مع قرب إطلاقه.. لماذا يضع «المركزي» مؤشرًا للجنيه المصري؟

في ظل الإجراءات الإصلاحية التي ينتهجها البنك المركزي المصري منذ تولي حسن عبدالله منصبه محافظًا له، يعمل البنك على العديد من الملفات الاقتصادية، إذ أعلن مؤخرًا عن مؤشر خاص بالجنيه المصري متوقع إطلاقه خلال الفترة القليلة المقلة، والذي سبقه الإعلان عن عقود أدوات المشتقات المالية لمخاطر أسعار الصرف المرتبطة بالجنيه.

كما سمح المركزي للبنوك بإتاحة هذه المشتقات للعملاء من الشركات عبر القيام بعمليات الصرف الآجلة (FX Forwards)، إلى جانب القيام بعمليات مبادلة أسعار الصرف (FX SWAPs)، والقيام بعمليات صرف آجلة غير قابلة للتسليم (Non-Deliverable Forwards (NDFs.

وكان حسن عبدالله، قد قال في كلمته بالمؤتمر الاقتصادي 2022، إن البنك المركزي يستهدف إطلاق مؤشر خاص بالجنيه المصري يضم سلة من العملات الدولية والذهب، موضحًا أن الربط بين الجنيه والدولار أمر مغلوط، خاصة أن الولايات المتحدة ليست الشريك التجاري الأساسي لمصر.

وأشار المحافظ إلى ضرورة تغيير الثقافة بأن الجنيه مرتبط بالدولار والتركيز فقط على تراجعه مقابل العملة الأمريكية التي ارتفعت أمام غالبية عملات العالم، موضحًا أن الجنيه المصري يرتفع أمام نظيره الإسترليني والليرة التركية والعديد من العملات الأخرى.

ولفت إلى أن المهمة الرئيسة للجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي هي مواجهة التضخم والسيطرة عليه، وسيتم مع نهاية العام الإعلان عن مستهدفات التضخم للسنوات المقبلة، مضيفًا أن السيطرة على التضخم ستسهل التعامل مع العديد من التحديات والأوضاع الاقتصادية العالمية، خاصة أن البنك المركزي يعمل في الوقت الحالي على العديد من الملفات الاقتصادية، منها المعروض النقدي وتخارج الأموال الساخنة، كما انتهى البنك من العقود المستقبلية للعملة فيما جار العمل حالياً على عقود التحوط.

وارتفع معدل التضخم السنوي لأسعار السلع بإجمالي الجمهورية خلال أكتوبر الماضي إلى 16,3%، مقابل 7,3% خلال أكتوبر 2021، بارتفاع 9%، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وكانت وكالة بلومبرج قد كشفت في وقت سابق عن أن البنك المركزي المصري يخطط للسماح بمشتقات جديدة للعملة من أجل إطلاق العنان للسيولة في السوق المحلية، وإتاحة الأدوات للتحوط ضد الأخطار التي يتعرض لها بعد أن هبط إلى مستوى قياسي.

«أموال الغد» استطلعت آراء بعض الخبراء حول جدوى دراسة إصدار مؤشر جديد للجنيه المصري أمام العملات، مشيرين إلى أن الهدف منه يتمثل في معرفة القيمة العادلة للجنيه أمام سلة العملات الدولية.

هاني جنينة: يعطي متوسط قيمة الجنيه أمام العملات الأخرى وفقًا  لأوزان الدول

قال هاني جنينة الخبير الاقتصادي والمحاضر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن إصدار مؤشر جديد للجنيه المصري الهدف منه أن يكون صورة يومية لمدى ارتفاع أو انخفاض الجنيه عن قيمته العادلة أمام سلة من العملات الدولية وعناصر أخرى كالذهب وغيره، وليس الدولار فقط، يتشابه مع مؤشر أسهم البورصة أو مؤشر التضخم، وهو ما قد يساعد أيضًا المستثمرين في التحوط من الاستثمار في الجنيه.

وأوضح أن المؤشر يعطي متوسط قيمة الجنيه أمام عملات الدول طبقًا لأوزان تلك الدول وأهميتها بالنسبة لمصر، ويوضح ارتفاع أو انخفاض قيمة المنتجات المصرية مقابل منتجات الدول الأخرى.

وأشار «جنينة» إلى أن قيمة الجنيه شهدت انخفاضًا أمام الدولار بنسبة 55% منذ بداية العام الجاري، ولكن عند مقارنة أداء الجنيه باليورو في الفترة نفسها سوف نجد انخفاضه بنسبة 36% فقط، لذا كان لزامًا على مصر تحرير سعر الصرف لتحقيق مصداقية هذا المؤشر.

وتسببت تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية في خروج الاستثمارات غير المباشرة في أدوات الدين من مصر والدول الناشئة، إذ فقدت مصر نحو 25 مليار دولار منذ بداية العام الجاري، وهو ما شكل ضغوطا على العملة المحلية.

سهر الدماطي: المؤشر يخلق سعرا واقعيا للعملة المحلية

من جانبها قالت سهر الدماطي الخبيرة المصرفية ونائب رئيس بنك مصر السابق، إن إطلاق مؤشر لقياس أداء العملة أمر مطبق في العديد من الدول، موضحة أن هناك عدة مؤشرات رئيسية للعملات مثل مؤشر الدولار، والجنيه الإسترليني، وغيرها من العملات.

وذكرت أن الهدف الأساسي من إنشاء المؤشر هو ضم سلة من العملات بوزن نسبي متباين بهدف إيجاد سعر صرف واقعي للجنيه بدلاً من الاعتماد على عملة واحدة مثل الدولار الأمريكي.

وأضافت «الدماطي» أن مصر ليست في حاجة لربط سعر الجنيه بالدولار، لأنها ليست مستوردة بالدولار فقط، مؤكدةً أن المؤشر سيوضح مكان الجنيه من سلة العملات الدولية ما يخلق توازنًا في سعر العملة المحلية.