أعمده ومقالات المسؤولية بين الشعب والحكومة..! بواسطة شوقى السيد 6 سبتمبر 2018 | 11:02 ص كتب شوقى السيد 6 سبتمبر 2018 | 11:02 ص النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 4 ■ المصريون بحكم شخصيتهم فى التاريخ، ومهما تنوعت مسؤولياتهم وثقافتهم لا ينفصلون عن قضايا وهموم وطنهم، مهما باعدت بينهم المسافات، ومهما كانت أسباب بعادهم وغيابهم، سواء كانوا عاملين بالخارج، أو فى إجازة قصيرة، ينشغلون بقضايا بلدهم، فيجرون الحوارات والنقاش، وليس ذلك ترفاً أو رفاهية أو شغلاً للوقت، وفى المقابل فتلك الحوارات يجب أن تلقى اهتمام الجهات المسؤولة فى الدولة عن اتخاذ القرار، سواء اتفقت أو اختلفت مع طبيعة الحوارات أو نتائجها. ■ هكذا كان حوارى مع الأصدقاء أثناء جولة أوروبية فى إجازة، حيث درجة الحرارة العاشرة، والطبيعة ساحرة وسلوكيات البشر بين الهمة والنشاط، الإيجابية والمسؤولية، وحسن الأخلاق، وبساطة الحاجات والمطالب، مهما تنوعت سلوكيات الناس كنتيجة لتنمية الإنسان والمجتمع. ■ وعن أحوالنا فى مصر، دار الحوار، قال صديق إن الشعب هو المسؤول عما وصل إليه الحال، أو ما يصل إليه، فالغالبية قاعدة عن الإنتاج والعمل، والكسل هو السمة الغالبة، واللامبالاة وعدم تحمل المسؤولية فى بناء المجتمع، والأنانية أحياناً، والابتزاز أحياناً أخرى غالبة، لهذا كانت أحوالنا بين عشوائية الثروة واتساع دائرة الفقر، وبين الجهل والأمية، والاتجاه نحو المحاكاة بسلوكيات كثيرة، وهو أمر انعكست آثاره على احتكار الثروات الهائلة، وحدوث خلل اجتماعى بين فئات المجتمع، وزيادة هذه الفوارق بين طبقات المجتمع، والخلل فى توزيع الثروات وعوائد التنمية، وقلة الإنتاج، الأمر الذى جعل الدولة تعانى من قلة الموارد وكثرة الحاجات والمطالب، وصعوبة تلبيتها! ■ ولم ينكر صديقى أن كثرة التغييرات والتطورات التى أصابت المجتمع كان لها دخل فيما جرى، منذ إسقاط النظام الملكى وقيام النظام الجمهورى، ومواجهة الإقطاع والاستغلال والتأميم، ثم الانتقال بعدها من الاقتصاد الموجه أو الانغلاق، إلى الاقتصاد الحر والانفتاح الاستهلاكى، ثم محاولات سلبية أو ناعمة لمعالجة تلك الآثار على مدى سنوات طوال بلغت ثلاثين عاماً، جعلت كل أمة تلعن ما سبقتها، دون سياسات أو خطط إيجابية واضحة وعمل جاد، أحدث كل ذلك خللاً اجتماعياً واقتصادياً واضحاً، وقصوراً فى بناء الإنسان وتنميته، أو إقامة عدالة اجتماعية، وإتاحة الفرص المتكافئة، مما جعل الإنسان مفعولاً به، وليس فاعلاً، أدى ذلك كله إلى تراكمات هائلة، فى قضايا الاقتصاد والتنمية، حتى جاءت ثورة يناير 2011، ثم يونيو 2013 فى مواجهة الإرهاب والفوضى الخلاقة، وخريطة الشرق الأوسط الجديد، ومحاولات قوية فى سبيل الإصلاح حتى لو كانت قاسية مع زيادة عدد السكان، وتصاعد المطالب والحاجات مع ترهّل الاقتصاد وتكاسل الناس، كل ذلك كان فى نظر صديقى، سبب ما نحن فيه ليصل فى حواره إلى أن الشعب هو المسؤول عما جرى، وعليه أن يتحمل وحده نتائج إعادة البناء ولو كانت قاسية! ■ وكان رأيى رداً على حوار صديقى أن الشعب كان دوماً مفعولاً به وليس فاعلاً، وأنه حتى يكون كذلك لابد له من قيادة واعية، وحكومة رشيدة تدير شؤون الدولة، حتى تحدث تغييراً شاملاً وعادلاً، لهذا فإن الحكومات المتعاقبة مسؤولة عما جرى، وعليها إعادة النظر فى الخريطة الاجتماعية والاقتصادية بما فى ذلك بناء الإنسان وتقويته وتنمية المجتمع، لتضعه وأبناءه على الطريق الصحيح، بإقامة نظام اقتصادى عادل ونظام اجتماعى متكافئ، يقوم على تكافؤ الفرص وإتاحة الفرص للطاقات المبدعة، وإذا كان الشعب هو المسؤول، فماذا عن الطاقات الخلاقة للمصريين، عندما تتاح لهم الفرص فى الخارج، فتقدم لنا نماذج مبهرة، وماذا عن قصص النجاح والإبداع للشعب المصرى، وماذا لو كانت الأنظمة المتعاقبة قد أتاحت الفرص الخلاقه للإبداع والابتكار وتكافؤ الفرص؟! حيث عاد صديقى لبرهة من الصمت ولم تأتِ الإجابة! ■ وحكومة الدولة فى أى دولة باعتبارها مسؤولة عن الإدارة العليا فى البلاد ووضع تصور لإعادة البناء والتنمية وتحديد فلسفة التغيير والتطور، فى ضوء ما آل إليه المجتمع وأبناؤه، ومهما كانت حالته وبإجراءات نافذة، وإصلاح الهياكل الاجتماعية بين أبنائه، ومواجهة تشوه الاقتصاد وتمركز الثروة فى أيدى القله، وسد الثغرات ومنابع الفساد، وإقامة عدالة اجتماعية وتعزيز الحقوق والحريات وإطلاق فرص الإبداع، ومقاومة الجهل والأمية وإتاحة الفرص المتكافئة للتفوق والإبداع، وكل ذلك يأتى بداية من نظام دستورى واضح، بل حتى إذا أتت بعض مواده حائلاً للتقدم، فإنه بطريق التفسير والإرادة الصادقة يتحقق الإصلاح أيضاً مع وجودها، ولعل فى سوابق تفسير المحكمة الدستورية العليا لنصوص جامده فى دستور 1971 كانت تقف فى سبيل الإصلاح، فى مواجهة نص يؤكد أن القطاع العام يقود التنمية، وفى تحالف قوى الشعب العامله لحزب واحد وقيام تعدد الأحزاب، كان قول المحكمة الدستورية العليا واضحاً وقبل تعديل الدستور، إذ يجب النظر إلى نصوص الدستور جملة واحدة لتحقيق التقدم والتنمية والإصلاح. ■ وجملة القول، كان الرأى المعاكس لصديقى حول مسؤولية الشعب والحكومة أن الإرادة الجادة والعزيمة فى قيادة الإصلاح وشؤون البلاد، يأتى فى البداية على قمة مسؤولية القائمين على إدارة شؤون البلاد وقيادتها، ويأتى فى المقدمة تنمية قدرات الإنسان وإتاحة الفرص للمشاركة واتخاذ القرار بمشاركة العلماء والخبراء وأصحاب الكفاءة من أبناء مصر، بعيداً عن أهل الثقة، لوضع خريطة الإصلاح، بعد دراسة جادة وافية لما تحتاجه البلاد من أجل البناء والتنمية، ودراسة تجارب الدول التى سبقتنا بمسافات بعيدة، وأوقات قصيرة، وتحديد الأولويات بين الأهم على المهم، وفى التوجيه والتأهيل لقدرات الشعب ذاته عن طريق أجهزة إعلام واعية.. وفى أقوال مأثورة عن حكومات سابقة بأن الشعب ليس مؤهلاً للديمقراطية وتحمل المسؤولية، وفى قول آخر بأن الشعب فى ضمير وعقل الحكومة، وبين هذا وذاك كانت النتائج فارغة. ■ لأن اتخاذ الإجراءات من أجل الإصلاح وطرقه ولو كانت قاسية يجب أن يسبقها الإعلان والإعلام والإقناع، حتى لا يحدث الانفصام بين الشعب والحكومة، وتحدث المعوقات الشعبية أو المقاومة فى مواجهة الإصلاح وكل ذلك أمر ضرورى من أجل تحقيق التقدم والتنمية بدءاً من الإنسان ذاته لأنه هو وسيلة التنمية وغايتها. ■ مرة أخرى يا حضرات: ■ مثل هذه الحوارات التى تجرى بين المتخصصين ليست من باب الفلسفة أو الوجاهة والرفاهية والتسلية، وإنما هى إحساس بالمسؤولية وهموم الوطن ومحاولة للمشاركة فى البناء والإصلاح خاصة إذا لم يكن المتحاورون فى موقع المسؤولية واتخاذ القرار وكل ما يطلبونه الاستماع إلى الحوار والرأى بموضوعية وتأمل ومسؤولية وقبل فوات الأوان.. عل وعسى. اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/576x