«الفائدة» ترجئ الطروحات الحكومية.. والبورصة تترقب انتعاش السيولة

تشهد البورصة المصرية على مدار أكثر من عامين حالة من التذبذب بضغط تداعيات الأوضاع الصحية والاقتصادية والجيوسياسية المحيطة، والتي دفعت شريحة كبيرة من المستثمرين للتخارج، والبحث عن سبل استثمار أكثر أمانًا وأقل مخاطرة.

وعلى هذا الغرار قررت الحكومة المصرية إرجاء استكمال برنامج الطروحات الحكومية إلى مطلع سبتمبر المقبل.

“أموال الغد” رصدت رؤية عدد من خبراء سوق المال حول التوقيت المناسب لاستعادة نشاط الطروحات سواء الحكومية أو الخاصة، لا سيما في ظل ترقب السوق مزيدا من الانتعاش بالتزامن مع توجهات الرئيس السيسي بضرورة تكثيف الجهود لطرح عدد من الشركات المملوكة للدولة خلال الوقت الراهن.

وأكد الخبراء أن قوة الورقة المالية المطروحة فى الوقت الحالى تعتبر الركيزة الأساسية في قدرة الطرح على جذب استثمارات غير مباشرة سواء محلية أو أجنبية.

ولفت الخبراء إلى أن تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية والخاصة عامل ضروري في جذب شريحة جديدة من المستثمرين والصناديق الأجنبية، ما يعزز سيولة السوق فى الوقت الحالي.

وأكدوا أن قرار طرح شركات الجيش في البورصة المصرية بجانب طرح بعض شركات القطاع العام له أبعاد اقتصادية وفوائد عديدة، منها إنعاش البورصة المصرية التي تضررت بشدة من خروج الأموال الساخنة عقب الحرب الأوكرانية.

وأجمع أطراف السوق على أن الظروف الراهنة من تضخم وارتفاع الفائدة عالميًا ومحليًا وزيادة المخاطرة لدي المستثمرين من العوامل الأساسية لتأخر الحكومة فى طرح استكمال المرحلتين الأولى والثانية من برنامج الطروحات والذي تم الإعلان عنه عام 2018.

وكانت الحكومة تخطط لطرح أسهم في 4-6 شركات خلال السنة المالية الحالية.

وكلف الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكومة المصرية بالإعلان عن برنامج لمشاركة القطاع الخاص بالأصول المملوكة للدولة بمستهدف 10 مليارات دولار سنويا ولمدة أربع سنوات.

وفي عام 2019 قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، إنه يجب السماح للقوات المسلحة ببيع حصص من شركاتها في البورصة إلى جانب الشركات الحكومية الأخرى التي وُضعت خطط لخصخصتها.

ووفقا للبنك الدولي، هناك نحو 60 شركة تابعة للجيش تعمل في 19 صناعة في مصر، من إجمالي 24 مدرجة على جدول تصنيف الصناعات.

محمد ماهر: أجندة الدولة لطرح الشركات المملوكة عامل مهم لتنشيط البورصة

قال محمد ماهر، الرئيس التنفيذي لشركة برايم القابضة للاستثمارات المالية، إن الدولة وضعت أجندة كبيرة لطرح عدت شركات بالبورصة المصرية خلال الوقت الحالي لدعم وتنشيط أداء البورصة فى ظل حالة الاضطرابات التي تحيط بسوق المال.

ولفت إلى أن تفعيل هذه الحزمة بلا شك يساعد في تنشيط الأداء بشكل قوي ويزيد من السيولة الموجودة بالبورصة وبالتالى إضافة شرائح جديدة ومتنوعة للاستثمار والمستثمرين.

وحول تأخير طرح الشركات المملوكة للقوات المسلحة ووزارة قطاع الأعمال، أكد أنه من الطبيعي تأخر عمليات الطرح فى ظل الظروف الحالية، إضافة إلى التنسيق اللازم بين الجهات المعنية بالشركات المطروحة لتحديد التوقيت المثالي للطرح بما يتناسب مع وضع السوق واحتياجات الشركات ذاتها.

ولفت إلى أن الوقت المناسب للطروحات يتوقف على هدوء التوترات والاضطرابات من عوامل جيوسياسية ومعدلات التضخم، مشيرًا أن السوق بحاجة لمزيد من الطروحات لتحفيز المستثمرين والشركات بهدف تشجيع سوق الطروحات وخلق مزيد من التنوع في الأوراق المالية أمام المستثمرين.

وأشار إلى أن تدني الأسعار والاضطرابات التى تواجه سوق المال من ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة بلا شك تشكل عامل ضغط على التوجه الاستثماري لجميع المستثمرين الأفراد والمؤسسات وعدم اللجوء للمخاطرة حتى مع ارتفاع العائد.

وأكد ماهر ضرورة بدء الشركات المستعدة للطرح لأن تقوم بوضع التسعير الملائم والمتناسب مع حجم تلك العقبات وارتفاع مخاطر الاستثمار والتقليل منها، لاستعادة ثقة المستثمرين وجذب رؤوس الأموال للاستثمار في البورصة المصرية.

الألفي: تأجيل الطروحات رد فعل طبيعي لتذبذب السوق

لم يستبعد عمرو الألفي، رئيس قسم البحوث بشركة برايم لتداول الأوراق المالية، تأجيل الحكومة طرح الشركات المملوكة لها فى ظل حالة الاضطرابات العالمية التى تواجه سوق المال الخارجي والمحلي.

وأشار إلى ارتفاع نسبة المخاطرة بجميع أسواق المال لا سيما في الأسواق الناشئة، بسبب حالة الضبابية الراهنة وعدم القدرة على التنبؤ، وهو ما يدفع المستثمرين للتخارج والبحث عن بدائل استثمارية أكثر أمانًا.

وأشار رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار برايم إلى أن التكليفات الرئاسية بطرح شركات مملوكة للقوات المسلحة في البورصة المصرية قبل نهاية العام الجاري، تأتي ضمن تكليفات الرئيس بتنشيط أداء البورصة المصرية والعمل على جذب شرائح ومستثمرين جدد من خلال طرح كيانات ذات ملاءة مالية قوية، تساهم فى زيادة السيولة بالبورصة، متوقعًا أن يتم طرح بعض شركات عن طريق الطرح الخاص لجذب شرائح محددة من المستثمرين المحليين والأجانب، والتى تعتمد بشكل كبير على فكرة الترويج الصحيح لتلك الشركات للقدرة على جذب المستثمر فى ظل الظروف الراهنة.

ورجح الألفي أن فى حالة استمرار الاضطرابات الراهنة من المتوقع أن تزيد عمليات الاستحواذ على بعض الشركات المقيدة، لاقتناص التدني الحالي في الأسعار.

أبو هند: ارتفاع نسبة المخاطرة يدفع المستثمرين للتخارج

من جانبه يرى أيمن أبوهند الشريك المؤسس ومدير الاستثمار لشركة Advisabl الأمريكية للاستثمار، أن الاضطرابات الاقتصادية والعوامل الجيوساسية، أدت إلى زيادة معدلات التضخم بشكل كبير دفعت الدول إلى أخذ خطوات استباقية لتحجيم التضخم عالميًا ومحليًا، أبرزها قرار الفيدرالي الأمريكي رفع أسعار الفائدة لأعلى معدل منذ 20 عاما بالإضافة، إلى قرارات البنك المركزى على المستوى المحلي، والذي قام برفع الفائدة 1% لمواجهة النضخم بالسوق.

وأضاف أن تلك التداعيات أثرت أثرت بشكل كبير على سوق المال ، لا سيما تأثيرها بشكل مباشر على الأسواق الناشئة وقدرتها في الحفاظ على الاستثمارات الأجنبية، وضعف مكانتها وقدرتها على جذب المزيد من الاستثمارات.

وذكر الشريك المؤسس ومدير الاستثمار لشركة Advisabl الأمريكية للاستثمار، أن المستثمرين فى الوقت الحالى لا يرغبون فى الاستثمار فى الأسواق الناشئة، فى ظل ارتفاع المخاطرة فى الوقت الراهن وعدم الوقوف على مستقبل تلك الاستثمارات فى ظل حالة التذبذب التى تواجه الاستثمار والمستثمرين فى جميع أنحاء العالم الأمر الذي دفع الحكومة إلى التمهل فى اتخاذ القرارات بشأن عمليات الطروحات المختلفة.

وأشار إلى أن كل القطاعات الاستثمارية بالوقت الراهن تشهد حالة ترقب شديد للأحداث القادمة وكيفية التعامل مع المعوقات والظروف الراهنة، وهو ما يؤدي إلى توقف اتخاذ أي قرارات استثمارية حتى نهاية العام على قل تقدير.

ولفت إلى أن توجه شريحة كبيرة من المستثمرين إلى الاستثمار الآمن في أدوات الدخل الثابت أمر طبيعي للتقليل من حدة المخاطرة فى الوقت الحالى، مشيرًا إلى أنه من ضمن الأسباب التى دفعت الحكومة لتأجيل طرح الشركات المملوكة.

وذكر أن المستثمرين لا يرغبون فى المخاطرة المرتفعة فى ظل حالة عدم استقرار السوق وارتفاع المخاطر مع  انخفاض التقييم للأسهم وعدم قدرة الشركات على تحديد مستقبلها من خطط و تطورات.

شركات الجيش المتوقع طرحها خلال الفترة المقبلة

وبحسب تصريحات سابقة لوزيرة التخطيط المصرية الدكتورة هالة السعيد، من المستهدف طرح 10 حتى 100% من شركتي الوطنية للبترول الوطنية لإنتاج وتعبئة المياه الطبيعية والزيوت النباتية “صافي”، التابعتين للقوات المسلحة، في خطوة تهدف إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد.

ومن المخطط أن يعقب طرح شركتي الوطنية للبترول وصافي دراسة تنفيذ طروحات 3 كيانات أخرى تابعة للجيش، حسب ما أعلنت وزيرة التخطيط.

وكشف الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي أيمن سليمان عن كون الخطة الأولية تستهدف بيع ما يقارب 100% من أسهم 10 شركات يمتلكها جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، حيث سيساعد الصندوق في اختيار الأصول والترويج لها أمام المستثمرين.

وأشار سليمان، في تصريحات لوكالة بلومبرج، لاحتمالية مشاركة صندوق مصر السيادي في الطروحات عبر الاستحواذ على حصص أقلية بتلك الشركات.

توقع سليمان أن تكون شركات تابعة للجيش المصري، ومنها شركة “وطنية” لتوزيع المنتجات البترولية، وشركة الأغذية “صافي” جاهزة للطرح بعد عيد الفطر المقبل، مشيراً إلى أنه تم اتخاذ خطوات متسارعة مؤخراً لتهيئة هذه الشركات لطرح عام أو خاص قبل الصيف المقبل.

وقال إن الصندوق يمتلك حصصا أقلية تتراوح بين 15 و20% في الاتفاقات والمشروعات المعلنة مؤخراً، ومنها مشروع إنتاج الوقود الأخضر من الهيدروجين والأمونيا بهدف تموين السفن والتصدير.

وأضاف أن “البورصة ما زالت الخيار المتاح أمام طرح الشركات التابعة للجيش المصري، ونحن بصدد الانتهاء من إعادة الهيكلة القانونية لشركتين تابعتين للجيش لتكونا قابلتين للطرح في البورصة قريباً”.

وتتحدث الحكومة منذ سنوات عن بيع شركات حكومية من غير المملوكة للجيش، وفي 2018 أعلنت الحكومة أنها ستطرح حصصا أقلية في 23 شركة حكومية في البورصة في خطة لجمع ما يصل إلى 80 مليار جنيه مصري (4.33 مليار دولار).

وكان السيسي قد أعلن في وقت سابق أن الجيش المصري “لا يعمل بأكثر من 3% من حجم الناتج القومي، مؤكدا أن مشاركة الجيش لا تصل إلى 10 أو 50% -كما ادعى البعض”.

واعتبر الرئيس المصري أن تدخل الجيش بشركاته في القطاع المدني “ضرورة لسد حاجات إستراتيجية أو لتخفيض الأسعار”، وكرر دعوته للقطاع الخاص للمشاركة في هذه الشركات (التي تتبع القوات المسلحة) وغيرها.