ما بين تفاقم معدلات التضخم عالميا وتحركات البنوك المركزية.. أسعار الذهب إلي أين؟

شهدت أسواق الذهب العالمية موجات كثيفة من التقلبات منذ الغزو الروسي لأوكرانيا حيث تسببت الحرب، التي أنذرت باستمرار تفاقم معدلات التضخم التي كانت مرتفعة بالفعل، في قفزة في أسعار الذهب للتجاوز مستوى الـ 2000 دولار للأونصة لتعود بعد ذلك خلال الأسبوع الأخير من شهر أبريل المنصرف وتلامس مستوي قياسي منخفض عند نحو 1890 دولار للأونصة ليتراجع إلي مايقرب من 2.7% مسجلة أكبر انخفاض شهري له منذ سبتمبر 2021، وذلك وسط عمليات جني الأرباح وتزايد الرهانات علي رفع أسعار الفائدة بأكثر من المتوقع خلال الفترة المقبلة من قبل البنوك المركزية حول العالم وعلي رأسها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

تتباين التوقعات بشأن أسعار الذهب، حيث أنه مع تصاعد التوترات الجيوساسية في أوروبا وتأثيرها علي الاقتصاد العالمي توجهت شريحة كبيرة من الاستثمارات إلى الذهب كونه الملاذ الآمن. وشهد الطلب على الذهب ارتفاعا بنسبة 34% إلى 1234 طناً في الربع الأول من 2022 ويمثل هذا أعلى زيادة منذ الربع الأخير من عام 2018. كما كانت الزيادة في الطلب أعلى بنسبة 19% من متوسط الخمس سنوات البالغ 1039 طنًا، وفقًا للبيانات الصادرة عن مجلس الذهب العالمي. وبالتزامن مع هذا يضرب الذهب رياح معاكسة تمنعه من الحفاظ علي مكاسبه حيث أن التوقعات بميل مجلس الاحتياطي الفيدرالي لتشديد السياسة النقدية دعمت قوة الدولار الأمريكي ونالت من الطلب على السبائك وقد تعززت تلك التوقعات بعد أن سجل التضخم في الولايات المتحدة أعلى زيادة سنوية في الأربعين عاما الماضية ليرتفع بنسبة 6.6% خلال مارس الماضي.

وفيما يلي نستعرض توقعات المحللون والبنوك العالمية لتحركات الذهب في الأسابيع والأشهر القادمة:

تمسك بنك جولدمان ساكس بتوقعاته بأن المعدن الأصفر قد يسجل 2500 دولار بحلول نهاية العام خاصة مع مخاوف من ركود محتمل، وذلك وفقًا لجيف كوري ، الرئيس العالمي لأبحاث السلع في بنك جولدمان ساكس . الذي وصف الأوضع العالمية بـ«إنها عاصفة مثالية للذهب في الوقت الحالي».

وتوقع مايك ماكجلون ، كبير استراتيجيي السلع في بلومبيرج إنتليجنس : «إنها ستكون مسألة وقت فقط قبل أن يتمكن الذهب من تجاوز مستوي 2000 دولار للأوقية من جديد». مشيرا إلي انه من المرجح أن يكون الدافع الرئيسي هو إظهار بنك الاحتياطي الفيدرالي بعض التردد بشأن زيادات أسعار الفائدة القوية المنتظرة».

وقال لورانس ليبارد ، الشريك الإداري لشركة « Equity Management Associates» : أنه «يراهن على أن الذهب يقد صل إلى 3000 دولار في غضون العامين المقبلي». حيث أنه لا يتفق مع الرأي السائد بأن التضخم قد بلغ ذروته ، ويشك في أن الاحتياطي الفيدرالي سيعيد التضخم إلى الانخفاض بالقرب من هدفه السنوي البالغ 2%.

فيما توقع خبراء بنك أوف أمريكا أن يكون متوسط سعر الذهب عند 1925 دولارًا للأونصة على مدار العام. حيث يساهم التضخم المتزايد ، واستمرار مخاطر الأوبئة ، والصراعات الجيوسياسية في دعم الاستثمار في الذهب.

ووفقًا لنماذج الاقتصاد الكلي العالمية توقع المحللين من « Trading Economics»، أن الذهب سيتم تداوله عند 1951.66 دولار أمريكي للأونصة بنهاية الربع الحالي.

أما بنك «يو بي إس» السويسري الذي قال أنه يدرك مدي مرونة الذهب، موضحا أن ذلك يرجع إلى حد كبير إلى ارتفاع الطلب على الملاذات الآمنة ، فضلاً عن استجابة بنك الاحتياطي الفيدرالي غير الكافية تجاه التضخم حتي الآن. إلا أنه توقع انخفاض الذهب ما بين 1650 دولارًا إلى 1700 دولارًا للأونصة من يوليو إلى ديسمبر 2022 ، نتيجة لإنخفاض حدة التهديدات الناجمة عن متغير أوميكرون ، واحتمال انخفاض التضخم حال اتخذت البنوك المركزية اتجاه أكثر تشددا. وتوقع بنك سكوتيا الكندي أن متوسط سعر الذهب قد يصل إلى 1850 دولارًا للأوقية في عام 2022 وينخفض إلى 1700 دولار للأوقية في عام 2023.

كما كانت توقعات مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفيَّة المحدودة أيضا هبوطية، حيث توقع محللو «ANZ» أن ينخفض السعر إلى 1750 دولارًا بنهاية يونيو و 1600 دولار للأونصة بنهاية ديسمبر ، بمتوسط 1725 دولارًا لهذا العام. ويتوقعون أن ينخفض السعر أكثر إلى 1400 دولار بنهاية سبتمبر 2023 ومتوسط 1458 دولارًا العام المقبل.

يجدر الإشارة إلي أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيعقد اجتماع يستمر لمدة يومين بداية من يوم الأربعاء القادم الموافق 4 مايو وينتهي يوم الخميس الموافق 5 مايو، ومتوقع أن يقرر خلاله رفع أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس. وقد تكون القرارات التي سيتم اتخذها خلال الاجتماع بمثابة دلالات توضح أكثر ما ينتظر أظسواق الذهب خلال الفترة القادمة.