أعمده ومقالات إنذار للصحافة الورقية بواسطة محمد عبد العال 1 ديسمبر 2016 | 12:17 م كتب محمد عبد العال 1 ديسمبر 2016 | 12:17 م النشر FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail 3 «الصحافة الورقية فى أزمة؟.. الصحافة الورقية ستختفى؟!».. هذه تساؤلات مطروحة منذ بدايات الألفية الثالثة، تعمقت مع الوقت حتى صارت الأسئلة أكثر عمقا، والإجابات أكثر صعوبة فى مصر بعد الارتفاع الكبير فى سعر الورق، والارتفاع المتوقع فى سعر الصحف بصورة ستجعل هناك تراجعا مضاعفا يصيب توزيع الصحف الورقية المتراجع أصلا. والحقيقة أن أسئلة مستقبل الصحافة الورقية ظلت لفترة طويلة بالأساس أسئلة مهنية تتعلق بمضمونها فى ظل منافسة التليفزيونات والمواقع الإخبارية، إلى أن أضيف لها مؤخرا بُعدٌ مادى آخر بعد انهيار سعر الجنيه أمام الدولار، ومضاعفة أسعار الورق، مما سيضاعف سعر بيع النسخة الورقية، وسيقلل من قدرة قطاع واسع من المواطنين على شرائها. هل سيصبح سعر النسخة الورقية فى الصحف الخاصة الثلاث: (المصرى اليوم والشروق والوطن) 3 جنيهات أم 4 جنيهات، بما يعنى عدم قدرة قطاع آخر من الناس على شرائها؟ صحيح أن الصحافة القومية قد تدعمها الدولة وتعوض لها خسارتها فتحافظ على نفس سعرها الحالى (2 جنيه)، وإن كان هذا لا يعنى عدم تأثرها بارتفاع الأسعار؟! والحقيقة أن توزيع الصحف الورقية، الذى لايزال من الأسرار الحربية، قد تراجع بصورة لافتة فى الفترة الأخيرة لصالح مزيد من الانتشار للمواقع الإلكترونية أو «البوابات» التى نجحت فى استقطاب مزيد من القراء من شرائح عمرية كبيرة، بالإضافة لظهور جيل شابٍّ، كثير منه لم يمسك فى يده صحيفةً ورقيةً من قبل، يتابع فقط المواقع الإلكترونية. والحقيقة أن تراجع توزيع الصحف الورقية مرشح للتزايد فى الفترة المقبلة، فباستثناء اليوم السابع التى اعتمدت منذ البداية على موقعها الإلكترونى الأكثر متابعة بين مواقع الصحف المصرية الكبرى، وخرجت النسخة الورقية من المنافسة، فإن باقى الصحف خاصة «المصرى اليوم»، (لايزال توزيعها بين الكبار، أى مع كل من الأهرام والأخبار) ستكون أمام معادلات جديدة مرتبطة بارتفاع سعر الورق والطباعة. والحقيقة أن الصحافة الخاصة ستكون مطالبة فى المستقبل المنظور بإعادة طرح أسئلة أكثر عمقا تتعلق بمدى قدرتها، ليس فقط على المنافسة إنما أيضا على الاستمرار، وهل ستستطيع الصيغة القديمة القائمة على الخبر أن تستمر فى ظل سيطرة المواقع الإلكترونية على سوق نقل الخبر نتيجة قدرتها على تقديمه بشكل فورى، مثلها مثل القنوات التليفزيونية، وهو ما لم يكن متاحا طوال القرن الماضى حين كان يعتبر «الخبر البايت خبر صاحى»، لأنه لم تكن هناك وسيلة أخرى لنقل الخبر إلا الصحيفة حتى لو كان الراديو حاضرا، إلا أن سحر الكلمة المكتوبة كان أقوى وأكثر تأثيراً فى كل الشرائح المتعلمة. والسؤال: هل ارتفاع سعر الورق وبالتالى الارتفاع المتوقع فى سعر الصحف سيفرض على الصحافة الورقية تغييرا جذريا فى مضمون ما تقدمه من مادة صحفية وخبرية؟ وهل ستنتقل الصحافة الورقية من البحث عن الخبر إلى تحليل الخبر وتُخرج نفسها من المنافسة على الأخبار (التى تكون قد هُرست فى الفضائيات والمواقع الإلكترونية)؟ وهنا سيُواجَه هذا التصور برأى آخر يرى أن «تحليل» الخبر أو ما وراء الخبر أمر لن يكون مقصورا فقط على الصحف الورقية، فهو متاح أيضا للمواقع الإلكترونية، وأن ما يتصور البعض أنه ميزة تنافسية للصحف الورقية متاح للآخرين، سواء فى نشرات الأخبار أو المواقع الإخبارية. ورغم وجاهة هذا الرأى فإن الصحف الورقية ستراهن بالأساس على جمهور محدود وباقٍ، لايزال يفضل (ويستمتع) بقراءة الصحف الورقية، وأنها لابد فى كل الأحوال أن تبحث عن مساحات جديدة لا تتجاهل الخبر إنما تحلل تداعياته وتزيد من جرعة القصص الخبرية والمقابلات الصحفية ومقالات الرأى، أى أن تدشن عصرا جديدا لمضمون الصحافة الورقية. ستواجه الصحف الورقية الخاصة فى مصر تحديات كبيرة هى الأعمق والأخطر منذ عقود، وهى أقرب للتحديات الوجودية التى ستهدد الصناعة نفسها. صحيح أن سوق الإعلانات لاتزال تضخ فى النسخ الورقية أكثر مما تدفع فى المواقع الإلكترونية، وبخاصة بالنسبة للصحف الثلاث الأكثر توزيعا فى مصر (الأهرام، المصرى اليوم، الأخبار)، إلا أن ارتفاع سعر الورق سيجعل قدرة الإعلانات على تغطية نفقات الصحف المطبوعة صعبة، وهو ما يتطلب أيضا وضع استراتيجية جديدة لجذب مزيد من الإعلانات بصيغ وأساليب جديدة للنسخ الورقية والمواقع الإلكترونية على السواء. أما الصحافة المملوكة للدولة فستظل معضلتها الرئيسية أنها لم تصبح بعد صحافة الخدمة العامة، رغم أن دور الإعلام المملوك للدولة فى النظم الديمقراطية (لا توجد صحف مملوكة للدولة إنما فقط قنوات تليفزيونية)، يختلف فى دوره وفلسفته عن الإعلام الخاص والتجارى، الذى يعد خدميا وليس دعائيا، أى أن دور الإعلام هنا أساسه تقديم خدمة إعلامية تساعد المواطن على اتخاذ قرارات سياسية مستقلة من خلال إتاحة المعلومات وتكوين خلفيته المعرفية والثقافية بمقابل رمزى، ومن هنا يأتى عدد من المبادئ المهمة التى تحافظ على الاستقلال السياسى لهذه الخدمة الإعلامية، فوفقاً لأدبيات الاتصال يلتزم إعلام الخدمة العامة بالمبادئ التالية: الإتاحة لعموم الجمهور فى مختلف بقاع الدولة، الاهتمام بالقضايا العامة التى تهم المواطنين، الاهتمام بقضايا الأقليات، الإسهام فى الحفاظ على الهوية الوطنية وروح الانتماء، البُعد عن صراعات جماعات المصالح، التنافس فى مستوى الخدمة الإعلامية المقدمة من حيث رفع مستوى الوعى وليس نسب المشاهدة، والالتزام بالقيم التى تحرر ولا تقيد المضامين الإعلامية. هذه قيم ومبادئ إعلامية يحتاجها الجميع فى مصر، سواء كان الإعلام الخاص أو العام، من خلال إطار ينظم عمل الإعلام ولا يقيده، ويكون بمثابة منظومة قيم عامة يبنى عليه تحرك سريع يعيد النظر فى شكل ومضمون الصحافة الورقية. اللينك المختصرللمقال: https://amwalalghad.com/syny