أعمده ومقالات 23 يوليو وخناقة كل عام.. التعليم والصحة بواسطة محمد ابو الغار 20 أغسطس 2019 | 10:12 ص كتب محمد ابو الغار 20 أغسطس 2019 | 10:12 ص النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 6 قبل 23 يوليو كان نظام التعليم المصرى مبنيًا على النظام الإنجليزى، وكانت المدراس الحكومية لها بناء تقليدى يجمع بين فصول التعليم وأماكن التدريب والترفيه وملاعب للرياضة. وكان للمدارس تقاليد محترمة ونظار ومربون عظام وكان مستوى المدرسين متميزًا. ولكن عدد هذه المدارس الابتدائية والثانوية كان قليلًا جدًا ولا يكفى بأى حال أعداد التلاميذ، وكان هناك تعليم خاص بمدارس مصرية مستواها من جميع النواحى أقل بكثير من المدارس الحكومية. وأدعو القارئ لقراءة مذكرات الولد الشقى لمحمود السعدنى ليعرف كيف كان حال هذه المدارس. وكانت هناك مدارس الإرساليات الفرنسية والأمريكية ومدارس إنجليزية قليلة باهظة المصاريف لعلية القوم. التعليم الحكومى والأجنبى قبل 23 يوليو كان متميزًا وراقيًا، ولكن كانت به أماكن محدودة لا تكفى إلا نسبة ضئيلة من الطلاب، وبالرغم من أن مصاريف الدراسة فى مدارس الحكومة كانت متواضعة، إلا أن الطبقة المتوسطة كانت بالكاد قادرة على دفعها، أما الفقراء وهم الأغلبية العظمى من الشعب المصرى فكانوا غير قادرين على دفعها. فى عام 1950 أعلن طه حسين، وزير التعليم، مجانية التعليم الابتدائى والثانوى، ودعا الشعب للتبرع لبناء المدارس التى يمكن أن تستوعب الأعداد الهائلة من المصريين، وخلال العامين اللذين قضاهما وزيرًا للتعليم بدأ يحقق إنجازًا. الطفرة الكبرى فى التعليم العام جاءت بعد 23 يوليو حين رفعت الحكومة ميزانية التعليم بشكل كبير، وقامت بإنشاء الآلاف من المدارس، وهذا كان عملًا عظيمًا، وبالطبع لم تبن المدارس بالقواعد القديمة والمساحات الكبيرة والملاعب والأماكن الترفيهية. وأيضًا لم يكن مستوى المدرسين وكفاءتهم كما كانت قبل 23 يوليو. النتيجة هى حصول ملايين من فقراء المصريين على تعليم لم يكن من الممكن الحصول عليه قبل 23 يوليو، لكن مستوى المدارس والمبانى والمدرسين والطلبة والتعليم كله أخذ ينخفض تدريجيًا حتى وصل إلى مستويات سيئة للغاية. وضعت الدولة خطة كبيرة للتعليم الصناعى والفنى ولكنها فشلت فى إنجاحه وتعثر بشدة. وكانت الخطوة التالية هى مجانية التعليم الجامعى والتوسع فيه. قبل 23 يوليو كانت هناك جامعة فؤاد الأول (القاهرة) وفاروق الأول (الإسكندرية) وإبراهيم (عين شمس) ومحمد على- تحت الإنشاء (أسيوط). أدت التوسعات فى إنشاء الجامعات وزيادة عدد الطلبة إلى توسيع قاعدة التعليم للشعب عمومًا وللفقراء خاصة، ولكن أدى ذلك إلى انخفاض المستوى تدريجيًا. قامت هذه الطفرة التعليمية الواسعة بخلق جيل جديد من المتعلمين، وأدى ذلك إلى تغيير سمح بانتقال المصريين إلى طبقات اجتماعية واقتصادية أعلى وحراك مجتمعى مهم بسبب إتاحة التعليم للفقراء. تفاقمت مشكلة التعليم حين اضطرت الدولة لأسباب سياسية وبسبب الحروب إلى خفض ميزانية التعليم التى تواكبت مع زيادة ضخمة فى السكان فانهار التعليم الحكومى وأصبح الأغنياء فقط قادرين على إرسال أولادهم إلى مدارس خاصة باهظة التكاليف وهكذا عدنا مرة أخرى إلى نقطة الصفر. قبل 23 يوليو كانت هناك سياسة ثابتة للدولة ولمدة سنوات بإرسال بعثات للخارج للطلبة المتميزين، وعاد معظم المبعوثين ليحدثوا نقلة علمية وثقافية نوعية ضخمة فى مصر وكانوا نواة لبناء مشروع حداثى كبير. بعد ثورة 23 يوليو استمرت هذه السياسة لفترة قليلة وبعدها لأسباب اقتصادية تقلصت البعثات ولأسباب سياسية تغبر توجيه البعثات فأصبحت إلى الاتحاد السوفيتى بدلاً من الغرب، وباستثناء فروع معينة قليلة لم يقدم المبعوثون القادمون من روسيا نفس الفائدة للجامعات وللمجتمع التى قدمها المبعوثون القادمون من الغرب. فى النهاية، تعليم ما بعد 23 يوليو كان تعليمًا يعتمد على الكم، بدأ بداية معقولة فى الكيف ولكنه تدهور وأصبح تعليمًا ضعيفًا لأعداد هائلة. قبل 23 يوليو كانت هناك مستشفيات جامعية وحكومية تغطى مصر كلها، ولكن كان عدد الأسرة والأطباء والمستلزمات الطبية والأدوية أقل بكثير من احتياجات المواطنين. وبعد 23 يوليو ارتفعت ميزانية الصحة وقامت الدولة بعمل مشروع الوحدات الريفية الذى أشرف عليه د. النبوى المهندس والذى غطى مصر كلها بخدمة طبية فى الريف. واهتمت الدولة بالطب الوقائى وتم الانتهاء من مشروعات التطعيم الإجبارى للأطفال التى خفضت وفيات الأطفال بنسبة عالية جدًا وبدأ أول مشروع للتأمين الصحى بنجاح فى مدينة الإسكندرية كتجربة أولى. بالتأكيد حدثت طفرة فى الصحة للمصريين بعد 23 يوليو. قبل 23 يوليو كان تعداد مصر 21 مليون نسمة، وبعدها وبسبب تحسن الصحة العامة وانخفاض وفيات الأطفال ارتفعت الزيادة السكانية، وفى عام 1966 أنشأ عبدالناصر جهاز تنظيم الأسرة ولكن لم تأخذ الدولة الأمر بالجدية الكافية حتى ما وصلنا إليه من انفجار سكانى. الزيادة الهائلة للسكان وانخفاض ميزانية الصحة أديا إلى الانخفاض التدريجى فى الخدمات الصحية للمواطنين، وأصبحت الكثير من المستشفيات تعيش على الإعانات والتبرعات. اكتشفت الدولة أنه ليس فى قدرتها أن تكفل تعليمًا وصحة لجميع المواطنين وبدأت تطبيق استراتيجية مختلفة عن سياسة عبدالناصر، ولم يفكر حكام دولة يوليو بالقدر الكافى فى مخاطر الزيادة السكانية واستحالة تحقيق أحلامهم وأفكارهم على أرض الواقع فى ظل زيادة سكانية. وهكذا تحطمت أحلام عظيمة بتحقيق صحة وتعليم متميز للمصريين على أرض الواقع، وزاد من الصعوبة أن ميزانية ما بعد 23 يوليو تغيرت وأصبحت فى معظمها موجهة لغير الصحة والتعليم. قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/3qw8