أعمده ومقالات انفراجة فى الاحتباس السياسى بواسطة أحمد جلال 14 أكتوبر 2019 | 12:01 م كتب أحمد جلال 14 أكتوبر 2019 | 12:01 م النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 5 يتشابه تعبير الاحتباس السياسى مع تعبير الاحتباس الحرارى فى أنهما يعكسان ظاهرتين غير صحيتين، وإن اختلفت الأسباب. الاحتباس الحرارى مرتبط بارتفاع درجات الحرارة الكونية بسبب الانبعاثات الغازية الضارة بالبيئة، أما الاحتباس السياسى فينتج عن انسداد منافذ التعبير بسبب غياب أو ضعف الأحزاب السياسية، وتحجيم دور النقابات العمالية والمهنية، وضعف التمثيل البرلمانى، وطغيان الرأى الواحد على الساحة الإعلامية. ومناسبة الحديث عن انفراجة فى الاحتباس السياسى بمصر ما تم تناقله أخيرًا من أخبار فى وسائل الإعلام، وعلى لسان رئيس البرلمان عن اقتراب حدوث انفراجة، أو عن ضرورة أن يحدث ذلك. تعليقًا على هذه الأخبار، هذا توجه محمود، ومن المؤكد أن مصر فى أمسّ الحاجة إلى هذه الانفراجة. الانفتاح السياسى له ما له من تأثير إيجابى على رشادة القرارات، فضلًا عن أنه أكثر السبل فعالية فى مواجهة من لا يريدون خيرًا لمصر، سواء كانوا مصريين أو أجانب. من باب المشاركة الإيجابية فى هذا النقاش، أعتقد أن مصر تحتاج، أولًا، أن تكون هذه الانفراجة حقيقية، وليست شكلية. ثانيًا، أن تكون الانفراجة فى تغيير قواعد اللعبة، وليس فى تغيير الأشخاص. وثالثًا، أن تكون نهاية المشوار واضحة منذ البداية، وإن أخذ الوصول إليها بعض الوقت. وفيما يلى قدر من التفصيل لهذه النقاط الثلاث: فيما يتعلق بحاجتنا لأن تكون الانفراجة حقيقية، التخوف هنا يأتى من أن تاريخنا الحديث حافل بالكثير من الانفراجات التى لم تكن إلا ذرًا للرماد فى العيون. على سبيل المثال، عندما أدخل الرئيس السادات التعددية الحزبية فى أواخر السبعينيات، تم ابتكار تعبير المنابر، إشارة إلى أن المبادرة كانت ديكورية. وعندما أردنا تجديد هوية الحزب الحاكم، لجأنا إلى إلغاء توصيفه بالاشتراكى، وأضفنا تعبيرات مثل الوطنى، أو الديمقراطى، أو المصرى، دون تغير حقيقى فى دوره بمساندة النظام.. أما أحزاب المعارضة، فلم يكن لها دور فاعل منذ عام 1952. ورغم وجود نقابات عمالية ومهنية طوال الوقت، وتمتعها بانتخابات جاءت بعض نتائجها على غير هوى النظام، إلا أن معظمها كان ومازال مُسيسًا ومستأنسًا. بالنسبة للمؤسسات الإعلامية، تذبذبت مساحة الحرية المتاحة لها، صعودا وهبوطا، وقد تزايدت الشكوى فى الآونة الأخيرة من أحادية الرأى. فيما يتعلق بطبيعة التغيير الذى نحتاجه، من المؤكد أنه ليس تغييرًا فى الأشخاص، مع الاحترام الكامل لكل من جاءوا ومن ذهبوا، بل فى قواعد اللعبة. وسبب هذا التخوف أننا كثيرا ما نكتفى بتغيير اللاعبين، سواء كانوا وزراء أو محافظين، لامتصاص غضب شعبى، أو بدعوى تجديد الدماء، دون أن نعرف لماذا أتى من أتى، ولماذا ذهب من ذهب. ما لا يقل أهمية أن الساسة الجدد نادرا ما يفصحون عن توجهاتهم، ورؤاهم، وبرامج عملهم، اكتفاء بما يحدده الرئيس من مهام، وما يصدره من توجيهات. ولا يخفى على أحد أن قوانين الانتخابات البرلمانية والمحلية، وقوانين إنشاء وعمل النقابات، وقوانين تنظيم الإعلام، يتم إبقاؤها على حالها، رغم تغير الظروف، أو تأجيل البعض الآخر لأجل غير مسمى، أو تفصيلها لتثبيت أقدام النظام، فى إطار دولة شديدة المركزية. وأخيرًا، أعتقد أننا نحتاج توافقًا على طبيعة نظام الحكم الذى نسعى إليه، وما إذا كنا حقًا نريد نظامًا ديمقراطيًا ليبراليًا. وأسباب التخوف هنا أننا كثيرًا ما نسمع من بعض الساسة والمثقفين أننا شعب غير مؤهل للديمقراطية بسبب تدنى التعليم وتفشى الأمية، كما لو أن الهند الديمقراطية ليست كذلك. ونسمع من البعض الآخر أن الظروف لا تسمح بنظام منفتح سياسيا بسبب حربنا ضد الإرهاب. وحقيقة الأمر أنه لا خلاف على ضرورة الاستعداد الكامل للتصدى لكل خارج على القانون، لكن هذا ليس عائقا حقيقيا أمام التحول الديمقراطى. ولنا فى دولة، مثل كولومبيا، مثالًا يحتذى به، حيث بذخت ديمقراطيتها أثناء حرب جيشها الوطنى مع جماعات يسارية مسلحة إلى أن تم نزع الفتيل عام 2016. باختصار، البحث عن انفراجة فى الاحتباس السياسى فى مصر خطوة طال انتظارها إلا أن بناء الدولة المصرية الحديثة لن يتحقق دون أن تكون الانفراجة السياسية حقيقية، وليست شكلية. البديل الأسوأ أن نكرر أخطاء الماضى وانتكاساته، ونمضى فى حلقة مفرغة إلى ما لا نهاية. اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/fezr