«معلومات الوزراء» 1.8 تريليون دولار حجم الاستثمارات في الطاقة النظيفة عام 2023

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تحليلًا جديدًا تناول من خلاله نتائج مؤشر التحول فى مجال الطاقة عام ٢٠٢٤، ومتطلبات هذا التحول، وأهم المدن الصديقة للبيئة من خلال مؤشر أركاديس للمدن المستدامة عام ٢٠٢٤، وتجربة مصر في تنفيذ برنامج المدن الخضراء.

أشار إلى أنه مع استمرار العالم في التعامل مع آثار الظروف البيئية المتغيرة، تتخذ مدن عديدة خطوات لتقليل بصمتها الكربونية لتصبح أكثر صداقة للبيئة، مع الحد من استخدام وإنتاج مركبات الكربون الهيدروفلورية وتشجيع استخدام الطاقة المتجددة.

وأوضح المركز أن مفهوم “المدن الخضراء” أصبح يكتسب أهمية متزايدة مع سعينا إلى إنشاء مناطق حضرية أكثر استدامة وصديقة للبيئة، والمدينة الخضراء هى تلك التى تعطى الأولوية لصحة ورفاهية سكانها، فضلًا عن الحفاظ على الموارد الطبيعية، ويمكن أن يشمل هذا تدابير، مثل: تنفيذ خيارات النقل الأخضر، وتعزيز كفاءة الطاقة، وحماية النظم البيئية المحلية.

مؤشر الطاقة والمنتدى الاقتصادي العالمي

أوضح التحليل أنه بالرغم من النتائج القياسية لمؤشر التحول فى مجال الطاقة الصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمي (WEF) خلال عام ٢٠٢٤- حيث وصلت درجات مؤشر التحول فى مجال الطاقة العالمى (ETI) إلى أعلى مستوياتها، وأحرزت ١٠٧ دول من أصل ١٢٠ دولة تقدمًا على مدار العقد الماضى- فإن المشهد العالمى لايزال يتميز بالتقلبات الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية المتزايدة والتحولات التكنولوجية، وينعكس عدم اليقين هذا على نتائج المؤشر، حيث انخفض معدل التحسن على مدى السنوات الثلاث الماضية، مما أضاف تعقيدًا إلى البيئة التى تعمل فيها البلدان ومسار انتقالها فى مجال الطاقة، كما تشكل التوترات الجيوسياسية مخاطر على أمن الطاقة وتعوق التعاون الدولى، وتهدد الصراعات المستمرة فى الشرق الأوسط بتفاقم التقلبات فى أسواق النفط، مما قد يؤدى إلى ارتفاع أسعار النفط.

وقد ازدادت التقلبات فى أسواق السلع الأساسية نتيجة الحرب فى غزة، وأدت إلى ارتفاع أسعار نفط خام برنت والغاز الطبيعى الأوروبى بنسبة ٩٪ و٣٤٪ عند الذروة.

وأشار التحليل إلى أن مؤشر التحول فى مجال الطاقة (ETI) يُمثل تطورًا لأربعة عشر عامًا من مقارنة أنظمة الطاقة على مستوى الدول، ويوفر إطارا قائما على البيانات لتعزيز فهم أداء واستعداد أنظمة الطاقة العالمية للتحول، ويغطى مؤشر التحول فى مجال الطاقة ١٢٠ دولة من حيث أداء أنظمة الطاقة الحالية لديها فيما يتعلق بثلاثة جوانب للطاقة (مثلث الطاقة)، هى:

العدالة: ضمان التوزيع العادل وإمكانية الوصول إلى الطاقة وبأسعار معقولة للجميع، جنبًا إلى جنب مع الجهود المشتركة والفوائد المترتبة على الاستدامة، لتعزيز النمو الاقتصادى العادل وتحسين مستوى المعيشة.

الأمن: ضمان أمن الإمدادات من خلال التنويع فى ثلاثة أمور: مزيج الطاقة، وشركاء التجارة فى الطاقة، ومصادر توليد الكهرباء. بالإضافة إلى المرونة، سواء فى إمدادات الغاز أو نظام الطاقة، فهى ضرورية أيضًا لأمن الطاقة.

الاستدامة: دمج مقاييس جانب الطلب والعرض لتقليل كثافة ثانى أكسيد الكربون والميثان فى إمدادات الطاقة، وتعزيز كفاءة الطاقة، وتعزيز الاستهلاك المسؤول من خلال خفض بصمة الطاقة والانبعاثات للفرد، وزيادة حصة الطاقة النظيفة فى الطلب النهائى.

أوضح التحليل أن الدول العشر الأولى في مؤشر التحول في مجال الطاقة تمثل ١٪ فقط من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة، و٣٪ من إجمالى إمدادات الطاقة، و٣٪ من الطلب على الطاقة، و٢٪ من سكان العالم. كما أظهرت ٢٨٪ فقط من الدول تحسنًا قويًّا فى البعد الذى حصل على أدنى درجة، مما يشير إلى التقدم نحو نظام أكثر توازنًا.

استثمارات الطاقة النظيفة

أفاد التحليل أنه بالرغم من وصول حجم الاستثمارات فى الطاقة النظيفة إلى ١.٨ تريليون دولار فى عام ٢٠٢٣، حيث ارتفعت الاستثمارات العالمية فى الطاقة النظيفة بنسبة ٤٠٪ منذ عام ٢٠٢٠، لكنها تظل متركزة فى الاقتصادات المتقدمة والصين، وعلى النقيض من ذلك، تلقت الاقتصادات الناشئة والنامية الأخرى أقل من ١٥٪ من إجمالى الاستثمار فى الطاقة النظيفة، على الرغم من أنها تمثل ٦٥٪ من سكان العالم، وتولد حوالى ثلث الناتج المحلى الإجمالى العالمى.

وأشار التحليل إلى أن هذا التفاوت يسلط الضوء على اتجاه مثير للقلق فى تمويل التحول فى مجال الطاقة فى الاقتصادات الناشئة والنامية. وللتوافق مع الجهود المبذولة للحد من الاحتباس الحرارى العالمى إلى ١.٥ درجة مئوية، «يجب أن يزيد الاستثمار فى الطاقة النظيفة فى هذه الاقتصادات خارج الصين بأكثر من ستة أضعاف، من ٢٧٠ مليار دولار حاليًّا إلى ١.٦ تريليون دولار بحلول أوائل ثلاثينيات القرن الحادى والعشرين»، مع إعطاء هذا الاستثمار الأولوية لمشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على نطاق المرافق، وتعزيز شبكات الكهرباء، والإنفاق على تصميمات المبانى والأجهزة الموفرة للطاقة.

استعرض التحليل متطلبات التحول فى مجال الطاقة، ومنها تحويل الدعم من الوقود الأحفورى إلى الطاقة المتجددة، وزيادة الاستثمارات والتمويل فى مجال الطاقة المتجددة بمقدار ثلاثة أضعاف فى دول العالم من خلال المسؤولية والالتزام بتوجيه التمويل إلى مجال تحويل الطاقة، وجعل تكنولوجيا الطاقة المتجددة منفعة عامة عالمية من خلال توفيرها وإتاحتها لجميع الطبقات، والسعى نحو بناء المدن الخضراء التى تعمل بوسائل نقل مستدام، وتبنى مفهوم الصناعة الخضراء كشرط أساسى لحصول الشركات الصناعية الجديدة على التراخيص اللازمة، اضافة لجمع بيانات عن مؤشرات الطاقة لتقييم مدى التقدم المحرز والوقوف على احتياجات التحسين، والأخذ بأسلوب الأتمتة فى أنظمة النقل، وتسريع عملية اتخاذ القرار بالنسبة لإقامة البنى الأساسية للطاقة.

مقياس التنمية المستدامة

وأشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار إلى أن شركة أركاديس (Arcadis) أجرت على مدار العقد الماضى أبحاثًا حول مئات المدن العالمية وكشفت عن المقياس الحقيقى لاستدامتها، ومع بقاء نحو ٢٠٠٠ يوم فقط لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة بحلول عام ٢٠٣٠، على الدول التحرك الآن من أجل بناء عالم مرن وعادل ومستدام.

وأضاف أنه منذ إنشاء المؤشر فى عام ٢٠١٥، وهو بمثابة معيار لقياس الصحة البيئية والاجتماعية والاقتصادية للمدن، من خلال ٣ ركائز أساسية، هى: ركيزة الكوكب: تقيس العوامل البيئية، من خلال مؤشرات فرعية، تتمثل فى: تلوث الهواء، والمساحات الخضراء، وإدارة النفايات، وإنتاج واستهلاك الطاقة، وانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى العالمى، والطاقة المتجددة، والتنقل المستدام، ومخاطر الكوارث الطبيعية والمرونة، والسياسة الخضراء.

ركيزة الأشخاص: تقيس الأداء الاجتماعى وجودة الحياة للمواطنين، من خلال مؤشرات فرعية، لتقييم أداء ما يلى: الصحة، والتعليم، ومستويات الجريمة، وعدم المساواة فى الدخل، والتوازن بين العمل والحياة، والحياة الحضرية.

ركيزة الربح: وتقيس عوامل بيئة الأعمال، من خلال مؤشرات فرعية، تتمثل فى: القدرة على تحمل التكاليف ومستويات المعيشة، وسهولة التنقل والاتصال بالمدينة والازدحام، إلى جانب مؤشرات تتعلق بالبنية الأساسية للأعمال، مثل: الوصول إلى الكهرباء، وجودة الإنترنت، وسهولة ممارسة الأعمال، والتنمية الاقتصادية، والتشغيل.

أكد التحليل أن هذه الركائز تتوافق مع الأهداف الشاملة لأهداف التنمية المستدامة، مما يوفر رؤى قيمة حول تقدم المدن نحو تحقيق هذه الأهداف الطموحة. وهذا العام، وللمرة الأولى، تمت إضافة ركيزة رابعة، وهى التقدم، والتى تنظر فى مدى إحراز المدن للتقدم المستدام، باستخدام مؤشرات رئيسة من ركيزة الكوكب (مياه الشرب والصرف الصحى وتلوث الهواء والطاقة)، وركيزة الأشخاص (الصحة وعدم المساواة فى الدخل وخدمات النقل العام والتعليم)، والربح (الدخل ومستويات المعيشة والتوظيف)، والتى يمكن تتبعها على مدى فترة ١٠ سنوات، كما يعمل مؤشر أركاديس للمدن المستدامة على تعزيز المرونة، والانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة، وضمان الوصول العادل إلى الخدمات الأساسية والإسكان والنقل المستدام، وتعزيز المساحات الخضراء والتنوع البيولوجى والاستخدام الفعال للموارد.

أشار التحليل إلى أن المدن الأوروبية تهيمن على المراكز العشر الأولى فى مؤشر المدن المستدامة عام ٢٠٢٤، وتتصدر أمستردام (هولندا) المركز الأول، كما احتلت المركز السادس فى ركيزة الكوكب، والمركز ٤٢ فى ركيزة الأشخاص، وهى الأولى فى ركيزة الربح، وتحتل المركز الـ١١ فى ركيزة التقدم الجديدة. ويُعد الأداء القوى للعاصمة الهولندية مثالًا واضحًا على كيفية استمرار التطورات المستدامة، فإحدى القوى الدافعة وراء نجاح أمستردام هى خريطة طريق الحياد المناخى ٢٠٥٠، والتى تحدد استراتيجية للحد من انبعاثات الكربون فى المدينة بنسبة ٩٥٪ مقارنة بمستويات عام ١٩٩٠. وتحدد هذه الوثيقة الإجراءات اللازمة للحد من استهلاك الطاقة والانبعاثات فى المجالات الرئيسة- البيئة، والتنقل، والكهرباء، والصناعة- وتدعو السكان إلى تقاسم المسؤولية عن تحقيق هذا الهدف.