زيارة بن سلمان لمصر.. «القاهرة- الرياض» تحالف استراتيجي يرسم المستقبل

تشهد العلاقات المصرية السعودية  مستويات غير مسبوقة من التحالف الاستراتيجي على مختلف الأصعدة السياسية أو الاقتصادية خلال الأعوام الماضية، مدعومةً برغبة كلا البلدين في الإرتقاء بتلك العلاقات نحو أفاق التحالف الاستراتيجي بما يخدم أهداف كلا البلدين أصحاب التاريخ الأكبر والأعمق داخل منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا .

وتأتي الزيارة الثامنة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى القاهرة لتترجم رغبة البلدين في تعزيز العلاقات المشتركة وتحويلها إلى المزيد من المشروعات الفعلية على أرض الواقع خلال الفترة المقبلة، لاسيما في ظل التوجيهات الأخيرة التي أجراها ولي العهد السعودي بضخ استثمارات جديدة داخل السوق المصرية بقيمة تجاوز الـ 5 مليارات دولار وذلك كمرحلة أولى خلال الفترة المقبلة .

كما تمثل العلاقات السعودية – المصرية ركيزةً أساسية لاستقرار المنطقة العربية، وتتسم بالعمق التاريخي والتعاون الاستراتيجي والتنسيق المستمر تجاه القضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك على الساحتين الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والتطورات في لبنان والمنطقة؛ ويسعى البلدان لدعم وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

مجلس التنسيق الأعلى

تشير العديد من التقارير المحلية والعالمية ، إلى أنه من المقرر أن تشهد الزيارة الحالية، انعقاد مجلس التنسيق الأعلى بين الجانبين برئاسة الرئيس السيسي ، مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ليُعد ذلك المجلس بمثابة مظلة رئيسية لتعميق العلاقات المشتركة بين البلدين، ودفع آفاق التعاون بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والتنموية والاستثمارية، بما يحقق مصالح الشعبين.

مشروعات مرتقبة

تتزامن زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، للبلاد، مع استعدادات الحكومة لطرح منطقتي “رأس بناس” و”رأس جميلة” للاستثمار أمام شركات القطاع الخاص، الأمر الذي وصفه العديد من المراقبين بالفرصة الجادة لتعزيز فرص التعاون بين القاهرة والرياض في مجالات الاستثمار والتنمية المختلفة .

إذ تتطلع مصر إلى تعزيز مشروعات التنمية السياحية من خلال فتح أبواب الاستثمار في “رأس بناس”، الواقعة على ساحل البحر الأحمر، والتي تُعتبر جوهرة بيئية بفضل تنوعها البيولوجي وشعابها المرجانية الفريدة، كما تشمل الخطط “رأس جميلة” القريبة من مطار شرم الشيخ وجزيرتي تيران وصنافير، حيث تخطط مصر لتحويل كلا المنطقتين إلى وجهة سياحية عالمية، على غرار مشروع “رأس الحكمة”.

مشروع الربط الكهربائي

يحمل مشروع الربط الكهربائي بين مصر والمملكة جانبا رئيسيا من مستقبل العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث وصلت معدلات التنفيذ في المشروع لنحو 60% من كافة الخطوات المقررة ، وسط تطلعات بأن تبدأ المرحلة الأولى من التشغيل في يوليو 2025، بتكلفة 1.8 مليار دولار .

وتكتمل الطاقة القصوى لمشروع الربط الكهربائي البالغة قدرته الإنتاجية نحو 3000 ميجاواط في مطلع العام 2026، ويتكون المشروع من 3 محطات محولات ضخمة ذات جهد عالٍ الأولى في شرق المدينة السعودية والثانية في تبوك، والثالثة في مدينة بدر شرق القاهرة، ويربط بينهما خطوط هوائية يصل طولها لنحو 1350 كيلومترًا وكابلات أخرى بحرية. وتسعى مصر من خلال هذا الربط لاستغلال القدرات الكهربائية المنتجة لديها يوميًا، التي تبلغ نحو 58 ألف ميجاواط، في وقتٍ يبلغ فيه الاستهلاك اليومي 33 ألف ميجاواط.

تجارة مصر والسعودية

ارتفعت قيمة التجارة بين مصر والمملكة العربية السعودية بنسبة 35.2% خلال أول 7 أشهر من 2024، لتسجل 5.56 مليار دولار في مقابل 4.113 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2023.

وتستحوذ المملكة على 7.3% من إجمالي تجارة مصر الخارجية خلال الـ 7 أشهر الأولى من 2024 والتي تخطت 76.1 مليار دولاروذلك بحسب أحدث التقارير الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

وأظهر ارتفاع قيمة عجز الميزان التجاري بين مصر والسعودية لنحو 1.72 مليار دولار خلال الـ 9 أشهر الأولى من 2024 في مقابل 1.042 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2023، بنمو 65%.

كما ارتفعت قيمة صادرات مصر إلى السعودية بنسبة 25.1% خلال الـ 7 أشهر الأولى من العام الجاري لتسجل 1.92 مليار دولار في مقابل 1.535 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2023.

فيما سيطرت السعودية على 7.6% من إجمالي قيمة صادرات مصر خلال أول 7 أشهر من 2024 البالغة 25.2 مليار دولار، لتحتل المركز الأول بقائمة أكبر 5 دول مستوردة من مصر خلال تلك الفترة.

وعن أهم المنتجات التي صدرتها مصر للسعودية خلال الـ 7 أشهر الأولى من 2024، أوضح التحليل أنها تتمثل في النحاس ومصنوعاته بقيمة 349.456 مليون دولار في مقابل 177.842 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي بنمو 96.5%.

كما قفزت قيمة صادرات مصر من الملابس وتوابعها من مصنرات إلى السعودية لتسجل 68.364 مليون دولار في مقابل 31.911 مليون دولار بنمو 114.2%، ومن حديد وصلب- فولاذ لنحو 55.561 مليون دولار في مقابل 37.123 مليون دولار بنمو 49.7%.

وعلى صعيد حركة الواردات استحوذت السعودية على 7.1% من إجمالي قيمة واردات مصر خلال الـ 7 أشهر الأولى من 2024 البالغة 50.093 مليار دولار، لتحتل السعودية المرتبة الثالثة في أهم الدول المصدرة لمصر خلال تلك الفترة.

وازدادت قيمة واردات مصر من السعودية لنحو 3.64 مليار دولار في مقابل 2.577 مليار دولار خلال الـ 7 أشهر الأولى من 2023 بنمو 41.2%.

الاستثمارات السعودية في مصر

تعد المملكة العربية السعودية المستثمر الأول عالميا وعربيا داخل السوق المصرية ، بإجمالي استثمارات يصل لنحو 55 مليار دولار منها ما يصل قيمته لنحو30 مليار دولار داخل القطاع الصناعي المصري وذلك بإجمالي عدد شركات 6225 شركة .

وتبلغ قيمة الودائع المالية السعودية لدى البنك المركزي المصري 10.3 مليار دولار.

كما ارتفعت قيمة الاستثمارات السعودية في مصر خلال العام المالي 2022 / 2023 لتسجل 2.4 مليار دولار مقابل 491.6 مليون دولار خلال العام المالي 2021 / 2022 بزيادة بلغت 1.9 مليار دولار، وبنسبة ارتفاع قدرها 474.3% وذلك وفق بيانات صادرة عن جهاز التعبئة والإحصاء .

وأظهرت البيانات تطور قيمة الاستثمارات السعودية في مصر خلال الـ 10 سنوات الماضية، حيث بلغت 649.1 مليون دولار عام 2014 / 2015 مقابل 284.4 مليون دولار عام 2013 / 2014 بنسبة ارتفاع قدرها 128.2%، وتراجعت في العام التالي لتسجل 313 مليون دولار بنسبة انخفاض قدرها 51.8% عن عام 2014 / 2015، وارتفعت في عام 2016 / 2017 لتصل إلى 343.7 مليون دولار بنسبة ارتفاع قدرها 9.8% عن العام السابق عليه، ثم عادت للانخفاض مسجلة 296.7 مليون دولار عام 2017 / 2018 بنسبة انخفاض قدرها 13.7% عن العام السابق عليه.

وأشار الإحصاء إلى ارتفاعها مرة أخرى عام 2018 / 2019 لتصل إلى 430.1 مليون دولار بنسبة ارتفاع قدرها 45% عن العام السابق عليه، ثم انخفضت إلى 356.2 مليون دولار عام 2019 / 2020 بنسبة انخفاض قدرها 17.2% عن العام السابق عليه، واستمرت في الانخفاض لتبلغ 325.3 مليون دولار بنسبة انخفاض قدرها 8.7% عن العام السابق عليه، وارتفعت إلى 491.6 مليون دولار عام 2021 / 2022 بنسبة ارتفاع قدرها 51.1% عن العام السابق عليه.

كما تستحوذ مصر على 30% من تراخيص الاستثمار في السعودية خلال النصف الأول من عام 2024.

تحويلات المصريين بالسعودية

بلغت قيمة تحويلات المصريين العاملين بالسعودية 8.3 مليار دولار خلال العام المالي 2022 /2023 مقابل 11 مليار دولار خلال العام المالي 2021 / 2022 ، بينما بلغت قيمة تحويلات السعوديين العاملين في مصر 26.1 مليون دولار خلال العام المالي 2022 /2023 مقابل 17.1 مليون دولار خلال العام المالي 2021 / 2022 .

وسجل عدد سكان مصر 106.9 مليون نسمة في أكتوبر 2024، بينما سجل عدد سكان السعودية   34.1 مليون نسمة لنفس الفترة .

وبلغ عـدد المصـريين المتواجديـن بدولة السعودية طبقــاً لتقديرات البعثة 1.1 مليون مصري حتى نهاية عام 2023 .