بعد استحواذها على «الأهلي المتحد».. «بيتك» تعزز حصة وانتشار البنوك الإسلامية في مصر

على مدار أعوام مضت، شهد القطاع المصرفي المصري العديد من المتغيرات وإتمام عمليات الاستحواذ والاندماج، ما أسفر عن وجود كيانات مصرفية عملاقة داخل السوق المصرية، فيما تأتي صفقة استحواذ بيت التمويل الكويتي «بيتك» على البنك الأهلى المتحد، واستكمال تنفيذ عملية الاندماج، ليكون “بيتك” الشركة الدامجة والبنك هو الشركة المندمجة، كواحدة من أكبر عمليات الاستحواذ بالقطاع.

وأعلن البنكان في إفصاح لبورصتي الكويت والبحرين أكتوبر 2022 عن إتمام الاستحواذ لبيتك، وهي العملية التي عززت من كونه ثاني أكبر بنك إسـلامي في العالم من حيث الأصول.

وفي ديسمبر 2023، أعلن البنك الأهلي المتحد (البحرين) إتمام عملية التحول من الخدمات المصرفية التقليدية إلى الخدمات المصرفية المتوافقة مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، وحصل البنك رسمياً حينها على رخصة مصرف تجزئة إسلامي لتقديم الخدمات المصرفية الإسلامية من مصرف البحرين المركزي.

وأعلن البنك الأهلي المتحد – مصر خلال شهر سبتمبر الماضي نجاح تحويل جميع المنتجات والخدمات المصرفية التقليدية المقدمة منه إلى منتجات وخدمات متوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية.

وتعد هذه الصفقة استكمالًا لعمليات استحواذ بنوك خليجية على مصارف بالسوق المصرية ودخول علامات تجارية جديدة، كما حدث خلال السنوات الماضية عند استحواذ أبوظبي التجاري على الاتحاد الوطني قبل 4 أعوام، كما نجحت مصارف خليجية في الاستحواذ على وحدات تابعة لبنوك لبنانية في مصر، إذ اقتنص بنك أبوظبي الأول صفقة شراء بنك عوده مصر خلال 2021، في أول عملية استحواذ له بالمنطقة، وكذلك استحواذ بنك المؤسسة العربية المصرفية الدولية ABC على بنك بلوم مصر خلال العام نفسه.

وأدت عملية الاندماج إلى إعلان البنك الأهلى المتحد مصر في بدء تحويل عملياته المصرفية لتتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية بدلًا من العمليات التقليدية، وتم التحول تدريجيًا بداية من يونيو الماضي، بحسب الموقع الإلكتروني الخاص بالبنك.

وأكد “الأهلي المتحد مصر” أن استحواذ مجموعة بيت التمويل الكويتي على جميع وحدات البنك الأهلي المتحد يعزز فرص نمو البنك ويؤهله للتوسع في السوق المصرفية المصرية وتقديم خدمات ومنتجات متنوعة تلبي جميع الاحتياجات ما يسهم في تنمية الاقتصاد المصري.

وكشفت القوائم المالية للبنك الأهلي المتحد- مصر عن ارتفاع إجمالي أصوله ليسجل 137.7 مليار جنيه بنهاية يونيو 2024، مقابل 113.2 مليار جنيه في ختام 2023.

وبإتمام عملية الاستحواذ تضم السوق المصرية نحو 15 بنكًا لديها رخصة تقديم المنتجات الإسلامية من البنك المركزي، وأصبحت هناك أربعة مصارف إسلامية بالكامل وهي بنك فيصل الإسلامي المصري وبنك البركة- مصر ومصرف أبوظبي الإسلامي- مصر، وبيت التمويل الكويتي، إضافة إلى عدد 11 بنكًا لديها فروع إسلامية إلى جانب الفروع التقليدية أبرزها الأهلي المصري ومصر والمصرف المتحد والمصري الخليجي والزراعي المصري.

وكشفت تقارير حديثة، عن وصول حجم الصناعة المصرفية بالسوق المصرية إلى 840 مليار جنيه بنهاية يونيو 2024، وبلغ حجم العمل المصرفي الإسلامي بمصر في نهاية النصف الاول من 2024 حوالي 737 مليار جنيه تشكل حوالي 4% من حجم السوق المصرفية المصرية بزيادة قدرها 175 مليار جنيه وبنسبة نمو قدرها 31.1% عن يونيو 2023.

فيما بلغ حجم الودائع الإسلامية في نهاية يونيو 2024 حوالي 561 مليار جنيه تشكل نسبة 6.2% من حجم السوق المصرفية المصرية بزيادة قدرها 136 مليار جنيه وبنسبة نمو قدرها 32% عن يونيو 2023، فيما سجل حجم التمويل في نهاية مارس 2024 حوالي 602 مليار جنيه تشكل نسبة 5% من حجم السوق المصرفية المصرية بزيادة قدرها 152 مليار جنيه وبنسبة نمو قدرها 33.7% عن يونيو 2023.

ويرى خبراء مصرفيون – تحدثت معهم أموال الغد- أن زيادة عدد البنوك الإسلامية في مصر ترفع المنتجات الإسلامية وتخدم شريحة أكبر من المواطنين خاصة الفئات التي تفضل المعاملات التي تتم وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية بدلا من المعاملات البنكية التقليدية.

البلتاجي: تحول الأهلي المتحد مصر إلى الصيرفة الإسلامية سيرفع حجم الصناعة الي تريليون جنيه

الدكتور محمد البلتاجي، رئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي، قال إن دخول “بيتك” الكويتي، الذي يعد أحد أكبر البنوك الإسلامية في العالم وأول مصرف إسلامي يتم تأسيسه في الكويت، إضافة قوية للقطاع المصرفي المصري وسيزيد من حجم الصيرفة الإسلامية، ويعكس ثقة المستثمرين في السوق المصرية كاقتصاد واعد.

أشار إلى أن عملية تحول البنك الأهلي المتحد مصر إلى الصيرفة الإسلامية سيرفع حجم الصناعة المالية الإسلامية بالسوق المصرية الي تريليون جنيه وستُسهم في تنوع الخدمات المصرفية المتاحة في القطاع المصرفي المصري، خاصةً مع تزايد الطلب على المنتجات الإسلامية، ومن المتوقع أن يُقدم بيتك الكويتي حلولاً تمويلية مبتكرة تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وتُلبي احتياجات مختلف شرائح العملاء.

أضاف البلتاجي أن دخول بيتك الكويتي السوق المصرية سيسهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، ما يُعزز من مكانة السوق المصرية كمركز إقليمي للتمويل الإسلامي، مؤكدًا أن بيتك الكويتي قادر على المنافسة القوية مع المصارف الإسلامية بالسوق المحلية وهو ما يعزز ويطور القطاع المالي المصري في النهاية.

طنطاوى: تفتح الطريق لجذب استثمارات جديدة للسوق المصرية

في السياق نفسه قال عمرو طنطاوى، رئيس مجلس الإدارة غير التنفيذي لبنك قناة السويس، إن زيادة البنوك الإسلامية في القطاع المصرفي تجذب شريحة عملاء جدد تفضل التعاملات التي تتم وفقا للشريعة الإسلامية، وهو ما يزيد من نمو تلك البنوك في السوق المصرية.

أضاف أن دخول بيتك السوق المصرية الفترة الأخيرة وتحويل الأهلي المتحد لبنك إسلامي سيفتح الطريق لاستثمارات جديدة في مصر، وسيسهم في التوسع والتنوع في التمويلات الإسلامية للمشروعات وهو ما ينعكس على تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في الاقتصاد المصري، كونه خطوة لجذب رؤوس أموال جديدة ودعم للصناعة المصرفية الإسلامية.

تابع «طنطاوي» أن التحول نحو الصيرفة الإسلامية سيكون له دور مهم في زيادة عدد الشركات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في البورصة.

شوقي: تشجع بنوكا أخرى على تحويل أنشطتها للعمل الإسلامي

من جانبه قال أحمد شوقي، الخبير المصرفي، إنه رغم وجود 14 بنكا في مصر تقدم خدمات بنكية طبقا للشريعة الإسلامية فإن المصارف الإسلامية تواجه تحديات كبيرة، يتمثل أبرزها في ضعف حجمها مقارنة بالبنوك التقليدية، إذ تُمثل المعاملات المصرفية الإسلامية في مصر 5% فقط من إجمالي المعاملات البنكية، وهي نسبة ضعيفة جداً مقارنة بالدول الأخرى، وسيسهم دخول بيتك كبنك إسلامي جديد إلى القائمة في زيادة أصول المصارف الاسلامية في القطاع ويشجع بنوكا أخرى على دخول السوق أو تحويل أنشطتها إلى العمل الإسلامي.

تابع أن تحول “الأهلي المتحد” إلى المعاملات الإسلامية يؤكد دعم البنك المركزي لصناعة المصارف الإسلامية، ويزيد من المنافسة في قطاع البنوك الإسلامية، وتحسين جودة الخدمات المقدمة وتقديم منتجات وخدمات متنوعة تلبي احتياجات العملاء ما يزيد الطلب على الخدمات المصرفية الإسلامية من قبل المواطنين.

أشار شوقي إلى أن صناعة المصارف الإسلامية في مصر ستساعد على جذب استثمارات أجنبية مباشرة إلى القطاع المصرفي، موضحا أن المصارف الإسلامية وسيلة لجذب حصيلة دولارية تساعد على النمو الاقتصادي.

أضاف أن هناك ضرورة ملحة لوجود تشريعات وقوانين منظمة لعمل البنوك الإسلامية في مصر، وهناك حاجة لوجود هيئة شرعية مركزية لتنظيم عمل البنوك الإسلامية ويحدد ضوابطها، أو إضافة واستحداث مواد فى القانون رقم 194 لسنة 2020 المنظم لعمل البنوك، لتنظيم العمل المصرفي الإسلامي لاختلاف طبيعته عن البنوك التقليدية.

وذكر شوقي أن وزارة المالية عندما بدأت العمل بقانون الصكوك الإسلامية أنشأت هيئة شرعية مركزية داخل الوزارة للنظر في الصكوك قبل إصدارها ومتابعتها ومراقبتها، ولذلك يجب وجود هيئة شرعية مركزية للبنوك الإسلامية الفترة المقبلة.