أعمده ومقالات فيروس الكلمة ! بواسطة دينا عبد الفتاح 23 أبريل 2020 | 2:53 م كتب دينا عبد الفتاح 23 أبريل 2020 | 2:53 م النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 12 هذا الملياردير وطني .. وهذا يسعى لاستغلال الأزمة في تعظيم ثروته .. هذا تبرع للدولة .. وهذا لم يتبرع .. مدير هذه المستشفى أجرم بعد أن سمح لكورونا بإصابة أحد العاملين .. لماذا تتبرع الدولة للدول الأخرى ونحن بحاجة للمساعدة .. لابد أن تبقوا في البيوت .. من ينزل الشارع خاين لنفسه ولأسرته لتعريضهم للخطر .. المصانع لابد أن تتوقف .. حياة البشر أهم .. الدولة تخبئ الحقيقة علينا .. آلاف المصابين بكورونا في الشوارع ولا يعلم أحد عنهم شيئاً ! تلك هي المفردات التي يتم استخدامها حالياً في التعبير عن الأزمة سواء في الكثير من وسائل الإعلام أو على مواقع التواصل الاجتماعي ، لنؤكد أن السلبية هي شعار الثقافة المصرية في التعبير عن كل الأزمات ، وأن نصف الكوب الممتلئ عادة ما يقع خارج نطاق الرؤية. العالم كله يقع تحت مطرقة هذه الأزمة ، فالجميع يعاني ، ولكن من يتعامل بنفس منطقنا .. ويستخدم نفس مفرداتنا.. أعتقد لا أحد ! ففيروس الكلمة ينتشر بصورة أكبر من فيروس كورونا . جميع الدول تحاول أن تتعايش مع هذه الأزمة باعتبارها أمر واقع .. بعيداً عن عبارات التخوين ومصطلحات التهويل المبالغ فيه .. وبعيداً كذلك عن خلط الأمور ببعضها البعض .. وسياسة الانتقاد المستمر غير المبني علي أسس عادلة تقيم أفراد مجتهدون يعملون بأدوات ضعيفة وإمكانيات محدودة في وقت أزمة طاحنة هبطت علينا بدون مقدمات سابقة. علينا أن نتحلى بشئ من الجدية في هذا التوقيت العصيب، الذي سيكتب علينا “نكون أو لا نكون” ، “نستمر في البناء والتقدم أم نتراجع إلى الخلف مرة أخرى”، لا شك أن العالم بعد مرور هذه الأزمة سيتغير كلياً عن العالم قبلها وسنشهد جميعاً متغيرات جديدة قد تكون زاخرة بالفرص وقد تكون ممتلئة بالتحديات ، قد تحمل لنا حظوظاً أفضل في التقدم والتنمية والتطور، وقد تهدم ما بنيناه خلال السنوات السابقة وتهدر ثماء تحملنا لقرارات الإصلاح الاقتصادي التي جاءت في إطار برنامج الإصلاح الوطني الذي نفذته الحكومة ابتداءاً من 2016. الجميع مطالب بإدارة الأزمة علي مستويين؛ المستوى الأول يتعلق بمستوى الفرد والأسرة المسئول عنها، والمستوى الثاني يتعلق بمستوى الوطن ككل الذي ينبغي أن يساهم كل منا في تخفيف وطأة هذه الأزمة عليه، وأن يساند القيادة السياسية والحكومة في اتخاذ كافة الإجراءات التي تضمن العبور الآمن من هذا التحدى الذي مازال إلى الآن مجهولاً أمام العالم لا أحد يعرف متى سينتهى أو بأي شكل سيقرر الزوال أو حجم الخسائر التي سيتسبب فيها. فعلي مستوى كل فرد، لابد في البداية أن نتخلى عن النظرة الفردية البحتة في تقييم الأمور، وإدارتها من واقع النظرة الضيقة لمصلحتنا الشخصية، فعلي سبيل المثال انتشرت خلال الأيام الماضية تساؤلات كبيرة علي شبكات التواصل الاجتماعي حول الشكل الأمثل الذي ينبغي أن يحتفظ به الفرد بنقوده ومدخراته ، هل يحتفظ بها بالجنيه المصري ؟ أم بالدولار؟ أم يشتري ذهب ويخزنه؟ وخرج الخبراء والمتفلسفون، لينصحوا الناس بضرورة التنازل عن العملة الوطنية وشراء الدولار الأمريكي، وهؤلاء الذين ينصحون الناس بذلك والناس أنفسهم الذين يتسائلون هل يعلموا عواقب هذه النصائح؟! .. هل يعلموا أن الطلب المتزايد علي الدولار بغرض التخزين سيجذب الاقتصاد سنوات للخلف؟ .. هل يعلمون أنه من أجل حفظ أموالهم وتحقيق مكسب قد يكون عبارة عن عدة جنيهات في الألف الواحد قد يؤدي ذلك إلى ظهور السوق السوداء للعملة من جديد؟ وحدوث ضغط مبالغ فيه علي العملة المحلية .. وقد يؤدي لارتفاعات مبالغ فيها في سعر العملة الخضراء وبالتبعية ارتفاع أسعار كافة السلع والخدمات في السوق .. وبالتالي ما حصلوا عليه باليد اليمنى الذي يعتبر مكسب زهيد جاء من منظور المصلحة الفردية الضيقة.. سيفقدوه باليد اليسرى في شكل ارتفاعات تفوق المكسب في أسعار السلع والخدمات، وقد يكون التأثير إلى ما هو أبعد من ذلك .. إذا تراجع المعروض من السلع في السوق .. حال طالت الأزمة لشهور قادمة .. لا قدر الله. هل يعلم الذين ينصحون الناس باقتناء الذهب .. أنهم من الممكن أن يصنعوا ارتفاعاً غير مبرراً في سعره بدون داعي .. وهل يعلمون أنه لو طالت الأزمة لسنوات قادمة .. قد يصبح الذهب أرخص من الخبز .. باعتبار أن الاحتياج الأول سيكون للغذاء .. وليس للزينة! المسألة خطيرة .. والدولة واضحة مع الجميع في خطابها .. أكدت أنها مستعدة لأسوأ السيناريوهات .. ولكن الأمر له تكلفة علي الجميع أن يتحملها .. فلسنا دولة تملك مئات المليارات من الدولارات في احتياطياتها .. ولسنا دولة تمتلك آبار نفطية تصدر منها بأي سعر لتوفر احتياجاتها من المال حتى لو توقفت المصانع والمؤسسات عن العمل .. نحن دولة نامية سنكون في الصفوف الوسطى أو الأولى لتحمل خطر هذه الكارثة العالمية .. الأمر الآن لا يتعلق بقدرات الحكومة أو الدولة نفسها على إدارة الأزمة .. ولكنه يتعلق بموعد إلاهي يرتبط بأجل الأزمة ومتى ستنتهى؟! رجال الأعمال أنفسهم الذين يخرجون بين الحين والآخر يتشدقون بعبارات رأسمالية بحتة تؤكد أن الاقتصاد لن يتحمل توقف العمل بهذا الشكل لأسبوعين قادمين ، وأنه لو تركت الحكومة الحياة تعود لمجاريها ومات البعض أفضل من إفلاس الدولة! هل يعلم هؤلاء سيناريو الأزمة الذي ينتظرنا لو تركت الحكومة الحبل علي الغارب .. وعادت الشوارع مزدحمة وعاد الشباب للمقاهي .. ونصبت السرادق للعزاء .. وامتلأت المساجد بالمصلين .. ورقص المواطنون في الأفراح ؟! هل ينظرون إلى سيناريو إيطاليا وألمانيا والولايات المتحدة ويعتقدون أن هذا هو السيناريو الأسوأ الذي يمكن لأي دولة الوصول إليه لو تركت إدارة هذه الأزمة لتقديرات الأفراد؟ الحقيقة لا .. وبكل تأكيد .. فتلك الدول التي تعاني اليوم آلاف الوفيات وعشرات الآلاف من المصابين .. لديها أقوى الأنظمة الصحية في العالم .. وهي دول تحتل مقدمة النظام المالي العالمي .. والملايين بالنسبة لنا هي في منزلة المليارات بالنسبة لهم .. وبالتالي لديهم قدرات مضاعفة لإدارة الأزمة إذا ما قورنت بقدراتنا ومستشفياتنا وأطقمنا الطبية .. وهنا نتسائل ماذا لو كانت الأزمة بنفس الحدة في مصر .. هل ستكون الخسائر مساوية لخسائر تلك الدول برغم الفارق الوضاح والكبير في الإمكانيات ؟! الواقع يؤكد “لا” .. ستكون الخسائر مضاعفة .. فعشرات الوفيات هناك ستكون بالمئات هنا .. ومئات الإصابات هناك .. ستكون بالآلاف هنا . لذا علينا النظر إلى هذه الأزمة بمنظورنا المحلي الذي يتناسب مع ظروفنا وإمكانياتنا .. لا بمنظور الآخرين الذي له حسابات مختلفة تماماً عناً. الإعلاميين كذلك .. أصبحوا بمثابة ناقلين مميزين لوجهات النظر الدائرة في منصات التواصل الاجتماعي .. وكان فرق الإعداد في هذه البرامج تم تسريحها ليحل محلها “الترند” .. فاتجهات النقد المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي هي ذاتها المتداولة في وسائل الإعلام .. وأسلوب الحوار الدائر في هذه المواقع هو ذاته أسلوب الحوار الدائر في البرامج التلفزيونية .. وكف الاعلاميون عن محاولة تصويب اتجاهات الرأي العام .. وبناء ثقافة مختلفة لهم .. لا أحد يضيف جديد .. ولا ضيف واحد يتحدث بنظرة شمولية عن الأزمة ودور كل واحد فيها .. ولا خبراء يرسمون السيناريو الأسوأ أمام الجميع حتى يتمسكوا بمكاسب الوضع الحالي ولا ينزلقوا وراء عبارات التهوين .. ولا مسئولين أو خبراء يوضحون سيناريو متوقع لفترة ما بعد الأزمة .. حتى يتحضر الجميع للعالم بعد كورونا .. الذي سيختلف اختلافاً تاماً عن “العالم قبل الكورونا”! اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/1v82