في زمن الكورونا.. هل يقضى «فيسبوك» على الصحافة أم يساعدها ؟!

استطلاع رأي: 56% يفضلون الـ«فيسبوك» فى الحصول على الأخبار.. و26% الصحافة الإلكترونية والمطبوعة.. و18% يعتمدون على الاثنين معاً

عبد المحسن سلامة: تبويب الأخبار الجديد سيزيد من مصادر دخل الصحف القومية بشكل كبير

محمود خليل: الصحافة العالمية تستخدم نظم تكنولوجية لقياس مدى مصداقية الأخبار.. وعلى مصر استيرادها لزيادة المصداقية والكفاءة

يبدو أن الصحفيين على موعد مع تغيير محورى في عالم الصحافة والنشر، بإعلان فيسبوك الموقع الأكثر زيارة عالمياً تدشين قسم أو تبويب خاص بالأخبار، يعتمد على مشاركة الناشرين كالصحف الكبرى والصحفيين الأفراد أيضاً أخبارهم الموثقة وفقاً لمعايير سيحددها الموقع فيما بعد،.

وسيكون ذلك مقابل مبلغ مادى، وستكون طريقة عرض الأخبار في جزء منفصل عن الصفحة الرئيسية، وهو يشبه كثيراً نظام Watch الموجود بالفعل على فيسبوك.

من جانبه قال جيسبير دوب مدير شراكات الأخبار بفيسبوك فى تصريحات صحفية سابقة، إنه بتأسيس قسم خاص للأخبار يستهدف الموقع تعزيز المنافسة مع المواقع والصحف الإخبارية، مما سيرفع جودة الصحافة المستقلة ومصداقيتها لدى الأفراد.

وأشار إلى أن الموقع يتطلع إلى التعامل مع المراسلين والمؤسسات الإخبارية ذات الثقة والمصداقية لدى أفراد المجتمع.

يذهب البعض بأنها قد تكون ميزة وتدعم انتشار الصحافة، والبعض الآخر يذهب بأن قد تكون عيباً وتؤثر بشكل سلبي على مسار الصحافة حول العالم بتفضيل الأشخاص للعمل المستقل من خلال بوابة “فيسبوك” على العمل فى المواقع والصحف الإخبارية المتخصصة.

وأشارت الإحصائيات أن 80% من الزيارات للمواقع الإخبارية يكون أساسها الترويج على مواقع التواصل الإجتماعى، فيما يرى البعض الآخر أن هذا الأمر قد يمثل تحديات نتيجة غياب القوانين المنظمة، وتأثيرات كبيرة على الأمن القومى والاقتصادى في كثير من الدول.

على الصعيد العالمى انخفض إجمالي توزيع الصحف اليومية الأمريكية (المطبوعة والرقمية مجتمعة) بنسبة 8٪ خلال 2018 مقارنة بالعام السابق، كما انخفضت إجمالي إيرادات الإعلانات المقدرة لصناعة الصحف بنسبة 13% مقارنة بالعام السابق، لتصل إلى 14.3 مليار دولار خلال 2018، بناءً على تحليل مركز البيانات المالية لشركات الصحف المتداولة.

كما انخفض عدد الصحفيين بنسبة 47% خلال الـ10 سنوات الأخيرة فى الولايات المتحدة وفقاً لما نشره مركز بيو للأبحاث.

تأثير تفشي فيروس كورونا على «فيسبوك»  

ومع دخول العالم في تفشى وباء كورونا أوضح تقرير داخلي لفيسبوك نشرته  صحيفة نيويورك تايمز بأن إجمالي الزيارات الأمريكية للموقع ارتفعت بنسبة 50% مع تفشي كورونا، حيث أنه أكثر من نصف المقالات المقروءة على فيسبوك مرتبطة بفيروس كورونا.

وأوضح التقرير أنه بعد أن أصبح موقع فيسبوك، أحد أهم مصادر الأخبار لمئات الملايين عن فيروس كورونا ونمو الزيارات غير مسبوقة على الموقع، ما دفع فيسبوك أن تدرس العديد من الخيارات لاستهداف الأكثر متابعة للأخبار بمعلومات عالية الجودة عن فيروس كورونا الجديد.

وفي إيطاليا إحدى الدول الأكثر تفشي لوباء كورونا لم يكن الأمر ببعيد حيث زاد معدل قضاء الوقت لدى مستخدمي فيسبوك بنسبة 70٪ منذ وصول دخول الفيروس إيطاليا، كما زاد معدل الرسائل بنسبة 50٪ وزاد الوقت فى الاتصال الجماعى عبر فيسبوك بنسبة تزيد عن 1000٪.

وهذا ما عبر عنه مارك زوكربيرج مؤسس موقع فيسبوك عبر منشور بحسابه الرسمى بالشبكة الاجتماعية أن العزلة الاجتماعية المفروضة على العديد من دول العالم بسبب فيروس كورونا ساهمت فى زيادة استخدام الانترنت بشكل عام، ومنتجات فى فيسبوك بشكل خاص.

وقال زوكربيرج: “بينما يمارس الناس حول العالم التباعد الجسدى، فإن استخدام الإنترنت يرتفع إلى مستويات لم يسبق لها مثيل، ونحن نشهد زيادات كبيرة فى الأشخاص الذين يستخدمون خدماتنا للبقاء على اتصال بينما لا يمكنهم أن يكونوا معًا بشكل شخصى، ونعمل بجد للتأكد من أن بنيتنا التحتية لا تزال سريعة وموثوقة ومستقرة خلال هذه الفترة”.

استطلاع رأي يضم ٩٠ شخصاً حول تفضيلاتهم في الحصول على الأخبار

وعلى الصعيد المحلى تعانى الصحافة فى الفترة الأخيرة مشكلات متعلقة بالتمويل ما دفع المؤسسات الصحفية الاستغناء عن أعداد كبيرة من الصحفيين بحثاً منها عن الاستدامة والاستمرار.

أرجع بعض الخبراء أن أزمة صناعة الصحافة فى مصر تكمن فى التطور التكنولوجى الهائل والذي لا يقابله حلولاً وأفكاراً غير تقليدية تطور من الصحافة وتجعلها مواكبة للعصر الحالى بأذواق القراء التى يغلب عليها الطابع التكنولوجى، فتوفر مواقع التواصل الاجتماعى كافة المعلومات بسهولة ويسر مقارنةً بالصحف.

وهو ما دفع موقع «أموال الغد» ليعد استطلاعاً حول مدى تأثير قسم الأخبار الذى ستطلقه فيسبوك قريباً على مستقبل الصحافة المطبوعة والإلكترونية خلال الفترة القادمة، يضم عينة عشوائية بلغت 90 شخصاً من مختلف شرائح المجتمع بما فيه من شباب، صحفيين، مصرفيين، ومحللى بنوك استثمار.

وعن سؤالهم حول تفضيلاتهم في الحصول على الأخبار فضل 56% الفيسبوك، بينما فضل 26% المواقع الإخبارية المتخصصة والصحف الورقية، فيما فضل 18% الاثنين معاً.

وأجمع الأفراد الأكثر اعتماداً على الفيسبوك فى الحصول على الأخبار سبب تفضيلهم له لأنه الأسهل والأسرع فى الحصول على الأخبار، إلى جانب أن الفيسبوك يضم صفحات خاصة بكافة المواقع الإخبارية كما ينشر الصحفيين أخبارهم وموضوعاتهم على صفحاتهم الخاصة ما يعنى سهولة الاطلاع من خلاله.

وعلى النقيض أجمع الأفراد الأكثر اعتماداً على الصحافة الإلكترونية والمطبوعة سبب تفضيلهم باعتبارها الأكثر مصداقية بخلاف بعض أخبار الفيسبوك والتى تعد مجهولة المصدر كما يرونها، كما أن معرفة مصدر الأخبار يحمل ناشرها مسؤولية صحة وشفافية الخبر.

خبراء : يرحبون بإصدار قسم خاص بالأخبار على «فيسبوك» شريطة الرقابة والمصداقية

وبعد تفوق وسائل التواصل الإجتماعى لما تتميز به من زيادة مستمرة لأعداد مستخدميها يومياً أثرت على الصحافة العالمية الإلكترونية والمطبوعة بشكل كبير، ما يدفعنا إلى التساؤل.. هل سيزيد قرار فيسبوك الجديد من نزيف الخسائر الذى تتكبده الصحف المطبوعة عالمياً، أم سيحد منها ويساعدها على الانتشار؟

يرى بعض الخبراء أن مشاركة فيسبوك فى الماراثون الصحافى ستزيد من الشائعات والأخبار الزائفة التى تتداولها مواقع التواصل الإجتماعى، والتى قد تتدخل فى التبويب الإخباري ويتم تسييسه للتلاعب بمعتقدات وثقافة الأفراد.

بينما يرى البعض الآخر أن تنظيم فيسبوك للأخبار المتداولة من خلاله ستقلص من الشائعات وستكون مصدر موثوق للأخبار المحلية والعالمية خاصة أن كافة ما سيتم نشره من أخبار ستكون شريطة مصادر موثوقة وفقاً لمعايير محددة سيضعها فيسبوك.

من جانبه قال عبد المحسن سلامة نقيب الصحفيين السابق ورئيس مجلس إدارة الأهرام، إن تواصل فيسبوك مع الكيانات الصحفية العملاقة ذات المصداقية لدى أفراد المجتمع سيوفر لها دخل كبير قد يعوضها عن نزيف الخسائر الذى تتحمله السنوات الأخيرة، نتيجة توجه غالبية الأفراد إلى مواقع التواصل الإجتماعى لمعرفة كل ما جديد.

وأضاف أن اعتماد فيسبوك على نشر الأخبار والموضوعات من الصحف الإلكترونية والمطبوعة سيزيد من نشرها وقرائتها من قبل قاعدة عريضة من مستخدمى الموقع.

ورحّب سلامة بتأسيس فيسبوك قسم خاص بالأخبار شريطة أن ما يتم نشره من أخبار وموضوعات تكون من مصادر موثوقة وتحظى بمصداقية كبيرة بين أفراد المجتمع، وأنه يرحب بالتطور التكنولوجى المتسارع خلال العقد الأخير، بينما عارض فكرة تأسيس قسم الأخبار إذا اعتمد على مصادر غير موثوقة قد يتم توجيهها وفقاً لمصالح أخرى.

بينما أبدى عدم ترحيبه باعتماد فيسبوك على صحفيين مستقليين لصعوبة الرقابة والتدقيق حول مدى صحة الأخبار التى سيتم نشرها من ِقبَلهم.

من جانبه عقب محمود خليل رئيس قسم الصحافة بكلية إعلام جامعة القاهرة، أن توجه موقع فيسبوك لدفع مبلغ محدد نظير نشر الأخبار التى يتم تداولها إذا تمت فى إطار مهنى وانتقاء الأخبار الذى يتم نشرها وتداولها على الموقع وفقاً لاحتكام معايير مهنية محددة، سيفيد الصحافة بشكل كبير، حيث أن تنظيم نشر الأخبار على الموقع الأكثر استخداماً سيقلص من الأخبار الكاذبة التى يتم تداولها.

وأشار إلى أن الصحف المطبوعة والإلكترونية أيضاً تعانى من أزمة تمويل فقسم الأخبار الجديد الذى سيطلقه موقع فيسبوك سيكون مصدر تمويل جديد لتلك الصحف التى تحقق خسائر فادحة فى الفترة الأخيرة لا تخفى على أحد، كما سيعد تسويق للمحتوى الذى تنشره المواقع والصحف والذى سينتج عنه زيادة أعداد زائرى الموقع مصدر الخبر.

وأوضح أن كافة الدراسات العلمية تشير إلى أن نسبة كبيرة من الجمهور فى الولايات المتحدة وأوروبا تزيد عن 50% تعتمد على مواقع التواصل الإجتماعى وتحديداً موقع فيسبوك فى كمصدر للأخبار، حيث يتسق مع بيئة التلقى الإخباري الجديدة التى تعتمد على مواقع التواصل الإجتماعى كصورة أساسية لتلقى الأخبار.

وذكر أن مواقع التواصل الإجتماعى على الرغم مما تنشره من أخبار كاذبة إلا أنها تنشر الكثير من الأخبار الصادقة مثل كافة المؤسسات الصحفية الأخرى.

وأشار إلى أن مدى مصداقية الأخبار ترجع لناشر الخبر فى كافة المواقع والصحف ووسائل التواصل الإجتماعى.

وحول مصداقية الأخبار فى على موقع فيسبوك عقب خليل أن المؤسسات الصحفية العالمية تسخدم نظم تكنولوجية حديثة تقيس مدى دقة الخبر ومصداقيته دون تدخل العنصر البشري مما يقلص من معدلات الزيف والكذب بشكل كبير.

وأكد أنه على فيسبوك والمواقع والصحف الإخبارية فى مصر استيراد مثل هذه السبل الحديثة وتطبيقها لرفع كفاءة ومهنية الصحافة فى مصر.