أعمده ومقالات حين تصبح مكانة الدولة أهم من مستوى المعيشة بواسطة احمد المسلمانى 5 ديسمبر 2017 | 2:38 م كتب احمد المسلمانى 5 ديسمبر 2017 | 2:38 م النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 9 إذا كان السؤال: أيّهما تختار.. مكانة الدولة أم مستوى المعيشة؟ فإنّ الإجابة قطعًا: الاثنان معًا.. لا حياة بدون مكانة، ولا مكانة بدون حياة. لكن إذا لم يكن لديك هذا الاختيار.. ولابد أن تقدِّم أمرًا على الآخر.. فماذا تختار: المكانة أم المعيشة؟.. هل يمكن أن يتحمّل الناس بعضًا من تراجع مستوى المعيشة لأجل حصول الدولة على المكانة.. إنها المكانة التى ستدفع فيما بعد مستوى المعيشة إلى الأمام.. ثم إنهم لو اختاروا المعيشة دون المكانة.. فإن ضعف المكانة قد يذهب بالحياة وبالمعيشة.. وربما يذهب بالبقاء ذاته.. وينتهى الحال.. لا طعام ولا كرامة. (2) إن سؤال المعيشة والمكانة.. هو جوهر حركة التاريخ.. وهو أساس كل الثورات والغزوات والحروب. ليس التاريخ- فى تقديرى- سوى إجابات متعددة حول هذا السؤال. اليسار واليمين.. الأحزاب والانتخابات.. البرامج السياسية والفكرية جميعها.. اختيارٌ أو خليطٌ بينهما.. من الاحتياج البيولوجى للغذاء إلى الاحتياج السيكولوجى للكبرياء. إن العقوبات الاقتصادية باتت أقوى نموذج لذلك الاختيار.. إمّا أن يتحمّل الشعب العقوبات لأجل أهدافٍ معنويةٍ.. أو أن يختار امتلاء المتاجر لأجل أهدافٍ واقعيةٍ.. إنه الاختيار بين «العقوبات» و«المولات»! وقد تأمّلت طويلاً ما نشرته الصحف نقلاً عن «مركز رومير للدراسات» حول تعامل الشعب الروسى مع ذلك الاختيار.. حين قام الغرب بفرض عقوبات اقتصادية واسعة على البلاد. إنها العقوبات التى أدّت فى عامى 2015 و2016 إلى أكبر ركود فى تاريخ روسيا منذ 20 سنة! توازت العقوبات مع انخفاض سعر النفط الذى ربما كان مخططًا هو الآخر للإضرار بالاقتصاد الروسى.. وتراجع كل شىء فى روسيا.. العملة والنمو والعديد من مجالات الحياة. ذهبت دراسة المركز المذكور إلى أن العقوبات الغربية لم تنجح فى تغيير النهج السياسى لروسيا.. وأن المواطنين رأوا فى العقوبات فرصةً للتحدى.. وأصبح شعار «صنع فى روسيا» رائجًا لدى المستهلكين الروس. وحسب المركز.. فإن الشعب الروسى قد اختار مكانة الدولة على مستوى المعيشة. (3) لا أحد يمكن أن يجد فى العقوبات أمرًا جيدًا لتعزيز الوطنية، ولا أحد يمكن أن يرى فى تغليب مصالح الوطن «العليا» على مصالح المواطن «السفلى» أمرًا جيدًا طوال الوقت. كما أن أحدًا لا يمكن أن يقبل مقامرات سياسية أو مغامرات عسكرية غير عاقلة من أجل رفع المكانة وتوسيع الدور. لكن طبيعة الاقتصاد الحديث تفرض دومًا توزيعًا للميزانية.. وتقسيمًا لمصارف المال العام.. ومن الصعب أن تجد دولاً فى العالم يمكنها تحقيق الأمرين معًا على نحوٍ تامّ. إنها حركة مستمرة.. تأخذ من المعيشة لحساب المكانة تارةً.. وتأخذ من المكانة لحساب المعيشة تارةً أخرى. إن الساسة المتميزين هم الذين يعظمِّون ثروات بلادهم ويرفعون الأصول الاقتصادية والمعنوية لأوطانهم.. أولئك الذين يجعلون الاختيار داخل دائرة الثراء.. ثراء المعيشة وثراء المكانة.. لا أولئك الذين يُبقون الاختيار داخل دائرة الضعف.. ضعف المعيشة وضعف المكانة. سيظل هذا السؤال مطروحًا ما بقى الإنسان وبقيت السياسة.. وسيظل الناتج الإجمالى لهما هو المعادل الموضوعى لتلك الكلمة الأسطورية: الحضارة. حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/sotq