أعمده ومقالات ذكرى التنحى بواسطة عمرو الشوبكي 11 فبراير 2018 | 10:30 ص كتب عمرو الشوبكي 11 فبراير 2018 | 10:30 ص النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 12 فى مثل هذا اليوم (أو حدث فى هذا اليوم كما تقول بعض وسائل الإعلام) تنحى مبارك عن السلطة، ونجح المصريون لأول مرة منذ تأسيس دولتهم الوطنية الحديثة فى 1805 أن يسقطوا رأس الدولة أو الحاكم الفرد بإرادة شعبية، فكل تجارب التغيير التى شهدتها البلاد على مدار قرنين من الزمان كانت من داخل الدولة، وكان الشعب يؤيد أو يعارض أو يضطر لتقبل أى تغيير يحدث فى قمة هرم السلطة. مثلت لحظة تنحى مبارك عن السلطة فى هذا اليوم من عام 2011 علامة مضيئة فى تاريخ مصر، فقد نجح المصريون عقب ثورة يناير أن يسقطوا حاكما فردا أنجز وأخفق، ولكنه فى النهاية بقى حاكما لمدة 30 عاما ترهلت فيها مؤسسات الدولة وجرى تجاهل الشعب كرقم فى معادلة الحكم، ورتب فى الظلام واحداً من أسوأ مشاريع البلاد سوءا وإهانة للشعب المصرى وهو مشروع التوريث، ومن أجله زورت انتخابات مجلس الشعب فى 2011 بصورة فجة ومهينة. بالمقابل فإن تنحى مبارك وعدم هروبه خارج البلاد وعدم تمسكه بالبقاء فى السلطة، أو محاولته التأثير فى تماسك الجيش، أو التضحية بآلاف من أبناء شعبه من أجل أن يبقى على كرسى الحكم، ولم يكابر مثل زعماء عرب آخرين دمروا بلادهم من أجل البقاء الأبدى فى السلطة، وهى كلها أمور تحسب له وتستدعى الجوانب المشرفة فى تاريخ الرجل العسكرى باعتباره أحد قادة حرب أكتوبر وأحد قيادات الجيش الذين حاربوا فى 67 وفى 73 دفاعا عن الوطن، وينتمى لفصيله «القادة المحاربين» الذين أعلوا قيمة الوطن والشعب عن الكرسى والدولة نفسها، ولم يعرف العالم العربى فى تاريخه المعاصر تنحى أحد من زعمائه إلا مرتين: الأولى مع عبد الناصر الذى أعادته الجماهير، والثانية مع مبارك الذى رفضته الجماهير وهللت لاستقالته ثم عاد كثير منها وترحم على أيامه. والحقيقة أن البعض يعتبر أن تنحى مبارك كان بداية الانهيار الذى شهدته مصر وتناقلتها من حالة الدولة إلى شبه الدولة، وهو فى الحقيقة غير صحيح، فتنحى مبارك كان هو أفضل ما فى صورة ثورة 25 يناير، أما ما جرى عقب التنحى فهو يعكس ليس فقط الجوانب السلبية فى ثورة يناير (غياب القيادة والمشروع السياسى البديل)، إنما أيضا أزمات نظام مبارك ودولته، الذى عجز بدوره أن يقدم بديلا من داخل النظام يحل مكان مبارك وينقل البلاد خطوة للأمام. يقينا مصر تعثرت ثورتها حين غابت عنها بوصلة الإصلاحات قبل تنحى مبارك من تعديل الدستور وحل البرلمان وتعيين عمر سليمان نائبا للرئيس، أو عقب تنحى مبارك بعدم استكمال الإصلاحات التى بدأها الرجل متأخرا بالتوافق على «شخصيات جسر» مثل عمرو موسى أو أحمد شفيق أو عمر سليمان أو كمال الجنزورى، وهى كلها قيادات من داخل الدولة وأثبتت كفاءة سياسية ومهنية. تنحى مبارك ليس سبب الأزمات، إنما سوء الأداء الذى أعقب هذا التنحى ويتحمله جميع فاعلو يناير، سواء من كانوا فى الحكم أو الشارع. لقد طوت مصر صفحة مبارك بما لها وما عليها، ولكنها لم تفتح بعد صفحة جديدة أفضل. اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/o9s3