تحليل: ميزان المدفوعات قد يشهد طفرة في الربع الثاني من العام المالي الجاري

رغم أن تقرير البنك المركزي حول ميزان المدفوعات للربع الأول من العام المالي الجاري جاء بفائض 1.9 مليار مقابل عجز بقيمة 3.7 مليارات دولار خلال الفترة المقابلة من العام المالي السابق، إلا أن التقرير لم يتضمن الفترة التالية لتعويم العملة المحلية وهي من شأنها أن تؤثر على صافي معاملات مصر مع العالم الخارجي بشكل إيجابي؛ ويرصد أموال الغد في التقرير التالي عدد من البنود التي من المنتظر تأثرها بشكل إيجابي بقرار تعويم العملة المحلية .

عجز الميزان التجاري

أعلن البنك المركزي أن عجز ميزان المعاملات التجارية بين مصر والعالم تراجع بقيمة 1.3 مليار دولار تشكل نسبة 13.4% خلال الفترة من يوليو إلي سبتمبر 2016 ليصل إلى 8.7 مليارات دولار مقابل 10 مليارات دولارفي الفترة المقابلة من العام الماضي، ويأتي هذا التراجع نتيجة قرارات الحكومة والمركزي منذ بداية 2016 الرامية إلى إحلال التصنيع المحلي محل الواردات والتضييق المفروض على السلع غير الأساسية .

ومن المقرر أن يشهد الربع الثاني من العام المالي الجاري وبعد قرار التعويم استمرار لتراجع الواردات من الخارج بعد ارتفاع قيمة الدولار لأكثر من 100% وتراجع القوة الشرائية للجنيه وانعكاس ذلك على الاستهلاك في السوق المحلي وتأجيل العديد من الشركات المستوردة لخططها لحين استقرار سعر الدولار .

وكانت الحكومة قد قررت رفع التعريفة الجمركية على أكثر من 350 سلعة وصفتها بغير الأساسية، كما أن التعويم من شأنه أن يمثل فرصة ذهبية للمصدرين لترويج سلعهم في الخارج خلال هذه الفترة وهو ما سيساهم في ارتفاع حجم الصادرات خلال الربع الثاني من العام المالي الجاري .

وقال المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، في تصريحات صحفية إن إجمالى قيمة الصادرات خلال 2016 ارتفعت إلى 20 مليار دولار بدلاً من 18.6 مليار دولار فى 2015، فى حين تراجعت الواردات إلى 70 مليار دولار بدلاً من 77 مليار دولار، مضيفا أن الخلل فى الميزان التجارى تراجع بنسبة 9.5 % مع نهاية 2016 مقارنة بعام 2015.

تحويلات المصريين بالخارج

وستساهم تحويلات المصريين بالخارج بجزء كبير في دعم ميزان المدفوعات خلال الفترة المذكورة فبعدما سجلت تراجعًا في الربع الأول من العام المالي الجاري بنسبة 22.3% ارتفعت وفقا لبيانات البنك المركزي بقيمة 423 مليون دولار في نوفمبر و334.9 مليون دولار في أكتوبر.

الجدير بالذكر أنه قبل قرار التعويم كانت البنوك تجذب 10% فقط من تحويلات المصريين مقابل 90% يذهب للسوق الموازية، لكن الأمر اختلف بعد التعويم حيث جمعت البنوك نحو 7 مليارات دولار منذ الثالث من نوفمبر الماضي جزء كبير منها من تحويلات المصريين العاملين بالخارج .

الاستثمارات بمحفظة الأوراق المالية

محفظة الأوراق المالية أحد الأدوات التي شهدت نشاطًا كبيرًا عقب تعويم العملة المحلية خاصة في ظل انخفاض قيمة الأسهم المقومة بالجنيه بالبورصة المصرية وزيادة جاذبية السوق للمستثمرين الأجانب، وهو من شأنه أن ينعكس على ميزان المدفوعات بالإيجاب .

وهو ما أعلنه البنك المركزي في بيان خلال الأيام الماضي قال فيه إن الأجانب حققوا أعلى صافى مشتريات فى تاريخ البورصة خلال 2016 بقيمة 5.8 مليارات جنيه، وذلك نتيجة تحرير سعر الصرف، كما تجاوز رأس المال السوقى حاجز الـ 600 مليار جنيه لأول مرة من الأزمة المالية العالمية فى 2008، موضحًا أن المؤشر الرئيسى للبورصة سجل أعلى قيمة فى تاريخه خلال 2016 بلغت 12420.3 نقطة.

قروض البنك المركزي

حققت التزامات البنك المركزي لدى العالم الخارجي ارتفاعًا خلال الربع الأول من العام المالي الجاري بقيمة 3.4 مليارات دولار بدعم ودائع عربية، وهي مرشحة للارتفاع بشكل كبير خلال الربع الثاني لتظهر في ميزان المدفوعات بعد الدعم الخارجي الذي تلقاه البنك المركزي عقب التعويم .

وبمجرد إعلان البنك المركزي في الثالث من نوفمبر قرار تعويم العملة المحلية أقر صندوق النقد الدولي بشكل نهائي الشريحة الأولى من قرض مصر بقيمة 2.75 مليار دولار وتم تحويلها للبنك المركزي، كما أعلن المركزي في بيان صدر يوم العاشر من نوفمبر أنه قام بإبرام اتفاقيات مع مجموعة من البنوك الدولية بقيمة ملياري دولار لمدة عام واحد .

كما أبرم البنك المركزي اتفاقية مع الصين لمبادلة عملة بقيمة 18 مليار يوان نحو 2.7 مليار دولار لتمويل التجارة البينية بين البلدين لمدة ثلاثة سنوات .

التزامات البنوك المحلية

نشطت البنوك المحلية في الاقتراض منذ تولي طارق عامر مسئولية محافظ البنك المركزي وهو ما انعكس على مشاركتها في ميزان المدفوعات حيث أدرج المركزي بند صافي التغير على التزامات البنوك والتي سجلت صافي تدفق للداخل بقيمة 1.6 مليار دولار خلال الربع الأول من العام المالي الجاري مقابل 668.9 مليون دولار خلال الربع المقابل من العام السابق عليه .

ومن المنتظر أن يشهد هذا البنك تغيرًا إيجابيًا كبيرًا في الربع الثاني من العام فعقب التعويم وقع بنك مصر اتفاقيات بقيمة مليار دولار بواقع 500 مليون دولار مع مؤسسة SINOSURE ومذكرة تفاهم بمبلغ 500 مليون دولار مع بنك ICBC بالصين، بجانب قرض بقيمة 100 مليون دولار مع بنك  CDBمصرف التنمية الصينى .

كما أقرض البنك الأوروبي بنك الإسكندرية 100 مليون دولار وبنك قطر الوطني نحو 140 مليون دولار لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتجارة عقب تعويم العملة المحلية، وستساهم زيادة الالتزامات على البنوك والبنك المركزي وارتفاع محفظة استثمارات الأجانب بالبورصة في دعم ميزان المعاملات المالية والرأسمالية خلال الربع الثاني من العام المالي الجاري .