دينا عبد الفتاح تكتب: إعلام التخويف الترامبي.. وروايتنا الخاصة! بواسطة أموال الغد 17 مارس 2025 | 3:31 م كتب أموال الغد 17 مارس 2025 | 3:31 م النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 20 في لحظات تحول كبيرة على جميع المستويات، يمر العالم حاليًا بزحف ترامبي داهم يرى الكون من فتحة باب ضيقة بحدود صغيرة ومستوى من القوة لن تتمكن من فعل شىء أمام الإرادة الأمريكية الجبارة التي ترغب في وضع جديد تسطره هي بنفسها دون عناء وتكلفة، ولكن بكثير من التوجيهات والتهديدات والتصادمات أمام وسائل الإعلام لفرض الأمر الواقع وتمهيد الرأي العام العالمي لمرحلة جديدة من الهيمنة الأمريكية. المشهد الأخير في البيت البيضوي بين ترامب والرئيس الأوكراني فلوديمير زيلنسكي، وما دار من تراشق ومشادات كلامية ما هو إلا تعبير دقيق عن هذا التحول، فالدبلوماسية والابتسامات الإكليشيه لم تعد تجدي أمام الكاميرات، بل أصبح ما يدار من ألاعيب السياسة الدولية والمصالح الاقتصادية في الغرف المغلقة على الهواء مباشرة في حضرة «ملك جذب الانتباه»، أصبح ضيفًا دائمًا على مختلف وسائل الإعلام حول العالم ومواقع السوشيال ميديا بتصريحاته الرنانة ولغة جسده العابثة التي سيطر بها بشكل تام على الأجندة الإعلامية الأمريكية والدولية. إقرأ أيضاً الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يثير الجدل مجددا بمقطع فيديو عن «ريفيرا غزة» دينا عبد الفتاح تكتب: «الترامبية» خطرة.. وكثير منها فانتازيا ! حول موعد الـ 12 ظهر السبت.. «ترامب» يقذف الكرة في ملعب إسرائيل فترامب يجيد الرقص بشكل منفرد في مسرح السياسة أمام الكاميرات ووسائل الإعلام، ويرغب في وضع الجميع كمتفرجين يصفقون بقوة دون انقطاع. وهذا الأسلوب الإعلامي الذي يتبعه ترامب خبيث وضار، لأنه ببساطة يوجه الرأي العام الأمريكي والعالمي نحو التفكير فيما يمكنه وما لا يمكنه أن يفعله، وما تمتلكه بلاده من قدرة على بسط نفوذها على العالم أجمع، وتعطيل قرارات الدول الحرة عبر تفكير قاداتها قبل اتخاذ أي خطوة في رد فعل الرئيس المشاغب للولايات المتحدة، أو أخذها في معارك جانبية لن تفضي إلى شىء، وقد وقع العديد من الدول في هذا الفخ خلال الفترة الماضية وهو ما يجب أن ننتبه إليه كدولة مصرية على المستويات كافة. فمصر وقيادتها السياسية، أدرى بمقوماتها القوية وقدراتها السياسية والمهنية التي يمكن أن تمارسها تجاه هذه الظواهر الجديدة والوقوف أمام هذه المعطيات التي تسري بنا لمخططات مريبة تطال العالم والشرق الأوسط بشكل خاص، وقد نجحت بالفعل في الوقوف أمام هذا الفيضان الترامبي خلال الفترة الماضية بتمسكها بالثوابت المصرية القوية تجاه أشقائها، ومناصرة قضايا المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حتى ولو على حساب ظروفنا الاقتصادية التي تضغط بها القوى الكبرى علينا. كما أننا نجحنا في ملفنا الاقتصادي في أن نصل لمرحلة التوازن المطلوبة في توقيت صعب وذلك بشهادة المؤسسات الدولية، رغم الاضطرابات والعواصف المحيطة بحدودنا من كل جانب وتؤثر في مقاومتنا وقدرتنا، وهذه تعد أهم ورقة للحصول على أكبر مكاسب من اللعبة التي تخوضها إدارة ترامب في المنطقة، إلى جانب استعادتنا دورنا القيادي والتاريخي كركن حصين وملاذ آمن للمنطقة العربية، بعد تناسي كثيرين هذا الدور عمدًا، ليتأكد للجميع بأنه لا يمكن استبدال مصر بأى قوة أخرى في المنطقة. ورغم هذه الحصانة والحصافة السياسية والدبلوماسية القوية التي نمتلكها أمام هذه المتغيرات المتلاحقة، فإننا في حاجة ملحة لحصانة إعلامية من نوع خاص خلال الفترة المقبلة، أمام إستراتيجيات الاتصال والإعلام المحكمة التي ينفذها ترامب وإدارته لتقديم القضايا للجمهور بطريقة تؤثر في تفسيرهم وفهمهم الأحداث، لبناء رأي عام مضطرب ومشتت، وهو ما يطال شرره المجتمع المصري بشكل كبير في ظل الأعداد الكبيرة من جميع الطبقات الاجتماعية على منصات السوشيال ميديا وأيضًا ما يشاهدونه على وسائل الإعلام العربية التي انجرفت هي الأخرى وراء ترامب وتصريحاته بشكل كامل دون الوقوف بشكل دقيق على معطيات هذه التصريحات وفلسفتها، والخروج بسياسات إعلامية منضبطة لمجابهة هذا التيار. فالرجل البرتقالي اعتاد إعادة صياغة الأحداث والمواقف بما يخدم روايته الخاصة وتوجيه النقاشات الإعلامية نحو القضايا التي يريدها وإطلاق تصريحات غير تقليدية أو مثيرة للجدل، ما يولّد حالة من الصدمة تدفع وسائل الإعلام للتفاعل معها بشكل مكثف، بالإضافة إلى التأثير المباشر منه بشكل شخصي عبر توجيه رسائله على منصات السوشيال ميديا الخاصة به دون الحاجة إلى مسارات الإعلام التقليدية، واللعب أيضًا على مشاعر جمهوره من غضب وخوف. كما أنه يستعد هو وإدراته وفقًا لتقارير إعلامية، لتوسيع الوصول إلى أصوات ومنافذ إعلامية جديدة وأدوات وتكتيكات جديدة للسيطرة على المشهد الإعلامي بشكل مستدام داخليًا وخارجيًا، وهو ما وصفته جمعية مراسلي البيت الأبيض بخطوات تمزيق استقلالية الصحافة الحرة في الولايات المتحدة. وما يهمنا هو الانتباه جيدًا لرسائله الإعلامية للخارج والتأثير في المنطقة وحزامنا الاجتماعي الخاص وأمننا القومي، فالعرب أصبحوا على رأس قائمة أجندة ترامب الإعلامية نتيجة الأحداث الأخيرة في منطقتنا والتي حولتها إلى كتلة من النار وزلزلت أركانها واستقرارها على جميع المستويات، وأيضًا طمعا في ثرواتها الوفيرة إما بسياسات اقتصادية خارجة على المألوف بتهديد الدول علنا وابتزازها، وإما بتحركات عسكرية من جانب الاحتلال الإسرائيلي لتغيير جغرافية الأرض والطمع في أراضي الدول العربية، وتغذية الاضطرابات والنعرات العصبية. فالرجل وإدراته، ينفذون مخططًا إعلاميًّا خاصًا يرغبون من خلاله في تصدير رسائل إعلامية للوعي الجمعي في منطقتنا ومصر بشكل خاص باعتبارها الركن الحصين للعرب، مفادها بأن خيوط اللعبة جميعها في يديه وأن القادم أسوأ على كل المستويات إذا ما تم تهديد إسرائيل بشكل أو بآخر مهما فعلت من جرائم أو حتى فظائع، وذلك لتضليل الشعوب وحشدها وراء أفكار هدامة، خاصة أن جزءًا كبيرًا من النخبة التي يمكن أن تنجرف وراء هذه الممارسات وتبعث برسائل إعلامية محبطة قد تخدم هذا المخطط ولو من دون قصد. فسياسة إعلام التخويف تسيطر على المشهد في الوقت الحالي حتي للداخل الأمريكي، رغم أنها تقنية قديمة ارتبط توظيفها بالدعاية أثناء الحربين العالميتين الأولى والثانية لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية، لكن ترامب يفضل استخدامها لتبرير خطواته الجنونية التي لم ينجُ منها أحد، مستخدمًا التقنيات الإقناعية نفسها، رغم عدم نزاهتها ومصداقيتها، إذ تغلف بالكثير من الغضب المفتعل بحجة الحفاظ على المصالح القومية وتحقيق الأمن المجتمعي للولايات المتحدة. وكشف تقرير لصحيفة التايمز البريطانية أن بوب وودوارد، الصحفي المخضرم الذي أجرى مقابلات مع دونالد ترامب مرات عدة، وكتب 3 كتب عن رئاسته الأولى، يرى أن مفتاح فهم تفكير ترامب هو «الخوف»، وقال وودوارد الذي كان أحد اثنين فجرا فضيحة ووترجيت التي أطاحت بالرئيس السابق ريتشارد نيكسون عام 1974: «عندما أجريت مقابلة مع ترامب قبل 8 سنوات، قال إن القوة الحقيقية هي الخوف».. ومن ثم بالوقوف على هذا المشهد الإعلامي المتبع من قبل ترامب وإدارته، يجب علينا أن نتبنى مزيدًا من السياسات والإجراءات الإعلامية التي تركز على دحر هذا الخوف وبث الثقة في نفوس الشعب المصري بأطيافه كافة، والاستفادة من حالة الاصطفاف الحالية، فنبرة الشعوب القوية أمام التهديدات تعبر بشكل واضح عن مدى الصلابة والتماسك التي يتمتع بها والتي تعد الرهان الرئيسي لأى قيادة سياسية في كسر التحدي، وظهر ذلك جليًّا من الشعب المصري على مختلف منصات التواصل الاجتماعي خلال الفترة الأخيرة، بملايين التعليقات والردود التي عبرت عن غضبها أمام هذه الممارسات الترامبية في المنطقة وتأييدها المطلق للقيادة المصرية. وبشكل عملي نحتاج لحشد إعلامي نوعي ذي طبيعة تستوعب جميع أصوات النخب في شتى المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتنموية خلال الفترة المقبلة، للتحدث ومخاطبة الرأى العام والتأكيد على القدرة الحقيقية لمصر في دحر كل التحديات، والانطلاق نحو وجهتها في صناعة مستقبلها المأمول رغم أي تحديات، وذلك لبناء حماية داخلية وخارجية تجاه هذه الممارسات الإعلامية المصدرة من الخارج. ولا أقصد هنا النخبة السياسية فقط، بل في مختلف المجالات المتصلة بالتنمية والاقتصاد والتأثير المجتمعي والبشري، إذ نمتلك العديد من المؤثرين والنماذج الناجحة التي يعتبرها الشباب قدوتهم في هذا المرحلة، ويؤمنون بأفكارهم خاصة أنهم شخصيات ناجحة تمكنت من صناعة تجارب خاصة، ويمتلكون أيضًا الكاريزما الخاصة التي تتأثر بها الأجيال الجديدة التي نراهن عليها في صناعة المستقبل. كما يجب العمل على المساهمة في تشكيل هوية إعلامية حقيقية للاقتصاد المصري بشكل خاص وإعادة تشكيل رأي عام مساند له داخليًا وخارجيًا باعتباره الارتكاز الرئيسي للدولة، ومواكبة متطلبات المرحلة الحالية وما تحتاج إليه من تعزيز الوعي المجتمعي بالقضايا الاقتصادية الملحة، وبناء منظومة معرفية سليمة تتلاءم مع خطط الجمهورية الجديدة وذلك عبر تقديم كل أشكال الاتصال الجماهيري والمؤسسي وإصدار أنواع عديدة من المحتويات الصحفية الاقتصادية المتشابهة في الرسالة والمختلفة في المضمون، وذلك للوصول إلى جميع الفئات ذات الشأن، وأيضًا تشكيل شبكة علاقات قوية تؤسس لخطاب اقتصادي ملتزم وموضوعي للتعريف بالنقلة النوعية والاستثنائية التي تشهدها مصر في مختلف القطاعات والمجالات الاقتصادية داخلياً وخارجياً رغم التحديات. فبث الثقة والقوة في الشعب بكل أطيافه يحتاج إلى استعراض الفرص التي يمكنهم أن يحظوا بها، وذلك وفقا لسياسات إعلامية تكشف التنوع الكبير في الاقتصاد، خاصة القطاع الخاص بما يضم من مبان إدارية عملاقة ومصانع ضخمة وعدد كبير من الموظفين، مع التركيز بشكل خاص على رواد الأعمال الناجحين، وهو ما يمثل قوة تعزز من طاقات الشباب الجديدة وترفع من معنوياتهم وسقف أحلامهم، أمام حالات التخويف والتهويل التي يمارسها الإعلام الموجه بشكل يومي. كما أن هذا العصر الذي نعيشه وتتسارع فيه الأحداث وتتداخل فيه الحقائق مع الأيديولوجيات، يستوجب العمل على صناعة محتوى وثائقي يسجل التاريخ المعاصر بشفافية ودقة، ليكون مرجعًا للأجيال القادمة، فمن المهم أن نفهم وتفهم الأجيال القادمة كيف تأثرت المنطقة العربية ومصر بالتحديات الكبرى والضغوطات السياسية والاقتصادية التي فرضتها المخططات الغربية على مدار القرن الماضي. فلا شك أن هذا النوع من المحتوى يمكن أن يسهم في تقديم صورة حقيقية لما يحدث الآن، بعيدًا عن التلاعب الإعلامي أو التحريف الذي تتقنه السياسة الغربية عبر تاريخها، فمن خلال الوثائقيات، يمكن أن نوفر للأجيال القادمة فهمًا معمقًا للتاريخ الحالي، ما يساعدهم على اتخاذ قرارات واعية في المستقبل بناءً على المعرفة والمراجعة النقدية لما جرى، فتوثيق هذه اللحظات التاريخية يعد أمرًا أساسيًا لإعطاء الفرصة للأجيال الجديدة لتحديد مصيرهم بحرية، بعيدًا عن تأثيرات القوى الخارجية أو التصورات المضللة. فلنعمل الآن وبشكل عاجل على تسطير صفحاتنا السياسية والاقتصادية والإعلامية والاجتماعية خلال الفترة المقبلة بالكثير من النقاط المضيئة والحسابات الإستراتيجية التي تنجينا من سهام هذا العبث الدولي، ولنحكي روايتنا الخاصة المحلية بما تحمل من نجاحات وتحديات وإخفاقات، ولنتوقف كثيرًا عن ترديد حكايات الأخرين بما تحمل من سموم وأفكار هدامة وتعطيل لجميع المراكب السائرة بل إغراقها في النهاية! اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/lhcn الإعلام العالميالإعلام العربيالاحتلال الإسرائيليالرئيس الأمريكيخريطة الشرق الأوسطدونالد ترامب