عالية تجعلها قادرة على المنافسة في الأسواق الدوليةـ، وفى مقدمتها مواد البناء والكيماويات والصناعات الغذائية والملابس والمنسوجات، بالإضافة الى الحاصلات الزراعية والسلع الهندسية.
وبالفعل تعمل المكاتب التجارية على حصر احتياجات الأسواق المستهدفة وبناء قاعدة بيانات عن أهم القطاعات التصديرية والسلع الأهم داخل كل قطاع بالنسبة لكل سوق خارجية على حدة، وبناء قاعدة بيانات عن أهم الشركات الأجنبية المستوردة في كل دولة ولكل سلعة، بالإضافة الى توفير جميع البيانات لمتطلبات الصحة والجودة بما في ذلك شهادات الجودة المطلوب توفيرها بصحبة كل سلعة في كل سوق على حدة.
الخطة التي يتم تنفيذها تتضمن أيضاً توفير قاعدة بيانات لأهم المعارض التي تنصح المكاتب التجارية بمشاركة مصر فيها على أساس كل دولة مع بيان الأهمية بالنسبة لكل معرض، وتكليف المكاتب التجارية بالبحث عن فرص تصديرية حقيقية للسلع التي كشفت عنها قاعدة البيانات التي تم إعدادها على أن يتم توفير هذه الفرص من خلال آليات التواصل والاتصال المباشر والمتكرر مع المستوردين المحتملين.
رئيس التمثيل التجاري: التركيز على أسواق الصين وتركيا والهند والاتحاد الأوروبي لترويج الفرص المتاحة بالبلاد
برأيك.. ما التحديات الرئيسية التي تواجهها الصادرات المصرية في الأسواق العالمية؟
الاشتراطات الفنية تُعد من أهم العوائق التى تواجه الصادرات المصرية فى الأسواق المختلفة خاصة مع التوجه لفرض اشتراطات فنية وبيئية جديدة وفى مقدمتها آلية تعديل حدود الكربون والصفقة الخضراء وقانون العناية الواجبة وغيرها التى يجب على جميع الشركات، خاصة الكيانات المصدرة لا سيما الصغيرة والمتوسطة أن تزيد من قدرتها وجاهزيتها على التعامل معها فى الأسواق الخارجية والتي لها احتياجات مختلفة، ويجب عليها التركيز في المنتجات التي تعمل بها وتحديد الأسواق التي تستهدفها. هناك اعتقاد خاطئ لدى بعض المصدرين، خاصة الجدد وهو السعي لتصدير جميع المنتجات من دون دراسة كافية لطبيعة السوق.
فيجب على هذه الشركات الاهتمام بدراسة السوق والاستفادة من المعلومات التي توفرها المكاتب التجارية للتأكد من القدرة على دخول إحدى الأسواق بالمواصفات والاشتراطات المطلوبة، كما أن الاكتفاء بمراسلة المستوردين المحتملين لم يعد كافياً لتحقيق التواصل المطلوب لإنجاز صفقات تصديرية وإنما يجب الاهتمام بحضور الفعاليات الترويجية المختلفة في الداخل والخارج.
وما المبادرات الجديدة التي تم إطلاقها لدعم التجارة الخارجية في مصر؟
لدينا خطط تحرك واضحة لإعطاء المزيد من الاهتمام لترويج الصادرات غير التقليدية من الصادرات الخدمية المصرية، وفى مقدمتها خدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وخدمات المقاولات والتشييد، والمنتجات العضوية، بالإضافة الى التركيز على الترويج للمنتجات المصنعة ذات القيمة المضافة العالية، علاوة على تركيز الجهود الترويجية على جذب الاستثمارات بقطاعات (الملابس الجاهزة والمنسوجات والطاقة المتجددة والصناعات الهندسية والسيارات والتطوير العقاري والصناعات الكيماوية) وهى القطاعات التي تتمتع بجاذبية كبيرة وفقاً لما اتضح من اتصالات مكاتب التمثيل التجاري مع دوائر الأعمال والشركات في دول الاعتماد.
يجىء ذلك بالإضافة إلى زيادة الاعتماد على الترويج لنموذج “الاستثمار من أجل التصدير” والذي يعد من أبرز عناصر الجذب للاستثمار في مصر بغرض الاستفادة من التكلفة التنافسية وشبكة اتفاقات التجارة الحرة والتفضيلية لمصر، فضلاً عن التصدير للأسواق الأوروبية وأمريكا، خاصة بعد الاضطرابات التي شهدتها سلاسل الإمداد العالمية وآخرها أزمة مضيق باب المندب، بما يعزز فرص مصر كمنصة آمنة للتصنيع والتصدير لكبرى الأسواق العالمية.
كما تم إطلاق مبادرة لإيجاد مصدرين جدد وتأصيل ثقافة التصدير لدي الشركات ورفع القدرة التنافسية للشركات للعمل على زيادة قاعدة الشركات المصدرة من خلال توفير برنامج لدعم صغار المصدرين والمصدرين الجدد وتشجيعهم على استغلال فرص الانطلاق للخارج واستغلال البرامج المتاحة التي تتيح لهم خدمة مصالحهم وتعزيز قدراتهم التنافسية، ونستهدف من خلال هذه المبادرة تنمية قطاع القدرات التصديرية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، إذ تم إنشاء وحدة جديدة للتواصل مع تجمعات الأعمال بالتمثيل التجاري تهدف إلى تكثيف الاتصالات بين المكاتب التجارية ومختلف تجمعات الأعمال والمجالس التصديرية، إذ تناقش الشركات الممثل التجاري المصري مباشرة من خلال “مجموعة من الاجتماعات الافتراضية” ويتم بحث الفرص والمعوقات لكل قطاع تصديري على حدة.
كما تقدم المكاتب التجارية ضمانات مهمة للشركات المصدرة خاصة الصغيرة والمتوسطة والتي ليست لديها القدرة الكافية على تقييم المخاطر بالأسواق التصديرية، ولكن حتى يكون التعامل مع المكاتب التجارية مفيداً يجب أن تكون طلبات الشركات واضحة ومحددة في قطاع وبنود تصديرية محددة وليس على الإطلاق، وأدعو الشركات الى استشارة المكاتب التجارية قبل البدء في علاقة تعاقدية مع أحد الكيانات للتأكد من جدارة الشريك الأجنبي وذلك حرصاً على حقوق المصدريين المصريين.
كما أن لعب المكاتب التجارية دورا أساسيا كحلقة وصل بين دوائر الأعمال الأجنبية والسوق المصرية يعد مساهمة مهمة فى دعم مناخ الاستثمار فى مصر عن طريق التعريف بأهم التطورات وحوافز الاستثمار وظروف السوق المصرية المواتية لجذب الاستثمارات من حيث ارتفاع العائد والانخفاض النسبى فى تكاليف الإنتاج، بالاضافة الى ضخامة حجم السوق المحلية والأسواق التى ترتبط بها عن طريق اتفاقات التجارة الحرة.
نقترب من إتمام خطوات التبادل التجاري بالعملة المحلية مع الإمارات لتعزيز التجارة بين البلدين
كيف تقيم مدى استفادة مصر من الاتفاقيات التجارية المبرمة مع العديد من التكتلات التجارية العالمية؟
الاستفادة من عدمها لا تتعلق بالاتفاقية في حد ذاتها، والتي تعطي ميزات للدخول في الأسواق بإعفاءات جمركية، بل بمدى معرفة الشركات بمزايا تلك الاتفاقيات واشتراطات الأسواق المختلفة والالتزام بها، وكذلك بإثبات وجودها في هذه الأسواق من خلال الجودة والسعر التنافسي، فاتفاقية الميركسور تحتاج لمزيد من الترويج والتعريف بها وأنها لا تقتصر فقط على البرازيل بل تضم ايضا الأرجنتين وباراجواي وأورجواي.
ورغم اتفاقية الكوميسا فهناك بعض الدول الأفريقية لا تلتزم بقواعدها، علاوة على أن بعض الشركات المصرية لا تريد المخاطرة بالانتشار في أسواق القارة نتيجة معوقات تتعلق بضمان الصادرات وصعوبات الشحن واللوجيستيات وارتفاع تكلفته، وهي العوامل التي يتم العمل على حلها حاليا، من خلال وكالة ضمان الصادرات التي يشرف عليها البنك المركزي والمتوقع أن تبدأ عملها خلال النصف الأول من العام الجاري، ما يزيد من معدلات الأمان للمصدرين المصريين.
كما أن وزارة النقل تعمل على حل مشاكل النقل عبر وضع خطة متكاملة لرفع كفاءة ومضاعفة الأسطول المصري 3 أضعاف حتى 2030، فضلا عن الانتهاء من العديد من الطرق التي تربط مصر بالقارة الأفريقية مثل طريق القاهرة كيب تاون، وطريق السويس بورسودان، يمر بالتشاد وليبيا والكاميرون، والربط الساحلي ” بورسعيد، السلوم، ومن المستهدف أن يمتد حتى بني غازي”، بالإضافة إلى محور القاهرة داكار، وكل هذه المشروعات يتم تنفيذها بالتوازي، ومن المستهدف الانتهاء منها خلال عامين، بالإضافة إلى أنه من المخطط امتداد القطار الكهربائي حتى طرابلس، والربط السككي من أسوان حتى وادي حلفا.
ماذا عن تطورات اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية.. ومستهدفات التجارة بين مصر وأفريقيا؟
صدقت برلمانات نحو 47 دولة أفريقية على الاتفاقية حتى الآن، وتعد الدول حاليًا القوائم السلبية الخاصة بكل دولة، وتم بالفعل التنفيذ التدريجي للاتفاقية بين 8 دول منها مصر والمغرب وغانا وجنوب أفريقيا، وإرسال بعض الشحنات التجارية بين تلك الدول للاستفادة من الاتفاقية، وسط توقعات ببدء التطبيق الفعلي في النصف الثاني من العام الجاري.
ويصل حجم الصادرات المصرية لأفريقيا نحو 6.2 مليار دولار، ومن المستهدف تحقيق معدل نمو سنوي يتراوح ما بين 15- 20%، وزيادة تلك النسب عن ذلك حال توافرت العناصر المكملة للاتفاقيات من ضمان الصادرات والشحن واللوجيستيات.
ما آخر مستجدات التبادل التجاري بالعملات المحلية؟
هناك عدد من الدول التي تم التفاوض معها بهذا الشأن ولكن يستغرق ذلك الكثير من الوقت نظرًا لارتباطه بالحصول على الموافقات الحكومية والبنوك المركزية في الدول وللتوصل لآليات التنفيذ، خاصة أن الهدف من ذلك هو تقليل الضغط على الدولار، وتعد الإمارات الدولة الأقرب لتنفيذ هذا الأمر معها.