أعمده ومقالاتدينا عبد الفتاح تعليق الجرس برقبة القط ! بواسطة دينا عبد الفتاح 21 مايو 2017 | 4:15 م كتب دينا عبد الفتاح 21 مايو 2017 | 4:15 م دينا عبد الفتاح النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 3 إذا عنونت المرحلة الحالية بكثيرٍ من التفاؤل فهذا خطأ والعكس هو بيت الخطأ ، لكن بعض من هذا وذاك قد يساعدك فى فهم قيمة أو يصنع شيء جديد يحدث فى مصر بمقياس المنطق وليس على أسس الانتماء والعصبية، فأوانهم قد فات وولى! الحالة المصرية معقدة بالتأكيد، فبعد سنوات من العجاف الثقافي والتعليمي دفعت المجتمع نحو سباق الإطعام بعد جوعٍ والأمن من بعد خوفٍ، وهي حقيقة إلهية لايملكها إلا من وهبها، لكن الأنظمة السابقة وباسم الدولة أرادت أن تمسك كل خيوط اللعبة فى خديعة متكاملة الأركان؛ فأممت كل المؤسسات فى صوت واحد وحجبت عن مصر التنوع الطبيعى والتوازن الضرورى لأى مجتمع حديث. والنتائج حدّث ولاحرج من تصحر للعقول المبدعة، وصراعات على لقمة العيش تخطت الآخر، وفسادٍ بات عقيدة تقرأ وتُتلى كل يوم ، ورسائل ظلام يبثها كل منا فى أذن الآخر، حيث لا أمل، “وطول عمرها مصر كدا”. وفى المقابل، نشئت كيانات بنفس ذات الصفة وتحمل نفس الثقافة من المركزية والصوت الواحد سواء كانت من المعارضة أو المجتمع المدني، بأيديولوجيات دينية أحيانًا وبتركيبات عصبية وعنصرية أحيانًا أخرى مغلفة بشرائط من المؤامرت نسجتها وسائل الإعلام، لتعيش كل هذه المنظومة بجانب بعضها البعض تتغذّى كل منها من الآخر لتعيش وتستمد قوتها، فوق ملايين تشتتوا وانقسموا حول الهدف ليصبح “أنظمة وكيانات تعيش ووطن يتآكل” . وأخطر ما جرى فى أعقاب ثورتي يناير ويونيو، ذلك الصخب فى وسائل الإعلام، الذى استخفّ بالتاريخ وراهنت على الحاضر بمدى وعى الشعب وإدراكه أنه “استفاق” أخيرًا، وكأن الاستيقاظ من النوم هو إعجاز فى حد ذاته؟! والتباهي فى حضرة الواقع بأن المصريين ليس لهم كتالوج وكأن هذه ميزة كبرى وليست عيب خطير بأنهم بمعنى آخر ” فئران تجارب” لغيرهم. هذه هى الإشكالية فى الماضي والحاضر والمستقبل، والتى يجب أن تنتبه لها القيادة السياسية فى التوقيت الحالي، فمع غياب الوعى والثقافة والرؤية لا تراهن على نجاح ، لأن المنطق المختل سيجد فى الاستقرار السياسي لعنة، والنمو الاقتصادي خدعة، والبرلمان كفر وزندقة، والعلاقات الخارجية خنوع وخضوع، والمبادرات المجتمعية تملق ونفاق و”ضحك على الذقون” . السؤال الأهم هنا هو كيف نبنى هذه الثقافة ونعيد تشكيل الوعي المصري، بأسلوب جديد يعتمد على وضوح الرؤيا والشفافية والارتكان الى الأسس السليمة والتنوع فى الفكر للوصول إلى الهدف، ومشاركة الآخر، ومد المساحة المطلوبة بين صاحب القرار أيا كان مكانه وبين الهيئات والأجهزة المختلفة للعمل بانسيابية وبقوة الجماعة، وليس بأسلوب النزاع وطحن الآخر. فالاقتصاد بات كل شىء، وأصبحت الخيارات الأكثر صعوبة هى التى تصنع القرار فى مصر الآن نتيجة ضعف المنظومة الاقتصادية للدولة المصرية، التى بات مايقترب من 75 % من دخلها يعتمد على الضرائب والجمارك فى ظل تقلصات النشاط الاقتصادي العام لعوامل كلنا نعرفها، وفى ظل ارتفاع عجز الموازنة، ومعدلات نمو ضعيفة، وارتفاع معدلات البطالة. إلا أنه فى عالم لا يولد شيءٌ فيه من فراغ، يجب أن نعي وننظر إلى نتائج هذه القرارت على أرض الواقع بأسلوب علمي، يستند الى معايير أكثر نضجًا من معيار وعي الشعب وتحمله؛ حيث أن الخلاف على ذلك كبير كما ذكرنا؛ وحيث أن الإجراءات فى أساسها كانت تستهدف تحفيز الاستثمار وهو مالم يحدث حتى الآن . فقدر النخب فى أى مجتمع هو أن يبتكروا طريقة في التغيير تستغني عن الشكليات والطرق البالية خاصة إذا كان المجتمع قد ذبل من تجارب وأطروحات سابقة لحسابات خاطئة وارتجالية. فالسياسات الاقتصادية التى أتخذت ماهي إلا مجرد إجراءات تمهيدية نحو المستقبل، وتحميلها أكثر من ذلك هو الخطر بذاته. فالتغيرات الجذرية التى يجب أن تحدث على أرض الواقع كثيرة، أهمها وأبرزها فى الوقت الحالي هو تحويل الشراكة في الوطن إلى إيجابية وانخراط مكثف في الشأن العام ، وتحديث وتطوير مؤسسات المجتمع المدني الإعلامية ، والحقوقية، والرقابية، والثقافية، والعلمية، والاجتماعية، والشبابية ، والخدمية ، والتطوعية ، والتنموية ، وكل ما يحتاجه المجتمع من مؤسسات غير حكومية وغير حزبية لتوعية وتفعيل وخدمة أكبر عدد من المواطنين في مختلف المجالات . حيث إن الدخول فى “عش الدبابير” ضرورة قصوى من أجل تجديد الدماء، لكن من يجرؤ على تعليق الجرس برقبة القط لتحديد خطواته القادمة ، دون أن يكون فريسة على طبق من ذهب للقط الذى يتواجد فى كل مكان حولنا داخل كل مؤسسة وشارع حتى أنفسنا ، يرفض بكل بقوة أية خطوات للإصلاح ؟! لكن بعزم البدايات تكمن روعة النهايات! النسق الأخر هو إتخاذ خطوات أكثر نضجًا فى إدارة ملفات السياحة والتصدير وجذب الاستثمارت، عَبر الإصلاح المؤسسي ووضع رؤية واضحة لمسيرة التنمية المستهدفة؛ حيث إن 90٪ من المشاكل الإقتصادية لا ترتبط بالقوانين والتشريعات القائمة، بل بسبب تطبيقها وغياب الوعي عن الأجهزة التنفيذية كنظام وأفراد. وليس أدل من مظاهر إفتقاد الهوية استمرار حالة التخبط على صعيد اتخاذ القرارات بين الجهات المختلفة، كقانون الاستثمار الجديد الذى شهد حالة من اللغط الكبير وصلت إلى أن يخرج تصريح تلفزيونى على لسان أحد الوزراء يقول أن المشكة الأساسية لقانون الاستثمار، هو عدم وضوح الاختصاصات الخاصة لكل وزير بالقانون ! . ومن قبلها كانت أزمة “الشباك الواحد” الذي نادت به كل الحكومات وانتظره المستثمر ولكن لم ينفذه أحد، مرورًا بغياب الرؤية في المشروعات الاستثمارية ذات الأولوية، التي ينبغي أن يتم توجيه الاستثمار الوطني والأجنبي إليها، فمصر إلي الآن لا تملك مخطط استثماري واضح ولم تنجز الكثير في وضعه، علي الرغم من الزخم الدائر حول مستقبل التنمية والتقدم الذي بات ينتظره المصريون وكأنه يقف أمام الباب. وعلي الرغم من الإصلاحات الاقتصادية التي أتمتها الحكومة علي مدار الفترة الماضية علي صعيد السياسة النقدية والمالية، فإن هذه الاصلاحات مهددة بأن تفقد مزاياها الايجابية ونتائجها الملموسة علي أرض الواقع بسبب عدم اتباعها بقرارات صائبة تضع الأمور في نسقها الصحيح، فاستقبال 10 مليارات دولار كاستثمارات أجنبية مباشرة بعد قرار تحرير سعر الصرف أمر جيد، ولكن عدم إنهاء الاجراءات المتعلقة بتنفيذ هذه الاستثمارات حتى الآن يعرقل مكاسبها، كما إن نمو الصادرات بنحو 12% بعد التعويم يعد من الأمور الدافعة للتفاؤل، لكن تعثر المصدرين في صرف الدعم التصديري حتى الآن يعوق التقدم التصديري، وأيضًا القضاء علي السوق السوداء لتجارة النقد الأجنبي أمر جيد، ولكن تداول الدولار بأعلي من قيمته العادلة في المنافذ الرسمية أمر يحتاج لإعادة النظر. السير في الطريق الصحيح لا هو إجراء أو قرار أو سياسة، وإنما منظومة متكاملة تقوم علي رؤية واضحة وأهداف محددة وخطط متقنة تتم عبر خطوات منطقية تعترف بمحدودية الإمكانيات وبصعوبة الطريق للمستقبل المضيء وباختلالات السنوات الماضية التي ستلازمنا لسنوات طويلة في المستقبل. كما إن الأشخاص يعتبرون ركنًا أساسيًا من هذه المنظومة؛ حيث لا يجور أن تقوم الرؤية وتنفيذ الخطط علي أفراد لا يزالون ينظرون تحت أقدامهم، ويخشون اتخاذ القرار خوفًا من العقاب، علي الرغم من أن العقاب يأتي في حالة الخطأ فقط، ولكن منظور هؤلاء الذي يحكم سلوكهم “قليل من العمل يؤدي لقليل من الخطأ”. وعلي الرغم من كل هذه الصعوبات، فإن طريق التنمية لا يزال واضح، بل ويمكن السير فيه وبلوغ مرحلة متقدمة منه خلال الفترة المقبلة خاصة مع التغيرات التي تمت علي صعيد علاقات مصر بالعالم الخارجي وبناء منظومة أكثر قوة للعلاقات الاقتصادية الدولية، وإطلاق العديد من المشروعات القومية القادرة علي استعادة الاقتصاد لمعدلات النمو الاقتصادي السابقة والتي دارت حول 70% أو أكثر من الناتج الإجمالي المحلي. أما التحديات فيمكن إعادة النظر في مواجهتها من الآن، وافتراض أن كافة السياسات والأدوات التي أعدت في السابق لمواجهتها غير ناجحة وتحتاج لمزيد من الإصلاح والتصويب، وذلك بمنطق أن التمادى في الخطأ يولد مزيدًا من الخطأ. وعلينا ألا ننسي أن كافة التجارب العالمية المحيطة لم تكن محاطة بالورود وعوامل نجاحها متوفرة علي كافة الأصعدة، وانما كانت التحديات الصعبة أحد المكونات الرئيسية فيها، كما أن الوعى في مواجهة هذه التحديات كان أحد أبرز أسباب النجاح والتقدم والازدهار . اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/4mad