أعمده ومقالات إعلانات رمضان بواسطة عمرو الشوبكي 24 مايو 2018 | 3:25 م كتب عمرو الشوبكي 24 مايو 2018 | 3:25 م النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 14 اعتاد جيلى على نمط من البهجة الرمضانية تكاد تكون اختفت هذه الأيام، فحين كنا طلابا فى الجامعة فى أوائل الثمانينيات اعتدنا أن نشاهد فوزير رمضان ومسلسلا تليفزيونيا أو اثنين وربما ثلاثة على الأكثر، ومن كان منا لا يصلى إلا يوم الجمعة يصلى فى رمضان الخمسة فروض ومعها أحيانا التراويح، وكانت فكرة «التطبيق»، أى السهر حتى الصباح والنوم حتى قرب المغرب، منتشرة على نطاق واسع بين طلاب الجامعات والمدارس، وخاصة أثناء العطلات الصيفية. إن التعايش بين الدين والدنيا كان نموذجا حيا ومبهجا على أرض مصر طوال شهر رمضان، حتى جاء عصر التخمة الرمضانية فى كل شىء: عدد المسلسلات، الإسراف فى الطعام والشراب، وأماكن الخروج والسهر (تراجع روادها بسبب الأزمة الاقتصادية). صحيح أن عدد المسلسلات انخفض من 50 مسلسلا فى الأعوام الماضية إلى حوالى 30 فى هذا العام، وهو «بشرة خير» لأنه لا يمكن لأى عاطل أن يشاهد كل هذا العدد من المسلسلات حتى لو جلس 24 ساعة أمام التليفزيون دون نوم أو عمل. والصادم أن الشهر الفضيل شهد هجوما كاسحا آخر على المشاهد المصرى من خلال هذا العدد الهائل والفج من الإعلانات، والتى تجاوزت كل حدود المنطق والمهنية حتى زاحمت آذان المغرب وحلت مكان القرآن الكريم الذى صرنا نسمع القليل منه قبل آذان المغرب والفجر. لقد قطعت الإعلانات أى مسلسل إلى 4 أجزاء تجاوز كل جزء إعلانى الوقت المخصص للمسلسل وبصورة فجة وغير متكررة في أى مكان فى العالم، وبصورة أدت إلى «تطفيش» جمهور التليفزيون إلى «اليوتيوب» لمشاهدة المسلسل الرمضانى دون إعلانات. ولأنى لا أذكر أنى شاهدت أكثر من مسلسلين فى رمضان مهما كانت المغريات، أحدهما دائما مسلسل عادل إمام، الذى بدا من ثوابت الجانب المبهج فى الشهر الكريم، ومسلسلة الحالى «عوالم خفية» الذى يعرض فى الثامنة والربع وينتهى فى العاشرة تقريبا يضيع أغلب وقته فى الإعلانات، والنتيجة أنى اضطررت مع كثيرين غيرى أن أشاهده على يوتيوب أو أكتم الصوت أثناء الإعلانات، ولا أتخيل أن هناك شخصا يحتمل أن يبقى ساعتين أمام التليفزيون لمشاهدة مسلسل مدته نصف ساعة والباقى إعلانات معظمها ردىء. بمعيار السوق والمكسب والخسارة هذا النمط فاشل فى تسويق الإعلانات، بتقديمه جرعة منفرة زهقت الناس، ودفعتهم إلى البحث عن وسائل أخرى يشاهدون فيها ما يرغبون من مسلسلات أو برامج بعيدا عن إجبارهم على مشاهدة مسلسل «بحواشيه» التى بلغت ضعف وقته. لا توجد صناعة إعلام بدون إعلانات، إنما المطلوب ألا نعيش ثقافة التخمة والجرعة الزائدة التى تحول شهر الصيام والمحبة والتقرب إلى لله لجنون حقيقى فى تقديم جرعات غير مسبوقة من المسلسلات والإعلانات تجاوزت حدود المنطق والعقل، بل وحتى الفطرة السليمة. اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/o9re