أعمده ومقالات حيرة الرأى العام بين تصادم القيم والمبادئ!! بواسطة شوقى السيد 10 أغسطس 2017 | 3:32 م كتب شوقى السيد 10 أغسطس 2017 | 3:32 م النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 2 يحار الرأى العام بين ما يشاهده أو يقرأ عنه كل يوم من تناقض وتصادم بيِّنٍ فى معانى القيم والمبادئ، حتى كادت تهتز أمامه حقيقتها ومبناها؛ فعلى حين ترى شخصيات مرموقة احتلت مكانة فى المجتمع وتبوأت مواقع مهمة فى الدولة، سواء كان سابقاً أو حالياً، تُنشر الأخبار عن إنجازاتها وأفضالها كل يوم، أو يُردد على مسامعنا علو كعبها وتفوُّق قيمتها الأدبية أو العلمية بين أبناء المجتمع، وبعض هذه الشخصيات حصل على تقديرات عظيمة من الدولة، شهادةً بفضلها ونتائج أعمالها، وآخرون تعتز الدولة بهم فتقدمهم فى مؤتمراتها على أنهم قدوة ونماذج يحتذى بهم، أو يلقون الخطب والكلمات لأبناء المجتمع، أو يكتبون الآراء ويقدِّمون العظة للناس، يحدثونهم عن القيم العليا فى المجتمع ويقودون الرأى العام إلى المعانى والقيم. هؤلاء جميعاً، السابقون أو الحاليون، يحظون بتقدير واحترام لدى الرأى العام وسط أبناء المجتمع، حتى لو اختلفوا معهم فى الرؤى والأفكار، طالما كان عملهم وحصاد جهدهم محل اعتبار فى البلاد، لكن المشكلة الحقيقية التى تواجه الرأى العام ويحتار بشأنها عندما يفاجأ بأن من بين هؤلاء الذين تصدوا لقيادة المجتمع يُنشر ضدهم فى ذات الوقت قرارات بالاتهامات الجنائية والإحالة للمحاكمات فى مواد التجريم والعقاب.. وآخرون صدرت بشأنهم أحكام جنائية بالإدانة فى جرائم المال العام أو الكسب غير المشروع أو التعدى على حقوق الدولة أو الأفراد، عندئذ يقع التناقض البيِّن بين المبادئ والقيم التى ظلوا يتحدثون عنها.. ويقودون المجتمع إليها، وبين المبادئ ذاتها التى كادت تهتز أمام الرأى العام بسبب ما يُنشر عنها بمبالغة.. ويجعل الناس فى حيرة من شأنها، ومن هؤلاء على سبيل المثال إسماعيل سراج الدين وعبدالمنعم سعيد ومرسى عطاالله ويحيى الدكرورى.. وغيرهم ممن احتلوا مكانة كبيرة لدى الرأى العام، وتبوأوا مناصب عليا أدوا فيها خدمات جليلة، ومع ذلك فوجئ الرأى العام باتساع دائرة النشر بمناسبة محاكمات وقرارات إحالة أو إدانة أو إقامة دعاوى من دعاوى الشهرة بقصد الإساءة، نالت من سمعتهم ولم تستقر مراكزهم القانونية بعد، فاهتزت القيم وتصادمت المبادئ بسبب ما جرى فى حقهم. ويُعَظِّم من هذا التناقض أن هؤلاء الشخصيات الذين ظلوا يمثلون المبادئ والقيم ويدعوننا إلى التمسك بها والحفاظ عليها هم أنفسهم الذين تكشف عنهم وتهلل الأخبار المنشورة ضدهم عن الاتهام أو الإدانة، وهم مازالوا يخاطبون الرأى العام بالمبادئ والقيم العليا، ويقدمون الآراء والتحاليل التى تتناقض مع الاتهامات والإحالة وأحكام الإدانة، لأنهم يتعففون عن الدفاع عن أنفسهم أو التحدث عن حالهم واثقين مؤمنين بسلامة موقفهم وبراءة ساحتهم، وعندئذ يتساءل الرأى العام باحثاً عن حقيقة المبادئ والقيم التى ظلوا ومازالوا يحملون مسؤوليتها ويدعون إليها وعما يُنشر بشأنهم، لأن فاقد الشىء لا يعطيه. وقرب هذا المعنى أيضاً عندما تتواتر الأخبار المنشورة عن شخصية عامة أو مسؤول لتكهنات عن مقاصد مغرضة بقصد الإساءة إلى شخصية بعينها تبث خبراً أو أخباراً غير صادقة، ولو كانت صحيحة لاستوجبت العقاب والاحتقار، وسرعان ما تُتناقل تلك الأخبار ويجرى النشر عنها رغم أنها غير موثقة، لكنها تسهم فى إثارة الرأى العام عن سمعة الشخص أو المسؤول وتسىء إلى شرفه واعتباره، وقد يستند النشر إلى دعوى مرفوعة أو بلاغ كيدى مقدم، لكن تداول النشر وتناول الوقائع والمبالغة والإثارة فى نشره من شأن ذلك كله أن يُحدث التناقض والحيرة بين سمعة الشخص واعتباره وبين ما ينشر عنها، ولو كانت غير صادقة، ويوقع الناس فى حيرة من هؤلاء الذين يساء إليهم عمداً ومازالوا يقدمون لبلدهم ويشغلون مناصب عالية. ويتصل بقرب هذا المعنى أيضاً عندما يفاجأ الرأى العام أيضاً بأن من يشغل منصباً مسؤولاً عن الأمانة والحفاظ على حقوق الدولة والمجتمع وعن مكافحة الإضرار به والعدوان عليه. وهو لم يشغل هذا المنصب إلا بعد إجراء التحريات والمعلومات عن سيرته الذاتية لعظم المسؤوليات التى يتولاها وخطرها، يفاجأ بعدها الرأى العام بالنشر عن الضبط والتلبس بالرشوة أو اتفاق أو القيام بإجراء يضر سلامة المجتمع وأمنه وحقوق أفراده وعندئذ يتساءل الرأى العام عن أن الذى جرى قد أتى بعد الأوان! كل هذه الصور وغيرها توقع الرأى العام فى حيرة من أمره، وتجعل المبادئ والقيم ذاتها مهتزة، وكأن الحديث عنها فى وادٍ وما يقع بشأنها فى وادٍ آخر، وهو ما من شأنه أن يُحْدِث تناقضاً بين ما يشهده الناس ويسمعون عنه وبين ما يُنشر بعدها فى الواقع، فتفقد قيمتها وعلو قدرها، وهى صور تبحث عمَّن يبدد ذلك التناقض، ويحافظ على حقيقة المعانى والقيم. ويتطلب ذلك من الجهات المعنية اتخاذ ما يلزم بشأن تحقيق التوافق والتنسيق بين ما يقرأه الناس ويسمعون عنه وما يشاهدونه فى الواقع، حتى لا يحدث الانفصام بين حقيقة المعانى والقيم، وحتى لا تهتز تلك المعانى فى عقيدة الناس، بين ما يسمعون عنه ويشاهدونه وبين ما يحدث فى الواقع من خصام وتناقض، وعلى القمة من هذه الأجهزة التى تملك ذلك الأجهزة الرقابية والمستقلة التى تملك من الوسائل ما تتوقَّى به وقوع الرأى العام فى مثل هذا التناقض، حماية له وحفاظاً على استقامته فى فهم المعانى والقيم، ومنها كذلك الهيئة الوطنية للصحافة والمجلس الأعلى للإعلام الذى يملك من السلطات فى التشريعات الجديدة ما يرسخ للحيادية المهنية للقيم عند النشر وتدعيم الرقابة الذاتية لأبناء المهنة حماية لفهم المعانى والقيم من الانهيار والسقوط، ولا يكفى صدور التصريحات أو البيانات أو التعليقات لمواجهة ذلك التناقض، لأنها ليست كافية لحماية الرأى العام بل تزيد من همومه تناقضاً حتى لو كانت تبريراً ودفاعاً عما وقع فيه من حالة التصادم بين القيم والمبادئ فى واقع الحياة!! اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/45op