البنوك تراهن على الأسواق العربية والأفريقية لتدعيم توسعاتها الخارجية

تسارعت خطوات البنوك المصرية على مدى السنوات الماضية نحو تمديد شبكة توسعاتها خارجياً، لتغطي اليوم شريحة واسعة من خريطة الخدمات المالية في العديد من دول العالم، وخاصة في الدول الأفريقية بعد أن كان من النادر وجود بنوك مصرية بها باستثناء السنوات الأخيرة التي شهدت توسعات كبيرة للبنوك المحلية وتحديدًا في شرق أفريقيا.

وتتجه البنوك المصرية نحو التوسع بالخارج عبر افتتاح فروع جديدة ومكاتب للتمثيل، وعلى رأسها البنك الأهلى المصري الذي أعلن مؤخراً اقتحام أسواق عربية جديدة من خلال تواجده في السعودية والسودان، بجانب حصول بنك مصر على موافقات للتواجد في السعودية وهو ما يساعد في دعم توجهات القيادة السيادية لزيادة التبادل التجاري وتقوية العلاقات الاقتصادية ومد جسور التعاون مع الأسواق الخارجية.

وأوضح خبراء بالقطاع المصرفي أن تواجد البنوك فى الأسواق الخارجية أمر يعزز العلاقات الاقتصادية، ويدعم حركة التجارة والاستثمار والتحويلات، مؤكدين أن تواجد مصر فى الدول العربية والتوغل في القارة الأفريقية بصفة عامة يدعم العلاقات على كافة مستوياتها.

البنك الأهلي المصري

وافق مجلس الوزراء السعودي في أكتوبر الماضي، على منح البنك الأهلي المصري، رخصة لافتتاح فرعاً للبنك بالمملكة العربية السعودية، بعد أن كان قد حصل على تصريح من البنك المركزي المصري باتخاذ الإجراءات اللازمة للتواجد بالمملكة لمزاولة أعماله، ولا يعد هذا الفرع الخارجي الوحيد للبنك الأهلي، فالبنك لديه شبكة من الفروع ومكاتب التمثيل الخارجية تتمثل في فرعين بالصين، والولايات المتحدة الأمريكية، و3 مكاتب تمثيل في إثيوبيا، وجنوب إفريقيا، والإمارات العربية، ومؤسستين تابعتين بالمملكة المتحدة، والسودان وقريباً بجنوب السودان وليبيا، إلى جانب شبكة من البنوك المراسلة تتجاوز الـ1086 بنكاً فى مختلف أنحاء العالم.

وحصل البنك الأهلى على الموافقة لتأسيسه لبنك تابع له فى العاصمة جوبا بجنوب السودان، برأسمال 30 مليون دولار، وذلك بعد حصوله على موافقة السلطات بجنوب السودان، وموافقات البنك المركزى المصرى.

بنك مصر

كما بدأ بنك مصر أيضاً رحلة التوسع الخارجي منذ سنوات، حيث يتواجد من خلال 5 فروع فى دولة الإمارات العربية المتحدة، وفرع فى باريس، وبنكين تابعين فى ألمانيا ولبنان، إلى جانب 4 مكاتب تمثيل لبنك مصر فى «ميلانو» بإيطاليا، وفى الصين «كوانزو»، والعاصمة الروسية «موسكو»، بالإضافة إلى مكتب تمثيل «سيول» بكوريا الجنوبية.

وفى أبريل الماضى، أعلن بنك مصر عن حصوله على رخصة لفتح فرع للبنك فى المملكة العربية السعودية، ضمن خطته للتوسع بمدن جدة والرياض وتبوك، كما يخطط البنك لفتح فروع ومكاتب تمثيل بدول عديدة بما يعزز وجوده بالخارج، حيث يستهدف البنك خلال السنوات الخمس القادمة التوسع فى منطقة الشرق الأوسط، وكذا فى قارة أفريقيا، بإنشاء وحدات تابعة بأشكال مختلفة.

وكشف البنك في وقت سابق عن اعتزامه خلال الفترة الراهنة الحصول على رخصة فرع فى مركز دبى المالى العالمى، ويعمل البنك حالياً على التوسع فى القارة الأفريقية بشكل خاص من خلال الوجود فى الصومال «مقديشيو»، كينيا «نيروبى»، وجيبوتى العاصمة، حيث تم بالفعل استصدار موافقات مبدئية من السلطات الرقابية المختصة بتلك الدول، وجارٍ تأسيس وحدات البنك بها، فضلاً عن استهداف البنك تحويل مكتب تمثيل بنك مصر لبنان فى كوت ديفوار إلى فرع تابع لبنك مصر.

بنك القاهرة

واستحوذ بنك القاهرة على 100% من أسهم بنك القاهرة – أوغندا «كمبالا» ليصبح أول بنك مصري يمتلك بنك بالكامل في شرق أفريقيا، والذى يُعد أكبر استثمارات البنك فى الخارج، كما يعد «كايرو بنك» في أوغندا منصة للبنك فى أفريقيا ونقطة انطلاقة له في سوق شرق أفريقيا.

ويُعد بنك القاهرة – أوغندا منصة للبنك فى قارة أفريقيا ونواة انطلاقة للبنك فى شرق أفريقيا، ويضع البنك نصب عينيه دعم الوجود الإقليمى وتعزيز أنشطته التجارية مع أفريقيا.

البنك العقاري المصري

يمتلك البنك العقاري المصري العربي فروع خارجية بدولتي الأردن وفلسطين، حيث يصل عدد فروعه إلى أكثر من 15 فرعًا في الأردن، إضافة إلى 7 فروع في فلسطين.

البنك التجاري الدولي

ولم تقتصر التوسعات الخارجية للبنوك المصرية على البنوك الحكومية فقط، حيث أعلن البنك التجارى الدولى، فى أبريل 2020، عن إتمام صفقة الاستحواذ على نسبة 51% من بنك Mayfair  الكينى، حيث بلغت قيمة الصفقة 35.35 مليون دولار سيتم استخدامها فى زيادة رأس مال البنك.

حجم التبادل التجاري والاستثمارات بين مصر وأفريقيا

وأكدت إحصائيات صادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء في نوفمبر الماضي، أن دول الكوميسا، والتى تضم فى عضويتها 21 دولة أفريقية، تعتبر من أهم الشركاء التجاريين لمصر داخل القارة الأفريقية، ليسجل حجم التبادل التجارى 3 مليارات دولار عام 2020، ما يعادل 60% من إجمالى قيمة التبادل التجارى المصرى مع القارة الإفريقية، خلال العام ذاته والذى سجل 5 مليارات دولار عام 2020، وهو ما يعد أرض خصبة لتوسع البنوك المصرية بها.

وأوضح المركز، أن مصر تحظى فى علاقاتها التجارية مع دول الكوميسا بتحقيق فائض تجارى خلال الفترة من (2015- 2020) بلغت قيمته 1.4 مليار دولار عام 2020.

جاء ذلك فى الدراسة التى أعدها مركز المعلومات تحت عنوان: «فرص تعزيز العلاقات التجارية بين مصر والسوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا)»، وذلك بمناسبة استضافة مصر للقمة الـ21 لرؤساء دول وحكومات السوق المشتركة لدول شرق وجنوب أفريقيا «الكوميسا».

وتناولت الدراسة، الأهمية الاقتصادية لدول الكوميسا، وحجم التبادل التجارى بين مصر وبينها، فضلاً عن فرص مصر التصديرية وتحديات التصدير لدولها، وأفضل الممارسات الدولية لتنمية الصادرات إليها، والجهود الحكومية الحالية لتعزيز الصادرات المصرية لها.

وأشارت إلى أن دول الكوميسا تُعد من الأسواق الواعدة للصادرات المصرية، حيث تبلغ قيمة إمكانات التصدير غير المستغلة إلى تلك الدول 1.8 مليار دولار بحلول عام 2025، وهو ما يعادل نحو 1.8% من القيمة المستهدفة لتعزيز الصادرات المصرية، كما سجلت إمكانات التصدير غير المستغلة إلى دول الكوميسا نسبة 9% من إجمالى الفرص التصديرية غير المستغلة لمصر بحلول عام 2025.

وأضافت أن صادرات مصر إلى كل من دول (ليبيا، وكينيا، والسودان، وإثيوبيا، وتونس) – من أعضاء الكوميسا- تحظى بأكبر قيمة لإمكانات التصدير المتوقعة عام 2025، حيث قدرت بنحو 2.3 مليار دولار، فى حين سجلت إيسواتينى (سوازيلاند سابقاً) أعلى نسبة من إمكانات التصدير غير المستغلة بنسبة 94.7%.

التبادل التجاري والاستثمارات بين مصر والدول العربية

وتعد الدول العربية شريك أساسي في الاستثمارات والتجارة المصرية، حيث كشف تقرير حكومى في نوفمبر الماضي عن ارتفاع حجم التبادل التجارى بين مصر والدول العربية فى الفترة من يناير إلى أغسطس الماضيين إلى نحو 15.474 مليار دولار مقابل 12.449 ملياراً فى الفترة المقابلة من العام الماضى.

وبحسب نشرة التجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، توزعت قيمة التجارة الكلية بين مصر والدول العربية فى الفترة السابق ذكرها بين  صادرات مصرية وارتفعت قيمتها إلى 6.820 مليار دولار مقابل 6.374 مليار فى الفترة المقابلة من العام الماضى، فيما ارتفع حجم  الواردات المصرية من الدول العربية إلى  نحو 8.654 مليار دولار مقابل 6.074 مليار دولار فى فترة المقارنة السابقة.

وتصدرت السعودية رأس قائمة التبادل التجارى بين مصر والدول العربية فى الـ 8 شهور الأولى من العام الجارى، وسجل حجم التبادل التجارى بين البلدين فى تلك الفترة نحو 4.102 مليار دولار توزعت بين صادرات مصرية بقيمة 1.403 مليار وواردات بقيمة 4.102 مليار دولار، بحسب النشرة.

وجاءت الإمارات فى المرتبة الثانية، وسجلت قيمة تجارتها الثنائية مع مصر فى الفترة السابق ذكرها نحو 2.548 مليار دولار، وسجلت الصادرات المصرية إليها نحو 874.045 مليون فيما بلغت الواردات المصرية نحو 1.674 مليار دولار.

تلتها الكويت التى سجل حجم التبادل التجارى معها فى الـ8 شهور الأولى من العام الجارى نحو 1.289 مليار دولار، توزع بين واردات مصرية بقيمة 1.090 مليار دولار، وصادرات مصرية بقيمة 199.020 مليون دولار.

فيما جاءت السودان فى المرتبة الرابعة بالقائمة، وسجل حجم التبادل التجارى بينها وبين مصر نحو 758.703 مليون دولار، منها واردات مصرية قيمتها 237.176 مليون دولار وصادرات مصرية بنحو 521.527 مليون دولار.

مصرفيون: التوسع الخارجي يحقق الكثير من العوائد المجزية للاقتصاد المصري

من جانبه قال وليد ناجى، نائب رئيس مجلس إدارة البنك العقارى المصرى، أن توجه البنوك نحو التوسع الخارجي يعد خطوة مهمة في مسار تعزيز وتواجد القطاع المصرفي المصري في الدولة الخارجية وبشكل خاص الأفريقية والعربية منها، خاصة وأن البنوك المصرية لها تاريخ كبير وقوة في القطاع المصرفي الإقليمي.

وليد ناجي: إنشاء فروع للبنوك بالخارج يساعد على جذب مستثمرين أجانب وزيادة حجم التبادل التجاري

وأشار «ناجي»، إلى أن البنوك المصرية يجب أن تكون رائدة ومنتشرة بالشرق الأوسط وافريقيا والدول العربية، خاصة وأن القطاع المصرفي المصرفي يمتلك فرص انتشار في الدول المحيطة لمصر بشكل كبير، وعلى رأسها الجزائر، ليبيا، تونس، المغرب، ودول الخليج، ويجب استغلالها بشكل جيد للتواجد والانتشار.

وتابع بأن البنوك تعد صناعة خدمية فلا تحتاج إلى تكنولوجيا كبيرة لانتشارها في الدول الخارجية ولكنها تستطيع الانتشار بأقل تكلفة، والقطاع المصرفي لديه من الكوادر الجيدة التي تستطيع من خلالها تحقيق الانتشار والربحية على مستوى الشرق الأوسط.

ونوه «ناجي»، بأن إنشاء فروع للبنوك في دول خارجية سيخدم المصريين في الخارج، وسيساعد على جذب مستثمرين من الخارج، وسيزيد حجم التبادل التجاري، ويساهم فى زيادة ربحية البنوك المصرية، وتعميق العلاقات الخارجية بالدول المجاورة، مؤكداً أن العوائد ستكون مجزية من جميع النواحي.

ماجد فهمي: تواجد البنوك المصرية خارجياً يساعد على زيادة التجارة البينية بين مصر والدول الأخرى

وفي نفس السياق، أكد ماجد فهمي، رئيس بنك التنمية الصناعية السابق، على أن التواجد من قبل البنوك المصرية في أفريقيا والدول العربية له عوائد كبيرة ليس فقط من خلال زيادة أرباح البنوك ولكنها لتقوية علاقة مصر بالدول الآخرى، مشيراً إلى أن التوسع الخارجي يقع على عاتق البنوك الكبيرة كالأهلي، مصر، والبنك التجاري الدولي.

وأضاف «فهمي» أن التوسع الخارجي للبنوك يساعد على زيادة التجارة البينية بين مصر والدول الأخرى، مما يسهل عملية وصول مدخرات المصريين من الخارج إلى مصر، ويساعد على زيادة الاستثمارات الخارجية ويسوق لها، فتواجد البنوك يشكل أهمية سياسية واقتصادية لمصر.

وتابع بأن البنوك مطالبة بالتوسع في دول أفريقيا بشكل كبير، خاصة وأن أفريقيا لم تكن في حسابات القطاع المصرفي لسنوات طويلة مضت، لذلك التواجد فيها في الوقت الحالي يعد أمراً هاماً لمصر، بالإضافة إلى التواجد في الدول العربية يجب أن يكون بشكل أكبر في دول المشرق العربي وليبيا، خاصة وأن مصر دولة محورية كبيرة ويجب أن يكون لها ثقل في كافة المجالات بتلك الدول، مشدداً على ضرورة أن يكون هناك خطة طموحة للانتشار دولياً في الدول الآسيوية والأوربية بشكل كبير.