الخدمات المالية والأغذية تتصدر صفقات الاستحواذ المرتقبة.. والعقارات خارج المنافسة

سجلت البورصة المصرية أداء متذبذب منذ بداية العام الجاري، بضغط تخارجات الاستثمارات الأجنبية من كافة الأسواق الناشئة بجانب عزوف المستثمرين المحللين عن التداول والبحث عن بدائل استثمارية أكثر أمانًا وأقل مخاطرة، تلك العوامل التي أثرت بشكل مباشر على أداء الأسهم المتداولة لتسجل أدنى مستويات في تاريخها على رغم من نتائج أعمال الشركات القوية، وهو بالتبعية ما فتح الباب أمام نشاط سوق صفقات الاستحواذات والاندماجات بغرض اقتناص الفرص المتنامية بعدة قطاعات على رأسها قطاع الخدمات المالية غير المصرفية بجانب قطاع الأغذية والعقارات.

وسجلت عدة قطاعات خلال الربع الأول من العام أداء مالي قوي بالتزامن مع أنتهاء حالة الركود الاقتصادي التي تفرضها جائحة كورونا، وما لبث هذا التعافي إلا أن تجلت الحرب الروسية الأوكرانية والتي فرضت العديد من التحديات الاقتصادية على كافة دول المنطقة، فضلًا عن ارتفاع معدلات التضخم عالميًا مع تنبؤات بحدوث ركود اقتصادي، وهو ما دفع البنوك المركزية للإعلان عن سياسة انكماشية كمحاولة لاحتواء الأزمة.

محللو بنوك الاستثمار رصدوا أبرز القطاعات المتوقع استمرار جاذبيتها لمزيد من صفقات الاستحواذات والاندماجات خلال الشهور الأخيرة من العام الجاري، بالإضافة إلى أبرز التحديات التي تواجه تلك القطاعات ويترتب على أثرها نجاح أو فشل تلك الصفقات المرتقبة.

وأكد الخبراء أن الأنشطة الخدمات المالية غير المصرفية تعد من أكثر القطاعات المتوقع أن تشهد مزيد من صفقات الاستحواذات والاندماجات خاصة مع زيادة عدد اللاعبين في القطاع واحتدام المنافسة بين الشركات مع توقعات بمزيد من النمو بالتزامن مع استغلال التطور الراهن في التكنولوجيا المالية والتحول الرقمي.

يأتي ذلك بالإضافة إلى قطاع الأغذية والذي يواجه شركاته العديد من التحديات خلال الفترة الراهنة بداية من ارتفاع سعر الدولار الجمركي، وارتفاع تكلفة المواد الخام المستوردة وزيادة الفائدة على القروض، و تدني أحجام المبيعات بسبب لجوء الشركات لرفع أسعار المنتجات، وأكد المحللون أن على الرغم من تلك التحديات مازال القطاع محط أنظار شريحة كبيرة من المستثمرين وصناديق الاستثمار التي تولي اهتمام كبير لضخ استثمارات كبيرة بهذا القطاع باعتباره أحد القطاعات الدفاعية المعتمدة على الطبيعة الاستهلاكية للمواطنين والكثافة السكانية المتزايدة.

وأشار المحللون إلى القطاع العقاري باعتباره أحد القطاعات الرئيسية بالسوق المصرية، متوقعين إنتهاء كافة صفقات القطاع إلى فشل، وذلك بسبب تدني الأسعار والذي لا يتناسب مع حجم الأصول التي تمتلكها الشركات المدرجة، مما يدفع هيكل المساهمين للاحتفاظ بحصتهم بالشركات لحين هدوء الوضع الراهن وعودة الأسعار إلى مستوياتها المعبرة عن حجم الاستثمارات.

برايم : استمرار نمو الخدمات المالية غير المصرفية ينبئ بمزيد من صفقات الاستحواذ والاندماجات خلال النصف الثاني

قطاع الخدمات المالية غير المصرفية

قال عمرو الألفي رئيس قسم البحوث بشركة برايم لتداول الأوراق المالية، أن قطاع الخدمات المالية غير المصرفية من أبرز القطاعات المستفيدة من مختلف الأزمات التي شهدتها السوق المصرية خلال السنوات الأخيرة، فهو واحد من القطاعات التي شهدت تطور ونمو ملحوظ بدعم استقطابه لـشريحة من العملاء في مختلف الفئات.

وأشار للأداء المالي المتفاوت لأبرز أسهم القطاع بالبورصة المصرية خلال النصف الأول من العام الجاري 2022، وعلى رأسها شركة إي فاينانس والتي نجحت في تسجيل نتائج أعمال قوية خلال النصف الأول بمعدل نمو 76.5%، بتحقيق صافي ربح بلغ 486.52 مليون جنيه، بدعم نمو الإيرادات والتي سجلت 1.26 مليار جنيه، في حين سجلت شركة المجموعة المالية هيرميس ارتفاع في أرباحها بمعدل 8% لتصل إلى 623 مليون جنيه، بدعم نمو الإيرادات والتي بلغت نحو 2.1 مليار جنيه .

تابع : “وعلى الجانب الآخر تراجعت أرباح شركة فوري لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الإلكترونية، بنسبة 28.5%، رغم تخطي الإيرادات المليار جنيه بتحقيق صافي ربح بلغ 98.04 مليون ، وتحولت شركة بلتون للخسائر بتكبدها 105.58 مليون جنيه ، وارتفعت خسائر برايم لتسجل 27.8 مليون جنيه”، متوقع الألفي استمرار تباين الأداء المالي لشركات القطاع المدرجة في البورصة خلال النصف الثاني من العام.

وأكد أن قطاع الخدمات المالية غير المصرفية يتمتع بالعديد من المقومات التي تؤهله لتسجيل معدلات نمو متنامية على المدى الطويل، خاصة مع الإقبال المتزايد من قبل الأفراد والشركات على الأنشطة غير المصرفية، وتوجه المستثمرين العرب والأجانب للاستحواذ على حصص من تلك الشركات.

وفي ذات السياق أشار إلى أن القطاع الخدمات المالية غير المصرفية شهد تنفيذ 3 صفقات استحواذ منذ بداية العام الجاري بدعم جاذبية القطاع لشريحة كبيرة من المستثمرين، بدأت باستحواذ ألفا أوريكس ليمتد التابعة لـ «  ADQالقابضة » ، أحد صناديق أبوظبي السيادية على حصة 12.60% من أسهم فوري بقيمة 54 مليون دولار، تلاها عرض استحواذ بنك أبو ظبي على حصة أغلبية في المجموعة المالية هيرميس، بنسبة 51%، ليحدد قيمتها عند 18.5 مليار جنيه ولكن بات العرض بالفشل.

تابع: “فيما استحوذ صندوق الاستثمارات العامة السعودى على 25% من  مجموعة إى فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية بقيمة 7.5 مليار جنيه ليصبح بذلك صندوق الاستثمارات العامة السعودى، أكبر مساهم بالمجموعة، تلاه تنفيذ صفقة استحواذ شركة شيميرا الإماراتية على حصة 55.9% من أسهم شركة بلتون المالية القابضة، بقيمة إجمالية نحو 384.8 مليون جنيه”.

وتوقع الألفي أن يشهد النصف الثاني من العام الإعلان عن مزيد من صفقات الاندماج والاستحواذ على أسهم الشركات المالية غير المصرفية بالتزامن مع تدني أسعار الأسهم رغم تنامي الفرص بالقطاع، وتمتع شركاته بقدرة على مواجهة الأزمات المختلفة خاصة في ظل التحول الرقمي والاعتماد على التكنولوجيا المالية في توفير المزيد من البدائل التمويلية أمام الشركات خاصة في ظل الاهتمام الذي توليه الدولة بهذا الصدد.

وأشار إلى الطفرة الكبيرة في حجم الاستثمارات في الشركات الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا المالية في مصر والقطاعات المغذية لها، مسجلة معدلات نمو بلغت 300% في قيمة الاستثمارات التي اجتذبها هذا القطاع خلال عام 2021 وحده، وارتفاع أعداد الشركات العاملة من شركتين فقط في 2014 إلى 112 شركة في 2021 بما يعادل 55 ضعفًا، لتصبح مصر من بين أكبر أربع دول أفريقية نشاطًا في هذا المجال.

وذكر أن زيادة المنافسة في هذا القطاع تفتح الباب مزيد من الاندماجات والاستحواذات خلال الفترة المقبلة، خاصة مع عدم قدرة الشركات المبتدئة على مواجهة التحديات التي تفرضها طبيعة المرحلة الراهنة بسبب الأزمة الاقتصادية.

اتش سي : أسعار أسهم القطاع العقاري غير معبرة عن حجم الأصول المملوكة للشركات وهو السبب وراء فشل بيع «مدينة نصر»

 قطاع العقارات

ويعد قطاع العقارات واحد ضمن القطاعات التي تتمتع باهتمام شريحة كبيرة من المستثمرين، وتمثل أخر صفقات القطاع في عرض الاستحواذ المقدم من شركة سوديك التابعة للدار العقارية عرضًا غير ملزم للاستحواذ النقدي المحتمل على نسبة تصل إلى 100% من أسهم مدينة نصر، بسعر استرشادي يتراوح بين 3.20 و 3.40 جنيه للسهم، والتي رفضته مدينة نصر للإسكان والتعمير، موضحة أن العرض لا يتناسب مع حجم أعمال الشركة ومحفظة الأراضي التي تمتلكها.

و بنهاية العام الماضي شهد القطاع العقاري صفقة استحواذ الدار العقارية على سوديك بقيمة إجمالية للصفقة وصلت إلى 6.1 مليار جنيه.

قالت مريم السعدني، محلل القطاع العقاري ببنك الاستثمار إتش سي، أن مبيعات الشركات العقارية سجلت ارتفاع خلال النصف الأول من العام الجاري 2022، على الرغم من حالة الركود التي تواجه القطاع وتدني عدد الوحدات المباعة، وذلك بالتزامن مع ارتفاع سعر الصرف وتفاقم معدلات التضخم.

وأشارت أن خلال الربع الثالث من 2022 ارتفعت عدد الوحدات المباعة، بالإضافة للتوسعات في إتمام المشاريع، حيث أعلنت مجموعة طلعت مصطفى عن تسليم وحداتها بالعاصمة الإدارية الجديدة، بجانب توجه بالم هيلز لزيادة عدد وحداتها بمنطقة غرب القاهرة، وهو ما يعكس انخفاض حدة الأزمات المحيطة لدى المساهمين والرغبة في التكيف معها وزيادة توسعاتها.

وأشارت إلى نتائج الأعمال أبرز أسهم شركات القطاع في البورصة خلال النصف الأول، حيث شهدت نتائج أعمال بعض الشركات المدرجة تماسكًا في ظل الأزمة التي واجهت القطاع ، حيث ارتفعت أرباح بالم هيلز للتعمير 13.3% لتحقق 561 مليون جنيه، بدعم إيرادات وصلت 6.9 مليار جنيه، وواصلت مجموعة طلعت مصطفي ارتفاعها لتسجل 1.085 مليار جنيه أرباحًا، بحجم إيرادات نحو 5 مليارات جنيه، بينما ارتفع صافي ربح مدينة نصر للإسكان والتعمير لتحقق 231.12 مليون جنيه، بإيرادات 1.84 مليار جنيه، وقفزت أرباح السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار (سوديك)، بنسبة 30.93 % بتحقيق 295.71 مليون جنيه، مقابل 225.84 مليون جنيه، بإيرادات وصلت إلى 2.73 مليار جنيه مقابل 1.87 مليار جنيه.

وتوقعت محلل القطاع العقاري ببنك الاستثمار اتش سي، أن يشهد النصف الثاني من العام حركة إيجابية للشركات المدرجة بالبورصة  المصرية، خاصة بالربع الثالث من العام والمتوقع لها زيادة عدد الوحدات المباعة بالإضافة إلى زيادة عدد الوحدات الساحلية وتسليمها والتي ترفع من ربحية تلك الشركات، بالإضافة إلى عدد الوحدات التجارية والمتوقع لها أيضًا الارتفاع بالربع الثالث من العام الجاري.

وذكرت أن من الطبيعي أن تشهد الشركات المدرجة بالبورصة المصرية الرغبة في الاستحواذ على حصص بها نتيجة لمدي نشاط القطاع العقاري فى مصر وزيادة الشريحة الاستهلاكية، والتي تدفع المستثمرين العرب والأجانب فى الرغبة بزيادة استثماراتها طويلة الأمد.

تابعت : ” ولكن أغلب العروض المقدمة لا تتناسب مع حجم تلك الشركات المدرجة نظرًا لم تمتلكه من محفظة أراضي وتوسعات مختلفة”، وتوقعت عدم استقبال عروض للاستحواذ على أسهم القطاع خلال المدى القريب، خاصة أن أغلبية هيكل المساهمين للشركات المدرجة الكبرى لا يتطلعون إلى التوجه لبيع حصص أو تخارجات فى ظل تدني الأسعار الأسهم والتي لا تتوافق مع حجم الأصول التي تمتلكها هذه الشركات.

نعيم:  ارتفاع سعر الدولار الجمركي و تدني أحجام المبيعات بضغط التضخم أبرز التحديات أمام شركات الأغذية

قطاع الأغذية

وعلى صعيد قطاع الأغذية، باعتباره واحد من القطاعات الاستهلاكية الدفاعية القادرة على التأقلم مع كافة المتغيرات سواء الاقتصادية أو السياسية، خاصة في ظل الطبيعة الاستهلاكية للمواطنين وارتفاع الكثافة السكانية المتزايدة، وهو ما يؤهله لتصدر القائمة الاستثمارية لأغلب المستثمرين وصناديق الاستثمار، قال هشام حمدي محلل قطاع الأغذية ببنك الاستثمار نعيم، أن الربع الأول من العام الجاري شهد أداء إيجابي لمعظم شركات الأغذية المدرجة بالبورصة المصرية وهو ما انعكس على ربحية الشركات وذلك بالتزامن  مع هدوء حدة الركود التي صاحبت أزمة فيروس كورونا، وما لبثت أن تتعافى نتائج أعمال الشركات، ليواجه القطاع خلال الربع الثاني تحديات الأزمة الروسية الأوكرانية والتي عرضت القطاع مرة أخرى لأزمة ارتفاع أسعار الفائدة كسبيل لاحتواء التضخم.

ورصد أبرز التحديات التي واجهت القطاع وأثرت على الأداء المالي خلال النصف الأول من العام الجاري، وعلى رأسها ارتفاع تكلفة الإنتاج بسبب ارتفاع سعر الدولار الجمركي إلى 18.67 جنيه، خاصة أن أغلب الشركات المدرجة تعتمد على استيراد بعض الخامات الأولية من الخارج، تابع : ” كما أن ارتفاع أسعار القمح عالميًا أثر على قطاع المخبوزات للكثير من الشركات، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الألبان الطبيعية بنسبة 10% خلال الآونة الأخير”.

وأشار إلى الاستراتيجية التي انتهجتها الشركات لرفع أسعار السلع بهدف تمرير ارتفاع تكلفة الإنتاج للمستهلك، وهو بالتبعية ما أدى تراجع الكميات المباعة من الشركات فى الأسواق المحلية، وعلى الجانب الأخر أثرت أزمة سلاسل الأمداد وانخفاض العمليات التصديرية بشكل إضافي على الشركات التي يستحوذ التصدير على الجزء الأكبر من مبيعاتها، لتلجأ بعض الشركات المدرجة ممثل دومتي وجهينة و عبور لاند لرفع أسعار بعض المنتجات كسبيل للتكيف مع الأزمة والحفاظ على قيم مبيعات مستقرة نسبيًا.

وأشار إلى نتائج الأعمال أبرز أسهم شركات القطاع في البورصة خلال النصف الأول، فقد تحولت شركة دومتي للربحية بتحقيق 111.1 مليون جنيه ، بدعم ارتفاع  مبيعات إلى 2.27 مليار جنيه، فيما ارتفعت أرباح عبور لاند للصناعات الغذائية إلى 180 مليون جنيه ، بدعم نمو المبيعات إلى 1.7 مليار جنيه ، بينما واصلت جهينة للمواد الغذائية، ارتفاع أرباحها  إلى 318 مليون جنيه، مقابل 316 مليونًا بدعم مبيعات قرابة 5 مليارات جنيه.

وفي سياق متصل، أكد أن قطاع الأغذية يعد من أكثر القطاعات الجاذبة للاستثمارات الأجنبية و العربية نظرًا للشريحة السكانية الكبيرة بالسوق المصري،  وهو ما يترجم حركة الاستحواذات الأخيرة التي شهدها القطاع، والتي تمثل آخرها في عرض الاستحواذ المقدم من إكسبديشن للاستحواذ على حصة من 43 إلى 90% من رأسمال دومتي، بالإضافة إلى استحواذ أغذية الإماراتية على شركة أبو عوف، تلك الصفقات التي تعكس مدى رغبة المستثمرين فى الاستثمار طويل الأجل بالقطاع.

وتوقع أن يشهد القطاع حالة من الحراك خلال النصف الثاني من العام، على صعيد نشاط صفقات الاستحواذات، بالإضافة إلى توجه الشركات على تحريك الأسعار على بعض منتجاتها خلال الفترة المقبلة، و استغلال تراجع صغار المصنعين للألبان و الجبن خلال الآونة الأخيرة لعدم قدرتهم على التكيف مع تداعيات سلسلة الأزمات المتتالية، من خلال زيادة المعروض من الشركات في الأسواق من منتجات البان معلبة متنوعة.