أعمده ومقالات الوجه الآخر لمؤتمر الشباب بواسطة زياد بهاء الدين 14 نوفمبر 2017 | 4:01 م كتب زياد بهاء الدين 14 نوفمبر 2017 | 4:01 م النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 9 تابعت من خلال وسائل الإعلام بعض جوانب المؤتمر الدولى للشباب الذى انعقد فى مدينة شرم الشيخ الأسبوع الماضى والذى سعى إلى تقديم صورة جديدة وإيجابية للمجتمع والحكومة والشباب فى مصر. والذين حضروا المؤتمر تحدثوا عن نشاط وإبداع فى أروقته وفعالياته، وعن شباب متحمس يقدم أفكارا ومبادرات بعيدة عن الأنماط التقليدية، وعن وزراء ومسئولين متواجدين بين الحضور ومتجردين من القيود الرسمية، وعن حوار مفتوح وصادق، وعن مظهر عام للبلد وشبابه يبعث على السعادة والفخر. ولكن على الجانب الآخر فقد طرح المؤتمر مرة أخرى، وربما بشكل أكثر حدة ووضوحا من قبل، إشكالية تعامل الدولة وقياداتها مع جانب محدود من المجتمع المصرى باعتباره يعبر عن مصر كلها، وتجاهلهم للواقع الذى يعيشه ملايين الشباب والبعيد تماما ليس فقط عن أجواء وظروف المؤتمر وإنما أيضا عن القيم والأفكار النبيلة التى اتخذها شعارا له. منذ البداية، وبدءا من الفيلم الدعائى للمؤتمر بعنوان «نحن بحاجة للتحاور We Need to Talk»، والذى جرى عرضه باللغة الإنجليزية على القنوات التليفزيونية الدولية، بدا التناقض واضحا. فالإعلان دعوة للشباب من أنحاء العالم للحوار بشأن الإبداع، والحرية، والسلام، والعدالة، ونبذ العنف، ورفض التفرقة والتمييز، وكلها رسائل ومعانٍ عظيمة ولا يختلف عليها اثنان. ولكن المقارنة بينها وبين الواقع ضرورية فى ظل تراجع مساحات الحرية والإبداع التى يعانى منها الشباب المصرى، وغياب التمثيل الشبابى عن مختلف آليات المشاركة فى اتخاذ القرار، والقيود الصارمة على النشاط الأهلى والسياسى والإعلامى. كذلك فبينما نجحت جلسات وفاعليات المؤتمر فى تقديم نماذج رائعة ومشرفة لشباب رفيع التعليم، واسع الاطلاع، صاحب أفكار ومبادرات فنية وجريئة، إلا أنها من جهة أخرى طرحت وبقوة التناقض بين ظروف هذه المجموعة المتميزة وبين الواقع الذى يعيشه ملايين الشباب المحرومين من تعليم حقيقى، ومن وسائل إعلام وثقافة مفيدة، ومن فرص عمل مناسبة، ومن الحق فى اكتساب المهارات والأدوات التى تمكنهم من المشاركة والمنافسة مع غيرهم ومن إطلاق طاقات الإبداع لديهم. وأخيرا فإن الوجود الحكومى المكثف، فى أجواء يغلب عليها الانفتاح والبساطة والتواصل، اتاح للشباب المشارك فرصة الحوار المباشر مع المسئولين والتفاعل وطرح الأسئلة بحرية. ولكن هنا أيضا ظهر التناقض الملفت بين هذا المناخ المنفتح والصحى، وبين الانقطاع التام لكل سبل الحوار فى المجتمع الأوسع. وبالتأكيد أن الدولة لا يمكنها التواصل مع كل الشعب المصرى بشكل مباشر على نحو ما حدث مع شباب شرم الشيخ. ولكن هذا تحديدا هو ما يجعل التمثيل النيابى والأهلى ضروريا لكى يكون الحوار متصلا بين الحكومة والشعب من خلال المجالس المنتخبة والنقابات والجمعيات التى تمثل المصالح المختلفة فى المجتمع. ولكن مع ضعف أداء البرلمان الحالى، وعدم وجود مجالس محلية منتخبة، ومع السيطرة الحكومية على النقابات والجمعيات الأهلية، فإن الحوار خارج أروقة مؤتمر شرم الشيخ ولقاءات السيد الرئيس مع الشباب فى مؤتمرات المحافظات وبعض المناسبات الأخرى المنظمة بعناية ليس متاحا لا بشكل مباشر ولا غير مباشر. أتصور أن وراء هذا الترتيب فكرة العمل على بناء دائرة جديدة من الشباب المتميز وتأهيله للمشاركة فى القيادة مستقبلا. ولكن هذا بدوره يطرح مزيدًا من الأسئلة عن رؤية الدولة عموما للتنمية البشرية والاجتماعية. فمن أساليب التنمية المعروفة فى العالم الاهتمام بما يعرف بمراكز التفوق (Centers of Excellence) بحيث تسخر الدولة موارد خاصة لرعاية وتنمية الموهوبين والدفع بهم من خلال مدارس خاصة ومنح دراسية سخية ورعاية متواصلة كى يلحقوا بأقرانهم فى أكثر بلدان العالم تقدما على نحو ما فعل العديد من البلدان الآسيوية فى العقود الثلاث الماضية. ولكن هذا أسلوب ينهض على وجود برامج أساسية وشاملة تعمل على رفع مستويات التعليم والثقافة والتأهيل للشباب جميعا بمستوى جيد، ثم يأتى بعد ذلك الدفع بالمتميزين والموهوبين منهم بشكل خاص. ولكن لا أظن أن الاهتمام بالمتوفقين والمتميزين وحدهم فى مصر يكون اتجاها سليما وعادلا فى ظل التدنى المستمر لمستويات التعليم العام والتأهيل المهنى والوعى الثقافى، بما يجعل مثل هذه السياسة اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/ch8j