أعمده ومقالات حوار من طرف واحد! بواسطة أحمد جلال 4 مايو 2020 | 12:44 م كتب أحمد جلال 4 مايو 2020 | 12:44 م النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 3 المعروف أن الحوار يدور بين طرفين. ما يدعو للدهشة أن حواراتنا العامة تبدو فى المجمل كما لو كانت من طرف واحد، وأخص منها بالذكر المؤتمرات التى تُعقد حول تطورات وتبعات فيروس «كورونا» المستجد. مقارنة بالدول الأخرى، يدلى المسؤول لدينا بما لديه من معلومات وقرارات، وينتهى الأمر عند هذا الحد. فى الخارج، يدلى المسؤول بالبيان الرسمى، يليه سيل من أسئلة الإعلاميين، لاستجلاء ما قد يجول فى خاطر المواطن. إضافة لذلك، ينفرد السياسيون لدينا بالحديث، بينما يشارك المتخصصون فى هذه المؤتمرات فى الخارج، وقد يدلون بآراء تخالف ما يطرحه الساسة. وإذا لم يكن ذلك كافيًا، فأسئلة الإعلاميين المصريين، عندما يتواجدون، تميل إلى الحيطة، والحذر، والمواءمة، بينما يسعى الإعلاميون فى الخارج إلى إظهار جوانب أخرى للحقيقة، ولو تطلب الأمر قدرا من المواجهة. الفرق بين مؤتمراتنا ومؤتمراتهم جد كبير. هل هناك تبريرات منطقية للحوار من طرف واحد؟ وهل هذه التبريرات مقنعة؟ وكيف لنا أن نفسر هذا الاختلاف البيّن بين هذين النوعين من الحوارات؟ التبريرات التى قد يسوقها من يرون معقولية الحوار من طرف واحد أن البيانات لا تحتمل أكثر من رأى، وأن قرارات الحكومة تأتى بعد دراسة، وتأنٍ، ورغبة صادقة فى تحقيق الصالح العام، وأن مصر تمر بمرحلة استثنائية. وقد يدللون على ذلك، على سبيل المثال، بالإشارة إلى أن البيانات اليومية التى تصدرها وزارة الصحة عن أعداد المصابين بالفيروس، والمتعافين منه، والوفيات، لا تحتمل اللغط أو الاختلاف. وبنفس المنطق، يمكنهم الادعاء بكفاية ما يُطرح من معلومات عن كيفية الحصول على المنحة المقدمة للعمالة غير المنتظمة، وأعداد من تقدموا لها بالفعل. وعلى نفس الوتيرة، يمكنهم أن يتساءلوا: ألا يمكن اعتبار إعلان الحكومة مؤخرا بأنها بصدد طلب قرض جديد من صندوق النقد الدولى لمواجهة تبعات فيروس كورونا، نوعًا من الإفصاح والشفافية؟ هذه التبريرات لها منطقها، لكنها غير مقنعة وغير كافية. فى إطار الأمثلة السابقة، لا شك أن الكشف عن أعداد المصابين والناجين والمتوفين من جراء فيروس كورونا أمر مهم، لكنه لا يفصح عما إذا كنا بصدد تصاعد هذه الأعداد أم انحسارها، ولا يكشف عن جاهزية المنظومة الصحية، ولا يعطى صورة واضحة لخطة الحكومة فيما يتعلق بفحص المواطنين، ومتابعة من تواصلوا معهم، وعزل من تثبت إصابتهم. وبالمثل، فإن الإعلان عن أعداد من سجلوا أسماءهم للاستفادة من منحة الـ 500 جنيه (لمدة 3 أشهر) له قيمته، لكنه لا يكشف عن أعداد من لم يتقدموا لهذه المنحة، ولماذا لم يفعلوا ذلك، وماذا نحن فاعلون تجاههم. وصحيح أيضًا أن قرار الاقتراض من صندوق النقد الدولى يمكن اعتباره إجراء احترازيا مرغوبا فيه، لكن ألم تتخط احتياطيات البنك المركزى من العملة الأجنبية 40 مليار دولار، وألم تصل قروض مصر الخارجية إلى مستوى يدعو للقلق؟ عدم إتاحة الفرصة للإجابة عن مثل هذه التساؤلات يعطى فرصة لانتشار أنصاف الحقائق، وتفشى الشائعات، وربما عدم اليقين. بناءً على ما سبق، وإذا كان للحقيقة أكثر من وجه، واستجلاؤها يتطلب حوارًا بين طرفين، فلماذا لا نفعل مثل ما يفعله الآخرون؟ ظنى أن الإشكالية تكمن بشكل جذرى فى علاقة المواطن بالدولة بشكل عام، وأنها لا تقتصر على الحوار من طرف واحد فى المؤتمرات الصحفية. وإذا لم يكن ظنى فى محله، فكيف لنا أن نجيب عن أسئلة مثل: لماذا يتعامل الموظف العام مع المواطن كما لو أنه يمنّ عليه عند تقديم خدمة واجبة؟ ولماذا يتقاعس مسؤولو المحليات عن القيام بمهامهم لإرضاء المواطن؟ ولماذا يعز وجود الرأى الآخر فى الحوارات الإعلامية؟ ولماذا يندر استجواب الوزراء فى البرلمان؟ إجابة هذه الأسئلة ضمنيًا توحى بأننا فى حاجة لإعادة النظر فى علاقة المواطن بالدولة، وذلك بتفعيل مبدأ المساءلة عن طريق ما يلزم من تشريعات وممارسات. قبل إسدال الستار، يقينى أن العبء الواقع على أكتاف من يقومون بتصريف شؤون البلاد والعباد شديد الوطأة، وأن الظروف غير مواتية على جبهات شتى. لكنى على يقين أيضًا أن مصلحة المجتمع لا تتسق مع الحوار من طرف واحد. المواطنون والحكومة شركاء فى الوطن، والدفع بالقارب إلى الأمام يتطلب التجديف بمجدافين. اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/vhf8