المحددة من «المركزي».. البنوك تسابق الزمن للوصول لنسبة المشروعات الصغيرة والمتوسطة

يترقب قطاع المال والأعمال قرارات البنك المركزي المصري في الفترة المقبلة مع قرب انتهاء المهلة المحددة بإلزام المصارف العاملة في السوق المحلية بتوجيه 25% من محافظ التسهيلات الائتمانية الخاصة بها لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتخصيص 10% كحد أدنى من محافظ البنوك للشركات الصغيرة، قبل نهاية عام 2022.

ففي ظل عدم وصول بعض البنوك للنسبة المقررة سواء نتيجة أسباب داخل المصرف أبطأت بلوغ النسب المطلوبة، أو تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والتضخم العالمي التي أثرت في الطلب على الإقراض خاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعد أكثر تضررًا من مثيلتها من المشروعات الكبرى، فهل يمد البنك المركزي المهلة للبنوك التي لم تصل بعد للنسب المقررة، أم تشهد السوق قرارات أكثر صرامة؟

وجاءت قرارات المركزي في ظل أهمية الدور الذي تلعبه المشروعات الصغيرة والمتوسطة في دعم الاقتصاد القومي وقدرتها على توفير فرص عمل والحد من معدلات البطالة، وحدد المشروعات متناهية الصغر بأن تبدأ حجم مبيعاتها من صفر حتى مليون جنيه، والصغيرة من مليون إلى 50 مليونا، والمتوسطة من 50 لـ200 مليون جنيه.

وفي محاولة من البنوك العاملة بالسوق المحلية لتعزيز التمويلات الموجهة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أعلن البنك الأهلى المصرى عن إطلاق شركة الاستثمار «أفانز منارة» للاستثمار المباشر برأسمال مبدئي 905 ملايين جنيه كأول شركة تهدف إلى الاستثمار في الصناديق الداعمة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة FUND OF FUNDS، بالمشاركة مع بنك مصر وبنك القاهرة والبنك الأهلي المتحد وبنك قناة السويس والمصرف المتحد والتجاري وفا بنك إيجيبت.

ويأتي قرار هذه البنوك بالتوجه للاستثمار في هذه الصناديق بعد سماح البنك المركزي بإضافة مساهمات البنوك في رؤوس أموال صناديق للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بما فيها الناشئة منها، ضمن نسبة الـ 25% المقررة من إجمالي محفظة التسهيلات بالبنوك وهو ما أدى إلى تحفيز الجهاز المصرفى للمساهمة في إنشاء هذه الصناديق لتعزيز نمو التمويلات الموجهة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة لدفع عجلة الاقتصاد القومي.

مبادرات البنك المركزي

بدأ البنك المركزي دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بإطلاق مبادرة مطلع عام 2016 لتمويل متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة بفائدة 5%، كما أصدر المركزي مبادرتين للشركات المتوسطة في فبراير 2016، تم تخصيص 5 مليارات لمنح تسهيلات لهذه الشركات بغرض تمويل آلات ومعدات وخطوط الإنتاج بفائدة 7%، واستنفدت بالكامل، تلاها إصدار مبادرة أخرى بقيمة 10 مليارات جنيه لمنح تسهيلات قصيرة الأجل للمشروعات المتوسطة بفائدة 12% واستنفدت بالكامل أيضًا.

وتعد المبادرات القائمة حاليًا لدعم المشروعات الصغيرة بفائدة 5%، وأخرى لدعم قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة والمقاولات بفائدة 8%، وذلك مقارنة بفائدة سائدة 12.25%.

 في 5 سنوات.. 250% زيادة في تمويلات القطاع المصرفي  لمشروعات القطاع

جاءت الأرقام منصفة لجهود القطاع المصرفي خلال السنوات الخمس الماضية، حيث كشف البنك المركزى المصرى عن زيادة محفظة تمويلات البنوك للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة بنسبة 250% بأكثر من 316 مليار جنيه، خلال آخر خمس سنوات لتصل إلى 400 مليار جنيه بنهاية عام 2021.

كما أوضح «المركزي» أن تمويلات المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة شهدت نموًا بنسبة 23% خلال عامى 2020 و2021 بالرغم من جائحة كورونا.

وتشير الأرقام إلى نمو الوزن النسبي لتمويلات المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة من 5.6% بنهاية 2017 إلى 13.19% بنهاية عام 2021 من إجمالى محفظة قروض القطاع المصرفي.

95 % من المنشآت الصغيرة والمتوسطة تتعامل مع البنوك

أثبت القطاع المصرفي نجاحه في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال السنوات الخمس الماضية، وذلك ما عكسه استبيان أعده المركز المصري للدراسات الاقتصادية على عينة من 200 شركة صغيرة ومتوسطة تمثل مختلف القطاعات والمناطق الجغرافية، بلغت نسبة المنشآت الصغيرة والمتوسطة التى لديها تعاملات مع البنوك نحو 95%.

كما جاء أكثر القطاعات من حيث نسبة تعامل منشآتها مع البنوك، المقاولات والرصف، وتكنولوجيا المعلومات والتطبيقات الرقمية والإلكترونيات، والجمعيات والمؤسسات الأهلية بنسبة 100%، ثم قطاع الإنتاج الصناعى والخدمات وقطاع التجارة والتوزيع بنسب تتراوح بين 94 إلى 96%، ثم الزراعة وتربية المواشى والأغنام والمزارع السمكية بنسبة 85%.

وتستحوذ الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة على 98% من نشاط القطاع الخاص، كما تسهم بنحو 43% من الناتج المحلى الإجمالى للدولة، وبلغ عدد المنشآت الصغيرة نحو 217 ألفا، فيما بلغ عدد الشركات المتوسطة 2200، بينما يصل عدد المنشآت متناهية الصغر إلى 3.4 مليون، وفقا لتصريحات سابقة لشريف لقمان، وكيل محافظ البنك المركزى للشمول المالي.

كما أثر دعم البنوك للمشروعات الصغيرة والمتوسطة على الحد من معدلات البطالة، إذ تسهم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في التوظيف بمصر من 65% إلى 75% وفقا لإحصائية ذكرها اتحاد المصارف العربية.

المؤسسات الدولية تشيد بنجاح التجربة في مصر

أصبحت تجربة النهوض بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة في مصر محطًا لأنظار العالم من مؤسسات وأفراد وذلك ما عبرت عنه مؤسسة ماستركارد في دراسة لها تتضمن مؤشر ثقة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الشرق الأوسط وإفريقيا، في نسخته الأولى، أن 73% من الشركات الصغيرة والمتوسطة في مصر تتطلع بإيجابية للأشهر الـ 12 المقبلة، و85% من هذه الكيانات تتوقع استقرار أو نمو إيراداتها خلال هذه الفترة، بينما توقعت أكثر من ثلثي هذه الشركات 68% زيادة في إيراداتها.

وليد ناجي: نتوقع مد «المركزي» المهلة المحددة للوصول بنسب تمويلات الـSMES

من جانبه توقع وليد ناجي، نائب رئيس البنك العقاري المصري، أن يمد البنك المركزي المهلة المحددة للبنوك للوصول للنسب المطلوبة بتوجيه 25% من محافظ التسهيلات الائتمانية الخاصة بهم لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة و10% كحد أدنى من محافظ البنوك للشركات الصغيرة، قبل نهاية عام 2022، خاصة أن هناك مصارف صغيرة لم تتمكن من تحقيق النسب.

وأضاف أن البنك العقاري المصري نجح في الوصول بالنسب المقررة من المركزي قبل انتهاء المهلة، موضحًا أن دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة أولوية لديه لما تمثله من دعم كبير للنهوض بالاقتصاد القومي.

طارق جلال:  دعم المصارف غير المتوافقة مع نسبة التمويلات المقررة أمر مرجح

فيما رجح طارق جلال رئيس قطاع تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة في بنك التنمية الصناعية، أن يدعم البنك المركزي البنوك التي لم تتوافق مع النسبة المقررة بعد للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من إجمالي المحفظة الائتمانية، ومناقشة العوامل التي عرقلت الوصول للنسبة المقررة.

وأضاف «جلال» أنه في ظل الظروف الاقتصادية العالمية والمحلية، تدخل البنك المركزي وأعلن في نوفمبر الماضي قرارات وتوجيهات مباشرة لقطاعات المشروعات الصغيرة والمتوسطة في البنوك بدعم تلك المشروعات من خلال التمويل وتوفير السيولة اللازمة في الاضطرابات الاقتصادية خاصة أن هذه المشروعات أكثر تأثرًا بالأزمات الاقتصادية وتغيرات أسعار المواد الخام وتراجع الطلب في بعض القطاعات مقارنة بالاستثمارات الكبرى.

وأشار إلى أن البنك المركزي يجتمع بصفة دورية مع كل مصرف على حدة لمناقشة ووضع خطط لتعزيز دعم وتمويل المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، ووجه البنك حاليا بدعم البنوك للقطاع الصناعي وتعزيز المنتج المحلي، على نطاق جغرافي مستهدف في الصعيد، ويقوم المركزي كل 3 أشهر بالاطلاع على تمويلات كل بنك للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة من خلال عدة معايير موضوعة للبنوك.

وعلى صعيد بنك التنمية الصناعية، قال «جلال» إن نسبة تمويلات مشروعات الصغيرة والمتوسطة تخطت أكثر من 30% من إجمالي المحفظة الإئتمانية للبنك، كما وصلت نسبة تمويلات المشروعات متناهية الصغر إلى 14% تقريبا من إجمالي المحفظة الائتمانية للبنك، مضيفا أن البنك عمل جاهدا خلال الفترة الماضية على الوصول للنسب المقررة.

 البنداري: 27% حصة القطاع لدى بنك فيصل.. وتوقعات بمرونة «المركزي» مع البنوك غير المستوفاة

وفي سياق متصل توقع صبري البندراي، رئيس قطاع الاستثمار في بنك فيصل الإسلامي المصري، مد البنك المركزي فترة المهلة المقررة لوصول البنوك للنسب المقررة، مضيفا أن المركزي سيدرس عدد البنوك التي لم تتمكن من تحقيق النسب مع نهاية العام، وقد يتعامل معها بمرونة ويقدم لهم الدعم والمساعدة لأن المستهدف دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وليس التشديد على البنوك.

وأضاف أن بنك فيصل نجح في الوصول بالنسب المقررة من المركزي قبل انتهاء المهلة لتصل نسبة المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى 27%.